face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأحد، 24 سبتمبر 2023

الإنسان بين المأساة والوهم الكبير!

0 تعليق



هل البشر بحاجة لكشف حقائق مآسيهم، لأجل حلها؟ أم هم فقط
بحاجة للخروج من أوهامهم ليدركوا أنهم لا يعانون مآسٍ عصية على الفهم والحل كما يعتقدون، بقدر ما أنهم يقاسون آلامًا جُلها مفتعل، وبعضها ضروري لتبرير حياتهم واستمرارها؟ 
 
 المأساة هي كل واقع بشري مؤلم وغير مبرر منطقيًا، وغير معروف المصدر!
 

 وهم أو خطأ كبير، اعتبار الحياة والموت ثنائية! الحقيقة هي أن الحياة والموت بالنسبة للإنسان، درجات على سُلَّم الوجود، وليستا نقطتين! الحياة لا تبدأ عند الطفولة، والموت لا يبدأ عند الوفاة! الحياة بالنسبة للإنسان تبدأ عند الإدراك، والموت يبدأ عند فقدان الحرية والكرامة، وعند العجز عن الإبداع!
 

الوهم الكبير هو الاعتقاد بوجود أصل كوني لثنائيات الحق والباطل، الخير والشر، الصواب والخطأ، الهدى والضلال، .. الخ! الحقيقة هي أن هذه الثنائيات مجرد محاولات بشرية بدائية غير موفقة، وُضِعت للتقريب بين وجهات النظر المختلفة لفهم وتفسير وتبرير مأزق الوجود البشري! الموجود على الواقع ليست ثنائيات، بل فرضيات وتصورات لا حصر لها لكل واحدة من هذه الثنائيات، بما يعكس الاختلافات الطبيعية بين البشر وتضارب مصالحهم، ومعطيات وظروف كل حدث وكل حالة!
 

لعل الوهم الأكبر هو التصديق بأن كل البشر لديهم الرغبة لمعرفة الحقيقة والقدرة على مواجهتها .. فالواقع أن رغبة جل البشر في معرفة الحقيقة، يُقصد بها ضمان مصالحهم وتبديد مخاوفهم وتحقيق أحلامهم ..، وليس نتيجة مخالفة لذلك أو مجهولة!

أمثلة على الأوهام التي لا تكون إلا نتاج أُميَّة فكرية .. لا بد من أُميَّة فكرية، لكي نصدِّق نحن، ولكي يعتقد شخص عاقل مثل السيد إدوارد سنودن، بأنه قد اكتشف شيئًا جديدًا، بإبلاغه عن عمليات التجسس الأمريكية .. لا بد من أُمية فكرية لكي لا يُدرك السيد سنودن، بأنه لم يُخبر عن أمرٍ جديد، بل هو فقط خان الأمانة وأخبر عن تفاصيل أمرٍ معلوم مسبقًا، ومعمول به في كل دول وحكومات ومؤسسات العالم! 

لا بد من وضعهم في حالة موات فكري، لكي يقرر البؤساء الزواج وإنجاب تعساء، مع اعتقادهم بأن قرارهم وتعاسة أبنائهم كانت مشيئة إلهية!!
 

 نحتاج إلى أمية فكرية لكي نُصدِّق ونتابع بجد، أخبار محاربة الحكومات والمؤسسات للتهرب الضريبي في العالم، وننتظر القضاء على هذه الظاهرة الحتمية! فالعمل بحسب القانون، ودفع الضرائب بحسب القانون، يعني ببساطة أنه لا داعي ولا معنى للعمل! لأنه لا جدوى تستحق الجهد، يمكن انتظارها من أي عمل يتم وفق قانون ثابت! لذلك فإنه لا شيء قائم على المنطق الإنساني- لا العمل ولا القوانين! العمل قائم على إجادة فن الخداع، والقوانين قائمة على ادعاء محاربة الخداع! ببساطة لا توجد جدية لوقف الخداع .. لأن وقف الخداع يعني وقف العمل .. ووقف العمل يعني فضح خدعة تقوم عليها آمال البشر وأحلامهم .. أو أوهامهم التي هي سر تعلقهم بالحياة!

