face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الجمعة، 24 أغسطس 2012

التصميم الذكيّ vs الإنتخاب الطبيعيّ ..!! (2)

2 تعليق


"يقول الناس التصميم الذكي، ينبغي أن ندرس التصميم الذكي . انظروا إلى جسد الإنسان، هل ذلك ذكي؟ لديك آلة معالجة نفاية متموضعة بجوار منطقة استجمام! "
                                                                                               روبن وليامز فيلم Man of the year


في القرون الوسطى، و قبل أن يكون هناك ورق ، كانت تصنع المخطوطات في اوروبا بالكتابة على الرقاع، صفحات من جلد الحيوان المجفّف . ولأن إنتاجها كان صعباً ، أعاد كثير من كَتَبة القرون الوسطى استعمال الكتب القديمة بكشط الكلمات القديمة والكتابة على الصفحات النظيفة من جديد .هذه المخطوطات المعاد تدويرها تسمي "  Palimpsests  اي  "مكشوطة مجدداً". 
و رغم ذلك  بقيت آثار رقيقة من الكتابة الأقدم . لتكشف عن دور هام في فهمنا للعالم القديم .فكثير من النصوص العتيقة في الحقيقة  اصبح معروف لنا فقط بالتطلع أسفل طبقة الكتابة الفوقيّة التي تغطي الكلمات الأصليّة، ربما أشهر هذه المخطوطات المكتشفة هي مخطوطة أرخميدس، ُ كتِبت أولاً في القسطنطينية في القرن العاشر الميلادي ثم تم كشطها وكتِب فوقها بعد ثلاثة قرون لاحقة كتاب صلاة من قِبل كاهن ، في عام  1906 تعرّف عالم كلاسيكيّات دنماركي علي النص الأصلي لأرخميدس ، ومنذ ذلك الحين استعملت اشعة X للكشف عن مثل هذه المخطوطات المعاد تدويرها أنتج هذا  العمل ثلاثة أبحاث رياضيّة لأرخميدس مكتوبة باليونانيّة القديمة. اثنان منهم كانا مجهولين سابقاً وهامان على نحو ماس في تاريخ العلم ، بمثل هذه الوسائل تمكنّا من الإطلاع علي الماضي وكيف كانت الحياة حينئذِ 
التطوّر كمثل هذه النصوص القديمة، فالكائنات ببساطة تشبه المخطوطات التاريخيّة معاد كشطها، ومن خلالها يتضح لنا التاريخ التطوري ، فضمن أجساد الحيوانات والنباتات توجد مفاتيح لأسلافها المشتركة ، عبارة عن مفاتيح تعد شهادة على حقيقة التطوّر، من خلال موضوع سابق بعنوان "التصميم الذكيّ vs الإنتخاب الطبيعيّ " نجد أنّ الكائنات ليست بذات التصميم الجيّد تماماً، فأيضاً يظهر الكثير منهم عيوباً هي علامات لا تدل على مصمم سماوي {تصميم ذكيّ }، بل على{ التطور} . في هذا الموضوع سنوضح بعض الأمثلة التي تبيّن حقيقة التطوّر من ناحية  ، وعدم وجود موّجه أو مصمم أو قوّة ما عاقلة ذكيّة او واعية أو اياَ ما تكون  ، وهذا يتضح جليّاً من خلال السمات الخاصة "أعضاء أثرية "، التي يكون لها منطق (فقط) كبقايا سمات كانت قديماً مفيدة في سلف ما في الماضي ، ثم أعاد تدويرها . فنجد أحياناً "تأسل" أي عودة إلى صفات الأسلاف تنتج بالانبعاث اُلمُجَدّد العَرَضيٌ لجينات سلفية أُسكِتَت منذ زمن بعيد .
اليوم لأننا يمكننا قراءة تسلسلات الحمض النووي مباشرة، نجد أن الأنواع هي أيضاً مخطوطات تاريخية أحيائي جزيئية معاد كشطها : ففي جينوماتها كُتِب الكثير من تاريخهم التطوري ، فمثلاً الفقدان التطوري للعيون الذي حدث في أسلاف الفأر الخلدي الأعمى في منطقة شرق البحرالمتوسط ، وهو قارض طويل إسطواني ذو أرجل قصيرة غليظة، يشبه قطعة سجق مكسوة بالفرو ذات فم صغير.



