face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الخميس، 13 ديسمبر 2018

قوانين الطبيعة وجود أزلي وسلوك حتمي! خلق بلا خالق(2).

0 تعليق


حقيقة الواقع الكمومي وفرضية الواقع الحقيقي! أوشك العِلم في ساحة فيزياء الكوانتم أو ميكانيكا الكم، أن يصطف إلى جانب المعتقدات في تجاوز وعي الإنسان وقدرته على التصور، وتجاهل ثوابته المنطقية التي يعتمد عليها للحفاظ على توازن كيانه، وذلك حين أعلن العُلماء عن تنبؤاتهم التي مفادها أن الجسيمات الأولية التي تتكون منها المادة والطاقة (عالم الكوانتم)، والتي يتكون منها الإنسان أيضًا..، أنها تسلك سلوكًا عشوائيًا ذاتيًا في تصرفاتها- لا يخضع لقانون بعينه ولا لنموذج مما يمكن أن يتصوره العقل، الأمر الذي يجعل كل النتائج في الحاضر والمستقبل وحتى الماضي، هي نتائج احتمالية متعددة وليست محسوبة ومحددة! تقول فيزياء الكوانتم، إن الفوتون هو جسيم أولي، ناقل للطاقة، وليست له كتلة سكونية! ونحن نعلم سلفًا – أو لنقل أن العلماء قد أدركوا واتفقوا وأخبرونا قديمًا، أن الذرة تتكون من إلكترونات وبروتونات ونيوترونات! وجاءت فيزياء الكوانتم لتقول، بأن الإلكترون مثل الفوتون، من حيث هو أحد الجسيمات الأساسية الأولية في الوجود، التي ربما لا تتجزأ إلى أصغر منها..، بينما البروتونات والنيوترونات، قد ثبت أنها تتكون مما هو أصغر منها – الكواركات – مفردها كوارك، وأن الكوارك لا يوجد منفردًا في الطبيعة، أي أن الكوارك لا يوجد في الطبيعة إلا كمكون لغيره، أو هو ليس وحدة كاملة – حتى أنهم قالوا أنه لا يحمل شحنة كهربية تامة-، هذا إذا لم يكن الكوارك يتكون من مكونات أصغر منه – هو الآخر! يُطلق العلماء مصطلح (تحت ذري) على الجسيمات المكونة للذرة، وعلى كل ما هو أولي في الطبيعة -وهو بالضرورة أصغر من الذرة! الإلكترون، وبسبب مواصفاته وإمكانية فصله أو عزله واستعماله من قِبل العُلماء، وربما أيضًا بسبب انتشاره بين مختلف المستويات المعرفية والثقافية للبشر – كمفهوم ذري وكهربي – حتى بات الجميع يعتقدون بمعرفتهم له وكأنهم يستطيعون تصوره..، لهذه الأسباب وغيرها أصبح الإلكترون هو أكثر الجسيمات ذِكرًا وترشيحًا لإجراء التجارب العلمية في فيزياء الكوانتم! أظهرت التنبؤات كما أثبتت التجارب العلمية التي أجريت على سلوك الإلكترون وعلى الفوتون (جسيمات تحت ذرية)، بعض الحقائق الجديدة والغريبة - التي لا يستسيغها من تعود على قوانين الفيزياء الكلاسيكية التي يمكن تخيلها بدرجة أو أخرى..، من تلك الحقائق أو النتائج: 1- أن الإلكترون يمكن أن يتواجد في أكثر من مكان في وقت واحد! 2- أن الجسيمات ما تحت الذرية (الإلكترون مثلاً)، هي ذات طبيعة مزدوجة – موجية وجسيمية! 3- أن الإلكترون يسلك كل المسارات الممكنة أثناء انتقاله من نقطة إلى أخرى، ولا يكتفي بمسار واحد! 4- أنه لا يمكن فصل عملية المُشاهَدة عن سلوك المُشاهَد، أي أن الإلكترون – مثلاً، إذا تَمكنتَ من مشاهدته، فإنه لا بد وأن يتأثر بمشاهدتك له، فيكون قد اضطرب وغيَّر من حالته آنيًا بما يسمح لك بمشاهدته، ثم ما يلبث أن يعود إلى حالته الطبيعية بعد انتهاء المشاهدة، وهذا يعني أنه لا يمكن مشاهدة إلكترون طبيعي (ويُفسرون ذلك، بأن المشاهدة لا تكون إلا بتسليط ضوء (فوتون) على الشيء المراد مشاهدته، ولا بد للإلكترون من ردة فعل تتناسب مع فوتون الضوء، وبذلك لا يكون الإلكترون أثناء عملية المشاهدة هو ذاك الإلكترون قبلها وبعدها)!
. ربما كان على العُلماء أن يسلكوا مسار الفلاسفة بدل مسارات الإلكترون، فيقولون مثلاً: إن طبيعة وسلوك الجسيمات - تحت الذرية - تلك الطبيعة التراكبية، لا يمكن وصفها بالمفردات والمصطلحات المتوفرة في اللغات والثقافات والمعارف البشرية، ولا يمكن قياسها بدقة كاملة، ولذلك لا معنى للحديث العلني عنها الآن- وإن كانت واقعًا! وربما كان عليهم قبل ذلك، إيضاح الأهمية الكبيرة لعنصر الوقت – قياس الزمن – في تنبؤاتهم وتجاربهم..، بما يفرضه ذلك من الإقرار بأن عنصر الزمن ليس فقط آلية قياسه هي كلاسيكية تقليدية ونسبية، بل إن فكرته وفلسفته هي ذاتها نظرية افتراضية وفكرة فلسفية..، إذ ليس الزمن شيئًا فيزيائيًا مستقلاً بذاته يمكن دراسته، ولا هو قانون طبيعي ينبغي التسليم بنتائج معادلاته، ولا هو شعور لا إرادي يمكن وصفه، ولا هو خاصية فيزيائية لشيء آخر..، إنه ليس نتيجة علمية بالأساس! فالزمن هو عنصر معنوي رمزي، تتم إضافته إلى معادلةٍ، كل عناصرها الأخرى فيزيائية – طبيعية (مادية)! ولكن، ورغم – ما يمكن تسميته - بتسرع العُلماء في التصريح بتنبؤاتٍ لا منطقية في مجال فيزياء الكوانتم، والتي أربكت الكثيرين، ودعت الكثيرين إلى إعادة النظر في كل معارفهم ومُسلَّماتهم – دون إحاطة ودون إلمام كافٍ بهذا العالم المعقد المتشابك ذي الطبيعة الاحتمالية والثنائية – عالم الكم، والذي يُقال بأن آينشتاين مات ولم يُسلِّم بصحته! إلا أنه يُحسبُ للعِلم والعُلماء – كما هُم دائمًا - حفاظهم على أعلى درجات الصرامة في تحقيق وتكرار التجارب والتثبت من نتائجها قبل إعلانها، تمامًا كما يُحسب لهم اتصافهم بعدم المكابرة، وحضور الأمانة والصدق والشفافية في تعبيرهم عن رؤاهم ودهشتهم من نتائج تنبؤوا بها وحققوها بأنفسهم – عندما تكون مدهشة بالفعل، بل وأكثر من ذلك نجد العلماء لا ينسلخون عن محيطهم ولا يتنكرون لطبيعتهم البشرية، ولا يتجردون من بساطتهم، مما يجعل الكثيرين منهم لا يُنكرون على الإنسان العادي حقه في رفض ما لا يستطيع تصوره – مما أثبتوه!
 الذرة في الغرب والزوجة في الشرق.. تطابق السلوك: عادةً ما تكون الزوجة الشرقية على إطلاع بحدود إمكانيات زوجها المالية، وعادةً ما تطلب منه توفير ما يفوق قدراته..، ويبدو هذا الأمر للزوج سلوكًا غير منطقي، أو مفارقة غير مفهومة – سلوك كوانتي – تراكبي (الزوجة تعرف ولا تعرف في ذات الوقت)! ولعل ما لا يعلمه الكثيرون من الأزواج أو لا يستطيعون تصوره أو لا يريدون تصديقه، هو أن قناعات الزوجة لحظية – لا يتجاوز بقاؤها لحظات محدودة (ليس لها كتلة سكونية)! وأن تعارض المعلومة مع المصلحة هو دليل على عدم صحة المعلومة – في قاموس الزوجة! وأن إجابة الزوجة على سؤال الزوج، تُحدِّدها ظروف ومعطيات لحظة السؤال، وليس حقيقة الأمر! ويبدو أن الذرة عند عُلماء الفيزياء في الغرب، مثل المرأة (الزوجة) عند حُكماء الرِجال في الشرق، حيث يَدَّعون معرفتها ويُقرُّون بغموضها (سلوك تراكبي لدى الرجال)! فلا يمكنهم رؤية جوهرها وإدراك أسرارها، ولا يمكنهم تجاهل وجودها وحقيقة تأثيرها! يعتقدون أنهم يُجرون عليها التجارب، بينما في الواقع هي التي تُحدِّد زمان ومكان ومسار التجربة والخطوات التالية! والنتيجة تكون احتفاظ الذرة والمرأة بأسرارهما، ومتابعة العلماء والرِجال السير خلفهما!.
 - العالم الشهير ريتشارد فاينمان المعروف بمشاركته في صياغة نظرية المجالات (الكمية) عام 1947، وبنظريته في (حاصل جمع التواريخ) لتفسير نظرية (الكم)، قال: (أظن أنني يمكنني القول بأمان إنه لا أحد يفهم ميكانيكا الكم). - وقد سبق للعالم الشهير ألبرت آينشتاين المعروف بنظريته (النسبية العامة) أن اعترض بشدة على (ميكانيكا الكم). قال آينشتاين: "إن أكثر الأشياء الغير مفهومه في هذا العالم هو أنه يمكن فهمه". وقال:"إن فيزياء الكوانتم تجعل كما لو أن الإله يلعب النرد مع العالم". - وقال ريتشارد فينمان: "لا يوجد أي ضرر من الشك والارتياب، فخلالهما أُنجِزت الاكتشافات الحديثة". - وقال ديفيد هيوم (الفيلسوف التنويري والمؤرخ البريطاني الشهير): "بالرغم من أنه لا يوجد أساس منطقي للاعتقاد في وجود واقعية موضوعية، ولكن لا يوجد بديل أمامنا سوى العمل كما لو كانت حقيقة". - دانييل جرينبرج، وهو عالم مرموق من سيتي كولج في نيويورك، يذكر أن آينشتاين سبق أن قال (إنه إذا كانت ميكانيكا الكم حقيقة، فإن العالم يكون قد جُن)؛ ثم يضيف دانييل جرينبرج: حسناً، آينشتاين كان مُحقاً، فالعالم هو حقًا مجنون). - أما أنتوني زيلينجر من جامعة إينزبروك فيقول: (بالنسبة لي الهدف الأساسي من عمل التجارب هو بيان مدى غرابة الفيزياء الكمية..؛ ويضيف: إن معظم الفيزيائيين هم غاية في السذاجة لأنهم ما زالوا يعتقدون في الوجود الحقيقي للموجات والجسيمات. - يقول عالم الفيزياء المعروف، ستيفن هوكنج، صاحب كتاب( التصميم العظيم): إن القانون العلمي ليس قانونا علميا إذا كان ثباته يعتمد على قرار من كائن ما - فوق الطبيعة، يختار عدم التدخل غالبا والتدخل أحيانا. ولذا فعندما سأل نابليون لابلاس عن مكان الله في نظرياته، أجابه: ” سيدي، أنا لم أكن بحاجة إلى تلك الفرضية”. وقال ستيفن هوكنج (عام 1988): كل ما فعلته أن أوضحت أنه من الممكن أن يبدأ العالم من قوانين الطبيعة، وفي هذه الحالة لا حاجة إلى طلب من الإله أن يقرر كيف يبدأ العالم . هذا لا يثبت ألا وجود للإله، ولكن فقط أنه غير ضروري . وقال ستيفن هوكنج (عام 2010):" إذا كنت تؤمن بالعلم مثلي، سوف تؤمن بأن هناك قوانين يجب أن تُطاع دائما، إذا أحببت يمكن أن تقول أن تلك القوانين هي عمل الإله، ولكن هذا سيكون تعريف للإله وليس إثباتا لوجوده .
 قال الفلكي كارل ساجان، في برنامجه الشهير باسم النظام الكوني “كوزموس ” في الثمانينات من القرن المنصرم: إن العلوم لا تتميز بالمثالية { ولا بالمطلق من المعلومات} ؛ وبالإمكان إساءة استغلالها؛ فهي مجرد وسيلة؛ و لكنها أفضل وسيلة نمتلكها على الإطلاق، فهي تتميز بكونها ذاتية التصحيح، مستمرة، وبالإمكان تطبيقها على كل شيء. ولكن لها قانونان {يجب ألا تحيد عنهما}. الأول: لا توجد حقائق مقدسة؛ فكل الافتراضات فيها يجب أن تكون تحت التجربة النقدية؛ ومناقشات ذوي السلطة حيالها غير مجدية {لأنها لا يجب أن تخضع لأهواء المسئولين و نزواتهم و اعتقاداتهم السابقة }. وثانيا: كل ما هو غير متفق مع الحقائق {التنبؤات} وجب رميه أو إعادة مراجعته… و لذا “فالبديهيات” (في المجال العلمي) تصبح أشياء خاطئة {أحيانا }، و“المستحيلات ” تصبح أشياء واقعية في أحيان أخرى.. 
بحسب فينمان: فإن الطريقة التقليدية للنظر للأمور غير مجدية." وعليه فإن النظرة السطحية للواقع لا تتواءم مع قوانين الفيزياء الحديثة". وحتى يتعامل "ستيفن هوكنغ" مع هذه المتناقضات، قام بطرح طريقة للنظر إلى الأمور سماها: “الحتمية المعتمدة على النموذج” (Model-Dependent Realism). هذه الطريقة مبنية على قاعدة " أن أدمغتنا تفسر المدخلات من الأجهزة الحسية بصنع صورة للعالم. وعندما يكون هذا النموذج ناجحا في شرح الأحداث، فنحن ننسب له، وللعناصر والمفاهيم التي يحتويها، خاصية الواقعية أو الحقيقة المطلقة". يقول ستيفن هوكنج: نحن نُعتبر توافه صغيرة في المقاييس الكونية العظيمة، ولكن ندرة وجود أمثالنا هو ما يجعلنا نوعا ما سادة المخلوقات. ولكن حتى نفهم الكون بمستوى أعمق فنحن نحتاج أن نعرف، ليس فقط كيف يعمل الكون، ولكن أيضا لماذا؟ ولماذا يوجد شيء بدلا من اللاشيء؟ و لماذا نحن موجودون؟ ولماذا هذه المجموعة المحددة من القوانين الكونية وليس غيرها؟ إن هذا هو السؤال الكلي عن الحياة، والكون، وكل شيء! يقول ستيفن هوكنج: ” إن التجارب الحديثة في علم الأعصاب، تدعم التوجه القائل بأن أدمغتنا الفيزيائية، والتي تتبع القوانين العلمية الطبيعية، هي التي تقوم بأخذ قراراتنا، وليس وكالة ما موجودة خارج نطاق هذه القوانين، فعلى سبيل المثال، بينت دراسة لمرضى تحت عمليات فتح الدماغ بدون تنويمهم، أن التأثير الكهربي على أماكن معينة في الدماغ، يجعل المريض في حالة يشعر بها بالرغبة في تحريك يده، أو ذراعه، أو قدميه أو شفتيه {حسب المكان المثار} . ويُستنتج من ذلك أنه ” من الصعب أن نتصور كيف بالإمكان القول “بحرية الاختيار” إذا كانت تصرفاتنا مقيدة بالقوانين الطبيعية، ولذا، فمع أنه يبدو لنا أننا لم نعد تلك المكائن البيولوجية {أو الدمى المتحركة}، فإن حرية الاختيار مجرد وهم .
  الفيزياء الكمية تقول لنا إنه “ وعلى الرغم من كثرة مشاهداتنا للوضع الحالي، فإنه ليس فقط المستقبل، بل إن الماضي الذي لم نقم بمشاهدته، هو غير مؤكد لأنه يوجد في حيز من عدة احتمالات. ولذا فالعالم حسب قوانين الفيزياء الكمية، لا يوجد له ماضي واحد أو تاريخ واحد، بل عدة تواريخ وأحوال ومواقع محتملة