 لم تعد علاقتنا بالمشهد البشري مسألة قبول أو رفض، بل أصبحت مسألة تصديق وعدم قدرة على التصديق .. إننا أمام خيارين، إما عدم تصديق ما نراه، أو تغيير صورة الإنسان في أذهاننا لتتوافق مع الواقع!

 
إننا بحاجة إلى أُمية فكرية، لكي نصدِّق، بأن إنسانًا عاقلاً يسعى إلى السلطة، فقط ليترأس بشر مثله، وجلهم ضعفاء فقراء بُلهاء تعساء، ويعتبر فعله نجاحًا ومبعث فخر، ويعمل جاهدًا للمحافظة على بقائه أطول مدة ممكنة في ممارسة هذا الهراء وهذه الفضيحة الأخلاقية!

نحن بحاجة إلى أُمية فكرية لكي نُصدِّق بأنه كان هناك بشر بحاجة لظهور السيد جوليان أسانج وويكيليكسه، لكي يعلموا بأن السياسة ليست سوى لعبة كبيرة، وأن ملوكهم وحكامهم وسادتهم ليسوا سوى بشر عاديين مثلهم، يجهلون ويخافون ويكذبون، يخدعون ويُخدعون، يرشون ويرتشون!

 
 نحن بحاجة إلى سُبات فكري، لكي لا نُدرك أن جل القروض المصرفية إنما تُعطى لإنشاء ودعم مشاريع وشركات خاصة، تعمل بدون أرباح حقيقية ولمدة طويلة – بدعوى خلق فرص عمل، ثم تُغلق كل ملفاتها بمجرد إعلانها الإفلاس، لتحصل على قروض جديدة تحت أسماء جديدة، وتتكرر اللعبة!
 

نحن بحاجة إلى وهم كبير لكي نعتقد بضرورة أن يعمل كل البشر لكي تستمر الحياة أو لتحسين حياتهم، في المجتمعات الحديثة – مجتمعات الدولة والمواطن .. إنه كالاعتقاد بضرورة أن يكون كل البشر رسامين .. هو دفع للبشر وإكراه لهم على الكذب والتزوير والسرقة وممارسة البطالة المقنعة والإجرام .. إنه افتعال للحركة تبديدًا للسكون، منعًا لحدوث فراغ يطل منه السؤال ..

نحن بحاجة إلى سذاجة عميقة لكي نعتقد بعدم قدرة البشر على اجتثاث الفقر، فالأمر في غاية السهولة عمليًا، لكن هناك موانع منطقية، فالقضاء على الفقر يتطلب فضح خدعة تقوم عليها جل المعتقدات وتقوم عليها الدساتير والقوانين وكل المنظومات البشرية للحياة، وفضحها يعني إفراغ الحياة من مبرراتها الوهمية؛ ويمكن اكتشاف السر ببساطة من خلال ملاحظة أن أعداد المنتحرين في ألمانيا والسويد وسويسرا وأمريكا، هي أضعاف أضعاف أعداد المنتحرين من الفقراء المعدمين في الهند وباكستان وأفغانستان وأفريقيا وأمريكا الجنوبية والدول العربية والإسلامية!

إننا ولكي نُقر بوجود ما نراه في الواقع البشري، فإنه لا يمكننا إلا افتراض وجود لوبيات بشرية خلف كواليس العالم، تعمل على صناعة الأُمية الفكرية بين البشر، ونشرها والحفاظ على استمراريتها، لكي تتحكم نخبٌ في جموع بواسطة حمقى! لا بد من وجود أذكياء غير أمناء، يتوارثون الخبث كما يتوارثون السرية، يعملون على إيهام الحمقى بأنهم حكماء، وإيهام الضعفاء بأنهم أقوياء، والأذلاء بأنهم مكرمون، لكي يستمر وجود البشر مضحكًا  مبكيًا

الخلاصة ..
 الحياة مسرحية مقلوبة .. 
أعداد الممثلين فيها أضعاف أعداد المتفرجين .. 
المتفرجون يدركون أنها مسرحية .. 
والممثلون يعتقدون أنهم يعيشون واقعًا حقيقيًا!

