face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأحد، 17 مارس 2024

زادهم الله عِلماً، أم زادتهم بساطتنا جُرأةً؟

0 تعليق


- سيتحرر البُسطاء من ذهولهم ويستيقظ الغافلون من إغمائهم، عندما يُقرُّ رِجال المؤسسات الدينية في كل الأديان والطوائف، بأن فتاواهم واجتهاداتهم وتفسيراتهم، لا تعدو أن تكون وجهات نظر بشرية، لا قداسة لها ولا مجال لإثبات صحتها، وأنها ليست حُجَّة للبشر أمام الإله وليست مُلزمة لهم باسمه!
 - عندما نستحضر حقيقة أن مَنْ اعتاد سماع: زادكم الله عِلماً؛ كَبُر عنده وعزَّ عليه سماع: ربما كُنتَ مُخطئاً! ونحن نُدرك بالطبع، أنَّ ضعف الضعفاء ليس ميداناً لقياس قوة الأقوياء، وأن ذهول البُسطاء لا يجعل المُحدِّثين والناقلين علماء! 
سنتصور المشهد كاملاً، فمَنْ اعتاد سماع المديح والثناء، صَعُبَ عليه سماع النقد والهجاء؛ ومَنْ اعتاد تصدير النصائح وإصدار الأوامر، استنكف عن قبولها وأَنِفَ عن سماعها من سواه؛ ومَنْ اعتاد حياة الأوهام بطعم الأحلام، صار أضعف من أن يعيش حياة الواقع بطعم الحقيقة! 

