face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأربعاء، 9 أكتوبر 2019

ليس الموت لغزًا ولا هو بمخيف!

0 تعليق




حب الحياة أمر طبيعي، لكن الفزع من الموت ليس أمرًا طبيعيًا! الموت أوجدته الطبيعة بذات المعادلة التي أوجدت بها الحياة .. الموت أوجدته الطبيعة كامتداد طبيعي للحياة بشكل عام، لكن في حالة الإنسان ككائن واعٍ قادر على صنع الموت للذات (الانتحار)، فإن الموت ليس فقط امتدادًا للحياة إنما هو بديل طبيعي للحياة عندما تفقد الحياة طبيعتها، وتصبح أمرًا آخر بين الحياة الطبيعية والموت الحقيقي في حال الشيخوخة والعجز والألم الشديد والعوز الشديد .. الخ! - هل صحيح أن البشر لا يستطيعون النظر إلى الحقيقة إلا من وراء قناع؟ الحقيقة المقصودة هي تلك المتعلقة بالوجود والحياة والموت! هنا طرحٌ، قوامه تفسير فلسفي، وتحليل منطقي واقعي، لمفهوم الموت ولعملية الموت والخوف من الموت، بالإضافة إلى مفاهيم البعث والحساب والعقاب والفناء والخلود! هنا طرح جديد، خاص ونوعي، نزعم أن فيه ما يُثبت أن الخوف من الموت هو خوف مَرَضي ثقافي زائف، وأن التخلص منه ممكن جدًا، ولكل من شاء!
حياة، موت، بعث، حساب، عقاب، خلود، فناء! هذه المفردات اللغوية، لا تشير إلى أشياء أو أمور محددة بذاتها، بقدر ما تشير إلى مفاهيم تاريخية مُشوهَّة ومضخمة ثقافيًا في مخيلتنا، بما يفوق حجم وحقيقة دلالاتها الواقعية بكثير، حتى أصبحت تُنسج حولها الأساطير، وتُشاع باسمها المخاوف والأوهام والأحلام، في الثقافات والمعتقدات البشرية! هي مفاهيم يتم تداولها بتفسيرات وتحليلات بدائية وثقافة مغلوطة لا أساس لها في الطبيعة والواقع- سواء عن قصد أو عن جهل -، بالنتيجة تم استغلالها لاختراق الوعي البشري عبر العواطف وحاجة البشر للاطمئنان، حتى بات معظم البشر يستبعدون فكرة وإمكانية التحرر منها، ويُفضِّلون التبعية لكل من يدَّعي امتلاك شيء من أسرار هذه النمور الورقية الجوفاء الخاوية الهشة! سنتناول هذه المفاهيم بالتحليل المنطقي الواقعي والموضوعي والطبيعي، وسندحض هيبتها المزعومة، وسنفرغها من محتواها الوهمي، حتى يتبين لنا كيف أنه يتم توجيهنا واقتيادنا عن طريق التعاطي مع أشباحها الثقافية والتاريخية، وأنها لا تُقدَّم لنا مباشرة كمعطيات طبيعية بسيطة – لا معنى للخوف منها ولا قيمة للأحلام المعقودة عليها!


