face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

السبت، 19 فبراير 2022

الوجوديّة الطبيعيّة !

0 تعليق




معلوم أن ممارسة الوجود هي سلوك بشري مرتبط بالوعي، ما يعني أنه شيء آخر غير ممارسة الحياة والتي هي سلوك غريزي يشترك فيه البشر مع كل الكائنات الحية! لكن، من أكبر العيوب الطبيعية الخلقية المصاحبة للوعي أو لممارسة الوجود، هو القابلية للتوجيه المعنوي، وهو ما يعني القابلية للانقياد للآخرين، وبالتالي القابلية للوهم! هذا العيب سببه ضعف طبيعي وضعف مفتعل! الضعف الطبيعي ناجم عن وجود مساحات كبيرة خالية ومعتمة، في الوعي البشري، تعكس عدم الإحاطة بحقائق كل الأشياء والأمور (طبيعة الروح، بداية الكون ونهايته، المستقبل، ما بعد الموت، ..الخ)! كذلك ينجم الضعف الطبيعي عن الإحساس بالهزيمة الحتمية أمام الكثير من الأشياء المكتشفة (الكِبَر، المرض، النار، الكهرباء، السلاح، ..الخ). وهذا الإحساس الحقيقي بالضعف الواقعي، يؤدي إلى حدوث الضعف المفتعل، متمثلًا في المخاوف من المجهول! الضعف المفتعل هو ضعف ثقافي الطابع وخيالي بالأساس! مثلاً.. معظم البشر يخافون الموت، ويتمنون الخلود، وكثيرون منهم يُبررون ذلك بخوفهم مما بعد الموت – سواء عقاب أو فناء! ومع أن الأمر لا يبدو منطقيًا، حيث لا معنى للمبالغة في الخوف من الموت، ولا معنى إطلاقًا للخوف من العقاب والفناء، ولا حاجة للحلم بالخلود! ملاحظة: هذه المفاهيم تطرقنا لها تحت العنوان التالي.. ( ( بُعْبع الأديان ، ليس لغزًا ولا هو بمخيف!).). لكن في الواقع تم استغلال هذه المفاهيم لتوجيه الوعي البشري، فأصبح معظم البشر يُمارسون وجودهم بإيحاءات خارجية، مرتبطة بهذه المفاهيم وهذا الخوف المفتعل! التفجيرات الانتحارية وما شابهها، هي عبارة عن ممارسة للوجود، بتوجيه عقائدي! ممارسة العبث دون شعور بالمتعة ولا اعتبار للنتيجة، والهيام اللا منطقي بممارسة سلوك ما، والارتباط العاطفي المفرط بالأشخاص والرموز..، كل ذلك وما شابهه، هي ممارسات للوجود بتوجيهات أيديولوجية (نظريات)! ما يهمنا هنا هو إيضاح الخيار الثالث، الطبيعي، والكفيل بتحصين الوعي البشري ضد التوجيه! أساس هذا الخيار هو تفعيل الإدراك الذاتي، والقبول بنتائجه باعتبارها طبيعية وتعكس اختلافات حقيقية بين البشر! البشر عمومًا من حيث ممارسة الوجود، هم مصنَّفون بالضرورة إلى ثلاثة أصناف: إنسان عقائدي، إنسان وجودي مؤدلج، إنسان وجودي طبيعي! - المعتقدات الدينية تدعو لإعادة الوعي البشري إلى حالة السكون الكوني السابقة للوجود، وكأن ظهوره كان خطأً بالأساس! - النظريات الوجودية تدعو لوضع الوعي البشري في مهب رياح الوجود المادي، وكأن أداءه المنطقي قد توقف مع فشل المعتقدات! الوجودية الطبيعية تتحقق برفع التوجيه عن الوعي البشري العام، وتركه ينمو ويتموضع في الطبيعة بحرية وبشكل تلقائي، ويختار ما يناسبه من المعروض الفكري المتنافِس في الساحات الخاصة! معلوم أن ذوي القدرات الفكرية الخاصة والكبيرة، ليسوا محصنين ضد الخطأ، لكنهم قادرون على توجيه البُسطاء بالصواب والخطأ، ولذلك كثيرًا ما تنتشر أفكار خاطئة، تؤدي إلى انحرافات سلوكية اجتماعية، ثم يتراجع عنها مُطلِقوها لكن بعد فوات الأوان، وبعد أن تُصبح موروثًا ثقافيًا بشريًا يصعب اجتثاثه! صاحب الفكرة يستطيع التراجع عنها، بينما المُوجَّه بها لا يملك القدرة على التراجع عنها..