face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

الحياة موت بطيء والانتحار حياة سريعة!

3 تعليق


منطقيًا، لا مبرر لبُغض الموت، فكيف بتقبيح الانتحار! ما مبرر انتقاد الخروج المفتعل، والدخول قبله مفتعل؟ جل البشر يستقبحون الانتحار، لا لأنه موت، لكن لأنه موت مفتعل ..، موت يصنعه الإنسان وليس الطبيعة .. والحقيقة أن المنتحرين كذلك إنما يستقبحون الحياة ويستهينون بها لذات السبب، فقد تبيَّن لهم أن الحياة مفتعلة – يصنعها الإنسان وليس الطبيعة - وقد اتضح ذلك جليًا للكل في العصور الأخيرة، إذ أصبحت الحياة صناعة بشرية خَلقًا وممارسة، نشوءًا وتطورًا، ولم يعد للطبيعة ما يمثلها في حياة وكيان الإنسان ..، ولعله يكفي التذكير بأنه قد صار الإنسان اليوم هو من يقرر أجناس وأعداد البشر الجدد على الأرض، ومصائرهم! فكيف يكون الإنسان حرًا في صناعة حياة غيره، بينما لا يكون حرًا في صناعة موته هو، وهو الأمر الذي يمكن أن يصنعه حيوان أو حشرة أو غفلة .. الخ! إن البشر بحاجة لتوحيد معاييرهم بخصوص الحياة والموت وعلاقتهم بالطبيعة، لكي يكون رفضهم وقبولهم طبيعيًا ومنطقيا، وليكونوا هم ذاتهم طبيعيون! علاقة الإنسان التقليدية بفكرتي الحياة والموت، نابعة من علاقته المجهولة بالجزء الخفي من الطبيعة .. لكن الجزء الخفي من الطبيعة لم يعد خفيًا كما كان، بينما ظلت علاقة الإنسان بفكرتي الحياة والموت على حالها التقليدي، وهي مسألة وقت وستتغير كذلك 

 وظيفة رجل الأمن، هي الوظيفة الوحيدة المضمون بقاؤها حتى آخر الزمان .. تشريعات البشر موضوعة ضد فطرتهم، لذلك سيكونون بحاجة دائمة لرجال الأمن، وسيبقى رجال الأمن في حالة عمل متواصل إلى أن يفنى البشر أو تتغير تشريعاتهم .. تشريعات البشر يضعها ويقوم على رعايتها أناسٌ لا تُطبَّق عليهم، باعتبارهم هم من يُشرف على تنفيذها! فلسفة التشريعات تقوم على تقديس الحياة من جهة، وحرمان جُل البشر من أمور ضرورية للحياة من جهة أخرى، مما يضطر المحرومون إلى التمسك بالحياة من جهة، وتجاهل التشريعات وتجاوزها من جهة أخرى - تحت ضغط فطرتهم البشرية وحاجاتهم الحياتية، فيظهرون وكأنهم مذنبون ومجرمون، فيكتب عنهم الكاتب ويقرأ القارئ ويتحرك الشرطي ويتكلم عنهم السياسي ويدافع المحامي ويحكم القاضي .. الخ .. الكل في النهاية مشغول ويعتقد أن حياته مبررة .. وبذلك تدور عجلة الاقتصاد، وتبدو الحياة مبررة، وتستمر كما خطط لها واضعو التشريعات المستفيدون مرحليًا من استمرار الحياة على حساب الغافلين .. جل القوم واهمون، لكن المحرومين الممنوعين من الموت عقائديًا والممنوعين من الحياة واقعيًا، وحدهم من يدفع الثمن الباهظ بلا أدنى مبرر سوى الغفلة! 

