face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الخميس، 18 أبريل 2024

الكائن البشري بين العقل والعاطفة..


الحياة ..

الكل يسعى في الحياة أو بالحياة مسارعاً ومنافساً، لأنه يرى جُلَّ مَنْ حوله يفعلون، لا لأنه أدرك ماذا أو لماذا يفعلون، ولا هم كذلك يدركون!

هل لحياة الإنسان صفة أو وصفاً أو شكلاً يشغل حيِّزاً مستقلاً عن ذاته!

كل نفيس، هو ذو قيمة لغيره لا لذاته! فهل يشذُّ الإنسان عن قاعدة النفائس هذه، ليعتبر أن مجرد وجوده، هو قيمة بحد ذاته لذاته!

القيمة ندركها والاستفادة نحصل عليها من الأشياء التي تقع خارج ذواتنا..، فهل حياتنا كذلك!

أَمْ إن جُل البشر يدركون وراضون بأن يكون وجودهم، ذا قيمة لغيرهم لا لذواتهم!

في معادلة أطرافها الإنسان والحياة ..، أيهما النفيس، وأين المستفيد؟

المنتفع من قيمة النفيس يبحث عن النفيس، وليس النفيس يعرض نفسه على المستفيد منه!
فهل تكون حياة الإنسان هي النفيس، وتكون هي ذاتها المستفيد؟

أم إن البشر يتنافسون فيما بينهم ويُغالب بعضهم بعضاً، ثم يتصورون أن انتصار البعض وهزيمة البعض الآخر، بمثابة شيء مستقل عنهم، اسمه الحياة!

البعض توهَّم أن للحياة قيمة تستحق العناء، والواقع أنه لا وجود لتلك القيمة إلا في معاناته!

البعض الآخر، وجد السلوى في مآسي غيره، فشغل نفسه بمساعدتهم بشتى الوسائل– على حساب القانون والمنطق والصدق والأمانة وعلى حساب حقوق آخرين أحياناً-، وتصوَّرَ أن تلك هي قيمة الحياة..، وهو في الحقيقة إنما يُخفف عن ذاته، بحضوره ومتابعته لأحداث مآسي الآخرين، ليرى نفسه وهو ليس الأضعف..، فجعل من مصادفته لبعض من يحتاجون مساعدته، برهاناً ودليلاَ على قيمته ورسالته في الوجود، معتقداً أن تلك القيمة المفترضة هي ما استوجب وجوده أساساً وهي ما يستحق بقاءه حياً!

القوة والضعف في حياة الإنسان، هما قيمتان نسبيتان، في معادلة افتراضية كل عناصرها بشر! فليس في قوة القوي النسبية والمؤقتة ما يُعطي لحياته معنى أو يجعل لها قيمة..، وليس في ضعف الضعيف ما يُبرر استمرار حياته!


لا يوجد بريء ومحتال بين البشر، ولكن يوجد مهزوم ويوجد منتصر!
لا يوجد على الأرض ملاكٌ ليؤتمن، فهل من معنى للبراءة أو مبرر للهزيمة، سوى الضعف أو الجهالة!

كثيراً ما تُباغتنا حقائق لا تُفارقنا .. ما بَرِحَت المكابرة تفضحنا، ما انفكت العاطفة تخذلنا، لكننا أبداً صامدون، وعلى عهدنا باقون .. نُكابرُ ونَسْخَرُ من المكابرين، نَكْذِبُ ونلعن الكاذبين!

بين النفوس الضعيفة والغبية، تنمو كل المعتقدات وتجد أتباعاً لها لا حصر لهم- حتى تلك الركيكة نصاً وإخراجا!

- أفواجٌ من الواهمين، وأمواج من المذعورين من كل شيء ومن لا شيء-، .. حتى أولئك البؤساء الذين لم تعطهم الحياة ما يُبرر اعتناقهم لمعتقد، ولا بُغضهم للموت - الذي ربما وُجِد لأجلهم!

- إن حقيقة وجود الموت، هي مبعث الارتباك الأزلي البادي بوضوح على سلوك جُل البشر! إن الفزع من الموت، هو ما يجعل أحدهم يتعمد ركوب أمواج الوهم، مُدَّعياً التضحية، قاذفاً بنفسه إلى الموت، طمعاً في حياة أخرى خالية منه، دون ضمان لبلوغ الغاية المفترضة!

