face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الثلاثاء، 2 أبريل 2024

المحظور ما تحظره الطبيعة!



لا شيء في الطبيعة يحمل بذور الحظر والاستحالة
 ذاتيًا!
ما يحظره المجتمع على الأطفال، وما يبدو لهم مجهولًا ومستحيلاً، يُصبح ممكنًا ومعلومًا ومباحًا لهم، بعد بلوغهم النِصاب الطبيعي!
بعضهم يموتون صغارًا – قبل بلوغ النِصاب الطبيعي، فلا يُدركون أن الحظر كان مفتعلاً وأن الاستحالة كانت مزيفة ومرحلية..، وتلك صورة مُصغَّرة لمراحل وجود الكائن البشري في الطبيعة!

أجيال كاملة من البشر، دُفِنت وفي ذاكرتها أشياء وأمور لا تُحصى من تلك المُصنَّفة ضمن المستحيلات والمحظورات والمجاهيل الطبيعية، وهي في الحقيقة ليست مستحيلات ولا محظورات ولا مجاهيل بذاتها، إنما تلك الأجيال هي التي غادرت المسرح قبل زوال السحر أو قبل رفع الحظر الطبيعي والزائف عن تلك الأشياء، أو قبل بلوغهم النصاب الطبيعي من الوجود والوعي!

نِصاب الوجود الفعلي (المدة الزمنية)، ونصاب الوعي الطبيعي، ليسا مرتبطين ببعضهما، فقد يتجاوز الإنسان مرحلة الطفول العُمرية، لكنه لا يتجاوز مرحلة الطفولة من حيث الوعي، وبذلك يموت كما يموت الأطفال – غير مُدرِك لزيف الحظر والاستحالة – التي لقنوها له وبات يعتقدها، وهي التي لا وجود لها سوى في مخيلته ومحتوى ذاكرته المصنوع!

في علاقة الإنسان بالطبيعة، كل شيء مباح وكل شيء متاح وممكن!

الحظر والاستحالة في الطبيعة، عبارة عن حواجز تنظيمية مرحلية، أساسها ضعف الإنسان، وهي محظورات لا تستثني أحدًا من البشر، فإذا رفعت الطبيعة حظرها عن أمر، رُفع أمام كل البشر في ذات اللحظة من ناحية الطبيعة، ليبقى استمرار الحظر خاضعًا لرغبات وثقافات البشر واختلافاتهم، فيستفيد بعضهم من رفع الحظر، ويستمر بعضهم ملتزمًا بالحظر بعد رفعه – تطوعًا أو جهلاً أو توهمًا أو نتيجة لثقافة جامدة ألزم نفسه أو ألزمه غيره بها!

حظر أو منع بعض السلوك والممارسات بحُجة أنها هدامة، وأن الصواب الطبيعي هو البناء لا الهدم..، هي حُجَّة واهية وشعار زائف، وهو حظر بدافع الجهل والوهم، أو هو حظر لغرض السيطرة..، فالطبيعة والحياة في جوهرها وظاهرها قائمة على الهدم والبناء، وبالهدم والبناء ظهر الإنسان إلى الوجود..، ولم تكن الطبيعة والحياة يومًا بانتظار بعض البشر ليُحددوا لها مسارها أو مستقبلها!

بعض البشر يُفضِّلون فلسفة: أن الطبيعة تُبيح للإنسان المحظورات تدريجيًا؛

وبعضهم يُفضِّلون فلسفة: أن الإنسان يتطور وينتصر على الطبيعة تدريجيًا؛

آخرون يُفضلون الاعتقاد بأن الإله هو الذي يُدير شئون الطبيعة والإنسان!

والنتيجة واحدة، وهي أن ما كان محظورًا على الإنسان يُصبح مباحًا له، وما كان مستحيلاً يُصبح ممكنًا، وما كان مجهولاً يُصبح معلومًا!

والأهم هو أن يُدرك الإنسان ويُقر بأنه أعجز من أن يُغيِّر جوهر الطبيعة أو مسارها، فهو ليس جذر الطبيعة ولا لُبَّها، إن الإنسان مجرد إفراز من إفرازات الطبيعة التي اقتضتها مرحلة معينة من مراحل تفاعلات مكوناتها!

يُضيف القادرون والواهمون من البشر محظورات من عندهم إلى قائمة المحظورات الطبيعية، بما يخدم مصالحهم أو ينشر رؤاهم ومعتقداتهم وأوهامهم!

لكن المحظورات الطبيعية مؤقتة وينتهي مفعولها بشكل منطقي عندما يبلغ البشر نصابًا معينًا، بينما محظورات البشر المصطنعة على بعضهم، ليس لها نصاب طبيعي تنتهي به، لذلك يفترض الواهمون أن محظوراتهم طبيعية لكنها أبدية!

وعندما تتعارض محظوراتهم المصطنعة مع الواقع والمنطق الطبيعي، يلجؤون إلى فرضها بالقوة وتجاوز المنطق والطبيعة، بنسبتها إلى أسباب ومبررات افتراضية من خارج الطبيعة والوجود!

كانت الطبيعة تحظر على الإنسان الطيران في الفضاء والتنفس تحت الماء – مثلاً- في بداية وجوده، في حين سمحت بذلك للحيوانات منذ اللحظة الأولى لوجودها..،
ثم بعد مرحلة معينة من عمر الوجود البشري، سمحت الطبيعة للإنسان بممارسة سلوك الحيوانات من طيران في الفضاء وتنفس تحت الماء!

