face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الثلاثاء، 1 مارس 2022

الواقع العقائدي والواقع الحقيقي!

0 تعليق



ما معنى أن يأمر إنسانٌ إنسانًا آخر، بالإيمان بالله أو بالاعتقاد بوجود الله، إذا لم يتحقق الإيمان في نفس الثاني؟ هذا يعني أن الآمر يعتقد بأن الإنسان قادر على صنع قناعاته بقرار، وقادر على تكييف عواطفه ومشاعره حسب رغبته وإرادته ..، ولا شك أن هذا مجرد هراء أو وهم أو مرض نفسي لدى الآمر، أو هي ذريعة زائفة لقتل البشر أو لاستعبادهم باسم الله! تقنية الاعتقاد والإيمان .. لا يمكننا أن نأمر إنسانًا بأن يحس بالحرارة، لكن يمكننا أن نجعله يحس بالحرارة – إذا وفرنا الحرارة، وكان هو قادرًا على الإحساس بها! لا فرق بين عدم وجود الحرارة، وبين افتقاد الإنسان للأعصاب والمجسات التي تحس بالحرارة، في الحالتين الإنسان لن يحس بالحرارة، وهو ليس مذنبًا بذلك ..، والمنطق يقول بأن الحرارة تعتبر غير موجودة، وهي والعدم سواء – بالنسبة لهذا الإنسان ..، إذ ليست العبرة بوجود الشيء فقط، لكن العبرة بقدرة الإنسان على رصده! ما كان البشر ليتحدثوا يومًا عن وجود الشمس والقمر والفرق بينهما، لو كان كل البشر يفتقدون لحاسة البصر! لا معنى لأن نأمر الأعمى بالاعتقاد أو الإيمان بأن الوقت في هذه اللحظة هو ليل أو نهار! المصاب بالبرد، يمكنه وصف إحساسه به، لكن لا يمكنه نقل إحساسه للأصحاء من حوله بتقنية الاعتقاد والإيمان! لا يمكن لإنسان أن يعتقد بأنه مصاب بالبرد، ما لم يكن مصابًا به فعلاً! إنه ولكي يكون الإنسان قادرًا على صنع قناعاته وأحاسيسه، ينبغي أن يكون قادرًا على تجاوز المنطق، ولكي يكون كذلك ينبغي ألا يكون طبيعيًا ..، أي ينبغي أن يتم تحويله إلى إنسان آلي، وحينها لا يكون هناك معنى لما يقوله ولا قيمة لما يفعله، وسيان قبوله ورفضه! الإنسان الطبيعي لا يقول إلا ما يجده في نفسه، ولا يمكنه أن يعتقد أو يؤمن بما يشاء أو بالإكراه والأمر أو بالإغراء! لو كانت المشاعر والأحاسيس والقناعات تحدث بالأمر والإكراه أو بالرغبة، لما حدثت عملية طلاق واحدة .. فسيكفي أن يؤمر الزوج بحُب زوجته وقبول سلوكها، وأن يُكره على الإيمان بجمالها – بغض النظر عما يراه أمامه، وأن تؤمر الزوجة بالاعتقاد بأن زوجها الفقير والمنحرف، هو رجلٌ صالحٌ وصاحب ثروة ..، لتتوقف بذلك كل الخلافات الزوجية ولا يحدث طلاق أبدًا ..، بحسب تقنية الاعتقاد والإيمان، يمكن ألا يكون هناك إنسان واحد غبي، بل سيتحول كل البشر إلى علماء وفلاسفة، حيث ستصدر الأوامر لكل البشر بأن عليهم الاعتقاد بأنهم أذكياء، وعليهم الإيمان أن بإمكانهم استيعاب كل العلوم وتصور كل الأفكار! ​كل المشاكل والخلافات البشرية يمكن حلها بهذه التقنية لو كانت هذه التقنية قابلة للعمل بالفعل! تقنية الاعتقاد والإيمان بما يخالف الواقع والمنطق هي التي جعلت العرب والمسلمين أبطالاً بلا إنجازات، متقدمين بلا تقدم، منتصرين بلا نصر، وعلماء بلا عِلم، وإخوة أشقاء متباغضين متحاربين! في الحقيقة لا توجد في الطبيعة إرادة مستقلة عن تأثير قوانين الطبيعة ..، وقوانين الطبيعة تعمل وتقرر داخل الذرات والخلايا، وما سلوكنا وممارساتنا سوى تجسيد أو تعبير مُكبَّر لعمل قوانين الطبيعة داخلنا وتأثيرها الخارجي علينا .. الخضوع لقوانين الطبيعة يعني عدم امتلاكنا إرادة مستقلة نصنع بها رغباتنا ونقرر عبرها مشاعرنا ونتحكم من خلالها في سلوكنا ..، وهذا هو الواقع الحقيقي!