- الخوف كصفة بشرية، هو شعور طبيعي مرتبط بالحياة! - الحياة التقليدية هي نقيض الموت التقليدي .. - الخوف من المرض، الخوف من الحروب، الخوف من التقدم في السن، الخوف من الفقر، الخوف من الفشل، الخوف من أي شيء هو عبارة عن صورة من صور الخوف من الموت! - هذا يعني أن زوال الخوف من الموت، هو زوال للخوف من كل شيء تقريبًا! - هنا أزعم أن زوال الخوف من الموت ممكن، ويتحقق بمعرفتنا لطبيعة الموت، لماهية الموت، لعملية الموت، ولما بعد الموت..، وكلها معارف ممكنة بنسبة كبيرة! سنتطرق ضمنًا لتعريف الموت وماهية الموت منطقيًا وواقعيًا، لكن سنبدأ وسيكون تركيزنا على خوف أو فزع الإنسان من الموت! الرهبة من الموت يمكن اعتبارها محل إجماع .. فلماذا يخاف البشر الموت؟ في الواقع، لو كان الخوف من الموت سببه فقط حُب الحياة، لاقتصر الخوف على صغار السن والمرفَّهين السُعداء، ولما زاحمهم عليه العجزة والبؤساء، ولكانت عمليات الانتحار أكثر من عمليات الولادة! ولو كان الخوف من الموت سببه الضعف، لاقتصر الخوف على الضعفاء، ولما زاحمهم عليه الأقوياء! ولو كان الموت مخيفًا في ذاته، لكانت الأسباب معلومة ومقنعة، ولما تجرأ أحد على الانتحار! الخوف من الموت، بحُجَّة الخوف من بعث وحساب وعقاب بعده، هو أمر لا يصح منطقيًا أن يكون سببًا لدى المؤمنين لأنهم مستعدون للبعث والحساب، ولا يصح لدى غير المؤمنين حيث أنهم لا يؤمنون بالبعث والحساب! بحسب هذا العرض، يبدو أنه لا يوجد سبب معلوم يجعل البشر يخافون الموت، لكن الخوف من الموت موجود! إذن، لماذا يخاف البشر الموت؟ نحن نفهم ونقدر حقيقة أنه حتى العلاقات الاجتماعية والصداقات الحميمة، والمُتع والملذات، والمشاهد الجميلة، والاكتشافات الجديدة، يمكن اعتبارها أسبابًا منطقية وعاطفية تدفع الإنسان لحب البقاء! لكن هذه المغريات والدوافع، ليست متاحة للجميع، وليست مغرية للجميع، ولا يفهمها ولا يتذوقها الجميع، في حين أن الخوف من الموت، هو قاسم مشترك بين الجميع، بغض النظر عن وجود أسباب من عدمها! لذلك نقول، إن ما نتحدث عنه هنا، وما نريد فهمه ومن ثم دحضه، ليس حب الحياة، إنما الخوف المَرَضي وغير المبرر من الموت، والذي يؤدي بالبشر إلى القبول بالحياة الرديئة والوجود البائس المهين! كذلك ما نريد فهمه ومن ثم دحضه، هي هذه الهالة المحيطة بمفهوم الموت ثقافيًا وعقائديًا، والتي تُترجم سلوكيًا وواقعيًا على شكل مفاجأة صادمة للبشر عند موت كل إنسان – خاصة القريب، والتي تؤدي عادة إلى البكاء والحُزن الشديد – حتى لو كانت العلاقة مع الميت قبل موته سيئة..، مما يعني أن السر في الموت وليس في الميت! في الواقع البشر يخافون الموت فُرادى، ولا يخافونه جماعات..، وكذلك تفعل كل الكائنات الحية! الإنسان منفردًا، يهاب دخول مكان مهجور مجهول ليلاً، لكن جماعة من البشر لا تهاب ذلك! الجماعة عبارة عن عدد من الأفراد، ودخول الفرد ضمن جماعة، لا يوفر له حصانة أكيدة من الأخطار التي يخشاها بمفرده، لكن وجود الجماعة يوفر له اطمئنانًا زائفًا، كافيًا لإزالة خوف زائف، هو خوفه من الموت! إن الخوف عمومًا، هو مُعطى طبيعي، مرتبط بالحالة الفردية، وأساسه غريزة الحذر من كل مجهول، وهو الحذر الطبيعي المصاحب للإحساس بالحياة! لكن لا معنى للحذر من الموت، طالما أنه قادم لا محالة، والصحيح والمنطقي هو أن نفهم الموت لنُبدد الخوف منه، أو نفهمه ليتحول خوفنا منه إلى شيء مبرهن ومبرر، وقد يكون الصواب حينها هو أن يبكي الإنسان نفسه