السبت، 1 ديسمبر 2018

قوانين الطبيعة.. وجود أزلي وسلوك حتمي!لا خلق بلا خالق(1).

0 تعليق


ما هي قوانين الطّبيعة! كيف نشأت، وما علاقتها بالمادة؟ هنالك تساؤل فلسفي قديم، ولا يزال يُتداول اليوم ! يقول التّساؤل: إذا كان الوجود وكل ما يجري فيه، هو عبارة عن مادة خاضعة لقوانين طبيعية صارمة، ولا شيء غير ذلك؛ فهل سبقت المادة القوانين، أم إن القوانين سابقة للمادة؟ ولتبسيط التساؤل: نقول مثلاً – هل إن وجود مادة الحديد في الطبيعة كان أولاً، ثم جاء قانون الصدأ والمغنطة لاحقًا؟ بحيث بقي الحديد في الطبيعة ردحًا من الزمن لا يصدأ ولا يتمغنط، ثم جاءت قوانين من خارج الطبيعة، وتم توزيعها بين المواد لتحكم علاقاتها ببعضها و ردات فعلها على الظروف المحيطة بها، فكان من نصيب الحديد الصدأ والمغنطة..، أم أن قانون الصدأ والمغنطة – مثلاً- كان موجودًا في الكون – دون وجود مادة الحديد، ثم تكوّنت المادة، ومنها الحديد، فاختار أو أُمِرَ كل قانون بملاحقة مادة معينة، وكان من نصيب قانون الصدأ والمغنطة، ملاحقة مادة الحديد! وبذلك نتوقع أن تصدر أوامر جديدة للقوانين أو للمادة، فيُصبح الصدأ من نصيب الهواء، وتُصبح المغنطة من نصيب الخشب – مثلاً! في الواقع، إن إعادة طرح مثل هذا التساؤل في هذا العصر، ربما لا يستطيع الكثيرون فهمها بمعزل عن مراوغة متعمدة – دون غاية، أو أنها تعكس نية مُبيتة لتكريس نتيجة مفترضة مسبقًا! إذ لا يصح منطقيًا أن يكون الجواب هو هذا أو ذاك! فالجواب الماثل عن هذا التساؤل، هو أن قوانين الطبيعة التي تحكم سلوك المادة، ما هي إلا انعكاس طبيعي لخصائص المواد المختلفة..، أي أن القوانين قد انبثقت أو نشأت متزامنة مع وجود المادة..، فهي تتغير بتغيرها وتنحرف بانحرافها وتختفي باختفائها! ربما أن أحدًا من البشر لم يتساءل يومًا، ويقول: عندما نكتب بقلم حبر على ورقة، لماذا تظهر الكتابة مُسطَّحة ودائمًا، ولا تظهر مُجسَّمة أبدًا؟ لكن الكثيرين تساءلوا: ما الذي يجعل القمر ثابتًا في مداره حول الأرض، بينما كل ما نقذفه يعود ليقع على الأرض! في الواقع أن الجواب هو قوانين الطبيعة في الحالتين، لكن سهولة التصور المنطقي في العلاقة الأولى (الكتابة والتسطح)، وقدرة الجميع على فهم السبب، حال دون طرحها كتساؤل، مما حال دون ربطها بقوانين الطبيعة، وأظهرها كأنها بديهية لا تحتاج إلى شرح..، بينما صعوبة التصور المنطقي للعلاقة الثانية (ثبات القمر وسقوط الأشياء)، أظهرها بصورة المفارقة، فأوجب التساؤل حولها! ولما كانت قوانين الطبيعة هي الجواب في الحالة الثانية، فقد أصبح مفهوم قوانين الطبيعة بمثابة مفهوم القوة التي تحكم المادة والطاقة من خارجها! بينما في الحقيقة، مفهوم قوانين الطبيعة لا يعدو أن يكون وصفًا للسلوك الطبيعي الحتمي للأشياء، وللعلاقات المنطقية بينها – المترتبة على اختلاف خصائص مكوناتها، وظروف تواجدها! وبذلك يمكننا اختصار تعريف قوانين الطبيعة، بأنها تلك الذاتية التي تُحدد سلوك المادة والطاقة، وتستوجب حدوث التفاعل والتغيّر والتطوّر – بما في ذلك الحياة والموت..، وذلك ترجمةً لخصائص المادة والطاقة! ولعل الأهم هنا، هو التذكير بأن طرح هذا التساؤل (هل سبقت المادة القوانين، أم إن القوانين سابقة على المادة؟)، يعني أو يَفترض أننا قد تجاوزنا مرحلة السؤال عن كيفية نشوء أو وجود المادة والطاقة والقوانين..، ولم تعد أمامنا معضلة سوى تحديد زمن النشوء أو مراحل الوجود وأيها السّابق؟ فإذا كان الأمر كذلك، إذن لا معنى لطرح التساؤل! لأن الجواب سيكون تحصيل حاصل، فكما نشأت وتكونت المادة والطاقة، بشكلهما الظاهر المحسوس، كذلك نشأت معها خصائصها، والتي أصبحت بمجموعها واختلافها، تُسمَّى قوانين المادة أو قوانين الطبيعة! لكن، ما يمكن استنباطه من هذا التساؤل، هو أنه يبدو كمحاولة للفصل بين مكوّنات الطبيعة وبين القوانين التي تحكمها، لإيجاد مكان ودور لعنصر ثالث بينهما، بُغيّة الوصول إلى القول بضرورة وجود قوّة خارجية هي التي أوجدت هذه القوانين التي تحكم الكون..، وصولاً إلى القول بأن فلان هو رسول تلك القوة إلى البشر! فإذا كان الأمر كذلك، فهي محاولة غير موفّقة، فالذي لم يُسعفه وجود المادة والقوانين ذاتها، لن يسعفه زمن وجودها، للبرهنة على وجود قوة خارجيّة قد أوجدتها! إن الفهم الذي يُنتِج أو يطرح مثل هذا التّساؤل، لا يستند إلى شواهد واقعية أو عِلميّة، إنما ينطلق من خلفيات عقائديّة وتفسيرات بدائيّة للوجود والكون! فقوانين الطبيعة – هي النتائج الحتميّة التي تترتب على الخصائص المختلفة للمادة والطاقة، عند التفاعل والحركة والسكون..، وهذا يعني أن قوانين الطبيعة محسوبة – لأنها تنجم عن السلوك الذّاتي للمادة والطاقة، ذلك السلوك الثابت للمادة الواحدة عند ثبات الظروف..، وكذلك هو الحال مع المستويات والأنواع المختلفة للطاقة! وهنا نقول أو نُذكَّر بما هو معروف: حيث إنه ليس ثمّة ما يمنع من أن تكون الطاقة والمادة أزليتي الوجود! بهذا المعنى يكون من الطبيعي والبديهي، أن تكون خصائص المادة أزلية، أي أن قوانين الطبيعة أزلية! وبذلك تنتفي الحاجة – منطقيًا وعمليًا- لأي دور أو مكان لقوة خارجيّة – بين الطبيعة وقوانينها! والذين يُصرُّون على الاعتقاد بوجود قوة خارجيّة تحكم الطبيعة والوجود، هم ليسوا بالضرورة في حالة عداء ومواجهة أو تناقض مع المنطق أو العِلم الذي يُثبت عدم الحاجة لوجود تلك القوة – بشرط ألا يحاول المعتقدون تجاوز سقف الاعتقاد! فالاعتقاد هو عبارة عن مستوى من الظّن والأمل، فهو مبني على تصديق بشر لبشر، وليس مبنيًا على إثبات علمي أو تحليل منطقي! والعِلم لا يُمانع من افتراض أي شيء، لكن الشيء المفترض يُعتبر غير موجود إلى أن يتم إثبات وجوده – عمليًّا حِسيَّا! وعلى هذا الأساس، يظل الاعتقاد اعتقادًا – لا يُلزم غير المعتقدين به؛ بينما، من الطبيعي أن يكون كل ما يُثبته العِلم، وكل ما يقره المنطق، مُلزمًا – إراديًا – لكل من أدركه أو تصوره.

 
مقارنة: قُلنا إن قوانين الطبيعة، هي سلوك المادة! وعلى هذا الأساس، تكون محاولة فصل المادة عن سلوكها، هي كمحاولة الفصل بين الإنسان وسلوكه – بقصد تبرير معاقبة الإنسان على سلوكه! فالإنسان لا يُحاسَب على طوله ولونه – مثلاً- وفق القوانين والأعراف البشرية..، لأن البشر يُدركون أن اللون والطول جزءٌ من الذات – لا كيان للإنسان بدونها- وهو ليس مسئولاً عن وجودها ومواصفاتها! بينما يُحاسَب الإنسان على سلوكه، لأن معظم البشر لا يُدركون علاقة السلوك بالذات، فيفصلون بينهما، ويعتبرون الجسد هو أساس الذات، وينظرون إلى السلوك على أنه شيء طارئ على الذات من خارجها- تمامًا كما يُحاول واضع التساؤل المذكور، الفصل بين المادة وقوانينها! ويتجاهل البشر هنا، أنهم كأنما يعتبرون الإنسان قد وُجِد كذات، وبلغ سُن الرُشد ونضج وعيه واكتمل عقله..، كل ذلك حصل والإنسان بدون سلوك! ثم إنه قرر واختار بوعيه وإدراكه وبمحض إرادته، هذا السلوك وهذه الرؤية وتلك القناعات – دون غيرها- فقط ليزعج الآخرين ويعبث بالقوانين والأعراف! لا شك أن هذه سطحية وتبسيط مُخل بالحقيقة والواقع! فسلوك الإنسان وقناعاته، قد نشأت بالتزامن مع نشوء ذاته (جسده الحي)، وليست الذات سابقة للسلوك ولا هي مهيمنة عليه بالمطلق! فليس السلوك والذات سوى انعكاس طبيعي وحتمي، للجينات الوراثية، ولثقافة المجتمع وظروف الحياة منذ الطفولة..، فهي التي كونت بمجموعها واتحادها شخصية الإنسان – سلوكًا وجسدًا-، فلا وجود ولا كيان للإنسان بمعزل عن ذاته وسلوكه، ليكون له الخيار فيها وليكون بالتالي مسئولاً عنها! وفي هذا الصدد أقول، إن محاسبة الإنسان على سلوكه لا تختلف كثيرًا عن محاسبته على وجوده! وإذا كان الإنسان لا يوصف بحُسن أو سوء السلوك، إلا عند اتصاله بغيره..، حيث لا وجود ولا معنى للصِدق والكذب والسرقة والجريمة.. وغيرها، في حياة الإنسان الفرد المنعزل! كذلك هو سلوك المادة أو قوانين الطبيعة..، حيث لا وجود ولا معنى لقوانين الطبيعة إلا في وجود وتفاعل مواد مختلفة..، فقولنا بخضوع المادة لقوانين الطبيعة، لا يعدو أن يكون وصفًا لسلوك المواد المختلفة عن اتصالها ببعضها!