، ذلك لأن صاحب الفكرة طبيعي، بينما المُوجَّه لم يعد طبيعيًا! لذلك ينبغي أن تكون خطابات وحوارات المفكرين والفلاسفة والفقهاء، موجهة لأمثالهم، القادرين على كشف أخطائهم وصد توجيههم! إن المجال الفكري والفلسفي والتنظيري، هو ببساطة مجال للتنافس واستعراض المواهب كغيره من المجالات! - المعتقدات تُصوِّر الإنسان على هيئة مصيدة للخطايا، وساحة لتجارب الحُذاق! - النظريات الوجودية، تُصوِّر الإنسان على هيئة مادة وساحة مفتوحة للتجارب الذاتية! - الإنسان الوجودي الطبيعي، هو الذي يرفض كل أمر يخالف المنطق الطبيعي، بما في ذلك المصلحة! مثلاً .. المعتقدات الدينية تدعو إلى الأمانة والصِدق، لكن ليس من منطلق أن الأمانة والصِدق فضائل حري بالإنسان أن يتحلى بها، إنما من منطلق أنه على الإنسان أن يؤمن بأن الكذب والظلم والخِداع خِصال سيئة ينبغي محاربتها، وأن مصداق إيمانه هو أن يجعل من نفسه ميدانًا لمعركة يخوضها آخرون ضد الخطايا، تبدأ بجهله وتستمر ببؤسه وتنتهي بموته! ولذلك نجد المعتقدات تدعو للإيمان تحت الوصاية والترهيب والترغيب والتحقير، والاتهام القائم والشك الدائم، والمعاقبة المُهينة المُذِّلة – من أجل تحقيق فضيلة! إن مجرد الحاجة للاستعانة ببشر غير معصوم، لمراقبة ومحاسبة ومعاقبة وتوجيه بشر تائه، هو خلل أساسي كفيل بإفشال كل نظرية وكل معتقد! الفكر الذي لا يهدف أو لا يؤدي إلى تفعيل الإدراك الذاتي لدى البشر، هو فكر مرحلي، محكوم عليه منطقيًا بالفشل! النظريات الوجودية تقول إن ما تدعو له المعتقدات الدينية، ليست فضائل ولا قيمة لها ولا يمكن تحقيقها..، وهي محقة في ذلك نسبيًا، لكنها لم تطرح بديلًا منطقيًا! الوجودية الطبيعية، هي إدراك أن الأمانة فضيلة وذات قيمة، لكن الإطار الذي وضعته حولها المعتقدات الدينية، أظهر هذه الفضيلة على هيئة سلوك مرفوض فطريًا! الوجودية الطبيعية هي إدراك أن الصِدق سلوك بشري طبيعي، وأن الكذب خيار بشري اضطراري – سببه تحميل البشر المسئولية عن اختلافاتهم، والمبالغة غير المبررة وغير الواقعية في تكريم الكائن البشري، ما جعله يضطر للكذب كي يظهر بالصورة المثالية – العقائدية أو الفلسفية – التي لا نواقص بها – والتي لا وجود لها في الواقع! في الواقع لا أحد مُطالَب بفعل الصِدق، الجميع مُطالَبون فقط بعدم فعل الكذب! وطالما كان الكذب ممكنًا، يكون حديثنا وحوارنا مع مَنْ لا نثق بهم، هو مساهمة منا في فعل الكذب! الخلل المشترك بين المعتقدات الدينية والنظريات الوجودية، هو افتراض المساواة الفكرية بين البشر، وتجاهل الاختلافات الطبيعية، وتجاهل تأثير القوة اللا إرادية الكامنة فيهم! إن توجيه المختلفين، إلى اتجاه واحد، يعني توجيههم في اتجاهات مختلفة، وبلوغ نتائج مختلفة! ومخاطبة المختلفين، بخطاب واحد، يعني مخاطبتهم بخطابات مختلفة، وتحقيق أهداف مختلفة! لكن، مخاطبة المختلفين، بخطابات مختلفة بحسب اختلافاتهم، يعني مخاطبتهم بخطاب واحد، وبلوغ ذات النتيجة وتحقيق ذات الهدف – إذا كان ذلك هو الهدف! ليست الوجودية الطبيعية هي مجرد انتقاد الآخرين، إنما هي تفعيل النقد لديهم، لكي يشترك الجميع في تصحيح المسار! الوجودية الطبيعية هي إدراك أن تجاهل اختلافات البشر، أو تحميل البشر المسئولية عن اختلافاتهم، هو جهل مطبق، وهو سبب كل الانحرافات، وهو بمثابة دفع وإكراه للبشر على ممارسة الكذب واللا واقعية! دعوة البشر للإقبال على وجود يفتقر للمعنى، لا تختلف عن دعوتهم للعبث، ولا تختلف عن دعوتهم للانتحار دون سبب..