 يقضي هذا الكائن كل حياته تحت الأرض . ومع ذلك فلا يزال يحتفظ بأثر عين، عضو صغير قطره مليمتراً واحداً فقط ومخبأ بالكامل تحت طبقة حامية من الجلد . لا يمكن أن تصنع العين المتبقية صوراً . يخبرنا الدليل الجزيئي أن منذ حوالي ٢٥ مليون سنة ماضية ، تطورت الفئران الخلدية العمياء من قوارض مبصرة، وعيونهم الضامرة تشهد على هذا السلف . لكن لماذا تبقى هذه البقايا على العموم؟ تظهر الدراسات المعاصرة أنّها  تحتوي على صبغيات رؤية حساسة لمستويات منخفضة من الضوء، وتساعد على تنظيم إيقاع نشاط الحيوان اليومي . هذه الوظيفة المتبقية ، مقادة بكميات ضئيلة من الضوء النافذ إلى تحت الأرض، يمكنها تفسير استمرار العيون الأثريّة . أما الخِلدان الحقيقية، التي ليست قوارض بل ثدييات آكلو حشرات، قد فقدت على نحو مستقل عيونها،
محتفظة بعضو أثري مغطى بالجلد فقط . يمكنك رؤيته بدفع الفرو الذي على رأسه جانباً.
على نحو مماثل، في بعض الثعابين الحفارة تكون العيون مخبأة على نحو كامل تحت الحراشف . الكثير من حيوانات الكهوف كذلك لها عيون ضامرة أو مفقودة . هذا يتضمن سمكاً مثل سمكة الكهوف العمياء، وعناكب، وسلاماندرات، وجمبري، وخنافس . هناك حتى جراد بحر اعمي لا يزال لديه سويقتي العينين لكن لا عينين فوقهما.


هنا يجب علينا ان ننظر إلي من كافة الجوانب ونتسائل مع هؤلاء الذين يدّعون التصميم والقوالب المقولبة والمُعدّة سلفاً لماذا يوجد  هذا ؟ الجواب : لا يُسأل عمّ يفعل وهم  يسألون  "الحقيقة أن العيون الأثرية شائعة جداً ، فالعديد من الحيوانات، بما في ذلك الحفارون وقاطنو الكهوف، تعيش في ظلام تام، لكننا نعلم من بناء الأشجار التطورية أنهم انحدروا من أنواع عاشت فوق الأرض وكان لها عيون وظيفيّة .
،ولان العينان عبء عندما لا تحتاجهما -بطبيعة حال العيش في الظلام - . فهما يستهلكان طاقة للبناء، ويمكن أن يجرحوا بسهولة . بالتالي فإن أي طفرات تؤيد فقدانهما ستكون مفيدة بجلاءٍ عندما يكون هناك ظلام لا يمكِّن من الرؤية تماماً . بشكل اختياري، يمكن أن تتراكم الطفرات الوراثية المقللة للرؤية طالما أنها لا تساعد ولا تؤذي الحيوان ولكن الحقيقة هذا لا يدل علي مصمم ولا تصميم ذكيّ ، هذا لا يعد كونه مجرد تطور أدي إلي تصميم سيء .
وما أعنيه بـ (التصميم السيء ) هو مفهوم أن الكائنات لو كانت من تصميمِ مُصمم استعمل قوالب البناء الحيوي من الأعصاب والعضلات والعظم وما إلى ذلك لما كانت لديهم مثل هذه العيوب . التصميم الكامل كان سيكون حقاً علامة على مصمم ذكي . إن التصميم المعيب هو علامة التطور، في الحقيقة هو ما تتوقعه بالضبط من التطور . لقد تعلمنا أن التطور لا يبدأ من رسمِ تصميم كما سبق في الموضوع السابق  .بل  تتطور الأجزاء الجديدة من القديمة، ويحتاج إلى العمل على الأجزاء التي قد نشأت من قبل فعلياً . بسبب هذا، ينبغي أن نتوقع تسويات بعض السمات التي تعمل على نحو جيد تماماً، لكن ليس كما ينبغي لها، أو سمات كجناحي الكيوي لا تعمل على الإطلاق، لكنها بقايا تطورية. هناك مثالاً جيّداً يوضح لنا بصورة أفضل وهو السمك المفلطح Flounder  كمثال(سمك موسى)هناك حوالي خمسمائة نوع من السمك المفلطح: الهلبوت، وسمك الترس ، وأقربائهم . كلهم يوضعون في رتبة Pleuronectiformes وهي كلمة تعني (السابحات جانبيّاً )، وصف هو الأساسي لتصميمهم البائس .فالحقيقة أن هذه الأسماك المفلطحة تولد كأسماك تبدو عادية تسبح رأسياً، مع عين متوضعة على كلا جانبي الجسد فطيري الشكل  لكن بعد ذلك بشهر ، يحدث شيء عجيب غريب  تبدأ إحدى العينين في التحرك إلى الأعلى . إنها تهاجر على الجمجمة وتنضم إلى العين الأخرى على جانب واحد من الجسد ، إما اليمين أو اليسار، تبعاً للنوع . تغيّر الجمجمة شكلها أيضاً لتعزيزهذه الحركة، وهناك تغيرات في الزعانف واللون  في تناغم ، تميل السمكة على جانبها الجديد عديم العين 