  يُحسبُ للفلسفة، قولها إن المفردات اللغوية المتوفرة لا تكفي دائمًا للتعبير عن كل الأفكار وإيصالها بأمانة! ويُعتبر ذلك احترامًا من الفلسفة لوعي الإنسان وحفاظًا على كيانه، الذي هو ميدان التنافس وغايته، وهو مجال البحث ومادته على الدوام – في ساحة الفلسفة والعِلم والدين! أما الأديان والمعتقدات، وبغض النظر عن القدسيّة التي تُصبغ عليها، وما يُقال عن نُبل أهدافها وحُسن نوايا القائمين عليها ومِصداقية مصادرها، إلا أنها في الواقع لا تُقيم وزنًا لعقل الإنسان، وتتجاهل انهيار كيانه أمام صرامة وتناقض تعاليمها، فهي – ومع هشاشة حُجَّتها – تُلزم الضُعفاء بتجاهل الواقع لصالح الاعتقاد، مما أوجد أجيالاً من البشر – هم في أحسن الأحوال أشباه عُقلاء! إن ذلك واقعٌ لا يغفله عاقل، ولا يُجادل فيه صادقٌ يُعبِّر عن ذاته، ولا يخشى قوله إلا واهمٌ أو ضعيف، ولا يتجاهله إلا طامعٌ يُتاجر بالمبادئ! إن المعتقدات تعبث بقيم الإنسان ومُثله حين تقتحم عليه أستار حُرمته، متسللة من نوافذ ضعفه، لتُجبره – طمعًا أو فزعًا – فتنتزع منه اعتقادًا بصحة ما لا يفقهه، وتصديقًا بواقعية ما لا يُدركه، وإقرارًا بوجود ما لا يعلمه، وشهادةً بحصول ما لم يشهده، واعترافًا بذنبٍ لم يقترفه، وخوفًا من تضييع أمانةً لم يتعهد بحملها، وافتراضًا لصوابِ ما يَرى على الأرض خطأه! إن العاقل الذي يمتنع عن وصف الواقع الذي يراه كما يراه، بدعوى الحذر من غضب الإله! أولى به أن يَحذر من غضبه في النقيض..، فيتوقف عن العبث بالأمانة والعقل والضمير، وذلك بأن يمتنع عن إهداء صفة الواقعية والحقيقة لما لا يراه ولا يعلمه! إن تجاوز الإنسان لمحدودية قدراته – كما يفعل فقهاء الأديان -، والإفتاء بمقاييس غيبية، لهو أدعى للغضب الإلهي – من الوقوف عند حدود الإمكانات المعلومة والواقع المُعاش! إن التقليل من شأن الحواس والإمكانات العقلية للإنسان، لصالح التكهن والاعتقاد، لهو طعن في مشيئة الإله الذي يؤمنون به، ورفض للمستوى الذي هيأهم له! إن الإنسان ليس في منافسة مع إله لكشف أسراره..، إننا بحاجة إلى أعلى درجة ممكنة من الحُمق والغباء، لكي نُصدِّق بأن رسالة المخلوق هي فك رموز الخالق، وأن فشله في ذلك يعني معصيته للخالق! فإذا كان فشل المخلوق في فك رموز الخالق مُبرِّرًا لغضب الخالق، فماذا يعني نجاحه.. ألا يعني نجاح المخلوق فشل الخالق! إن نشر ثقافة الاعتقاد بوجود إله، هو الذي خلق البشر، وأنه سيُحاسبهم ويُعاقبهم بسبب واقعيتهم، هي مؤامرة تطعن في عدل ذلك الإله من جهة، وتستغفل البشر وتستغل ضعفهم من جهة أُخرى..، بقصد إبقائهم قُطعانًا تحت وصاية ورهن إشارة علماء الغيب المزعومين، الذين يزعمون بأن الإله قد أوكل لهم مهمة رعاية البشر – كما يرعى العُقلاء الأطفال والمجانين! والأدهى من كل ما سبق، هو الاعتقاد بـ: - أن الإله بجلال قدره، سيُحاسب ويُعاقب هؤلاء السُذَّج الجهلاء الضعفاء العاجزين بالضرورة عن فهم رسالتهم وعن أدائها! - وأن الإيمان والتصديق تحت عصا الخوف وأمام جزرة الطمع، هو كل ما استطاع ذلك الإله فعله لكي يؤمن به البشر..، وهو الذي من المفترض أنه مطلق القدرة والعلم، مما يعني أنه أكبر من هذه المعايير البدائية التي تجاوزتها حتى الحضارة البشرية على الأرض! وأما العِلم، فقد كان وعلى الدوام، مثلاً للحَكم العادل، والحُجَّة الفاصلة التي لا اختلاف على صحتها، ولا صعوبة في استيعابها ورؤية نتائجها!

نظرية كل شيء :1- النظريّة الشّاملة أو نظريّة كل شيء، هي النظريّة التي تُفسَّر الوجود وكل ما به من أشياء وجزئيات وعلاقات وسلوكيات وأحداث ومَشَاهد، وكل شيء! هذه النظرية المفترضة، التي يُقال أن "آينشتاين" قد أنفق السنوات الأخيرة من عمره في محاولات فاشلة لإنجازها، حتى يُقال بأنه كان يُفكِّر بها وهو على فراش الموت! لم يتوصل العلماء إلى هذه النظرية حتى اليوم، ولم يدَّعوا بأنهم توصلوا لها! ولو كان هدف العلماء هو إقناع غيرهم من البُسطاء، لتآمروا عليهم، وزعموا أنهم توصَّلوا إلى نظرية كل شيء..، حيث إن أعقد التجارب تُجرى في مختبرات وبأجهزة لا يعلم عنها جُل البشر شيئًا! لكن شعار العلماء هو الأمانة وصرامة التحقق من النتائج، وهدفهم هو إدراك حقيقة تُقنعهم قبل غيرهم..، ولذلك لم يجدوا غضاضة في الإقرار بفشل جهودهم حتى الساعة!
 2- لكن ما يدعو للأسف ويبعث على الألم والأسى واليأس، هو ادعاء غير العُلماء، بأنهم يمتلكون العديد من النظريات الشاملة أو نظريات كل الأشياء..، وليس فقط نظرية واحدة – كالتي عجز العلماء عن إيجادها! نظريات كل شيء "الثّانية" لم تكتسب اسمها من قدرتها على تفسير كل شيء، بل أخذت اسمها من استعدادها لاستعمال كل شيء، من أجل إجبار وإرغام كل البشر على تصديقها والإيمان بها والإقرار بصحة كل ما تقوله..، بما في ذلك استعمال الضرب والسجن والتهديد والقتل والإغراء! نظريّة أو نظريات كل شيء الثانية، لا تصمد أمام اختبار العقل، ولا تُجيب عن سؤال العاقل! ولكي لا يتم اعتبار هذه النظريات مجرد محاولات بريئة جريئة فاشلة، فقد تبنى مبدعوها مبدأ التزوير المتعمد المفضوح، حيث لم يتردد أتباعها في إطلاق صفة "عُلماء" على رجال نظريات الخوف والطمع، والتهديد والوعيد والإغراء تلك! ما أكبر الفارق وما أجلاه، بين العُلماء الحقيقيين، والعلماء المزيفين!
 

الأربعاء، 7 مارس 2018

ما لا يمكن تخيله لا يمكن تصديقه!

0 تعليق


من الثّوابت الكونيّة الضّابطة للمنطق والفطرة البشرية: أن كل ما لا يمكن تخيله لا يمكن حصول التصديق به، وكل ما لا يحصل تصديقه لا يحصل الالتزام بمقتضياته!.
 لماذا توجد مراقبة ومحاسبة وعقوبات للمؤمنين، في الحياة الدنيا؟ لأن المؤمنين عادةً لا يلتزمون بمقتضيات ما آمنوا به، فيصبح إيمانهم مجرد ستار يُخفي حقيقتهم! ولماذا لا يلتزم المؤمنون بمقتضيات الإيمان؟ لأن الإيمان بأي أمر لا يعني التصديق به، وكل علاقة دون التصديق، فهي لا تُحقق التزامًا ذاتيًا لدى الإنسان! بينما كل ما يُصدِّق به الإنسان، يلتزم بمقتضياته فطريًا دون الحاجة لرقيب أو حسيب .. لماذا لا يجرؤ البشر على تجرع السم عمدًا؟ لأنهم لا يؤمنون بأنه قاتل، بل يُصدِّقون بأنه قاتل! وإذا قرر الإنسان تجرع السم، فلا تردعه مراقبة ولا تهديدات ولا عقوبات، لأنه يكون مُدرِكًا لما يفعل! كل ما يعتنقه الإنسان من وراء المنطق والفطرة، يظل افتراضيًا في ذاكرته، فلا يجد صعوبة في تجاهله وتجاوزه لأتفه الدوافع والأسباب! المعتقدات الدينية تستعمل مفهوم الإيمان بالله لا مفهوم التصديق بالله، لأن الإله لا يمكن تخيله ..، ولذا عادة ما يكون التركيز على ذكر وتعظيم وتقديس الرُسُل أكثر من التركيز على الإله ذاته، باعتبار أن الرُسُل يمكن تخيلهم، وبالتالي يمكن التصديق بوجودهم، ومن خلال التصديق بالرسل يأمل رجال الأديان في حصول عملية التصديق بالله لدى البشر – وليس فقط الإيمان به ..، لكن التصديق بالرُسُل لا يسد حاجة البشر الفطرية لتخيل الإله ذاته، لكي يحصل التصديق بوجوده! فالتصديق بأي أمر مرتبط شرطيًا بالقدرة على تخيله هو مباشرة لا من خلال غيره ..، وهذا الشرط غير قابل للتحقق في حال الإله العقائدي، ولذلك يتم الاكتفاء بالإيمان، فلا يحصل الالتزام، وتلك نتيجة حتمية لعدم التصديق!.
المؤمنون بالأديان وغير المؤمنين بها، الكل يُسلِّم بوجود سر خفي خلف هذا الوجود الظاهر .. والجميع متفقون تلقائيًا على وجوب أزلية هذا السر .. لكن السؤال والاختلاف يدوران حول ماهية ذلك السر، ومكان تواجده، وهل له غاية محددة، أم هو مجرد قوة ذكية عمياء؟ المعتقدات الدينية المتعددة المتجددة، جميعها عبارة عن نُسخ مختلفة لنظرية فلسفية واحدة، وُضِعت أساسًا لتفسير ظاهرة الوجود والحياة، لكنها أخفقت في ذلك، كما أخفقت كل النظريات العلمية حتى الآن .. المعتقدات الدينية عجزت عن إجابة سؤال الإنسان حول سر الوجود، فتركت الوجود والتفتت إلى الإنسان، وتركت السؤال وتوجهت إلى السائل ..، فحمَّلت الإنسان المسئولية عن ضعفه الطبيعي وجهله اللا إرادي بأسرار الوجود، ووجدت أن أسهل جواب للسؤال هو قمع السائل ومنعه من طرح السؤال .. تحولت المعتقدات بذلك من نظريات فلسفية قابلة للنقاش حولها، إلى ضوابط أخلاقية تفرض نفسها على البشر بحجة القداسة، وتعدهم بحياة أفضل قبل الموت وبعده .. واعتنقها جُل البشر طمعًا في وعودها، ورهبةً من غموضها ..، لكنها أخفقت هنا أيضًا، فلم تحقق ما قبل الموت ولم تبرهن على ما بعده ..، بل وأصبحت سببًا للعداوات والمآسي، وأكثر من ذلك أصبحت وسيلة بيد الحذاق للسيطرة على البُسطاء وتجنيدهم لمواجهة خصوم الفكر والسياسة والاقتصاد والعِرق! القواسم المشتركة بين المعتقدات كثيرة، منها أن كل قوم يسخرون من معتقدات غيرهم ويرونها ساذجة! المعتقدات تقوم على وضع قراءات ضبابية مراوغة لكل شيء، لتستوعب بذلك كل جديد تكتشفه المعرفة البشرية عبر تطورها الطبيعي، وتنسبه لها! المعتقدات تقوم على تقديس أشخاص، والتعصب لهم في كل ما يقولونه دون إعمال للفكر .. ولهذا انحرفت كل المعتقدات دون استثناء، وتشرذم وتصادم أتباعها بمجرد موت شخص الرسول! ولا زال القائمون على كل المعتقدات يحرصون كل الحرص على منع أتباعهم من إعمال الفكر .. هل الخلل في البشر أم في المعتقدات؟ معلوم أنه لو لم يكن هناك خلل طبيعي في حياة البشر ووجودهم، لما كانت هناك حاجة للمعتقدات .. ولو لم يكن هناك خلل طبيعي في حياة الشعوب، لما كانت هناك حاجة لوجود سلطة تشريعية وتنفيذية لمعالجته، فإذا كان 80% من الشعب ملتزمين بالقانون، و20% مجرمين مخربين خارجين عن القانون .. فمن الذي من وظيفته وواجبه وبمقدوره حماية البلاد من هؤلاء الـ 20% ؟ وما حاجة كل الدول بالشرطة والأجهزة الأمنية، لو كان بإمكان الشعوب تأمين نفسها من الخارجين عن القانون- من الداخل والخارج؟ فرجال الأديان يُحمِّلون البشر المسئولية عن عدم نجاح الأديان، وفي ذات الوقت يُحرِّمون عليهم تفسير الكتب الدينية بأنفسهم !.
 كيف أخفقت المعتقدات في تفسير ظاهرة الوجود؟ أخفقت من حيث أنها لم تستطع برهنة وإثبات الفكرة التي تقوم عليها ..، فلم تُقنع بحُجتها المفكرين، ولم تحل بها مشاكل الآخرين الذين اعتنقوها دون تفكير! النظريات العقائدية، لكي يكون تفسيرها لظاهرة الوجود تفسيرًا منطقيًا مقنعًا، ربما كان يتوجب عليها أن تفترض أحد أمرين، وهو ما لم تفعله .. كان عليها أن تفترض:
 - أن الإله غير كلي القدرة، فهذه فرضية يمكن أن تفسر الوجود عقائديًا إلى حد كبير، لكنها تنزع عن الإله صفة الإلوهية المطلقة .. - أو أن تفترض أن الإله قد أوجد الوجود، وضَمَّنه قوانين منطقية صارمة، ثم انفصل عنه بالكامل، بحيث أن الإله لا يعلم الآن ما الذي يجري في هذا الوجود ..، أو أن الإله لم يخلق هذا الوجود بنفسه، إنما كان قد كلَّف غيره بخلق هذا الوجود، وأن الإله لا يريد أن يعلم شيئًا عما يجري الآن، وسيرى النتائج لاحقًا .. هذه الفرضية تسد الكثير من الفراغات المنطقية في النظريات العقائدية .. فبذلك يكون هناك معنى للحياة وغاية من الوجود ..، لكن لا معنى للقول بأن الإله ينتظر اكتمال أحداث الوجود، بينما كل الأحداث والنتائج معروفة لديه مسبقًا! كما تجيب هذه الفرضية منطقيًا عن سؤال المظالم والمآسي والآلام والأخطاء التي تحدث في الوجود! كذلك تُفسِّر هذه الفرضية عدم استجابة الدعاء! أيضًا هذه الفرضية ستفرض على البشر الالتزام بما يؤمنون به، حيث لن يكون هناك من يدَّعي القدرة على التكهن بالنتيجة – طالما أن الإله ذاته لا يعلمها الآن .. وبذلك يوضع الناس أمام مسئولياتهم وضمائرهم، لا خلف فتاوى وتفاسير فقهائهم - كما هو حاصل الآن .. وتتوقف بذلك ممارسة الوصاية على البشر باسم الله والدين، حيث لا أحد يمكنه ادعاء قبول إيمانه هو، ليكون قدوة أو مرجعية لغيره