السؤال: لو كان الخلود اليوم ممكناً ومتاحاً للجميع، هل كان أحدهم سيُضحي بحياته، من أجل مبدأ أو عقيدة، دون دليل محسوس يقبله ويفهمه العقل ويكفل النتيجة!

إن طلب الموت قبل أوانه، لا يكون نبيلاً صادقاً ومُشرِّفاً، إلا لدى أولئك الذين يرفضون الوجود لذاته، تعبيراً عن أخطاء أساسية فيه، بغض النظر عن وجود البديل من عدمه!


الكائن البشري بين العقل والعاطفة..

العاطفة، هي عقلٌ مُزيف، يستعمله البشر لإدارة علاقاتهم المزيفة!

لا يمكن للإنسان أن يكذب من خلال عقله الحقيقي، لأنه حينها يكون يتحدث مباشرة باسم الذات الحقيقية التي لا تحمل بذرة الزيف!

العاطفة، عبارة عن وسيط مخادع، حصل على صفقات مربحة في أسواق الضعفاء!

العاطفة، عبارة محطة مضطربة، يمر بها الإنسان عادة، في كل رحلة من رحلاته المكوكية بين محطتي الخوف والأمان!

لا يوجد عقل جمعي وعقل فردي – كما يُروِّج أعداء العقل-، ولكن يوجد عقل، وتوجد عاطفة الخوف والطمع والنفاق!

السارق والكاذب ، …، يستعملون العاطفة أمام الآخرين، فيستنكرون علناً ما يفعلونه خلسة، والكل مُدرك وصامت!

ذلك لأن الجميع يرفضون الاحتكام إلى العقل، خوفاً على مصالح يحميها الصيت المزيف، لا حرصاً على أخلاق ومبادئ مزعومة!

العاطفة هي جهل متنكر، وهي طمع مستتر، كما أنها ضعف سافِر!

العاطفة عُملة وهمية، متغيرة القيمة، تُصدرها الذات المزيفة، ويستعملهما الضعفاء في محلات مختلفة في أسواقهم الخيالية!

يتعامل الضعفاء بعملة العاطفة، لشراء راحة نفس زائفة، في محاولة يائسة لإخفاء اضطراب يملأ حياتهم، وفراراً مفضوحاً من مواجهة شبح الهزيمة الذي يُطاردهم..؛ وعادة ما تتم عملية البيع والشراء بعملة العاطفة، عندما يجد أحد الضعفاء نفسه في موقع قوة- قياساً إلى ضعيف آخر-، وهو الذي يكون قد وقع عليه الاختيار، لدفع فاتورة مأساة عشوائية كان من الممكن أن تُصيب غيره!

عندما يُظهر الإنسان تعاطفاً مع مآسي الآخرين وآلامهم، فليس ذلك تضامناً صادقاً منه، بل هو فزعه من شروط المأساة المتوفرة فيه، أي.. هو تعبير عن خوفه من المصير الذي يراه يتجسد أمامه، وهو ليس بمأمنٍ منه!

لكي تستحق العواطف منا، أن نعتبرها شعوراً إنسانياً فطرياً نبيلاً وصادقاً، ينبغي أولاً أن تؤدي إلى تجميد كل مظاهر الأفراح على الأرض إلى أن تتوقف كل المآسي على ظهرها..، فكل البشر اليوم جيران، فالجدران والحدود لم تعد تُخفي ما خلفها من مآسي!

التخلص من زيف العاطفة، والاحتكام إلى صدق العقل، يقتضي التصالح مع الموت، والإقرار بأنه خاتمة مستحقة لتجربة فاشلة، أو تجربة مجهولة في أحسن الأحوال!


مفهوم الإيمان، وأثره على سلوك المؤمنين وحياة الآخرين.. الإيمان هو القدرة على التصديق بوجود ما لا دليل على وجوده! ولذلك فإنه متى دخل العقل من الباب، خرج الإيمان من النافذة!

الإيمانُ أو عدم الإيمان، كلاهما شعور يعكس ردة فعل الإنسان تجاه ما يراه وما يسمعه..، تماماً كالخوف والحب والبُغض! ولا يملك الإنسان أن يُحدد شعوره أو يُقرره أو يرفضه، .. بل يجده أو لا يجده!يمكن أن يؤدي الخوف، والشعور بالضعف والهزيمة، إلى الإيمان بأي شيء- بحثاً عن أمل، وطلباً لإنصاف وطمأنينة مفترضة! وربما كان ذلك هو السبب الذي جعل كل الأديان تعزف على أوتار الترهيب والترغيب – في مخاطبتها للبشر.!