نتيجة لهذا كلا العينين تصيران بالأعلى . إنها تصير ساكنة قاع البحر مسطحة مموهة تفترس الأسماك الأخرى .
عندما تحتاج إلى السباحة، تقوم بذلك على جانبها . السمك المفلطح هو أشهر الفقاريات اللامتماثلة الجانبين في العالم.في الحقيقة إن أردت أن تصمم سمكة مفلطحة، لما كنت فعلتها بتلك الطريقة . لكنت أنتجت سمكة تشبه المزلجة،مسطحة من الميلاد وتنام على بطنها، ليس واحدة تحتاج إلى إنجاز التسطح بالنوم على أحد جانبيها، محركة عينها، ومشوهة جمجمتها هذا ما يمكن ان يصممه المصمم العادي ، فما بالك بالمصمم مطلق القدرة الذي يتغنّون به ؟




 . لقد صُممت الأسماك المفلطحة على نحو سيء. لكن التصميم السيء يأتي من ميراثهم التطوري. إننا نعلم من شجرة عائلتهم أن الفلاوندر ككل الأسماك تطوروا من أسماك عادية متماثلة ، لقد وجدوا أنه من المفيد الميل على جوانبهم والاضطجاع على قاع البحر، مخبئين أنفسهم من كلٍ من المفترِسين والفرائس . هذا بالتأكيد خلق مشكلة العين السفلى ستصبح عديمة الاستعمال وسهلة الانجراح . لحل هذا، أخذ الانتخاب الطبيعي السبيل المُتعرج { لانه بالاساس غير خاضع لاي إلزام اي ليس تحت أي إلزام ان يكون العضو الذي يتم تطويره ممتازاَ ، بل يطوّر كائنات جيّدة للبقاء وليس كما لو أن مهندساً صمم شيئاً من الصفر ! } أي ان هذا الخيار هو المتاح نقل عينها، هذا غير تشويه جسدها. 


تعج أجسادنا ببقايا أخرى من السلف الرئيسي. فلدينا ذيل أثري: العصعص، أو النهاية مثلثية الشكل لعمودنا الفقري، إنها مصنوعة من فقرات مستقلة مدموجة معلقة أسفل أحواضنا . إنها ما تبقى من الذيل الطويل المفيد لأسلافنا.


   


ذيل أثري وآخر تأسلي. في اليسار بالأعلى: في أقاربنا الذين لهم ذيول، كالليمور أو الهبار المطوق Varecia variegata ، إن فقرات الذيل (في المؤخرة ) غير مدموجة أول أربع فقرات مرقمة بـ C1 إلي C4 لكن في "ذيل " الإنسان، أو العصعص (في اليمين بالأعلى )، فإن الفقرات المؤخرة مدموجة لتشكل بنية أثرية . في الأسفل : ذيل تأسلي لطفل إسرائيلي عمره ثلاثة أشهر .
 اشعة X على الذي (في الأسفل باليمين ) تظهِر أن الثلاث فقرات المؤخرية أكثر مبراً وتطوراً جيداً عن الطبيعي، غير مندمجة، وتقارِب حجم  الفقرات العجزية المرقمة بـ S1 إلي S4   . 