الأربعاء، 3 يناير 2018

اللّف و الدّوران في تخريج مؤّلف القرآن !

1 تعليق


إنّ كل مسلمٍ مسكين صادق الايمان يشكّ في نفسهِ و لا يشكّ في القرآن , و كيف لا و هو مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ , ولذلك اخترع المفسّرون ( المرّقعون ) فلسفة اسلاميّة , و علوم شرعيّة , و علم البلاغة و البيان و علم حديث يُسمى " اللّف و الدّوران " , و السفسطة و السخافة و الهذيان و غيرها بل اخترعوا اشياء لا تنطبق إلا على القرآن , ولسان حال مؤّلف القرآن :: عليّ أن أقول و عليكم التّخريج . 

إن لعبة التخريج و التّفسير و التّّرقيع يُمكن تطبيقها على أي كتاب ليًصبح من لدن حكيم عليم , فالقرآن مليء بالأخطاء العلميّة و اللغويّة و التّاريخيّة و التناقض و الخرافة و الأساطير بل و الغموض و الهراء ! لنأخذ مثالاً على ذلك "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم " النحل/106 
إن هذا المقطع القرآني لا معنى له , غامض , لا يوجد بهِ بلاغة و لا بيان و لا هم يحزنون ! إنّه لشيء واضح وبسيط و غير عسير و يتضّح لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد , ولكن ؛ أين مفتاح اللعبة وحلّ اللغز ؟ الأمر يكمن في الإيمان و اضفاء هالة مقدّسة حول القرآن فينشأ المسلم على ذلك و من شَبَّ على شيءٍ شابَ عليه , فالقرآن معجز ! و لا شيء آخر , حتّى لو جئت له بمقاطع قرآنيّة سخيفة و محض هراء وكأنّهم صم بكم عمي فهم لا يعقلون ! لنأخذ مثالاً يُثبت مما لا يدع مجالاً للشّك أنّ التّفسير ما هو إلا تهريج و البحث عن محرج لكلّ ما يقع فيه مؤلّف القرآن , و هذا الأمر يستخدمه المسلم في تعاملهِ و نقاشهِ فهو لا يُفكّر في الأمر بل يطلق عليها " شبهة " و يذهب مباشرةً ليبحث عن تأويل و تخريج و تفسير و لفّ ودوران ثمّ ينسخه و يلصقه كما هو ! ولنأخذ مثالاً على تناقض القرآن الواضح وضوح الشّمس متبوعاً بتخريج و تأويل و تفسير حتّى نريحهم من مشقّة النّسخ و اللّصق المصدر هنــــا :: 

السؤال

ورد عن سيدنا يونس عليه السلام في سورة القلم الآية (49) قوله تعالى: {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ}
وفي سورة الصافات (143-145): {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ}.
والسؤال: يرجى حل التناقض بنفي نبذه عليه السلام بالعراء بالآية الأولى وإثباته بكلمة (فنبذناه بالعراء وهو سقيم) بالآية الثانية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس بين الآيتين الكريمتين تناقض، ففي تفسير القرطبي: (قال في هذه السورة: فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وقال في نون والقلم: لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ { القلم : 49 } والجواب: أن الله عز وجل أخبر هاهنا أنه نبذه بالعراء وهو غير مذموم، ولولا رحمة الله عز وجل لنبذ بالعراء وهو مذموم، قاله النحاس). ومثل هذا الكلام عند البغوي وغيره.
والخلاصة أن النفي في سورة القلم ينصب على الحالة التي لم تذكر في سورة الصافات، وهي كونه مذموما مبعدا من كل خير. فظهر منها أن النبذ بالعراء واقع، وأن الذم لم يقع بفضل الله تعالى ومنته.
وأخيرا ننبه السائل أن القرآن الكريم ليس فيه تعارض ولا تناقض، فهو كلام حكيم عليم، وإنما قد نتوهم نحن لضيق صدورنا وعجزنا عن ذلك.
والله أعلم.

كما يتّضح أن هذا الأمر لا يعدو كونهِ مجرّد تهريج و تخريج ليس إلا , وما يفعله هؤلاء هو مجرد لعبة سخفية يُمكن تطبيقها على كلام أي شخص ليُصبح صديقنا حكيم عليم خبير ولكن ؛ من أحسن من الله قيلا ؟ , إن التّناقض في هذه الآيات أمر لا مفرّ منه , فالإشكاليّة هي : هل نبذ يونس في العراء أم لا ! لكن كما نلاحظ مقطع قرآني يًثبت و آخر ينفي ولا تأويل هنا , لكن من قال أنّه لا يُمكن إيجاد مخرج لها ؟! كيف وهو من لدن حكيم عليم خبير ، فيلجأ المرقّعون إلى نقل الإشكاليّة من النّبذ إلى حالة يونس وكونهِ مذموماً أم لا ! ها هم قد أخترعوا فناًّ جديداً وهو فن التبجّح ! الذي لا يقبله أي عاقل مهما كانت قدرتهِ العقلية , إنّ السّجع هو ما دفع مؤلّف القرآن لتغيير اللّفظ من بين " سقيم " و " مزموم " وليس شيء آخر ، فكما نلاحظ قافية مقطع الإثبات :: 
فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ

امّا المقطع الذي ينفي لك هو : 

فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ

لَوْلا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ 

إنّه السجع لا شيء آخر فاعتبروا يا أولي الألباب !! . فنٌ آخر و هو لعبة التّحدي و نظريّة استخراج كلّ ماهو جديد ومثير وإن تطلّب الأمر التّدليس فهو في سبيل الله و حور الجنّة العين ! , ولنأخذ مثالاً على ذلك :: يقول مؤلّف القرآن مهاتراً أبا لهب " تبت يدا أبي لهب و تب ...... سيصلى نارا ذات لهب " المسد , فالتحدي واضح و المقطع القرآنيّ صريح في تحديد مصير أبي لهب، ويقولون أنّ جبريل نزل بها في بدايات الدّعوة، وأنّ أبو لهب كان بإمكانهِ الإيمان بمحمّد ويخرج للنّاس ليقول " إني آمنتُ بالله " حتّى ولو كذباً ! 
ولكنه لم يحدث، لماذا؟ لإنه علمُ الغيب فلا يظهر على غيبه احدا !! لكن مهلاً !! هل حقاً لو آمن أبو لهب لكان ذلك دليلاً على كذب و ادعاء مؤلّف القرآن ؟ الجواب هو : كلا ! الأمر بسيط يمكن أن تنضم إلى مقاطع تمّ نسخها أو أكلها الدّاجن أو حرقها عثمان أو أنساها الشيطان حفظة القرآن ! فهذا اللغو و اللغط لا لشيء إلا لكونها لعبة سخيفة مطاطيّة لا سقف لها , لا قانون ولا عقل و لا مكان ولا زمان يحدّها ! وهذا بالضبط ما يحدث فخذ مثلاً هذا المقطع القرآنيّ المشابهِ :: " إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم " النحل 104 , إنّ هذا المقطع القرآنيّ أو التحدّي أو الاعجاز في علم الغيب سمّ ما شئت ، ما هو إلا تعميم سخيف و باطل و عجز ليس إعجاز لانّ هناك من تاب و آمن و سيدخل الجنّة و ليس له عذاب أليم بل حور مقصوراتِ في الخيام ! والسؤال الآن :: من الذي هداهم إن كان الله نفسه تبرأ منهم و أقسم بالنّمل على نفسه بعدم هدايتهم ؟ مؤلف القرآن و مرقّعوه لا يعرفون لأنّ هذا الهُراء ليس من عند الله و أطفال الإعجاز و نظريّاتهم العاجزة الباطلة و تحدياتهم لا تعدو كونها مجرّد هُراء ! هذا التحد مثله مثل " نظريّة الصَّرْفة" وتحدي القرآن في الأتيان بمثلهِ , فإن قلنا أنّه يُمكن الإتيان بمثل هذا القرآن و أفضل منه يذهبون بالأمر إلى بعد آخر و سخف لا يضاهيهِ شيء , ويقولون : أنّ الله ذو البلاغة و البيان و الفصاحة صَرْف دواعي وهمم سادة قريش و من بعدهم عن القيام بذلك ! إنّ من يصدق و يؤمن بهذا الدين وتلك اللعبة الهزليّة المضحكة لا يحترم عقلهِ وادعوه لقراءة القرآن قراءة نقدية محايدة وسيجد العجب العجاب .