 إن أحداث التاريخ التي غاب شهودها واندثرت شواهدها، وأمور الغيب التي لا مجال لإثباتها أو نفيها..، لا يمكن أن تُثبت حيالها شهادةُ البشر للبشر عِلماً أو تنفي عنهم جهلاً! 
ما مجال عِلم الفقهاء؟ إنه التاريخ الذي اندثرت شواهده، والغيب الذي استحال إدراكه فانتفت إمكانية إثباته! منذ أن كانت وسائل الإعلام والإطلاع والاتصال والتواصل شبه معدومة، كانت هذه المفارقة العجيبة تؤرق الكثيرين، وربما لا تزال! ذلك أن كل مَنْ اعتلى المنابر وتقدَّم الجُموع باسم الدين – أي دين وأي طائفة – لا يكاد يُكمل كلامه، سارداً رواية تاريخية أسطورية خرافية – من درجة ما بين الحقيقة والخيال، أو مُبدياً وجهة نظره الشخصية في أمرٍ غيبي – ظني- لا يملك البشر الجزم بصحته من عدمها؛ لا يكاد ذلك الإنسان يُكمل كلامه، حتى يبادره ويغمره الحضور، بالقول: زادك الله عِلماً! وكأنهم كانوا يعلمون مسبقاً أنَّ ما سيقوله عِلمٌ، وأنه من عند الإله – دون تحليل ودون تحقق من مصادر المعلومات وسلامة الفهم! وقد كان، وربما لا يزال الجميع يتجاهلون سؤالاً يطرح نفسه صارخاً: مَنْ يُقيِّم مَنْ؟ وما مرجعية الجميع؟ ما دليل السائل والمستمع على أن ما يقوله هذا الخطيب أو ذاك المتحدث باسم الدين، هو عِلمٌ، وأنه من عند الإله، حتى يشهدوا بصوابه، ويطلبوا له المزيد "زادك الله عِلماً"، ويقبل هو منهم ذلك متباهيًا زاهيًا بشعبيته من البُسطاء، وتأييد الضعفاء له! أليس جهلهم بما يقول، هو ما ولَّد لديهم الذهول؟ فهل جهل العوام وذهول البُسطاء، يجعل من المتحدث البليغ عالِماً جليلاً! هل يحمل الفقهاء بين أيديهم آيات عِلمٍ، عليها إمضاء الإله، كي يُقال لهم: زادكم الله عِلماً؟ أم إن اطِّلاع البشر على ما كتبه بشرٌ مثلهم، وإلمامهم بآراء من سبقوهم، يمنحهم شهادة القداسة، ويجعل منهم عُلماء سماويين إلهيين لا تجوز مراجعتهم ونقدهم! هل أنجز هذا الشيخ أو ذاك، بكلامهم، شيئاً عملياً مُدرَكاً محسوساً مُقاساً، يمكن تقييمهم من خلاله؟ أو هل تحقق ما يُثبت صحة إيمانهم – كقبول دعائهم مثلاً؛ فصَلُحت معيشة الناس أو اهتدى حُكامهم لما يُريده الفقهاء، أو توحدت أُمَّة أو تحررت أرض أو انهزم أعداء، أو …؟ أم إن كل ما فعلوه هو أنهم قالوا كلاماً منمقاً ساحراً، لامس ضعف الضعفاء وخاطب عواطف البُسطاء، دون أدنى دليل على صحته، وهو ذاته ما يقوله أمثالهم في كل الأديان والطوائف الأخرى، وهم جميعهم يدَّعون العلم الغيبي، ويتبادلون الاتهامات بالجهل والكفر والتدليس! فمِن أين لهذا الشيخ من هذا الدين وتلك الطائفة، ومن أين لأتباعه، أن ينفوا صفة العِلم والتقوى عن عالمٍ آخرٍ– من دينٍ آخرٍ أو طائفة أخرى، أو يُثبتوها لأنفسهم؟ أم إن المعادلة الفقهية، هي أنه إذا تناقضت وتضاربت أفكار وآراء الفقهاء، وعجزوا عن إقناع بعضهم، يتم إخضاعهم لآراء البُسطاء – كلٌّ حسب طائفته وعرقه ومكانه وزمانه -، فمن حصل منهم على شهادة البُسطاء له ( زادك الله علماً )، اكتفى بها، وعُدَّ عالماً في مجال الغيب، ناطقاً باسم الإله، يعلم مدخلات الجنة ومخرجات النار! عندما يتهم عالمٌ عالِماً آخر بالجهل والتدليس! فمن أين للبُسطاء التُبَّع ( في هذا الدين أو تلك الطائفة) القدرة أو الحق في أن ينفوا أو يُثبتوا اتهام ذاك العالم لهذا العالم..، هل يكون المعيار هنا هو: انصر فقيهك مُخطئاً أو صائباً؟ أليس المقياس الطبيعي والبديهي لتمييز وإثبات عِلم الإنسان من جهله، هو مواجهته لأمثاله وأنداده في مجال تخصصه، وحصوله على شهادتهم له بالعلم أو بالجهل؟ وبافتراض أن البُسطاء والجهلاء هم أقل من أن يُدركوا هذه الحقيقة، أفلا تُحتِّم الأمانة على العلماء أن يُقرّوا بأن تعدد الأديان والطوائف والمذاهب واختلافها إلى حد التناقض، وعجز العالم عن إقناع عالم مثله، أن ذلك يُبرر للناس تركهم ورفضهم جميعاً، حتى يُقنع أحدهم أو بعضهم بعضهم الآخر! ما هي حُجَّتك أيها التابع، وماذا ستكون إجابتك، إذا تبين أنك مُخطئ، وسُئلت عن سبب إقدامك على الأفعال والأقوال التي تُمارسها اليوم باسم الإله! هل تعتقد أن حُجَّتك شافية وأن إجابتك ستكون كافية، عندما تقول: إن الشيخ الفلاني قد أفتى بذلك! أليس الصواب هو الاحتكام إلى القواسم المشتركة بين عموم البشر، بدل الاحتكام إلى وجهات نظر متضاربة؟ كيف تعتقد بصحة ما يقوله فقيه (عالم) – من أي دين وأي طائفة-، وهم الذين عجزوا عن إقناع بعضهم، ولم يُفلحوا سوى في إقناع البُسطاء والضعفاء؟ ما الذي ألزمك بهذا الدين أو الطائفة أو فتوى هذا الشيخ دون غيره؟ ما هي معاييرك التي اخترت على أساسها الدين والطائفة والمذهب والفقيه؟ فإذا كُنتَ قادراً على التمييز والاختيار بين المذاهب وعلى تقييم الشيوخ، فإذن أنت قادر على الإفتاء! وإذا كُنتَ تعتقد بصواب إيمان التقليد والتلقين وعقيدة الوراثة، فأنت إذن تعتقد بصحة معتقدات وإيمان كل البشر – بمختلف الأديان والطوائف والمذاهب! وإذا لم تكن كذلك، فكيف تمنح طاعتك وولاءك، لمن لا دليل لديه يمنحه الحق في توجيهك؟ 