حيًا، قبل أن يَبكيه الآخرون ميتًا! إن خوف البشر من الموت، له سببان أساسيان، واحد طبيعي، وآخر مفتعل! أما السبب المفتعل، فهو الخوف مما قد يكون بعد الموت؛ وهذا مصدره الشك والتردد والسطحية وعدم المصداقية، لدى المؤمنين ولدى غير المؤمنين بالبعث والحساب! الجماعات والمذاهب العقائدية الدينية، هي مؤسسات التأمين الوحيدة المتوفرة والمتخصصة في التأمين لما بعد الموت؛ وهي الوحيدة التي تفترض وجود مبرر للخوف مما بعد الموت، وذلك لكي تمارس نشاطها المتمثل في اجتذاب أتباع أو زبائن أو عمال أو جنود! ولأن الافتراض الذي لا يمكن اختباره لا يمكن دحضه، لذلك تكوَّن لدى أغلب البشر خوف مستمر مما بعد الموت، وهو ما يُفسِّر انتشار عقائد هذه المؤسسات، وسيطرتها على عقول البُسطاء! ولأن الموت هو سر استقطاب هذه المؤسسات للبُسطاء، لذلك كان من السهل عليها تجنيدهم لقتل الخصوم، وجعلت من الموت في سبيلها أعلى سهم ضماني لما بعد الموت؛ … فتجارتها تقوم على الموت بداية ونهاية! وحيث إن الخوف مرتبط بالحالة الفردية، لذلك نلاحظ أن أغلب البشر منضمون إلى جماعات عقائدية، وذلك لتبديد الخوف مما بعد الموت! لكن، ولأن الجماعة عمومًا، توفر الاطمئنان للفرد مع بقاء الخطر قائمًا- سواء من الموت أو من سواه..، لذلك نلاحظ أغلب البشر ينضمون لجماعات عقائدية، لكنهم لا يدفعون رسوم الانضمام ..، أي أنهم لا يلتزمون بشروطها وضوابطها! لماذا تُطالب الجماعات الإسلامية – مثلاً، بتطبيق الشريعة الإسلامية، .. أي تطبيق العقوبات والحدود على المسلمين؟ السبب هو عدم التزام المسلمين بشروط وضوابط جماعة الإسلام، التي وفرت لهم الاطمئنان! ولماذا لا يلتزم المسلمون بشروط وضوابط جماعة الإسلام؟ لأن انضمام الأفراد للجماعات العقائدية، ليس انضمامًا طبيعيًا واعيًا، إنما هو انضمام احترازي، بهدف الحصول على اطمئنان آني، يواجهون به الخوف النفسي الذي تكوَّن لديهم مما قد يكون بعد الموت- على أساس احتمال صحة ما تنبأت به هذه المؤسسات العقائدية! الجماعات الدينية هي التي افترضت ضرورة الخوف مما بعد الموت دون برهان، وهي التي افترضت سُبُل الخلاص من هذا الخوف دون برهان كذلك، ولذلك هي غير مقنعة للإنسان، لكن شيئًا من الخوف لا بد أن يحصل لديه، ولذلك يكون مترددًا، وانضمامه للجماعة غير حقيقي! الخوف الزائف يزول باطمئنان زائف، وهذا الأخير يتحقق بمجرد الانضمام لأي جماعة عقائدية، ولا يتطلب تدقيقًا في مصداقيتها ولا التزامًا بشروطها..، وذلك لأن الخوف مفتعل أساسًا وليس طبيعيًا، ولذلك يزول بانضمام مفتعل لأي جماعة عقائدية – بما في ذلك جماعة الملحدين! لهذا يُصرُّ القائمون على الجماعة الإسلامية (الإسلام)- وهم في الحقيقة نصَّبوا أنفسهم كقائمين على الإسلام..، يُصرُّون على مراقبة بقية المسلمين ومحاسبتهم ومعاقبتهم على عدم التزامهم بشروط الانضمام للجماعة، لأنهم ينظرون للمسلمين كمخادعين، تحصلوا على الاطمئنان ولم يدفعوا ثمنه – وهو الالتزام بشروط الإسلام! أما السبب الطبيعي لخوف الأفراد من الموت، فهو معلوم، ولا يقتصر على البشر، بل هو أمر غريزي موجود وفاعل لدى كل الكائنات الحية، لكن تأثيره لدى البشر أقل- بسبب وجود الوعي، ولذلك يُقدِم البشر على الانتحار ولا يُقدم عليه غيرهم! هذا السبب هو: رهبة التجربة الأولى! الكائنات الحية المتنقلة، التي تخوض تجارب متجددة طوال حياتها، تتولد لديها تلقائيًا رهبة من خوض التجربة الأولى في كل شيء جديد، وذلك كخاصية للحياة، وهي خاصية الحذر اللازم لاستمرار الحياة، والناجم أساسًا عن وجود أخطار ومجاهيل تهدد الحياة! والموت بالنسبة للفرد هو تجربة أولى دائمًا! التجربة الأولى التي تترتب على الموت، هي تجربة التحول إلى جماد؛ هي تجربة الوجود على شكل جماد..