الخميس، 22 يونيو 2017

المكوّن المعرفي - هل هناك وعي وراء التطوّر ؟

0 تعليق





المُستخدم العاديّ للإنترنت و خاصةَ مُحرّك البحث " جوجل - Google " قد يُلاحظْ وجود قِسمين في صفحة عرض النّتائج عند قيامهِ بالبحثِ عن أيّ شيء , القُسم ُالأوّل وهو للإعلاناتِ المدفوعة , أمّا القِسمُ الآخر فهو مجّاني يَعرِض محتوي المواقع الموجودة علي " الشّبكة - Web " , ولكي يُعرَضْ إعلانك في القِسمِ الأوّل المَدفوع يجب عليكَ التّسجيل في "جوجل ادوردز-Google AdWords" -  وهو أهمّ مُنتجات جوجل الإعلانيّة , فهو مصمّم لإشهار و جذب الزّبائن للمواقع الإلكترونيّة , ولا تقوم بالدّفع إلا عند ضغط المستخدمين علي إعلانك أو ما يُعرف بـ " الدّفع مقابل النّقرة - Pay Per Click " ,  قد يسأل سائل و ما علاقة تلك المقدمة بأيّ شيء ؟ فقط تابعي .
إنّ مبدأ عمل "جوجل ادوردز " هو أن يَقوم المُعلنِ بإختيار بعض الكلِمات المُفتاحيّة وهي الكلمات الّتي يبحثون عنها المُستخدمون في محرّك البحث جوجل ومن ثمّ يحصلون علي النّتائجِ , يعتمد المُعلِن إعلانه بعدها , فيُظهر مُحرّك البحث هذا الإعلان للمستخدمين الذين يبحثون عن نفس الكلماتِ المُفتاحيّة التي سبق وحدّدها المُعلن , دور المُعلن هو مراقبة الإعلان, تختفي مُعظم الإعلانات للأبد بعد أن قام مُحرّك البحث بعرضها لبضعة آلاف مُستخدم , فالأمر ليس بالهيّن , فنسبة بسيطةِ جداً من المُعلنين يحصولون علي نصيب الأسد في ظهور إعلاناتهم , فيجب علي المُعلنِ اختيار الكلماتِ المفتاحيّة بدّقة وعناية , فمثلاً إذا كان نشاط المُعلن متجر زهور , واستخدم كلمات مُفتاحيّة مثل " زهور للبيعِ " فلن يصمد إعلانهِ مقابل مُعلنِ آخر يَستخدم " شراء زهور " .
ما قد لا تدركه هو أنّ آليّة عمل ادوردز هي مُحاكاة للتطوّر , فالمُعلن يعيد صياغة الكلماتِ المُفتاحيّة , و يقوم محرّك البحث بعرضها في النّتائج , المُستخدم ينتقي بعض الإعلانات , الإعلان الفائز يتحرّك إلى أعلى و يتمّ إهمال الإعلان الخاسر , وهكذا يَعيد المُعلن صياغة نصّ الإعلان عن طريقِ عملائهِ , فإذا كانت الصّياغة جيّدة تبقى في الجزء العلويّ من الذّاكرة المؤقّتة للنّتائج  . 


فما يحدث هو أنّ السّوق يقوم بالتّصويت لصالح أو ضد إعلانك وبناءَ على ذلك تقوم بإعادة صياغة الإعلان . ولكن في نهاية الأمر السّوق لا يضيف شيء , هو فقط يقتل الخاسرين , وقياساً على ذلك فإنّ؛  مُحرّك البحث هو الطبيعة , والإعلانات هى الكائنات الحيّة , و المُعلنِ هو الإنتخاب الطبيعيّ , ولو استوعبتَ تلك المُقدّمة جيّداً لألحّ عليكَ هنا سؤالاً يُعدّ صُلب الموضوع , من أين يأتي الإدخال الإبداعيّ -أي الصّيغة الجيّدة -؟ في إعلانات جوجل تأتي من المُعلنِ بناءَ علي تفاعل السوق. لكنّ عند النّظر إلي الكائنات ماهو الذي يحّل مكانهِ  أو بصيغة أخرى كيف يحدث ذلك دون تدّخل واعِ أو ادراك  , للإجابة علي هذا السّؤال يجب أن نعرف ماهو التطوّر وماهي آليّات عمله .




ماهو التطوّر ؟ 

التطوّر البيولوجيّ، ببساطة، هو نسبُ-إنحدار- مع تعديل . فهو العمليّة البيولوجيّة التي من خلالها تحدث التغيّرات الجينيّة من جيلِ إلى جيل , و ظهور الأنواع المُختلفة من سلفِ مشترك على مدي أجيال عديدة ,فهو ليس مجرّد مسألة تغييرِ مع مرور الوقت. الكثير من الأشياء تتغير مع مرور الوقت,  فالأشجار تفقد أوراقها ، لكنّه ليس مثالاًعلى التطور البيولوجيّ لأنّه لا ينطوي علي النّسب من خلالِ الميراث الجينيّ, والفكرة المركزيّة للتطوّر البيولوجيّ هي أن كل الحياة على الأرض تشترك في سلفِ مشتركِ، تماماً كما تشترك أنتَ وأبناء عمومتكَ مع جدّك المُشترك, من خلالِ عمليّة النّسب مع التّعديل، الجّد المشترك للحياةِ على الأرض أدى إلى التّنوع الرّائع الذي نراه موثّقاً في السّجل الأحفوريّ, فالتطور يعني أنّنا جميعا أبناء عموم بعيدين,البّشر وأشجار البلوط والحيتان .. إلخ.

آليّات التّغيير .


"التّباين الوراثّي - Genetic Variation " وهو من الأمور الأساسيّة التي يُمكن أن يحدثُ من خلالهِا العمليّة الانتقائيّة لكي يعمل التطوّر, وآليّات عمل التطوّر الرئيسيّة هي : 


  • طفره -Mutation تغيير في تسلسل الحمض النوويّ , ويحدث بسبب أخطاء في نسخهِ أو اصلاحهِ , تعرّض الكائن الحيّ للإشعاع , الطّفرات هي مصدر التّباين الوراثيّ , 
  • الانسياب الجيني - gene flow ويُسمى أيضا "الهجرة -Migration"  أي تحرك من الأفراد ينتج عنه تبادل الجينات الذي يتم من خلال التجمّعات الأحيائيّة أو الأنواع  .
  • الانحراف الوراثي - genetic drift  تغيّر فى نسبة تكرار الأليلات نتيجة توريث عيّنات من الأليل دون غيرها .
  • الإنتخاب الطبيعيّ - Natural selection عمليّة تحديد أي من السّمات تصلح أو لا تصلح للبقاء وفق معيار النّظام البيئيّ " الطبيعة " .




إذاً كيف يعمل هذاالنّظام دون تدّخل واعِ ؟ حسناً التغيّرات البيئيّة تضيف ضغطاً علي الأنواع متمثلاً في صراع على البقاء , سواء كان شُحّ الموارد الغذائيّة أو افتراس الأنواع لبعضها , هذه العوامل تؤثّرعلي بعضها البعض , وتتفاعل بدون وعي أو أدراك , لأنّه بنهاية الأمر ليس هناك " شكل معيّن أو نموذج محدّد يسعى التطوّر إلى تصميمه , الطّفرات الّتي تحدث عشوائيّاً جنباً إلى جنب مع بقيّة الآليّات  توفّر المواد الخام من أجل التغييروقياساً على اعلانات جوجل , فتلك المواد الخام تكون بمثابة إعادة صياغة الكلمات المُفتاحيّة , إعادة الصّياغة تلك تزيد من خلالها تكاثر الكائن الأكثر تكيّفاًُ مع بيئتهِ  والأكثر استفادةَ من التغييرات العشوائيّة التي قدّمتها الآليّات هى ما يُسمّي الإنتخاب الطبيعي , فالحقيقة أنّ الطبيعة غير واعية ولا تمتلك فكراً ولا تصوراً ولا نموذجاً لم سيكون عليه الكائن , بل يتصوّر البعض أنّ هناك من يختار بوعي و إدارك من يبقى , ولكنّ ما يحدث ليس أكثر من لعبةِ احتماليّة ليس فيها تفضيلِ لأشكالِ معينّة، ولا وجود لقانوناً ينصّ على أنّ التطور يجب أن يَتحرك نحو مزيد من التّعقيدِ ، ولكنّه يتحرّك دائماً نحو المزيد من النّجاح التّناسلي، باستثناء المجموعات الصّغيرة الّتي يكون فيها الإنجراف الوراثيّ العشوائيّ إحتماليّاً وليتّضح الأمر أكثر لنأخذ هذا المثال :
قم بتصميم متاهة معقّدة ثمّ ضع فيها مجموعة من الفئرانِ ضع لهم المزيد من التّحديّات كوجود حيواناتِ مفترسة لهم  , على أن يوجد بنهاية المتاهة طعامهم , الفئران التّي تخرج من المتاهة تعيش لتتكاثر ثمّ  يتمّ  تمرير جيناتهم من جيلِ إلى جيل ,على أنْ يظلّ اختبار المتاهة قائماً  ,بعد ألف جيلِ , و إذا ما وجدتَ- بنهاية الأمر- فئراناً أكثر ذكاءً قادرةَ على التّنقل في المتاهةِ بسهولة  وتمّ تغيير هيكليّ لهم وظهرت سمات جديدة , فهل المتاهة تنتقي الفئران ؟  هل تعرف المتاهة ما الذي تختاره ؟ 
حسناً لنأخذ مثال آخر أكثر واقعيّة , لنفترض أنّ هناك مجموعة من العث - Moth ذو اللون البنيّ في غابة مُظلمةِ , و من خلالِ الطّفرات العشوائيّة وبقيّة الآليّات السّابقة ، شَحب اللّون البنيّ لنصف هذه المجموعة  , أصبح لدينا الآن نصف العث لونه بنيّ داكن , والنصف الآخر بنيُّ شاحب , (للبساطة، نفترض أن هذه هي الطّفرة الوحيدة في هذا المثال ولا يحدث طفرات جسديّة أخرى),  وإذا كانت الأشجار في الغابة لونها بنيّ داكن  ,  فمن الطبيعيّ أنّه سيسهل على الحيوانات المفترسة رؤية العث الشّاحب لونه على شجرةِ مظلمةِ. و يُصبح هدفاً سهلاً  , في حين أنّ الأكثر قتامةً سيواصل تمرير جيناتهِ ويعيش دونَ تهديدِ , بنهاية الأمر يختفي العث شاحب اللون , وسيبقى -فقط- العث الأكثر قتامةَ ,هل هذا الأمر يحتاج إلى تدّخل قوّة واعية لـ "تعرف" ما هى السّمة الأكثر ملاءمةَ ؟ 
التّصوّر الخاطئ جنباً إلى جنبِ مع اللغة البشريّة يشكلان مفهوم خاطئ , الإنتخاب الطبيعي لا يعي ما الذي يختاره أو يُفضّله , التطوّر ليس عمليّة واعية , ولا يتدّخل فيها الوعي . 
 عندما نلاحظ سلوكيّات الحيوانات نجد نوعين مختلفين من السلوكيّات, النّوع الأول وهو أنّ كل نوع معيّن من الأنواع يكون قادراً على أداء سلوكِ معيّن دون الحاجة إلى تجربة أو أداءها من قبل كـ "نسيج العنكبوت" سلوك غريزيّ , النّوع الآخر من السلوك يتأثّر بالتّجارب الخاصّة بالحيوان ونجد اختلافاتِ مُذهلة بين الأفراد من نفس النّوع ما تفعله "حيوانات السّرك " سلوك مُكتسب , إنّ السلوك الغريزيّ  وبقدر ما هو سلوكُ محدّد وراثيّا أو يعتمد على الجينات، إلا أنّه يخضع لآليّات التطوّرو الإنتخاب الطبيعيّ , فسلوك الكائنات الغريزي  بإختلاف أنواعها يُمكن تلخيصها في الاغتذاء, بناء المسكن
الهروب من الأعداء, العدوان على الآخرين, التزاوج,الرّعاية, ومقاومة التغيرات البيئيّة.
من خلال هذه السلوكيّات يمكننا أن نرى كيف يعزّز السّلوك البقاء على قيد الحياة , فصغار الطّيور يقومون بفتح أفواههم للغذاء عندما تعود الأم إلى العشّ , وراثة هذا السّلوك يؤدّي إلى الحصول على تغذية أكثر و بالتّالي البقاء أطول , ذكور"عصفور الزيبرا- Zebra finch " يتعلّم الغناء بعد ولادتهِم , ويستخدمونها للحصول على شريكة , أكثر من الذين لم يتعلّموا و بالتّالي الإنتخاب الطبيعي يمكن أن يعمل حتى عندما لا يتمّ توريث السّلوك نفسه  , فالعصفور لا يرث أغنيّتة , بل يجب عليه أن يتعلّم  , ولكن قدرته و الميل إلى التعلّم يتمّ تحديدها وراثيّاً بحيث أنّها تكون عرضة للإنتخاب الطبيعي.