  إنها لا تزال لها وظيفة (بعض العضلات المفيدة مرتبطة إليها )، لكن تذكر أن أثريتها لا تشخص بعدم فائدتها بل لأنها لم يعد لها الوظيفة التي تطوّرت أصلاً لأجلها . على نحوٍ معبر، فبعض البشر لديهم عضلة ذيليّة أثريّة (العضلة الباسطة العصعصيّة )، متطابقة للتي تحرك ذيول القرود والثدييات الأخرى. إنها لا تزال متصلة بعصعصنا، لكن بما أن العظام غير قادرة على التحرك، فإن العضلة غير مفيدة .ربما يكون لديك واحدة لكنك لا تعرفها حتى.
هناك عضلات أثرية أخرى تصير ظاهرة في الشتاء، أو عند مشاهدة أفلام الرعب . هذه هي العضلات ناصبة الشعر، عضلات ضئيلة متصلة بقاعدة كل شعرة من شعر الجسد . عندما تنقبض يقف الشعر، معطياً إيّانا "نتوآت إوزيّة "، تسمى هكذا بسبب تشابهها مع جلد الإوزة منتوفة الريش . لا تقوم النتوآت الإوزية والعضلات التي تسببها بأي وظيفة نافعة ، على الأقل في البشر . أما في ثدييات أخري فهي توقف الفرو للعزل عندما يكون الجو بارداً، وتجعل الحيوان يبدو أكبر عندما يقوم بالتهديد أو يتلقاه . فكر في القط، الذي يتشعث فروه عندما يكون الجو بارداً أو غاضباً . تنتج نتوآتنا الإوزيّة الأثريّة بنفس المنبهات : البرد أواندفاع الأدرينالين.
مثالاً أخيراً : إن كنت تستطيع ليّ أذنيك، فأنت تثبت التطور . إننا نملك ثلاث عضلات تحت فروة رأسنا المتصلة بآذاننا . في معظم الأفراد هي غير مفيدة، لكن القليل من الناس يمكنهم استعمالها لليّ آذانهم هذه هي نفس العضلات المستعملة من قِبل حيوانات أخرى كالقطط والأحصنة لتحريك آذانهم هنا وهناك، مساعِدة إياهم على تحديد مواضع الأصوات . في هذه الأنواع، يساعد تحريك الآذان على كشف المفترسين، وتعيين مواقع صغارهم، وما إلى ذلك. لكن في البشر هذه العضلات جيّدة فقط للتسلية.
وأخيراً فإن التغير التطوّري حتى من النوع الكبير يتضمن دوماً -تقريباً- إعادة تشكيل القديم إلى الجديد .فأرجل الحيوانات البرية هي تغييرات على الأطراف القوية للسمك السلفي . عظام الأذن الوسطى الصغيرة للثدييات هي إعادة تشكيل لعظام الفك لأسلافهم الزاحفيين . أجنحة الطيور معدلة عن أرجل الديناصورات .والحيتان هي حيوانات برية ممطوطة صارت أطرافها مجاديف وتحركت مناخيرها إلى أعلى الرأس.ليس هناك سبب لكي يقوم مصمم ذكي أو قوّة عاقلة واعية بتشكيل الكائنات من نقطة انطلاق، مثل مهندس معماري يصمم مباني، وينبغي عليه عمل نوع جديد بإعادة تشكيل ملامح الموجودة، كل نوع كان يمكن أن يبنى من المرتبة الدنيا إلى العليا . لكن الانتخاب الطبيعي يمكنه فقط العمل بتغيير ما هو موجود فعلياً . فهو لا يمكنه إنتاج صفات جديدة من العدم : تتنبأ نظرية التطور -إذن-أن الأنواع الجديدة سوف تكون نسخاً معدلة من القديمة يؤكد السجل الأحفوري بإسهاب هذا التنبؤ.ولهذا التطوّر حقيقة علميّة واقعيّة ، والكثير من الأمثلة تدل علي تطوّر عشوائي لا يمكن ان يكون موجه من قبل اي كائن خارق . 


_References  _
why evolution is true   by : jerry coyne