الجمعة، 15 سبتمبر 2023

هكذا وَجدتُ الحياة والبشر ..

0 تعليق

 


حري بالإنسان أن يكون كتابًا لا ينطق إلا حين يُسأل .. لا مذياعًا يتكلم في غياب السامعين كما في حضورهم ..

القداسة الدينية مثل الحصانة الدبلوماسية .. لا تزيل عيوب البشر، هي فقط تعمينا عن رؤيتها أو تمنعنا من التصريح بما نرى .. حيثما رُفِعت الحصانة والقدسية، ظهرت العيوب جلية!

 طالما كان تعليم الإنسان، مسئولية إنسان مثله، فلا معنى للقول بمسئولية الأول عن معتقداته!

 البراغماتية هي أن تكذب أنت على الآخرين كذبة صغيرة بحجم الحدث كلما دعت الحاجة .. المبدئية هي أن تُصدِّق كذبة الآخرين عليك أو أن تكذب أنت عليهم، مقدمًا، كذبة واحدة كبيرة بحجم كل الأحداث القادمة ..

 العلمانية تعني حماية الدين من عبث البشر .. من أجل حماية البشر من سلاح الدين!

المقلدون وأتباع فقهاء الأديان، هم أُناس يستوردون قناعاتهم وسلوكهم من الخارج .. هم مجرد أسواق استهلاكية لبضاعة غيرهم الفكرية .. فإذا غيَّر المُصدِّر بضاعته، تغيَّرت بضاعة المستورد .. وهم بذلك أقل من أن يكونوا حاملي أمانة .. فهم مذنبون إن أخطئوا، ولا فضل لهم إن أصابوا!

 أن لا يكون الانتحار أحد خياراتك .. فذلك يعني أنك تقبل مسبقًا بكل ما هو ممكن من أجل الحياة .. بما في ذلك الكذب والظلم والغش والتزوير والخنوع وحياة الذل!

 لا معنى للحديث عن الكرامة والعدالة والإنسانية، في حياة تقوم على خادم ومخدوم من ذات الجنس! 

لا فرق بين الداعين للحياة والداعين للموت .. هؤلاء يريدون من يشاركهم ألم انتظار الموت! وأولئك يريدون من يشاركهم ألم اقتحام الموت!

 كل إصلاح عقائدي \ ديني، لا يمس لب القضية، لن يعدو أن يكون مذهبًا جديدًا يُضاف إلى قائمة مذاهب سابقة نجحت في تشتيت البشر وبث العداء بينهم .. المذاهب الدينية تولد كما تولد الأحزاب السياسية .. لب القضية هو أن كل ما لا يمكن إثباته عمليًا، ينبغي أن يوضع على قائمة الفرضيات لا قائمة الحقائق .. وهذا ما يتوقف دونه كل المجددين والمصلحين عادةً!
.. يوجد لدى فقهاء الأديان كلها وكلهم .. هواجس من الفكر لا توجد لدى غيرهم .. كأنهم يخشون أن يَخلق الفكر إلهًا أو شيطانًا غير الذي يعرفونه!