إنّ السلوكيّات الغريزيّة تنشأ من خلال تفاعل جينات الحيوان مع الظروف البيئيّة وأنّ أي تغيير في الجّينات أو الظروف البيئيّة يمكن أن يؤدّي إلى تغيير في هذا السّلوك الغريزيّ , اختبار الفئران حول إحتماليّة تغيير سلوكها الغريزيّ أمر يسهل تطبيقه , عادة ما تقوم الأم ببناء عشّ قبل أن تلد , ثمّ تنظيف فراء مولودها ,ولكنّ التجارب تُثبت أنّ الأم الحامل لن تقم ببناء عشّ رغم توافر مواد التعشيش , في حالة ما إذا تمّ تربيتها في قفص خالي , أيضاً لن تقم بتنظيف فرو مولودها إذا تمّ تربيتها و وجود طوق يمنعها من لعق نفسها .  وبالإضافة إلى ذلك، بسبب طول الفترة الزمنيّة للتطوّر من أجل تشكيل السلوكيّات الغريزيّة ,  مثلاً العث , الذي كان يستخدم ضوء القمر و النّجوم كمصدر وحيد للضوء  خلال تنقلاتهم سابقاً , لا يزال يتكيّف مع مصادر الضوء الجديدة " المصابيح الكهربائيّة "  فظهور مصادر لا تعد ولا تحصى للإضاءة الاصطناعيّة في المناطق التي يسكنها البشريقوم العث بقضاء اللّيل يُحلق في دوائرحول المصابيح الكهربائية.




الخُلاصة ؛ إنّ التّطوّر منحَ الكائنات واجهة وهميّة عبر حيلِ بسيطة ,تُخفي الواقع و تقود تصرفها المُتكيّف إلى البقاء ليس إلا , ولنأخذ مثالاً الخنفساء اللمّاعة الاسترالية - the Australian jewel beetle , لمّاعة مُبطّطة لونها بنيّ يسّر النّاظرين , الأنثى لا تطير , الذّكر يطير باحثاً عن أنثى جاهزة وعندما يجد واحدة يهبط و يتزاوجان , إنّه سلوك غريزيّ , نجح من خلالهِ الذكور في إيجاد الإناث لآلاف أو ربما لملايين السنين , ولكنّ ماحدث هو وجود قنانيّ بيرة لمّاعة و مبطّطة , ولونها بني يحرك عواطف هذا النوع من الخنافس فتهجم جموع الذكور على القناني تحاول التزاوج فاقدة الإهتمام بالأناثِ الحقيقيّة, لقد فضّل القنّينة على الأنثى, التطور منحهم تلميحاً بأنّ الأنثى مُبططة و لمّاعة و بنّية اللون , وكلما كانت أكبر كانت افضل , وعندما كان يزحف على الزجاجة لم يكتشف الفرق , لأنّ اختلاف البيئة أثّر على سلوكهِ . 


______________________________
هوامش 
evolution
http://rstb.royalsocietypublishing.org/content/364/1520/1169.short
http://people.cst.cmich.edu/swans1bj/Crews1986.pdf

the processes of evolution

 https://www.boundless.com/biology/textbooks/boundless-biology-textbook/evolution-and-the-origin-of-species-18/understanding-evolution-124/processes-and-patterns-of-evolution-497-11723/

The Evolution of Animal Behavior:
http://faculty.education.illinois.edu/g-cziko/twd/pdf/twd07.pdf
Australian jewel beetle
https://www.sciencedaily.com/releases/2011/09/110929235201.htm

الأربعاء، 29 مارس 2017

الحاجه الماسّة والدائمة للمستقبل .

1 تعليق




"It's that the world is basically a forced labor camp from which the workers—perfectly innocent—are led forth by lottery, a few each day, to be executed " -  The Sunset Limited (film) by Cormac McCarthy
"ذلك أنّ العالم -أساساً -ما هو إلا معسكرُ للعمل الإجبَاريّ (السّخرة) حيث العمّال - الأبرياء تماماً - يتمّ اختيار-عشوائيّاً- عدّة اشخاص منهم كل يوم ليُعدَموا " -فيلم The Sunset Limited



لا شك أنّ التطوّر منحنا وعياً يجعلنا نفكر ونتأمل ما يدور من حولنا ، قد يطلق البعض علي هذا الفعل انه هديّة من نوع فريد ، هي كذلك بالفعل , ولكنّها ليست من النّوع الجيّد علي أيّة حال ِ، بالقطع أنا  اراها بشكل مختلف  تماماً  ،بخلاف الصورة التي كوّنتها أنت في عقلك  ..

دعنا نتأمل هذه الصورة ؛ إنسان برئ ما إن أدرك وجوده في الحياة  راح يحلم ويتخيّل ما عساه يكون ؟! ابتسامة مشرقة امامه ، حياة رغيدة حيث السعادة ، تباً لقد وجد ضالته ! ربما يندم علي ما فاته في بطن امّه ! ها هو يخطو خطواته الأولي نحو العالم الحقيقي، نحو رؤية أكثر واقعيّة ، شيئاً فشيئاً تتقلص الأحلام ، ثم تختفي إلي أن يجد نفسه شخص آخر تماماً ، فبعدما كان يعيش ليحلم ويحقق أحلامه ، أصبح يحلم فقط ليعيش !
هذا الإنسان البرئ يتلوّث يوماً بعد يوم في بحر الحياة المُلطّخ بالأنانيّة وحب الذات ، لا يمر الكثير حتّي يتحوّل إلي كائن بشري بعدما كان إنسان  .

هذه الصورة المختصرة المجرّدة من أي تفاصيل هي قصة كل واحد منّا علي الأقلّ في العالم العربيّ، بعد افراغها من التفاصيل الإعتباطيّة والأحداث السخيفة العشوائيّة التي نمّر بها . فنحن أتينا إلي هذه الحياة رغماً عنّا، لا نمتلك أي خيار في فعل هذا ،مجموعة من القوانين الحمقاء نسير عليها ! هل تعتقد أن الوعي الإنساني قد ميّزنا بأي حالِ من الأحوال عن بقيّة الكائنات الحيّة ؟! بكل تأكيد منحنا ميزة اختيار الخروج من الحياة ، نحن نسير في دوائر مفرغة ، نتبع قوانين فرضت علينا في وجود مفروض علينا ، ونحن مجرّد اشخاص اطاعوا ما تم فرضه عليهم دون اي تفكير أو معرفه او امتلاك أدني فكرة عمّ يفعلونه في هذا الوجود اللعين !؟  



Consider the possibility that many of the things you hear and say are utter nonsense and meaningless repetitions of noise Bryant McGill

يجب الأخذ بالإعتبار أنّ العديد من الأشياء التّي تسمعها وتقولها ماهي إلا محض هراء , وتكرار لا معني له من الضّجيج . -براينت ماكغيل

عندما ينجب الابوان طفل لم تتشكل ملامحه بعد ، مجرد وعاء يحتوي مواد عضويّة ، لا يتكلّم ، لا يفهم ، لا يعرف أي شيء ، ثم يخبراك أنهما يُحبّانه ، هنا يجب أن اسأل ماهو معني هذا الحب ؟! وما الذي يدفع الشخص لتكوين هذا الوعاء العضويّ ، تلك الاشياء البشرية لا أفهمها ولا أجد لها تفسيراً منطقيّاً , إنّه الأمر  ذاته حين يأتي هذا الطفل البائس , ويفرض الأبوان سلطتهما عليه , فيقوما بتعلميه وتدريبه علي تلك الطريقة الإجتماعيّة التي لا تختلف إطلاقاً باختلاف الحضارات , لا يمنحوه حقّه في الطريقة التي يرغب بها ليكون إنساناً بل يجبرانه علي السّير علي خطاهم , تلك الخطي التي بالاصل هي مجرّد خدعة حمقاء ,  منظومة كبيرة وكاملة من الإعداد الدائم و المتجدد الذي لا ينتهي بالوصول لشيء ! يبدأ من لحظة دخوله إلي أفشل المنظومات وهي التعليم بالدرجات وتحويل الكائن الإنسانيّ إلي كتاب ! سنوات من الإعداد والتحضير من أجل لاشيء ! يذهب الطفل البائس إلي الحضانة تحضيراً لرياض الأطفال ومن ثمّ الإبتدائيّة ليذهب إلي الإعداديّة التي تعدّه للثانويّة وبدورها تؤهله إلي الجامعة ثمّ الدراسات العليا , ليتخرّج ويندمج مع العالم ! يظنّ انّه قد حصل علي شيء انّه العمل ! ليعود ويدور في نفس الدوائر المغلقة الإعداد من أجل شيء لا يمكنه الحصول عليه , إنّه بحاجة ماسّة -دائماً - إلي المستقبل , يتمّ اعداده في كل مرّة ليتدرّج في المناصب , ها هي الخامسة والأربعون ربّما وصل ليكون نائب مدير ! فالهدف النهائي من تلك المنظومة هي الإعداد للوصول إلي مرحلة كبار السّن ! ليجد نفسه , فاقداً للذاكرة , عاجزاً جنسيّاً , ولا يوجد لديه طاقة ! أوه ! فجأة ! يدرك أنّه كان يشارك في نظام عمل غريب !
إنّه النمط الأحمق الذي رسموه لك ! إنّها الحياة الخالية من أي غرض أو معني ! 


"Death gives meaning to our lives. It gives importance and value to time. Time would become meaningless if      there were too  much of it" -Raymond "Ray" Kurzweil

"الموت يُعطي لحياتُنا معني ، ويُعطي أهميّة وقيمة للوقت, إنّ الوقت يُصبح بلا معنى إذا كان هناك الكثير منه"ريموند كرزويل





هناك أشخاص وجدوا في الحياة من أجل التبرير ، من أجل العبوديّة ، لا يعرفوا شيئاً سوي تمتمات لا معني لها ، لا تعني شيئاً ، ليس لها قيمة ، أغبياء ، أمثال هؤلاء كثيرون ، يبررون سخافة الأديان ، يبرورن غباء فكرة وجود إله ، في أيّ قضيّة كانت تجد هؤلاء , ربّما موتهم يعدّ شيء جيّد , إبادتهم ستكون أمر جيّد لهم  , وربّما سيكون المعني الوحيد لحياتهم , سيقول أحدهم هؤلاء لا ذنب لهم , لكن الحقيقة انّ العامة الجُهلاء الذي يتّبعون المشعوذين والدجّالين هم مصدر قوّة للخرافات والأوهام وسبب دمار وفساد هذا العالم , نعم هم نفسهم العامّة الذين يُقتلون ويموتون كلّ يوم بسبب تقديسهم للخرافة , بسبب عِبادتهم للأنظمة الفاشيّة , بسبب خوفهم علي حياتهم لكن في كلّ مرّة يخسرونها , لانّهم لا يعلموا أنّنا جميعاً سنخسر حياتنا في نهاية الأمر , لكن أيّ حياة تريد أن تحياها ؟ هذا هو السؤال , الحياة لا تقاس بطول الفترة الزمنيّة التي تبقيها كمساهم رئيس نحو الفوضي ( تميل الإنتروبية في الكون إلى نهاية عظمى -القانون الثّاني للديناميكا الحراريّة ) ولكنّها تقاس بجودة الحياة التي تحياها , هؤلاء العامّة تعتبرهم الحكومات مجرّد أعراض ثانويّة , لا قيمة لهم , هم كذلك , وسيظلّوا كذلك , لكنّهم بشكل أو بآخر يؤثّرون علي حياتنا أيضاً , فقط كونهم أرقام كثيرة لكنّهم بلا أي عقل أو وعي , لدرجة انّهم يقتلون بعضهم البعض فقط اثناء سيرهم كما يحدث فيما يُطلق عليه " الحجّ" ! , وهل هناك ما يمكن أن نتوقّعه أكثر من هذا في هذا العالم ؟! 
إنّ المشكلة التي يعاني منها -العالم-الآن والتي ستنتهي بإنقراض الجنس البشريّ هي الخروج عن الطّبيعة , الخروج خارج تلك العمليّة الطبيعيّة , التّوزان الطبيعيّ , في كل مرّة يحاول ما يطلقون عليهم مسؤولين ايجاد حلول , ما يحدث فعلاً هو تفاقم المشاكل , ثمّ يعدونك بحلولِ مُستقبليّة , لانّ الجنس البشريّ يجب عليه أن يتخليّ عن الوهم , الإحساس الزائف بما يسمي " الشخصيّة " أو " الأنا " , لانّ تلك المفاهيم لا يمكنها فعل شيء , لا يمكن لشيء غير موجود أن يفعل شيئاً , لا يمكن لجميع الكتابات علي المواقع الإفتراضيّة أن تغيّر شيئاً , كل تلك الأعداد البشريّة لا قيمة لها , لانّها مجرّد أعداد , ليس لها وجود حقيقي أو تأثير . كتابات إفتراضيّة ليس لها وجود حقيقيّ , بجانب الإحساس الزائف بـ "الأنا " أصبح الأمر لا يُطاق في العالم الإفتراضيّ , لانّ تلك الأعداد أصبحت تتظاهر بوجود ما أطلق عليها " الأنا الإفتراضيّة " هناك "الأنا" التي يتوّهم الشخص أنّها موجودة بإحساس زائف , ثم أصبح يَختلق " الإنا الإفتراضيّة " ليتظاهر ويدّعيها في العالم الإفتراضيّ , إذا طلبت منه أن يفعل أي شيء للمساعدة الإفتراضيّة كنشر أو إعادة نشر تفاهة تجده يسارع ,لكن حين يتعلّق الأمر بـ شيء حقيقي لا يفعل , لا يمكن أن يتخلّي الإنسان عن أنانيّته , بنفس الدرجة التي لا يمكنه ايجاد حلول لمشاكلة , لانّه هو المشكلة .