ولو أن كل ما منحته الطبيعة للحيوان بالأساس ولم تمنحه للإنسان، صار محظورًا طبيعيًا على الإنسان، لما كان للإنسان أن يطير وأن يغطس اليوم!

سؤال: لماذا تقبل البشر سلوك الطيران والتنفس تحت الماء واعتبروه إنجازًا، ولم يقل أحد بأن هذه ممارسات حيوانية بالأساس، ولا ينبغي للإنسان إتيانها - كما فعلوا ويفعلون مع الكثير من السلوك والممارسات الأخرى؟

السبب: هو أن هذه الممارسات، كانت مُصنَّفة ضمن المستحيلات، مما أغنى الكاذبين عن إدراجها في قائمة محظوراتهم المفتعلة؛
لكن لما أصبحت هذه المستحيلات ممكنة، ولم يعد بالإمكان إعادة تصنيفها ضمن المحظورات، صنَّفها ضمن الإنجازات – حفظًا لماء الوجه!

والسبب الأساسي لقبول الكاذبين والواهمين لهذه التطورات، هو تمكنهم من استيعابها واستفادتهم المباشرة منها، والأهم هو شعورهم بأنها لا تشكل خطرًا على قائمة محظوراتهم التي يستعملونها للسيطرة على البُسطاء والضعفاء من البشر!

بينما ممارسات وتطورات أخرى، مثل إمكانية التدخل العِلمي في خلق الإنسان - إنتاج بشر بمواصفات حسب الطلب، وهو أيضًا ليس موجودًا على قائمة محظورات الكاذبين والواهمين، لأنهم كانوا يضعونه على قائمة المستحيلات الطبيعية..؛ لكن لما تبين لهم أنه ممكن ولم يعد مستحيلاً، تراجع الواهمون عن تحديهم، وسارعوا لإضافته إلى قائمة المحظورات بتاريخ رجعي..، وذلك لأنهم لم يستوعبوه كما استوعبوا الطيران في الفضاء والتنفس تحت الماء، وأدركوا أنهم لن يستفيدوا من هذا التطور، والأهم أنهم شعروا بأنه يُشكل خطرًا كبيرًا، ربما يؤدي إلى انهيار كامل لقائمة محظوراتهم المفتعلة..، حيث إنهم لو قبلوا بالتحدي وسمحوا بالتدخل في خلق البشر، وخسروا الرِهان كما هو متوقع، فسيفتضح أمر الكثير من محظوراتهم ومخاوفهم المفتعلة، مثل الحرص على عدم اختلاط الأنساب، الذي لن يكون له أي معنى في هذه الحال..، بل هو من المحظورات المفتعلة والمخترقة بالفعل، فزواج المثليين وإنجابهم  أطفالاً بمساعدة طبية، حيث يتم الحمل والإنجاب في الأُسرة المكونة من امرأتين؛ وكذلك عملية " تأجير الأرحام" التي تقوم بها بعض
النساء بمقابل مالي لصالح الأزواج المصابين بالعُقم، وغيرها..
كل هذه الوقائع قد خرقت هذا الحظر منذ سنوات وأثبتت أنه حظر مفتعل، حيث لم يترتب على خرقه ما يُخالف الطبيعة..، فالآن توجد بنوك تحتفظ بحيوانات منوية يتبرع بها متطوعون، وتوجد
نساء تبيع البويضات وتؤجر الأرحام..، وفي هذه  الحالات لا يُعرف
نسب الأبناء من جهة الأب أو من جهة الأم عند زواجهم مستقبلاً،
وهي عملية قائمة وناجحة وزبائنها بالألوف!
ليست هذه محاولة لتبرير هذه الممارسات، ولا هي إشارة
لقبولنا لها نفسيًا، إنما القصد هو إثبات أن المحظور الحقيقي
والشرعي هو ما تحظره الطبيعة، وهو الذي لا يمكن اختراقه،
وما عداه من محظورات فهي محظورات مفتعلة، ما انفك الواقع
يُثبت أنه لا أصل لها، ومآلها إلى اختراق وزوال!
لكن، ما لا يزال محظورًا وما يبدو مستحيلاً حتى الآن، هو إجماع كل البشر على هذه الحقيقة!
الحقيقة هي أن كل ما هو محظور اليوم سيُصبح مباحًا غدًا،
وكل ما هو مستحيل اليوم قد يُصبح ممكنًا غدًا، وكل ما هو مجهول اليوم سيُصبح معلومًا غدًا!
وكل ما هو محظور في مجتمع، مباح في مجتمعات أخرى!
ومعنى ذلك أنه لا محظور حقيقي إلا ما تحظره الطبيعة، وكل ما يُبذل من جهود للمحافظة على قائمة المحظورات البشرية المفتعلة، لا يعدو أن يكون إهدارًا للوقت والجُهد، وتعبيرًا عن جهل، وافتعالًا لمآس مرحلية، واختلاقًا للاختلافات والخلافات بين البشر، ومزيدًا من الحروب والعداوات والضحايا والعذابات والآلام، التي لا معنى ولا أثر لها في المسار الكلي للطبيعة والمشهد العام للوجود!

0 تعليق:

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