، وهذه هي ماهية الموت! بالنسبة للإنسان، التحول من حالة وجودية إلى حالة وجودية أخرى، هو تجربة أولى دائمًا، وهو أمر مخيف عاطفيًا وليس عقليًا أو منطقيًا! عندما يفقد الإنسان بشريته (عقله)، يكون قد تحول إلى الحالة الوجودية للحيوان (مجنون)! عندما يعود للمجنون عقله، لا يتذكر شيئًا مطلقًا من حالة الحيوان التي خاض تجربتها، وتعتبر المدة التي قضاها في الحالة الحيوانية، منطقة خالية في شريط الذاكرة! عندما يفقد الإنسان وعيه (موت سريري مثلاً)، يكون قد تحول إلى الحالة الوجودية للنبات (تنفس، تغذية بالسوائل، نمو بطئ، وبدون حركة)! عندما يعود للفاقد وعيه، فهو لا يتذكر شيئًا من حالة النبات التي خاض تجربتها، وتعتبر المدة التي قضاها في الحالة النباتية، منطقة خالية في شريط الذاكرة! عندما يموت الإنسان، يكون قد تحول إلى الحالة الوجودية للجماد! ولو أمكن عودة الإنسان من حالة الجماد (الموت)، إلى الحالة البشرية، فهو كذلك لن يتذكر شيئًا من حالة الجماد التي خاض تجربتها، وستكون المدة عبارة عن منطقة خالية في شريط الذاكرة! خوف الإنسان من الموت، يُعادل خوفه من الجنون، يُعادل خوفه من فقدان الوعي..؛ هي كلها مخاوف من التحول من حالة وجودية مألوفة لديه، إلى حالة وجودية غير معروفة له، وهي عبارة عن مخاوف من تجربة أولى! إدراكنا لطبيعة الموت، ولسبب الخوف منه، يُبطل العجب منه، ويجعله خوفًا طبيعيًا، أقل وطأة علينا من الخوف التاريخي الثقافي المصحوب بالمخاوف والأهوال! ولأن تجربة الموت هي دائمًا أولى وأخيرة، لذلك يبدو لنا الخوف من الموت وكأن له أسباب أخرى لا نعلمها، بينما في الواقع لا توجد أسباب أخرى منطقية وحقيقية للخوف من الموت، سوى رهبة التجربة الأولى! تجربة الموت تتكرر لدى الجماعات، ولذلك لا تخشى الجماعة الموت، بينما يخشاه الأفراد، لأن الموت تجربة أولى دائمًا بالنسبة للفرد! هذا هو مفهوم الموت، وهذه أسرار خوف البشر من الموت، وربما لاشيء غير ذلك مطلقًا! 


ما هو الخلود، ولماذا هو حلم لمعظم البشر؟ أنا أشعر، بأن الخلود هو الحماقة الوحيدة التي لم ترتكبها الطبيعة في حقنا! وأقول إن حُلم البعض أو رغبتهم بالخلود، إنما تبدو حقيقية وجادة بسبب يقينهم بأنها لن تتحقق، وأن الخلود لو أصبح ممكنًا فسيرفضه الكثيرون، ثم سيرفضه الجميع! أعتقد أن رغبة البشر في الخلود، مجرد تعبير عن بطء الفهم! فالذين يطلبون الخلود، هم فقط يريدون فرصة كافية للتأكد من أن المشاهد التي أمامهم مكررة ومؤسفة ومملة حقًا! الخلود المطلوب بشريًا، هو خلود خاص، وليس الخلود بمعنى البقاء وحسب! ولو كان الخلود المطلوب بشريًا، أمرًا واقعًا ومفروضًا، لكن في سن الشيخوخة وليس بحسب رغبة البشر، لكان الموت هو طلبهم بدل الخلود! والواقع، أن طلب الخلود، لا يمكن تبريره عقليًا، ولا يمكن قبوله عاطفيًا، وذلك حتى لو أصبح الخلود اليوم ممكنًا، خاصة بعد رحيل الكثير من الأحباب والأصدقاء الأعزاء! إن العقلانية والمنطق والعاطفة اليوم، لا تقتضي فقط عدم تمني الخلود، إنما تقتضي طلب الموت، لحاقًا بالأعزاء ووفاءً للأصدقاء، وذلك سواء أكان هناك بعث وخلود بعد الموت، أو لم يكن..، وهذا سبب آخر يُقلل من حِدة الخوف من الموت! هل الخوف من البعث والحساب حقيقة، وهل هو مبرر؟ لا شك أن الخوف في هذه الحالة – إن وُجِد، فهو خوف من العقاب، وليس من مجرد البعث والحساب! والخوف في هذه الحالة، لا يوجد إلا لدى المؤمنين بالبعث والحساب! معلوم أنه لا يخاف العقاب دون ذنب، إلا العبد أو الأسير، وفقط عندما يكون السيد أو الآسر ظالمًا! أما الإنسان الحُر، فهو لا يخاف العقاب إلا إذا كان مذنبًا متعمدًا! والإنسان الحُر، لا يرتكب ما يوجب العقاب، إلا في واحدة من خمس حالات – تقريبًا: - أن يكون غير طبيعي! - أن يكون غير مُدرِك بأن هذا السلوك مُجرَّم وممنوع! - أن يكون واثقًا بأنه سيفلت من العِقاب! - أن يكون مدركًا لحجم ونوع العقاب، ولديه استعداد لتحمله! - أن يكون مضطرًا لارتكاب الخطأ! وإذا كان هناك من يخشى البعث والحساب والعقاب، فهو لا بد أن يكون أحد هذه الحالات، وهي كلها لا تُبرر الخوف! إن الخوف من عقاب البعث والحساب، سببه أمران افتراضيان زائفان، هما: - أن يكون الإله مزاجيًا، ويمكن أن يفعل بالبشر أي شيء، دون الاحتكام لقواعد منطقية عادلة..، وهذا ما أجمعت المعتقدات على نفيه، وبذلك لا معنى لخوف المؤمنين، ولا وجود أصلاً لهذا الخوف لدى غير المؤمنين! - الخوف من طبيعة العقاب، حيث تتفنن بعض المعتقدات (شركات تأمين ما بعد الموت) في وصفه بأنه عذاب لا يُطاق..، وذلك لتبرير زيادة رسوم الاشتراك..، وهذا أمر غير ممكن، وهو محض افتراء وهراء وهلوسة وترهيب للبشر بُغية السيطرة عليهم، بحُجة إمكانية التوسط لهم لدى الإله! لكن، الإفراط في وصف العذاب، هو في الحقيقة انتقام لفظي آني، يُمارسه أصحاب المعتقدات ضد الذين كذبوهم ..، وهو لا يعدو أن يكون أُمنية لديهم، بُغضًا لأناس أبرياء، كل ذنبهم أنهم عقلاء، رفضوا القبول بتصورات بشرية لا دليل على صحتها! لعله من الأهمية أن نذكر هنا، أنه حتى أولئك الذين لا يؤمنون بالبعث والحساب، هم في الواقع يُدركون أنهم لا يملكون إثباتًا لصحة قناعاتهم، لكنهم مطمئنون أكثر من أولئك الذين يؤمنون بالبعث والحساب ويعتقدون أن لديهم وصفة النجاة! ومصدر اطمئنان غير المؤمنين، هو حقيقة أنهم لا يُنكرون أمرًا معلومًا، واعتقادهم بأنهم ليسوا بحاجة لافتراض وجود ما لا يعلمونه، وقناعتهم بأن تكذيبهم لبشر مثلهم لا يعني الكفر بإله يجهلونه! فإذا حصل بعث وحساب بعد الموت، فإنهم سيتكيفون معه حتمًا، كما تكيفوا مع البعث والحساب الذي هم فيه الآن، والذي تكيف معه كل البشر دون استعداد مسبق، وأصبح كثيرون منهم لا يريدون مغادرته، رغم أنه لم يألُ جهدًا في إيلامهم وإذلالهم وإخافتهم! لا تفسير لخوف حقيقي من أمر افتراضي، إلا الوهم! يُروى عن أحد الفلاسفة الملحدين، عندما سألوه: على افتراض حصول البعث والحساب، ماذا ستقول للإله، إذا سألك لماذا لم تؤمن بي كما آمن بي آخرون؟ فأجابهم: الأمر بسيط، سأقول له لم أؤمن بك نظرًا لعدم كفاية الأدلة أيها الإله! في الحقيقة، ليس أدل على أن تعاسة البشر مفتعلة، من بُغضهم للموت وهو الذي أوجدته الطبيعة لنجدة التُعساء! ما هو الفَناء، ولماذا يخشاه بعض البشر؟ أعتقد أنه لا يمكن استحضار شعور الخوف من الفناء، لأنه لا يبدو حقيقيًا .. ولذلك لا يوجد الكثير مما يمكن قوله حول مفهوم الفناء! فالفناء باختصار هو عبارة عن نوم متواصل بلا كوابيس مفزعة ولا أحلام كاذبة؛ وإذا كان شعور الخوف من الفناء له وجود حقيقي لدى بعض البشر، إذن ينبغي أن يكون لدى هؤلاء رُهاب من النوم، فالاختلاف بين النوم والفناء نسبي، وهو يميل لصالح الفناء