الثلاثاء، 5 أبريل 2016

كون بإله أو بدون , ما الفارق ؟!

19 تعليق


"That's all we expect of man, this side the grave: his good is - knowing he is bad."ـــــRobert Browning 
"هذا كل ما نتوقّعه من الإنسان في هذا العالم ، الفضيلة لديه هي معرفة أنه قادر علي الشرــــ روبرت براوننغ                                                                    



ما حدث وما يحدث وما سيحدث طيلة الفترات السّابقة في هذا العالم يسير بشكل طبيعيّ بحيث أنّه لا يوجد ما يشير إلي ثمّة تلاعب من قبل أيّة كائنات غير بشريّة سواء كانت آلهة , شياطين , ملائكة أو حتّي كائنات فضائيّة حلزونيّة , جميعنا نري الكوارث الطبيعيّة والأوبئة  والحروب والأمراض بل وصل الأمر لقطع الرؤوس واللعب بها في الطرقات ,  فوضي هنا وهناك , ظلم وقهر وفقر , شتّي المآسي ليس هناك من يتحكّم أو يخطّط لأيّ غرض أو هدف من هذا كلّه , هناك تبريرات , هناك تفسيرات , وهناك أيضاً من يظّن أن هذا القول ما هو إلا حالة عاطفيّة وجدانيّة تتحكّم فيه المشاعر عوضاً عن المنطق السليم , لكن حقيقة الأمر العبثيّ الفوضويّ أمامنا لا علاقة له بالعواطف .
فوجود كائن خارق مطلق الصفات من شأنه أن يجعل هذا الكون مكاناً مختلفاً , وجود كائنات أخري كفيلة بحدوث تأثيرات خارجيّة وانتهاكات للمبادئ العلميّة , كالجاذبيّة , حفظ الكتلة والطاقة , لكن ليس ثمّة تأثير أو دليل علي وجود كل هذه الادعاءات  ,  فنحن جميعنا دينيّون وملحدون ولا دينيّون نتّفق علي أنّ الإله -في حالة ما إذا كان موجوداً- لا يفعل شيئاً لإثبات وجوده ناهيك عن احداث فارق فيما يحدث , في الحقيقة يمكننا القول بأنّه ترك الكون يبدو كما لو انّه غير موجود , وهذا يخلق مشكلة لاهوتيّة، وتركنا مع ثلاث احتمالات : الإله غير قادر علي اثبات وجوده , الإله يختبر إيماننا مع تعمّد البقاء بمعزلِ , الإله غير موجود . تلك الاحتمالات جميعها واحد لا فرق بينهم , فالإله لا يتدخّل , لا يحدث تغييراً أو تأثيراً , لكنّ عقل الدينيّ لا يستوعب الأمر فتجده يشير إلي ما يسمّي الكتب السماويّة  كدليل علي وجود الإله , جميعهم يرجعون إلي كتابهم المقدّس , علي اعتباره انّه المصدر  الإلهيّ والنموذج المثالي للأخلاق , بل وقد يذهب بعضهم إلي كونه كتاب يحتوي علي معجزات علميّة واكتشافات واختراعات لم تحدث بعد !
إذا ما قرأت أيّ كتاب دينيّ ينسب إلي الإله بعقل حياديّ ستجده عبارة عن كتاب يشجّع علي العبوديّة , كره النّساء , الإبادة الجماعيّة , القتل والقمع , الظلم , والتعذيب و الاغتصاب تعدّد الزوجات و القسوة الحيوانيّة والهمجيّة وعدم المساواة بين الجنسين، وعدم التسامح مع الديانات الأخرى , هذا كلّ ما يدور حوله أي كتاب دينيّ مقدّس !
أهذا ما يمكن للإله أن يقدّمه ليثبت به أنّه موجود !؟ يقولون لكَ الإله لا يسمح بحدوث تلك المعاناة إلا إذا كان  ورائها حكمة حلزونيّة .  وإن سألتهم ما هي الحكمة وراء كل هذه
الحالات التي لا حصر لها من المعاناة  , وما ذنب هؤلاء الّناس الذين هم  بلا مأوى في الشوارع والذين يعانون من الحرب والمرض والمجاعة والتجويع , فلن تسمع منهم سوي تمتمات يجب عليك تعلّم لغة النّمل حتّي تستطيع سماعهم ! .

ما الذي تريده من الحياة ؟!



أنت كشخص عاديّ قد يكون أملك في الحياة أن تصبح أحد أولئك الذين سيخلدهم التاريخ ،ليظل أسمهم باقيا علي مر العصور ، أو قد تحلم بأن تكون أحد أولئك الذين شاركوا في تصميم fuck me silly , او حتي أحد المؤلفين العظماء الذين شاركوا في كتابة baby للأسطورة جاستن ، لكن هذا الوجود اللعين بما فيه الحياة، يفتقر الي المعني ، إذا نظرت الي لفظة معني وأنت تستمع إلي wrecking ball ستجده عبارة عن تأثير النتيجة النهائية علي وجودك ، جميع أعمالك العظيمة التي قمت بها بما في ذلك قضاء حاجتك في الحمام لها تأثير بطريقة ما لتمنحك معناً لوجودك ، على الرّغم من أن هذا قد يبدو لك سبباً منطقياً حلزونياَ لمعنى الحياة إلا انه ليس كذلك . فعدم وجود هدف أكبر في الحياة مقارنة بإتقانك ال twerking , قد يكون أمر مقلق إذا تأملت فيه اثناء نومك ، لكن الغالبية العظمي من الناس يعتقدون ويؤمنون بوجود كائن فضائي قد خلق لهم هدف ومعني نهائي لحياتهم ، وان هذه الحياة مجرد اختبار بنهايته سيخلد في حياة أبدية ! ويتناسون أن السؤال لايزال قائما ، وما الغرض من الخلود الابدي ؟! مثل هذه المحاولة البائسة هي تبرير عقيم ، لا يقل عقماً عن شخص لاديني أو ملحد يؤمن بشيء يسمي الإنسانيّة ، وأن هدفه النهائي هو التعايش السلمي بين البشر ،حقا ؟ هناك 150 فصيلة من الخنافس في كل فصيلة 40000 نوع مختلف يتعايشون في سلام ، هل هذا يمنح حياتهم معنا ؟ هناك فئة أخري لا تقل غباء تدعي أنها تؤمن بالعلم ! وهل يمنحك ماتطلق عليه العلم معنا لحياتك ؟! وماهي ياتري انجازاتك العلمية التي تؤمن بها ؟! أنتظر لقد أنتج لنا العلم بطيخا بدون بذر ! ياللهول لقد حطم العلم هدفي في الحياة و هو تناول البطيخ مع إحصاء عدد البذور ، إن مثل هذه الافكار السّخيفة والمعتقدات العقيمة الدينية واللادينية والالحادية تصيبني بالغثيان .

 
و الآن ماذا ؟!! 

السؤال الفلسفي الوحيد الذي يستحق العناء والذي يجب ان تدور حوله الفلسفة ؛ هل يجب علينا ان ننتحر ام لا !؟ بالنسبة لي انا شخص اتقبل الحقيقة مهما كانت ، اما بالنسبة للبقية فيفضلوا ان يتخرعوا أبا لهم ، أب كبير خارق ، مما يجعلهم يتوهموا انه هناك في مكان ما يعتني بهم ، يراقبهم ، خلق لهم هدف ومعني وغرض ، لكن في نفس الوقت حين ننظر الي الحياة نجدها قاسية ، ظالمة ، غير عادلة ، سيقولون : انها افعالنا وتصرفاتنا واهوائنا البشريّة ، لكن ماذا عن تلك التي تنسبونها للاب الأكبر ! زلازل وبراكين وفيضانات ، شخصيا اتقبل حقيقة اننا مجرد نتاج فعل تطوري عشوائي بنهاية الأمر . اتقبل حقيقة اننا مجرد الات تفكر ، سيقولون : الروح ، العاطفة ، المشاعر ، كلها نتاج إحساس زائف ، مفهوم متوهم مختلق زائف ، أي شيء في الحياة يمكن ان يعبر عنه بنمط ، انماط تصف كل شيء ، اي شيء تتخيله سواء فيزيائي او ميتافيزيقي يحدث عبر عملية من احداث يمكن تتبعها وتكوين نمط محدد منها يمكن التلاعب به ، لافرق بين ماهو مادي وغير مادي سوي اننا لم نتوصل للنمط بعد ، سيقولون : الموت ، الحياة بعد الموت ، الاب الكبير سيحرقنا للابد ، سيقولون سخافة ويبررونها بتفاهة ، ثم يحاولون منطقة السخافة والتفاهة لينتج لنا شيء ليس هناك كلمات تصفه بعد ، سيقولون ثم يقولون ثم بنهاية الامر يتحدثون عن الانتحار ! الانتحار ! لم لا تلخد الي النوم ولا تستيقظ ياصديقي ، جرب ان تفكر في الامر احيانا ، او حتي اثناء وقت فراغك وانت تخرج فضلاتك . حاول ان تتعلم تفكر


الاثنين، 28 سبتمبر 2015

دليل بشريّة القرآن

14 تعليق




عندما يكون احتمال قياس قيمة معيّنة من كمية ما يُعبّر عنه كقوة من تلك القيمة، فإنّ تلك الكمّية تكون تابعة لقانون القوّة -power law كقانون زيبف Zipf's law أو توزيع باريتو -Pareto distribution من الملاحظ أنّ قوانين القوّة توجد على نطاق واسع في الفيزياء، والأحياء، والاقتصاد والعلوم الاجتماعيّة , على سبيل المثال، تظهر توزيع أحجام المدن والزلازل والانفجارات والحروب وحتّي الثّروات الشخصيّة .

لو أخذنا كمثال "قانون زيبف Zipf's law " يتلخّص في انّه إذا ما أحصينا عدد تكرار كل كلمة في نصّ ما ثم رتبنا تلك الكلمات المكرّرة وفقاً لتكرارها ترتيباً تنازليّاً , وقمنا بتمثيلهم بيانيّاً سيوضح الرسم البياني نمطًا ملحوظًا من اللوغاريتم الخطي , بمعني أبسط سيكون هناك انتظاماً ملحوظاً في توزيع الرّتبة والحجم , سواء طبّقا ذلك علي الكلمات وتكرارها ورتبها , أو علي عدد سكّان المدن من حيث حجم المدن وعدد السكّان , او حتّي عدد الأشخاص الذين يقتلون في الحروب , تقريباً كل شيء يتصرّف بهذه الطريقة .


مبدأ باريتو-Pareto distribution   ينصّ علي أنّ الـ 20 % من الأسباب مسؤولة عن 80 % من النتائج , كأستخدام الكلمات مثلاً 20 % من كلمات أي لغة هي التي تمثّل 80 % من أي حديث أو كتاب أو انّك تقوم عادة بالأتصال بـ 20 % فقط من قائمة الأشخاص المسجّله في هاتفك , إلخ .

الخلاصة : لو قمنا بعمل دراسة لأيّ لغة سنجد أنّ الكلمات الأكثر شيوعاً في تلك اللغة يتمّ استخدامها بكثرة وستكون هي نفسها الأكثر شيوعاً في أي نصّ أو حديث أو كتاب , وإذا قمنا بإحصاء تلك الكلمات الأكثر شيوعاً ومثّلناهم بيانيّاً سنجد نمطاً منتظماً بحيث انّ الكلمة التي في المرتبة 2 تكون 1/2 الكلمة التي في المرتبة الأولي , الكلمة التي في المرتبة 3 تكون 1/3 الكلمة التي في المرتبة 2  وهكذا , وسنجد انّ 20 % فقط من الكلمات الأكثر شيوعاً هي التّي تمثل 80 % من الاستخدام , هذا ينطبق علي أيّ لغة .





(قاعدة الـ 80-20)

الرسم البياني لقانون القوّة يكون الجزء الأيمن عبارة عن ذيل طويل، والجزء في اليسار كمّية صغيرة هي التّي تهيمن .



 جيّد , لو طبّقنا هذا علي شيء من المفترض به أنّ معجز وليس من عند بشر وهو القرآن , يجب أن نجد شيئاً مختلفاً , فلو كان القرآن كلام إله يجب أنّ يشذّ إذا ما قمنا بتطبيق هذا القانون عليه , فكون القرآن باللغة العربيّة لا يعني أن يكون مثل أيّ كتاب قام بتأليفه كائن بشريّ , يجب ألا نري هذا النمط فيه , لأنه من المفترض انّ مؤلّفه إله وليس بشري .


 لكن الحقيقة القرآن لا يختلف عن أي شيء بشريّ , لا يختلف عن أيّ كتاب قام بتأليفه أي شخص , فمثلاً قمت بحساب تكرار لفظ " الله " في القرآن ووجدته 2557 مرّة , قمت بتمثيل هذا بيانيّاً (عدد تكرار اللفظ & السورة التي تكرّر فيها ) النتيجة انّه نمط متوقّع يخضع لقانون زيبف.