؛ فهي حث لهم على السير دون تحديد اتجاه – ولذلك يتصادم البشر ببعضهم وبالأشياء وبالمآسي؛ هي تشويه لمشهد طبيعي بدعوى محبة الوجود البشري؛ هي توجيه وتدخل غير مبرر في وجود الآخرين – بما لا يُحقق لهم سعادة آنية ولا يكفل نتيجة مستقبلية! السبيل للخلاص من حالة الوهم والتوهان، هو ممارسة الوجودية الطبيعية! الوجودية الطبيعية هي البديل الطبيعي الواقع بين النظريات الوجودية المتطرفة وبين المعتقدات الدينية الساذجة والغير محصَّنة ضد سوء الفهم والاستغلال! كما أسلفنا، فإن الخلل المشترك بين المعتقدات الدينية والنظريات الوجودية، هو توحيد الخطاب بافتراض المساواة الفكرية بين البشر..، بينما في الواقع، الاختلاف بين البشر من حيث المقدرة الفكرية، هو كالاختلاف بين الصاحي والنائم! السطحيون، كالنائمين في دار تحترق، توشك النيران أن تلتهمهم، وآخرون يسعون لإنقاذهم، بينما هم غارقون في أحلامهم! المعتقدات الدينية تُخاطب الصاحي والنائم بذات الخطاب، فتعتبر صمت النائم بمثابة فهم وموافقة، وتعتبر تساؤل الصاحي بمثابة رفض ومكابرة! كذلك النظريات الوجودية تُخاطب الصاحي والنائم بذات الخطاب، فتعتبر صمت النائم بمثابة جهل، وتوهان الصاحي بمثابة استجابة! الوجودية الطبيعية هي التفريق بين المستويات الفكرية المختلفة طبيعيًا!

الرابحون على مقياس التنافس العكسي!

0 تعليق
مقياس التنافس العكسي، هو مقياس تحديد الفائز في تنافس البؤساء من أجل البقاء! وهو مقياس الواقع المُعاش، الذي يُبيِّن مقدرة البؤساء على التنازل عن حقوقهم الإنسانية للإبقاء على حياتهم الحيوانية! وقد حقق البشر نجاحات باهرة على هذا المقياس؛ حيث لم يعد البؤساء يتمسكون بشرط سوى شرط الحياة ذاتها- في سبيل الحصول على عمل أو سكن من أجل الحياة! فإذا أصبح الموت شرطًا أساسيًا للحصول على سكن أو عمل، فلا يمكننا الجزم بأن أحدًا سيقبل بذاك العرض- حتى الآن على الأقل! لكن طالما ظل الموت المباشر خارج الشروط، فإن لكل عرض زبائنه، بل إن صاحب العرض يحتاج إلى مقياس عكسي لتحديد الفائز بالعرض من بين المتقدمين- البؤساء المتنافسين تنازليًا؛ حتى أصبح البؤساء الفقراء أنفسهم مادةً ومجالاً لتنافس الشركات الكبرى، حيث تنقل مصانعها من دولة إلى أُخرى طلبًا للبؤساء الفقراء الذين يعملون ويعيشون على دولار واحد في اليوم- مثلاً..، وذلك في مشهد يُشبه تنقل البدو الرُحل بحيواناتهم وخيامهم من مكان إلى آخر طلبًا للماء والمراعي! وكما أنه يوجد من الأعشاب ما يتجاهلها البدو وترفضها حيواناتهم، فإنه كذلك يوجد بعض الأجناس من البؤساء الذين تتجاهلهم الشركات لأنهم يفتقدون للمهارة المطلوبة، فالقبول بالعمل مقابل دولار واحد في اليوم، ليس هو الشرط الوحيد للفوز على مقياس التنافس العكسي! وهنا أقول، ربما كانت الفطرة أو الغريزة، هي التي تقود البؤساء من البشر، إلى إلقاء المسئولية عن بؤسهم وفقرهم على عاتق الحكومات والدول! فالواقع أن البؤساء من البشر، قد تم تلقينهم بواسطة رجال المعتقدات، بأن عليهم أن يُنجبوا من الأبناء ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا- بمعزل عن أي حسابات للظروف والواقع والمعطيات! ولقَّنوهم أن يعتقدوا بأنهم إنما يُنجبون الأنباء بأمر الإله ولخدمته وطاعته وعبادته، وأنه يتكفل برزقهم! وبذلك تم تعطيل المنطق لديهم، فانقطعت العلاقة