 تساؤلات تطرح نفسها، ووجهات نظر.. معلومٌ أنه، لو اعترفت الأديان ببعضها لانهارت جميعها – خاصة التوحيدية، لأنها تقوم على الأُحادية – أي أن كل دينٍ يقوم على إقصاء الأديان الأخرى ونفي صحتها؛ وذلك لأنها تتبنى الاعتقاد بوحدة الأصل الإنساني ووحدانية الإله المُوجِد؛ وهذا الاعتقاد يستوجب توحيد التشريعات والمعتقدات؛ وتلك مُعضلة الأديان والطوائف!
 - من القواسم المشتركة بين كل الأديان والطوائف، أن اعتناقها واستمرار بقائها لا يكون إلا عن طريق الوراثة والتربية والتلقين والترهيب والترغيب، أو بالإكراه المباشر، وذلك استغلالاً لضعف الفرد البشري، وحاجته الضرورية لجماعة بعينها في مراحل حياته الأولى، فاعتناق الأديان والطوائف ليس اختيارياً، واستمرار بقائها ليس طبيعياً ولا يستند إلى حُجَّة أو برهان- كما يزعم مُنظروها!
 - قاسم مشترك آخر، هو فشلها في إقناع البشر بحُجَّتِها وقدسيتها، بدليل أنه لم يبلغ عدد أتباع أيٍّ من الأديان نسبة 25% من البشر- في أي عصر من العصور – تقريباً! فإذا أخذنا عصرنا كمثال، وألقينا نظرة على واقع الأديان اليوم، وعدد أتباع كل دين وكل رسول على حدة، فسنجد أن كل دين هو صناعة بشرية، وكل رسولٍ هو كاذبٌ أو واهم، باعتقاد 80% من سكان الأرض- تقريبًا! فإذا أضفنا إلى ذلك، حقيقة أن جُل العلماء والفلاسفة والمفكرين، لا يعتنقون أيٍّ من الأديان، ولا يؤمنون بصحتها ولا برسالة رُسُلها! وحيث إن العِلم ورأي الأغلبية العددية، هي أصحُّ وأصدق وأنسب المعايير المتوفرة والمستعملة بين البشر، للحكم على صواب الأمور من خطئها، وهي ليست في صالح اعتناق أيٍّ من الأديان؛ نستنتج أن اعتناق الأديان يجب أن يوضع في إطاره وحجمه الصحيح، فلا يخرج عن كونه خياراً شخصياً؛ أو أنه نظرية تشريعية لإدارة الحياة الاجتماعية للبشر العاجزين عن إدارة شئونهم! ولعل ضعف الإنسان وثقافة التجهيل والتهويل والتخويف من المستقبل والمجهول، التي ينشأ عليها الفرد في المجتمعات الدينية، هي ما يمنع جُل البشر من التنقّل بين الأديان والطوائف- واستعمالها كمسوغ اجتماعي يوفر الأمن ويحقق المصالح الآنية! ولعل الحاجة وغياب الحرية هما ما يمنع الإنسان من التفكير في رفضها جميعاً – كخيار شخصي يُحقق الذات! أما التلميح إلى إمكانية التوفيق بين الأديان والطوائف، واحتمال إقرارها بصحة الإيمان وفق أيٍّ منها – وهي المختلفة إلى حد التناقض-، فإن ذلك لا يُقال إلا اعتماداً على سذاجة وعواطف وضعف البشر؛ إذ ليس ذلك سوى إقرار صريح بعبثية الأمر، أو هو مؤشرٌ على وجود اعتقادٍ ضمني لدى أتباع الطوائف والأديان باحتمال تعدد الآلهة أو مزاجية الإله الواحد! فهل هو باحث عن الحقيقة أو مالك لها، أو هل يكون عاقلاً وأميناً وصادقاً مع نفسه – قبل غيره، ذلك الذي يدعو إلى عبادة إلهٍ يجهل كُنهه وغايته، أو يشك في أُحاديته، ويدَّعي أنه قادر على معرفة مُراد الإله دون اتصال به، ودون نتائج محسوسة يُدركها ويفهمها الآخرون؟ حريٌّ بنا نحن البشر العاديين، أن نطلب ممن يدَّعون العلم ويحملون لقب عُلماء، أن يُقنعوا بعضهم بعلمهم، قبل أن يطلبوا منا الإقرار بصحة آرائهم! فالعالم مَنْ أقرَّ بعلمه أمثاله، وليس العالم مَنْ أذهل البُسطاء بمفرداته اللغوية وألهب مشاعر العوام بخُطبه العاطفية الحماسية!
 إن سذاجة المحسوبين على العُقلاء، هي مطية الواهمين وسلاح الطامعين وزاد العابثين؛ وهي بذلك أشد ضرراً على سلوك البشر وعلاقاتهم، وأخطر على الحقيقة من جهل الجاهلين!