إذا كانت الكُتُب المقدّسة التي أوجدت أو فرضت الإيمان، لا يفهمها إلا قلة قليلة من البشر ..، إذن فهي موجهة لهم دون غيرهم، وهي بذلك حُجّة عليهم لا على سواهم!

العدل يقتضي أن تكون المحاسبة والعقاب والجزاء، لأولئك الفقهاء وحدهم، ولا معنى لمحاسبة الأتباع الرعاع- غير القادرين على فهم الكتب المقدسة!

لماذا يتم الحديث عن الإيمان والمؤمنين بهذه الصورة وهذه الجرأة، وبما يُشبه الطعن والتهجّم.!

لأن التواصل والتعامل مع البشر لا يكون إلا من خلال العقل!

ولأن الإيمان لا يلتقي مع العقل، بل لا يكون الإيمان إلا على حساب العقل دائماً!

وبذلك يُصبح من غير الممكن التعامل مع المؤمن وفق بديهيات العقل – إلا فيما ندر من الأمور، ومع البعض لا مع الكل!

فإذا كانت الحيوانات تسير وفق برنامج إلهي أو طبيعي ( يُسمَّى الفطرة)، فإن المؤمن يسير وفق برنامج بشري (يُسمَّى الفقه)! فالمؤمن هو كائن بشري مُبرمَج، لا يحتكم إلى العقل، بل يتصرف وفق برنامجه المسبق، والذي تتغير خصائصه حسب إعدادات وأيديولوجية وأهداف واضع البرنامج ..الفقيه أو المذهب أو الطائفة، …الخ!

والمتحدث عن الإيمان بهذه الصورة، هو – عادة – إنسان طبيعي يحتكم إلى العقل في تعامله مع البشر، ووجد نفسه مضطراً للتواصل والتعامل الرسمي واليومي مع المؤمنين، ووفق مقتضيات الإيمان!

ولأن الإيمان يخلق أُناساً غير أسوياء! يستكبرون بإيمانهم على غيرهم، ويترفعون بإيمانهم عن القوانين البشرية التي تُنظِّم علاقاتهم بالآخرين..،

تجد المؤمنين يمنون بإيمانهم، فينتظرون – بل ويطلبون – من الآخرين تقديرهم وتقديمهم على سواهم في كل الميادين، ومقياسهم الوحيد في ذلك هو إيمانهم..، كأنهم يؤمنون نيابة عن بقية البشر! كأن إيمانهم سيُدخل الآخرين الجنة!
كأن الإيمان درجة دنيوية، توجب على الآخرين تفضيل المؤمن وتمييزه عن سواه بغض النظر عن سلوكه وتخصصه وقدراته! كأنهم يقولون إن المنطق والقانون والذوق العام وحقوق الآخرين..، كلها ينبغي أن تتلاشى أمام إيمانهم!

كأنهم يؤمنون بإله قومي قبلي عشائري عنصري، يتحيز لبعض خلقه على حساب بعضهم الآخر!

كأن للمؤمن فضل في أعناق الآخرين بسبب إيمانه! كأن الإيمان ليس شأناً فردياً شخصياً وعلاقة خاصة بين المؤمن وما يؤمن به! على الرغم من أنه لا أحد يُمكنه الجزم بصحة إيمانه وقبوله، إلا أن المؤمنين - لاسيما المسلمين – يضعون الإيمان مقياساً لتقييم البشر، وللتفاضل بينهم، حتى داخل المؤمنين – حسب الطوائف والمذاهب والمدارس الفقهية!

وكلهم يشتركون في الاستهزاء واللامبالاة بالقانون الوضعي الذي يُنظم حياة البشر، لأنهم يعتقدون أن العبادات كفلت لهم الجنة، وأن الدعاء يكفل لهم حل المشاكل والأزمات الدنيوية ..، فباتوا يعتقدون أنه لا حاجة بهم للالتزام بالقوانين الوضعية، ولا حاجة بهم لاحترام الآخرين..، مما جعل الفوضى والعبث والسطحية والرياء، وأحياناً حتى الخبث والخداع والخيانة والتآمر، هي من صفات مجتمعات المؤمنين عادة، إلا ما نَدَر!

0 تعليق:

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