  نحن بالفعل بنا حاجة وجودية لتذوق الحزن .. ألسنا نمنح الأشياء في عقولنا قيمة بلا مبرر نعرفه .. لنحزن حين نراها في الواقع وهي خالية من كل قيمة! 
جُل البشر لا يجرؤون على فحص معتقداتهم .. خشية أن تكون زائفة 
. نحن مجرد كائنات حية كغيرنا من الكائنات .. ليس ثمة ما يميزنا وجوديًا بالقدر الذي ندعيه .. لا غاية عُليا وراء وجودنا طالما احتجنا لمن يقودنا .. لا يمكن لمن يحتفلون بأعياد ميلاد ملوكهم، أن يكون لديهم شعور بقيمة كونية .. لا يمكن أن تكون هناك غاية عليا من وراء وجودنا طالما أن تنافسنا البيني يُشعِرنا بالفخر والهزيمة!

. إذا دعوته للجنة، ورفض العاقل دعوتك وجب عليك التأكد من وجود جنتك! 
 إثباتًا ووفاءً للحب .. ربما يتوجب علينا إيلام أولئك الذين يحبوننا حقًا .. حين يقترب موعد رحيلنا .. لنُخفف عنهم ألم جرح الفراق! كثيرًا ما نسمع بوجود أشياء يستحيل وجودها في الوعي .. من قبيل .. وجود أبرياء يخشون عقاب إله عادل لا شيء يؤرق الصداقة كما تفعل بها الصراحة .. إنها امتحانها الحقيقي الذي يحول دون نجاحها عادةً الموت يُكرِّم الرائعين والعظماء .. والحياة تدفنهم أحياء! أن تتزوج زواجًا مباركًا دينيًا، يعني أن تُمارس الجنس دون متعة 
 إنسان يحتاج لمن يُذكِّره بشرفية الصدق وخسة الكذب، هو إنسان غير عاقل! 
 إنسان يقبل بمبدأ فعل الخير والصواب خوفًا من عقاب، هو إنسان أقل من أن يكون مسئولاً عن قناعاته! 
  حُجَر نوم الأزواج لدى الأُسر الدينية، ينبغي أن يتم تزيينها بصور رجال الدين .. إقرارًا بفضلهم في الترخيص لهم بالزواج .. وعرفانًا بدورهم في تعليمهم كيفية إشباع هذه الغريزة التي تشبعها الحيوانات دونما ترخيص ولا تعليم 

 الحياة والدين والسياسة .. أنجح وسيلة للدفاع عنها هو التعتيم الإعلامي على المعارضين ..  
أبسط فكرة هي اليقين .. إنه مثل النصيحة، حتى المتسول يمتلك منها الملايين .. لكن الشك لا يوجد خارجنا إلا عند الله .. ألم يُحدد لنا واجباتنا ولم يضمن لنا الجنة؟ ألم يُحذرنا من الشيطان ويُخفيه عنا؟
 الذي لا يضمن لي الجنة، ليس له أن يخاطبني باسم الله ... 
 أموت وبي رغبة شديدة ويائسة، لتذوق شعور أولئك الذين يمارسون الحياة طواعية وهم واعين، وليس الموت أحد خياراتهم المتاحة دائمًا .. هذا إن كان وجودهم ممكنًا! . 

 الإحساس باليأس مثل الإحساس بالسعادة .. ليس متاحًا لكل من امتلك أسبابه الظاهرة 
 ما يُسمَّى بالتفاؤل .. هو أمر غير ممكن بالنسبة لإنسان مُدرِك .. أن تكون متفائلاً وأنت مدرك، يعني أن تجعل من اللاشيء هدفًا لك، تحلم به وتشقى لتحقيقه ..  

 اثنان لا وجود لهما خارج خيال الواهمين .. عاقل يريد للحياة أن تكون بلا قيمة .. وساحر قادر على خلق غاية لما لا غاية منه ..