لماذا نكتب عن الانتحار؟ ولماذا نبرره؟ لأننا عشنا بداية خديعة كبرى، أهدرت حياتنا بلا هدف، ونراها مستمرة، جعلت الوجود البشري مجرد مهزلة! عندما انتبهنا، وأحسسنا بشدة الألم وهول الفاجعة، رأينا أنه من واجبنا تنبيه غيرنا من أمثالنا، حتى لا يكونوا ضحايا لنهاية الخديعة كما كانوا ضحايا لبدايتها، ونحن لا نخاطب الواهمين والسطحيين! إنه وبعد مستوى معين من الوعي والإدراك، تصبح الكرامة جزءًا حقيقيًا من كيان الإنسان، وليس مجرد شعار أو قناعة عابرة يمكن تغييرها، .. أي أن كرامة الإنسان تصبح مقدمة على حياته! ولأن الوجود بلا غاية هو أمر لا منطقي ولا معنى له .. ولأن حياة جل البشر خالية من الكرامة .. لذلك لا نرى مبررًا لتجريم الانتحار، عندما يكون البديل هو حياة بلا كرامة، أو وجود بلا غاية! القول بأن الانتحار مُحرَّم إسلاميًا، هو قول مدحوض ، فليس الانتحار شِركًا، وكل ما دون الشِرك مغفور .. ولا ينتحر الإنسان إلا لأنه لم يعد يطيق الحياة، والله لا يكلف نفسًا إلا وسعها .. والكلام في هذا الشأن يطول وكله لصالح الانتحار .. والذين يُرعِبون الناس من فكرة الانتحار، ويدفعونهم لتحمل ألم وظلم وذل الحياة، هم الذين عليهم مراجعة أفكارهم ومعتقداتهم ..، إنا نراهم يقترفون إثمًا عظيمًا بأقوالهم وأفكارهم وفتاواهم ..؛ فكرامة الإنسان مقدمة على حياته في كل الأعراف والأديان والمعتقدات، ولا معنى ولا قيمة لحياة إنسان يمارسها مُكرَهًا دونما رغبة- يمارسها فقط اعتقادًا منه أنها مفروضة، وخوفًا مما بعدها ..؛ إن في ذلك تقوُّلٌ على الحقيقة كبير، فما حاجة الله بحياة إنسان هو يرفضها – بغض النظر عن السبب، والموت خبط عشواء، لا يخضع لمنطق، ولا يفرق بين مؤمن وغير مؤمن، ولا بين ظالم ومظلوم - من حيث عبثية أسبابه ووحشية وسائله ومآسي نتائجه أغلب الأحيان! - ليس صحيحًا نعت المنتحر بأنه هارب من مواجهة الحياة، فهو أساسًا لم يدخلها منافسًا ومتحديًا، بل هو إنسان كريم، لا يمكنه البقاء في مكان لا كرامة فيه، ولا شك أن قلب المنتحر خالٍ من الخوف من الموت، ذلك الرعب الذي يملأ قلوب الآخرين المتشبثين بالحياة! وليس صحيحًا القول بأن الوحدة هي سبب الانتحار، وبأن الوحدة بحد ذاتها مرض – مثل الاكتئاب! الوحدة والانطواء والحزن، عادة يكون سببها رفض الفرد للمجتمع بسبب الكذب والخداع والنفاق والعبثية والسطحية التي يتطلبها التواصل مع المجتمع! والرافضون لسلوك المجتمع، لا بد أن تكون لديهم خصوصية، ولا بد أن تكون لديهم بدائل كالكتابة، لتعويض التواصل مع الناس، كما أنه لا يمكن للإنسان أن ينقطع نهائيًا عن الناس، فلا بد أن يكون له تواصل بدرجة أو أخرى وبصورة أو أخرى .. فإذا كانت الوحدة سببًا للانتحار، فالسؤال ينبغي أن يكون عن سبب الوحدة، لا عن نتيجتها .. ما الذي يمكن أن يقدمه الطبيب النفسي للمكتئب؟ مجرد مهدئات ..، أي مخدرات لتخفيض الوعي، لكي تكتفي قوة الإدراك لدى المكتئب باجترار المعرفة المتوفرة لديه، فلا يتوق إلى آفاق معرفية أبعد! إن للانتحار مبرراته المنطقية المشروعة .. مبررات الانتحار ليست هي الفقر والظلم والألم ..، فالفقراء والمظلومون والمتألمون، ليسوا بحاجة لتبرير انتحارهم، بل هم بحاجة لتبرير حياتهم، وهم مجرمون مذنبون قطعًا ببقائهم أحياء أو أنهم غافلون! إن من أهم مبررات الانتحار هو انعدام مبرر الوجود! مثلاً .. إنسان يبني حياته على خديعة كبرى من الناحية العقائدية والاجتماعية والتاريخية والفلسفية .. الخ! ثم يستيقظ بعد فوات الأوان .. بعد أن يكون قد كبَّل نفسه بزواج وأبناء بسبب الخديعة، ولم يتبقَ له في الحياة سوى سنوات الحسرة والندم .. حينها حتى لو كان وجوده مبررًا، فإن استمرار حياته لا يكون ممكنًا! إن جل البشر مخدوعون، لكنهم أقل إدراكًا وشجاعة من أن يلتفتوا ليروا الخديعة، ولذلك هم ماضون في الحياة، حاملين على رؤوسهم مبررات الانتحار!