يكون التوزيع النّاتج في البداية بمعدل سريع ثم يصبح أقل سرعة شيئًا فشيئًا


 ليس فحسب بل ولمبدأ 20 / 80 أيضاً , فلفظ "الله" تكرّر 2557 مرّة في 172 موضع مختلف لنعتبر كل موضع  سورة , نسبة الـ 20 % من 172 = 34 سورة , لو قمنا بجمع مرّات التكرار في أعلي 34 سورة تكراراً سنجد مجموعهم 1939 , والـ 80 % البّاقية = 138 سنجدهم فقط 596 , أي انّ النسبة هي 75.8 % : 24.16 %


مثال آخر : تكرار بعض الكلمات في القرآن , وتمثيلها بيانيّاً وسنجد نفس النّمط المتوقّع


نفس النّمط مرّة أخري


حتّي لو قمنا بتمثيل عدد الآيات حسب التصنيف , فسيتكوّن لنا نفس النّمط .


نمط متوقّع



فما الذي يثبته ذلك سوي انّ القرآن مجرّد كتاب بشري يمكن حتّي التنبؤ بتكرار الألفاظ فيه ! فتكرار لفظ " مِن " هو الأكثر شيوعاً في اللغة العربيّة وهو أيضا الأكثر تكراراً في القرآن اتباع صريح لقانون زيبف واثبات لبشريّة مؤلف القرآن .

 

السبت، 11 أكتوبر 2014

حين يكون الفناء هو الغرض الوحيد ..!

6 تعليق





"I would rather die a meaningful death than to live a meaningless life."  ــــCorazon Aquino
"أفضل أن أموت موتاً ذو مغزى علي أن أحيا حياة بلا معني " ــ كورازون أكينو                                                                          

ماهو الغرض من الحياة ؟!

 لا شكّ  في أنّ العلم هو الشيء الوحيد الذي يحظي باحترام الأغلبيّة داخل فقّاعتنا البشريّة , سواء عارض الأديان في أشياء ما أم سعي أهل الأديان بمحاولة بائسة للتوافق بين ما يدينون بهِ وبين ما يتوصّل إليه العلم , لكن بنهاية الأمر جميعنا نعلم أنّ الطريقة العلميّة هي الأسلوب الأمثل للتوصّل للحقائق التي نطلق عليها " الواقع" وفق منطقنا البشريّ الذي نتجّ عن تطوّر وارتقاء قشرتنا المخيّة وفق ما يسميّ " الوعي البشريّ"  وهو أمر جيّد أن يتحوّل كائن حيواني يسير علي أربع إلي كائن يمكنه اختراع أشياء تمكّنه وفق وعيه أن يعتقد انّه سيّد الكائنات ليرسل مركبات فضائيّة إلي أطراف المجرّة بحثاً عن كائن ينافسه علي اللّقب , ولمَ لاَ ؟!  فكائننا البشريّ أرتقي -حسب زعمه- وتخلّص من الطبيعة الحيوانيّة تماماً , لدرجة انّه لم يعد يقتل ليبقي علي قيد الحياة , لم يعد هناك طفلاً -واحداً-مشرداً جائعاً , لقد انهي خلافاته التي كانت تنهتي بقطع الرؤوس واللعب بها في الطرقات , وقد آن الآوان للترفيه و البحث عن كائنات فضائيّة ,و ربّما تخبره بما الذي يفعله علي تلك البقعة الكوكبيّة التّافهة , لكن مهلاً ؛ لمَ عساه يبحث عن الغرض ؟!
أليس أمر معروف وبديهي للجميع ؟! انها مزحة كونيّة سخيفة أن تموت كل هذه الأجيال بعد أن عاشت حياة بائسة دون أي غرض أو حتّي معرفة غرض وهميّ سخيف .

ماهو الغرض من الحياة ؟!

 


غدِ بعده غد وغد‏                                                         Tomorrow, and tomorrow, and tomorrow,
وكلّ غد يحبو بتلك الخطي القصيرة يوماً بعد يوم                     Creeps in this petty pace from day to day
إلى آخر مقطع من الزمن المكتوب                                              To the last syllable of recorded time,
كل أماسينا قد أنارت لحمقي ,                                           And all our yesterdays have lighted fools

                 طريق يفضي للموت والتراب                                                                 !The way to dusty death
   ألا انطفئي يا شمعة وجيزة                                                                             Out, out, brief candle
ما الحياة إلا ظلّ عابر, ممثلّ مسكين                                  Life’s but a walking shadow, a poor player
يقضي ساعته بتبختر علي المسرحِ                          That struts and frets his hour upon the stage
ثمّ لا يسمع بعدها , إنّها حكاية ؛                                              And then is heard no more. It is a tale
رويَت من قبل أحمق , مليئة بالصخب والعنف                             Told by an idiot, full of sound and fury,
وتعني لا شيء                                                                                                 Signifying nothing.
 
  Shakespeare,Macbeth ,Act 5, Scene 5, Page 2 __
   كان الأسلاف أقل تطوّراً وأقلّ ذكاءً كي يتساءل  أحدهم ؛ ماهو الغرض من الحياة , فقد كانوا اشباه حيوانات كلّ همّهم اشباع غرائزهم دون وعي أو أهتمام , إلا أنّ الأمر لا يزال مزحة سخيفة أن تجد نفسك َ بمنتصف فيلم ما , لا تعرف قصتّه , لا تعرف ما الغرض منه , ثمّ تتغاضي عن كلّ هذه الأمور التي يجب أن تعرفها أولاً , لتلعب دور وتعاني كي تكمله دون أن تتوقّف لحظة لتتساءل لما عساني أكمله ؟ و من هو مخرج هذا الفيلم المجهول السخيف الخالِ من أي معني أو غرض ؟! 

لا شكّ أنّك تجد هذا الكلام غريباً , معني الحياة ؟! ربما تقول أنّ كاتب هذا الكلام شخص ملحد لا يؤمن بالإله , و الشيء الأكيد أنّك ستردّد الحمد لله علي نعمة الإسلام . لكن انتظر لحظة ؛ ماهي نعمة الإسلام !؟ وما الذي يضيفه الإسلام لحياتك البائسة لتظنّ انّها ذات معني , حسناً سأخبرك :

أن تكون مسلماً( دينيّ)  يعني أنّ هذه  الحياة  هي مجرّد اختبار بنهايته سيحاسبك كائن -لا تعرف كيف يبدو -علي ما فعلته , فإمّا يخلّدك في الجنّة أو الجحيم . لا يهم هنا إذا ما كان هذا الكائن موجود أم لا  ولا يهم أيضاً صحّة تلك القصة الطريفة , إذ انّها مقتبسة من اساطير الفراعنة وكلانا نعلم أنّها مقنعة جداً للأطفال -فحسب- , فإذا كان معني حياتك الدينيّة هذه هو الوصول إلي حياة أخري فأين هو الغرض من الحياة الأخري؟! 

ماهو الغرض من الحياة ؟!




If you write a line of zeros, it's still nothing.” Ayn Rand
"إذا سَطَرْتَ سطراً من أصفارِ ,، فإنه لا يزال لا شيء."  آين راند




طيلة حياتي الإسلاميّة كنت أرفع مؤخّرتي كلّ يوم خمس مرّات للوهم من أجل الخلود الأبديّ في فندق الإله الوهميّ وأتلاشي عذابه الأليم والحرق والخسف والنسف . لكنّي لم اتساءل يوماً ما عساني أفعل بهذا الخلود الأبدي ؟ ولم عساي اتساءل حيث هناك انهار من خمر ومضاجعة لنساء دون كلل أو ملل ! أليس هذا أيضاً السبب الذي يجعلك تواصل رفع مؤخّرتك ؟ مضاجعة النساء وأنهار الخمر , ياله من معني وغرض للخلود الأبدي , ويالها من نعمة الإسلام تلك التي تمّ تدجينكَ علي أن تقبّل يديك في فعل غير منطقي عليها .

ماهو الغرض من الحياة ؟!

علميّاً ؛ الحياة ليس لها معنى , هذا يعني-بإختصار- أنه ليس هناك أي غرض أو هدف يجب علي الكائنات تحقيقه , ليس لحياتك المليئة بالمشاكل والمعاناة أيّ معني ولن يكون . . .


ماهو الغرض من الحياة ؟!


البشر تافهون مقززون ومقرفون , لكن المزحة الكونيّة السخيفة أنّني حين نلت حريّتي الكاملة وتحرّرت من كل شيء حتّي ما درسته طوال حياتي ,أصبحت وحيداً تماماً , اسير في الطرقات بنظرة مختلفة تماماً عمّ يمكن لأي شخص آخر أن ينظر بها إلي الآخرين , العمل ؟! أي عمل ؟! أن تكون مهندساً تصمّم جحوراً لفصيلة بشريّة لا تجيد مسح مؤخّرتها ليس بالأمر الذي يستحق العناء , أن تكون طبيباً تعالج أبله لا يعرف كيف ينتقي غذائه أمر مقزز , أن تكون عاملاً بسيطاً تضيّع الجزء الأكبر من حياتك تنظّف مخلفات بشريّة ألقاها معتوه في الطرقات هو أمر محيّر بالنسبة لي , الأغلبيّة العظمي من البشر كائنات مستهلِكة لا تفعل شيئاً سوي اشباع غرائزها بصورة مختلفة عمّ كانت تفعله الأسلاف , فالآن تقوم بإعطاء شخص ما عدّة أوراق ملوّنة مقابل أن يعدّ لكَ وجبة غذائيّة , وبنفس تلك الأوراق يمكنك استأجار مهبل احداهن لبضع ساعات . انّها الأوراق الملونة ما يعيش به ومن أجله البشر ...


ماهو الغرض من الحياة ؟!

ليس هناك شيئاً من هذا القبيل , ليس هناك ما هو يستحق العيش من أجله , كل شيء بالنسبة للآخرين هو اشباع غرائزهم يطاردون الوهم والخيال ثمّ بنهاية الأمر يجدون أنفسهم علي منتصف سُلّم وهميّ سخيف ، مما يجعل من الصعب التّركيز على الأشياء الجوهريّة الأساسيّة " الغرض من الحياة ".  

ماهو الغرض من الحياة ؟!

من الذي  وضَعَ هذا الغرض الذي نبحث عنه  ؟ ومن يحقّ له أن يقرّر أو يحدد أي غرض من حياتنا يجب أن يكون ؟ , ومن الذي وضعه في مكان يؤهّله كي يقرر ؟  مرّة أخري لا يوجد أي شيء آخر سوي الأديان ,   الآلهة , لكن ماهو الغرض من أن يخلق الإله حياة ذات غرض ؟ وما هو الغرض من وجود الإله ؟ الإله ليس لديه أي غرض يسعي لتحقيقه , إلا إذا كان هناك إله آخر قد خلقه ليؤدّي غرض ما , الإجابة علي السؤال تنتهي بعدّة مفارقات , فالإله لا غرض ولا فائدة من وجوده وليس لديه هدف يسعي لتحقيقه وإلا لا يصحّ أن نطلق عليه إله , وكذا لا يمكن أن يكون مخلوق من قِبل إله آخر , فالإله لا غرض ولا هدف من وجوده ..

ماهو الغرض من الحياة ؟!

إنّها الحقيقة المؤلمة , بالفعل دائما وأبداً الحياة بلا غرض , لا يوجد الهدف الذي يتحرّك من أجله الوجود , أنّه يتغيّر ولكن ليس نحو أي هدف, ليس هناك شيئاً ذو قيمة يمكنكَ أن تستيقظ الصباح من أجله . 

السبت، 3 مايو 2014

أكبر عمليّة نصب واحتيال في تاريخ البشريّة (العملات ) .

1 تعليق



النّظام النقدّي الحاليّ -وهو تقريباً واحد في كل بلدان العالم- يستعبد العامّة ويستغلّ جهلهم بطريقة عمله , فالحقيقة أنّك لا تدرس كيف تُخلق العمله لا في المدرسة ولا في الجامعة ولا تعرف عنها شيئاً , عندما تحوّل الأمر من نقود حقيقيّة لها قيمة حقيقة هي الذّهب والفضّة إلي عملات ورقيّة ليس لها أيّ قيمه ، أصبح الفرق شاسعاً بين الطبقات , وتمّ تصميم نظام نقدّي يهدف إلي خدمة أقلّية قليلة وينقل إليهم ثروات الشّعب , لا تندهش إذا علمتَ أن العملات لا تخلقها حكومتك بل النظام المصرفيّ !!

هنا فيديو يوضّح كيف يستعبدكَ النظام الحاليّ وستندهش عند معرفة انّك لستَ -فقط- عبداً للنظام بل وتقوم بدفع تكاليف عبوديّتكَ تلك !المؤسّسات الدينيّة ليست الوحيدة التي يجب التخلّص منها , وليس فقط الآلهة التي تستعبد البشر .

هذا الفيديو (مترجم للعربيّة) هو الحلقة الرّابعة من سلسلة the biggest Hidden Secret Of Money التي يقدّمها Mike Maloney  ,