 إذا استيقظت ولم يكن بمقدورك إيقاظ الكل .. فلتتألم وحدك ولا توقظ أحدًا .. إن الحياة اليوم تعني التواصل مع الواهمين .. وإمكانية التواصل مع الواهمين لا تتجاوز تلك السنوات التي يمضيها العاقل واهمًا ..  أحيانًا لا يكون هناك مبرر جاهز للانتحار .. وأحيانًا يكون هناك مبرر للحياة .. 
 أنت تجاهل المنطق، وأنا أجعلك سعيدًا 
..
 الملهِم هو إنسان قال الكثير مما تهوى أنت سماعه ..  لكنه لم يُشبِع نهمك ..
 لا أحد يعرف ولا أحد يسأل .. سواهم .. لماذا يُجبَر المنتحرون على الموت سرًا أو بغتة؟ لماذا لا يُسمح بإقامة حفلات راقصة للانتحار؟ أليس الانتحار أشرف وأصدق وأكثر تبريرًا من جُل ممارسات البشر الأخرى؟ السبب هو أن البشر يريدون قتل آلامهم هم في الآخرين .. بانتحاره يقتل المنتحر آلامه هو .. وهذه خسارة لهم .. صُناع الثقافات يُقبِّحون الانتحار، ويدفعون الإنسان لفعل ما يبرر لهم قتله .. ليحصلوا على الشعور بفعل شيء .. إنها السادية في ثوب إنساني!  
 
 تفضيل الحياة على الموت كان سيبدو مفهومًا ومقبولاً، لو كان بأيدينا فقدان الوعي والذاكرة متى نشاء ...
 رأيتُ الحياة سؤالًا .. متى تمت أو استحالت إجابته، تَحتم شطبه

 لا يمكننا إلا الإحساس بفراغٍ يستوطن أفئدتنا .. يجوب وجداننا طليقًا .. حاضر في كل مناسباتنا دونما دعوة .. يؤلمنا حيثما مسنا .. ذاك مقام محجوز لأحباب مفترضين .. يمتلئ الفراغ ويمسي ألمه مداعبة .. بدخول أحدهم إلى حياتنا فجأة .. ذاك هو الحب ..  
 
 لا تنتظر صدقًا ممن يخافك ولا تستغرب كذبًا ممن يجهلك ..   إذا كنت مغرمًا به أو يُمثِّل لك شيئًا هامًا .. فلا تبحث عن مدلول مصطلح إنسانية، في قواميس الفلسفة والمعرفة والحقيقة والمنطق .. ابحث عنه في قواميس الأدب والمعتقدات ..

 من مواصفات الداعية والمُحاوِر الديني، أنه .. - لا يجد حرجًا أن تكون رسالته التعريف بما لا يعرفه .. - يسأل بالمنطق ويجيب بالاعتقاد .. - لا يُفرِّق بين تكذيب البشر لبعضهم وبين الكفر بالله .. - لا يُفرِّق بين رفض حُجَّته لضعفها وبين الكفر بالله .. 
 
 إذا اجتمع لديك حماس وقدرة وحاجة لفعل شيء .. فافعله بلا تردد ولا تأجيل ولا تبالي .. إنه إن يكن خطأ، فإن ألمه لا يُذكر أمام ألم الندم إذا تركك الحماس والقدرة، واستفردت بك الحاجة له ..
 