المنطقية الطبيعية بين عدد الأبناء والإمكانات المادية المطلوبة لتوفير حياة حقوقية إنسانية لهم! والمنطق هنا يقول، بأن تساؤل ولوم وعتب البُسطاء، كان ينبغي أن يتم توجيهه إلى المفتي لا إلى الوزير! فالمفتي هو الذي أمر بالإنجاب وتعهد بالرزق! إلا أن بساطة البُسطاء تظهر جلية هنا، حيث أنهم يتصرفون برؤى وفتاوى رجال المذاهب والمعتقدات، بينما يُحملون المسئولية عن نتائج تصرفاتهم للدول والحكومات! لكن صوت الفطرة يعلو هنا – لصالح البُسطاء، ليقول بأن مسئولية الدول والحكومات قائمة – وإن لم تكن مباشرة، عن فقر وبؤس هؤلاء الضعفاء! فمسئولية الدول والحكومات تأتي من سماحها لرجال المعتقدات بتعطيل المنطق لدى البُسطاء! إلا أن المراوغة والتنصل من المسئولية، تبقى أيسر من حملها! فالدول والحكومات والتشريعات، تعترف بوجود المشكلة، وتعلم أسبابها الحقيقية، لكنها تتعاطى معها كما تتعاطى مع البراكين والزلازل، وكأنها مُعطى طبيعي لا مناص من التعايش معه- وليست خطأً بشريًا يمكن تفاديه! ولا يوجد تفسير للسماح بحدوث هذه المأساة، إلا أن يكون البؤساء ضحية لتآمر الحكومات والفقهاء! فكانت النتيجة هي ما نراه اليوم في معظم بقاع الأرض، حيث نشاهد أعدادًا هائلة من البشر لديهم استعداد تام للتنازل عن كامل حقوقهم الإنسانية، في سبيل المحافظة على حقهم الحيواني- وهو حقهم في البقاء على قيد الحياة طيلة المدة الزمنية التي تُحددها الطبيعة..، تحت أي ظروف وبأي شروط! فمهما تكن ظروف السكن والعيش وشروط العمل مجحفة ومهينة، فإنه يوجد بين البشر من يُزاحم عليها- ما دام الموت المباشر والآني ليس من بين شروطها! وذلك بسبب الفيض العددي للبشر، الذي أنهك الموارد وأربك الشروط المطلوبة للحياة الحقوقية، الأمر الذي أدى إلى ظهور ما أدعوه هنا بالتنافس السلبي أو التنافس العكسي، وهو تنافس البشر في التنازل عن الحقوق – من أجل البقاء على قيد الحياة! فتكاثر البشر غير المقنن وغير المحسوب، أدى إلى تحولهم من أفراد إلى كُتل بشرية، وبذلك انعدمت الحقوق الفردية..، مما أدى إلى التعامل مع الضعفاء والبُسطاء كقطعان بشرية متساوية- لا كأفراد مختلفين! وبالمقابل، أدى ذلك بعموم البشر إلى اللامبالاة بالمسئولية الفردية..؛ حتى وصل البشر إلى ما هم عليه اليوم، وهو تحولهم إلى أبناء قُصَّر لدى ولي الأمر الثاني- الدولة والحكومة-، حيث إن ولي الأمر الأول هم رجال المذاهب والطوائف..، فأصبح البشر يُلقون بالمسئولية على الحكومات والقوانين، عن التقصير والفشل في كل كبيرة وصغيرة! ومن الطبيعي أنه عندما تتعامل الدولة- بالتشريعات والقوانين- مع الشعب بصفة عامة، كأبناء قُصَّر لديها، حتمًا سينظرون هم لها كولي أمر ظالم ومسئول عن كل شيء! والواقع أن هذه نتيجة لتلك، فالتنازل عن الحقوق، سببه التكاثر غير المحسوب! والتكاثر غير المحسوب، سببه الطاعة العمياء لرجال الأديان والمعتقدات! حيث أصبح الفقهاء بمثابة موظفين إعلاميين لدى الحكومات والأقوياء، وظيفتهم تحريض الفقراء والضعفاء على إنجاب المزيد من البؤساء! وأصبح الآباء بمثابة معامل ومختبرات لدى المذاهب والفقهاء، وظيفتها إنجاب بشر فقراء ضعفاء بؤساء، لتستعملهم الحكومات كجنود ويستعملهم الأقوياء والأغنياء كعبيد أو كأدوات للتنظيف وآلات لحراسة الممتلكات وأسلحة للحروب! فسيطرة رجال الأديان على البُسطاء، سببه خلل في القوانين والتشريعات، مسئولة عنه الدول والحكومات!