الاثنين، 4 مارس 2024

فلسفة الأحلام وخيبة الأمل ..

0 تعليق


صحيح أن في كيان بعضنا من الأخطاء ما يكون في الصميم، فلا يكون إصلاحها ممكنًا ولا يمكن معها استمرار البقاء ..، كالأخطاء الهندسية في أساسات البناء، تلك التي تبرز ويزداد خطرها مع ارتفاع المباني، ولا تترك مجالاً لإصلاحها غير هدمها والفناء .. لكن ذلك لا يمنعنا من استخراج ما بالمُهدَّم من نفائس قبل هدمه! عندما نستيقظ متأخرين في الحياة، ونجد أنفسنا مكبلين، فلا نملك من وسائل ممارسة الوجود غير السمع والنظر والكلام .. ونشاهد أحلامنا وهي في طريقها لتصبح ذكريات حالم أو حقائق واهم .. عندها يملأنا إحساس صادق بأننا في عصر غير عصرنا، وعلينا مغادر المكان والزمان .. فنبحث في حنايا قلوبنا عن أقرب الناس إلى أرواحنا .. نجد أنفسنا نبحث بين الناس عمن يستحقون أحلامنا .. أولئك الذين كان وجودهم في حياتنا أشبه بتجسيدها .. نبحث عمن بنا حاجة لتركهم بسلام كحاجتنا للرحيل عنهم بسلام .. أولئك الذين نأتمنهم على أحلامنا ونأتمنها عليهم .. لنسلمهم بكل أمانة ومودة ووفاء وحب، كامل خبراتنا وما تبقى لدينا من رصيد الأمل .. كأنما بنا حاجة لبعث الحياة في أحلامنا من بعدنا .. كأنما وُجِدنا لضمان بقائها لا لتحقيقها .. هذا سبيلنا لنرحل بسلام .. ولعل بنا حاجة لذلك! فنقول لهم .. حذار أن يتسلل إلى وعيكم اليأس من بوابة الأحلام في ثياب الأحزان ووجوه الآلام .. حذار أن يخدعكم بحُجج الجراح ومستندات الأخطاء .. إن أخطاءنا ليست سوى علامات وجودنا .. وما جراحنا غير شهود إثبات حياتنا .. آلامنا دليل وجود آمالنا .. وما أحزاننا إلا مؤشر على حياة الحب فينا! النجاح في الحياة لا يعني خلوها من الأحزان والجراح .. فلسفة النجاح لا تتجسد في تحقق الأحلام .. فأحلام الإنسان أكبر من أن يسعها الزمان .. ذلك أن كل واحد منا يحمل داخله أرشيفًا جينيًا بأحلام كل البشر ..، يستعرضه فلا يرى لها نهاية .. يحتار أيها يختار، فيفقد الصواب .. فيفقد الأمل .. لكن هذه فلسفة الطبيعة في الإنسان! وما يبدو لنا في الواقع لغزًا محيرًا، قد لا نحتاج في الحقيقة لتفكيكه سوى لوقفة واعٍ والتفاتة مُدرِك .. إن كل واحد منا مهيأ سلفًا لكل الاحتمالات والصُدف .. هكذا اقتضى التطور الذي أوجدنا وميزنا عن سوانا .. أحلامنا التي تبدو على شاشة العواطف أمرًا يُربك الأذهان ويصارع الأيام .. حين نعرضها على شاشة الإدراك تبدو غير ذلك! إن مَشاهِدَ الأحلام تُعرَضُ على شاشة الخيال أمام الفكر، تمامًا كما تُعرَضُ على التلفاز مَشاهِدُ آلاف القنوات في لحظة واحدة أمام النظر .. تلك الأقمار والقنوات التي تبدو لنا وكأنما كلها تخاطبنا كلنا .. فيشعر كل واحد منا أن به حاجة لمشاهدتها جميعها .. بينما هي تخاطب كل الأذواق وكل الاحتياجات .. وتسعى بمجموعها لتحقيق أهداف متعارضة .. أهداف لا يمكن أن تجتمع مبرراتها في مخيلة فرد في ذات الوقت، ولا يسمح عمر الفرد ومعطياته بتجربتها جميعها .. فنختار من المعروض ما بمقدورنا مشاهدته ومتابعته وفهمه وتوظيفه لمصلحتنا .. لكننا نشعر بخيبة أمل مع كل مشهدٍ رائع نسمع به ولم نره .. في قناة موجهة لغيرنا .. لتصبح خيبة الأمل المفترضة تلك، حاجزًا يحجب عنا جمال المشاهد الرائعة في قنواتنا .. فنختزل أحلامنا فيما افتقدناه، ونفقد بذلك الاستمتاع بما كسبناه .. هنا نحتاج لوقفة الوعي والتفاتة الإدراك .. لنتذكر أن لاشيء يحمل قيمة في ذاته .. أننا نحن الذين نمنح الأشياء قيمتها .. حتى الحياة ذاتها نحن من يمنحها قيمةً أو يسلبها .. لنعرف أن من بين كل ما يُعرض أمامنا، يمكننا اختيار ما هو أنسب من سواه لنا .. بل ويمكننا جعله كذلك .. وأن عليه وحده ينبغي أن يكون تركيزنا وبه يكون اهتمامنا، لنجعل من متابعته وفهمه هدفنا .. ونجعل من رؤية غيره مجرد تسلية تمنحها الطبيعة لنا لسد أوقات فراغنا، ومتابعته وفهمه مسئولية غيرنا .. هنا نحتاج لوقفة الوعي والتفاتة الإدراك .. لنتذكر أن قيمة الذهب لا تنبع من مقاومته للصدأ، بل من سلبيته، من عدم تفاعله مع محيطه ! لنعرف أننا إذا أحسسنا أن بنا ميلاً للركض وراء لفت انتباه الآخرين، وانتظار إبداء إعجابهم بنا .. أننا بذلك إنما نسلمهم أمر سعادتنا دونما مبرر ولا اتفاق ولا ضمان .. إننا بذلك إنما نستجدي إعجابهم ليصبح شهادة إثبات لوجودنا .. وليس ذلك سوى عبودية مقنعة تسكننا .. علينا وبمقدورنا التحرر منها والانتصار لأنفسنا .. لا شيء أثمن وأفيد وأصلب من إقناع الذات بما هي! إننا حين نربط إحساسنا بوجودنا بأعداد المعترفين بنا، فإننا بذلك إنما نمنح الغرباء حق توجيهنا وإسعادنا وإتعاسنا ..، وليس ذلك سوى دليلٍ على أننا لا ننظر جيدًا للوجود من حولنا، فلم نُدرِك أن وجود أصدقاءٍ حقيقيين في حياتنا بعدد أصابع اليد، هو أكثر وزنًا في ميزان سعادتنا من إعجابٍ عابرٍ يبديه كل البشر بنا ..