 كثيرًا ما يقال .. هذا شيء يستحق أن نموت لأجله! وهذه مغالطة .. لأن الأشياء لا يعنيها موتنا لأجلها .. الصحيح أن يقال .. هذا شيء لا يمكننا الحياة بدونه .. وهذا يعني أن هنالك أشياء أعلى قيمةً من الحياة وجوديًا .. بينما لا شيء يعلو الموت قيمةً .. لكننا ورثنا ثقافة تجميل الحياة وتقبيح الموت .. ولذلك نقبل حياةً قوامها الذل والكذب والتفاهة!   أن يُبتلى المرء بداء الرفض والقبول الخشبيين .. لهو خير له من أن يُبتلى بعافية طلب الأسباب .. هذا مرض يستحق أن يُحمد عليه أي إله .. وتلك عافية تبرر الكفر بكل الآلهة ..  
.
. من منا لا يعرف بعضهم أو قرأ لهم أو سمع عنهم .. أولئك الذين يكفي أن تستمر الحياة من بعدهم .. لنعرف أنها بلا معنى ..
 لماذا يلفت انتباهنا ويثيرنا كل بروز؟ لكُثر ما بداخلنا من فراغات وحُفر ..
 من البلاهة التعويل على إثبات الحقيقة غدًا .. لأناسٍ لا يتجاوز بحثهم عنها اليوم المفاضلة بين أوهام مكشوفة! 
  إعجابنا بالجمال خارجنا مجرد تغطية لقبح داخلنا .. إنه مثل تعلق بعضنا بالحيوانات والأطفال .. كلها مشاعر تبدو طبيعية بريئة في الظاهر .. لكنها في الحقيقة ليست سوى أصداءٍ لجراحٍ نازفةٍ في الأعماق .. ضعفاء نحتمي بالأمان المحيط بكل جميل وكل ضعيف .. أو أقوياء نُظهر تواضعًا يعكس تباهيًا بقوتنا .. التباهي بالقوة يعكس إحساسًا قاتلاً بهزيمة في الأفق ..
 كل مآسينا سببها تعريفات خاطئة لمفهوم الإنسان .. إنه لو تُرِك مفهوم الإنسان دون تعريف موحد زائف .. لحمل كل واحد منا تعريفه الحقيقي فوق رأسه .. ولاصطف المتشابهون كلٌّ في مكانه الطبيعي .. ولاختفت كل هذه المشاهد الزائفة .. وهذا الزحام .. ولظهر تلقائيًا الجواب الحقيقي لكل سؤال .. ومن  حيث ظهر السؤال !
 في الوعي نظن أننا نبحث عن أصدقاء .. لكن في اللاوعي نحن نبحث عن ذواتنا .. نبحث عن أقرب الناس شبهًا بنا .. نحن نريد أن نرى أنفسنا من الخارج .. كأنما نريد أن نتحقق من وجودنا ..  وربما لخشيتنا من أن يكون حقيقيًا!
 كل ما نقوله ونفعله في الواقع .. مجرد تكرار لمحاولات ثبت فشلها .. لشغل وعينا عما يشغله في الحقيقة! 

 بعد الفراق يتبادل الأحباب المَنَّ بالحب .. كأنما كان لهم فضل في حدوثه!

 لو أن طبيبًا ابتكر عقارًا لعلاج داءٍ ما، ثم جاء طبيب آخر من ذات التخصص وفي ذات المستوى العلمي، وشكك في فاعلية وفي سلامة هذا العقار، وحذَّر من مضاعفات خطيرة لهذا العقار .. فإن المنطق يقول والواقع يؤكد، بأن عموم الناس لن يتناولوا هذا العقار، حتى يُقنع المختصون بعضهم بجدوى وسلامة هذا العقار .. وفي جميع الأحوال لا يتناوله البشر حتى تتم تجربته على كائنات أقل قيمة من البشر .. وهذا بالضبط ما يقوله المنطق في حالة الطوائف والمذاهب الدينية .. لكن مع الأسف ليس هذا هو الواقع .. ولذلك يتألم الناس ويموتون في كل زمان ومكان بسبب تناولهم لأفكار دينية لم تحظَ بإجماع المختصين، فأصبحوا فئران تجارب لهذه الأفكار!  

 الموت بصورة عامة هو امتداد طبيعي للحياة .. لكن في حال الإنسان، ليس الموت مجرد امتداد طبيعي للحياة، بل هو بديل طبيعي لها حين تفقد الحياة طبيعيتها .. الحياة تفقد طبيعيتها عند درجات معينة من الألم والعوز والفراغ والعجز .

 الشجاعة في الفكر عادة ما تؤدي إلى الموت انتحارًا .. مثلما أن الشجاعة في القتال تؤدي إلى الموت قتلاً ..

 إذا عرفت من أنت وماذا تريد، عادةً يكون الوقت قد فات لتتذوق ما عرفت ..
 في الحياة لسنا مخيرين سوى في الموت وليس دائمًا ..   ليس بمقدورنا حب الجميع .. وليس بمقدورهم فعل ما يجعلنا نحبهم .. لكن بمقدورنا ترك من لا نحبهم وشأنهم .. ترك بعض الناس وشأنهم يكون باجتنابهم .. بمقدورنا ألا نكره أحدًا، لأننا لا نعرف حقيقة أحد .. ولأنه لا أحد يعرف حقيقة شيء، ولا حتى حقيقة ذاته ..
لم أرَ في حياتي قط رؤى العين عجب .. لكني قرأتُ يومًا ما هو أعجب من عجب .. قرأتُ مقالةٍ لمفكرٍ أحسبه يعرف اسمًا من لقب .. فإذا به حائرًا يطلب أسباب تردي حالة العرب .. أوشكتُ بادئ الأمر أن أجيبه بمنطق الغرب .. لولا أن تداركت أمري وأدركت ما يجب .. وجدتُ الصمت أبلغ جوابًا من الخُطب .. لسائلٍ يتعثر بالأسباب باحثًا عن سبب ..  

 إذا وجدت أحدهم يخاطب شعبًا كما يخاطب فردًا .. فاعلم أنه ضحية ثقافة لا صاحب فكر ..

لو عاش البشر حقيقة أنهم كائنات معزولة في كون خال .. لكانت حياتهم غير هذه الحياة .. كانت حياتهم ستكون أجمل .. كان وجودهم سيكون حقيقيًا ..

 أبشع ما صنعته المعتقدات الدينية بالإنسان، أن أوهمته بعدم حاجته لأخيه الإنسان .. 
 
 أعمق جرح ألحقته المعتقدات الدينية بالقيم الإنسانية، أن أفرغت الخير والصواب والحب من قيمها الوجدانية، إذ ربطتها في مخيلة البشر بحساب وعقاب وثواب .. لقد أفرغت بذلك حياتنا من كل قيمة .. وجعلت وجودنا بلا أي معنى ..  
الفرق بين الحياة والموت .. هو فقط حركتنا في قبور الحياة، واستقرارنا في قبور الموت ..  

 القول بأننا في القرن الواحد والعشرين، لا يعني أننا قد تقدمنا كثيرًا عن أسلافنا باتجاه الحقيقة .. إننا ما نزال لا نرى من الوجود إلا ما يرانا .. نُبرر قِصر القامة، ولا نُبرر قِصر الإدراك .. نمنح الموت الرحيم لمن نرى جراحهم ونعرف آلامهم .. ونمنعه عمن تخفى عنا جراحهم ونجهل طبيعة آلامهم .
 أن تعيش سعيدًا يعني .. أن تكون ثريًا بالمال أو فقيرًا بالفكر  كل مشكلة لها حل آخر غير الموت، عدا اليقظة المتأخرة!
علاقة البشر بالمعتقدات الدينية مقلوبة .. يحمونها بدل أن يحتموا بها .. ذلك لأنهم ليسوا واثقين من رسوخ قواعدها وصلابة  جدرانها

. جمال الحياة مبالغ فيه، وقبح الموت مفترض! لو تُرِكت الحياة جنب الموت حيث وضعتها الطبيعة .. لبدت قبيحة مثله، أو بدا جميلاً مثلها! ما يشدنا للحياة، هي زينة زائفة نحن من يفترضها .. لكننا نعلم أنه ما في جسد الحياة من موضع يخلو من قبح!  

 المعنى يُرى من خارجه لا من داخله .. ونحن في عصر قد تفتت فيه أغلفة المعاني .. قد تفسخت فيه الأشياء وانسلخت عن معانيها .. نوشك أن نجد أنفسنا أمام مكونات المعاني لا أمام معانٍ مُخلَّقةٍ يمكن إدراكها