face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الخميس، 16 نوفمبر 2023

العدم هنا، يُحدث الما لانهاية هناك!

0 تعليق




في ضوء ما نعرفه عن مفهوم وحقيقة الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يحدث من وقتٍ لآخر في هذا البلد أو ذاك؛
نعرف بأن الرقم واحد (1) من عُملةٍ ما، يمكن أن يحمل قيمة خيالية من عُملةٍ أخرى، كقيمة شرائية عملية – لا كقيمة عددية اسمية! 
فقيمة الأشياء تقاس إلى بعضها – لا إلى المطلق.
فإذا هبطت قيمة أشياء، فهي تتجه نحو العدم!
وبالمقابل تتجه قيمة مثيلاتها ومنافساتها نحو الما لانهاية! 
وبالمقارنة المنطقية والموضوعية، نلاحظ أن الأمر ذاته يتحقق في ساحة الآدميين!
فالذين ادَّعوا الألوهية والربوبية – رغم يقينهم بأن ادعاءاتهم ما هي إلا زيف مفضوح؛
وكذلك الذين ادعوا النبوة والاتصال بالغيب، ولم يأتوا بدليل، لأنهم في الحقيقة ليسوا أنبياء مرسلين، إنما هُم كاذبون وفي أحسن الأحوال هُم واهمون..،
كل هؤلاء إنما فعلوا ما فعلوا، لأنهم أحسّوا واستشعروا في أنفسهم قيمة لانهائية، قياساً إلى الخواء الفكري أو شبه العدمية أو السطحية المطلقة، التي لاحظوها ولمسوها في محيطهم البشري؛
وأرادوا التحقق من حدسهم، فكان لهم ما ظنوا وما أرادوا، بل وأكثر وأعمق مما كانوا يتصورون! 
لقد كانوا كالعاقل المبصر، الذي يرى الهشيم الأصفر اليابس هشيماً، فيغالطه السطحيون ممن حوله، ويتغنون بالهشيم البالي، ويصفونه بالجنان الخضراء الغَنَّاء الطرية!
ولكي يُثبت لهم جهلهم، يطلب إليهم إشعال النار في ركنٍ من جنانهم الخضراء، فإذا بالنار تأتي على كامل هشيمهم، بسطحيتهم وبأيديهم الآثمة!
والذين ادعوا الألوهية، والذين ادعوا النبوة، والفراعنة والفاشيين والمستبدين…الخ؛
لم يفعلوا شيئاً سوى أنهم أمروا العبيد باستعباد بعضهم ففعلوا، وأقنعوهم بإنجاب المزيد من العبيد والمساكين والضعفاء ففعلوا!
إنهم بشرٌ مغامرون، وجدوا بيئة مناسبة للمغامرة، فاستثمروها، حيث وجدوا مَنْ يتبنى ربوبيتهم أو يمتطي نبوءاتهم ورسالتهم المزعومة المكشوفة المفضوحة، ليُحقق من خلالها ذاته المختفية، وليُعلن عن جوهره اللئيم أو الجاهل، وليُفصح عن حقيقته الكامنة..؛
وبالنتيجة هم بشر مغامرون، حققوا ما يفوق الأحلام، مستنيرين ومستمدين أفكارهم وقوتهم من سذاجة الآخرين أو من شرورهم الكامنة.. ليس إلا!
السؤال: لماذا ومَنْ المسئول، عن انهيار عُملة ما، حتى تبلغ عملة أخرى في مقابلها قيمة خيالية!
وبالمثل، لماذا ومن المسئول، عن وجود الضعفاء والمساكين، الذين جعلوا من البشر العاديين، آلهةً معبودة، ورُسلاً مقدسين، وفراعنة مُطاعين!
إننا فطرياً ودون اتفاق مسبق ودون الحاجة لتفكير، متى عَلِمنا أو رأينا رجلاً ثرياً، حَسن المظهر، وتبدو عليه علامات الثقافة والأدب والسلوك المتحضّر..، احترمناه وقدرناه، وبوّأناه من أنفسنا مكاناً علياً!
فإذا وجدناه يتقدم لخطبة امرأة أُميّة، وجاهلة وفوضوية السلوك، قبيحة الخِلقة وسيئة الخُلق، واضعاً ثروته وسمعته وقيمته الاجتماعية تحت تصرفها..،
فإننا لا نلوم تلك المرأة، ولا ننتظر منها أن ترفض هذا العرض الأسطوري، الذي قدمه لها صاحبنا ذو الشأن الرفيع!
لكن الأهم، هو أنه لا ينبغي لنا أن نبحث عن أعذار لغباء ذلك الرجل وجهله الفاحش بعد أن ظهر للعيان، ولا لغبائنا وتسرُّعنا وجهلنا نحن بحقيقته!
والأبعد عن الصواب في مثل هذه الحال، هو أن نغالط الواقع، ونتخذ من هذه الحادثة معياراً جديداً للصواب، منطلقين ومندفعين من الصورة الوهمية المسيطرة مسبقاً والمرسومة لذلك الرجل في أذهاننا!
فحقيقته هي تلك التي عبَّر عنها بزواجه الخاطئ غير المبرر – بالنسبة لنا – من تلك المرأة، وليست حقيقته هي تلك الصورة الجميلة والمكانة الرفيعة التي رسمناها له في مخيلتنا قبل زواجه!
وإذا كان من حقه أن يفعل بنفسه وماله ما يشاء وبما يحقق له ذاته أو سعادته أو أوهامه..، فإن صورته الجميلة ومكانته الرفيعة السابقة، لا تجعل سلوكه مرجعية ولا تجعل الخطأ صوابًا!
فلا ينبغي لنا أن نشكك في فطرتنا وبديهيات عقولنا، فنجعل من الغبي بطلاً أسطورياً، ومخترعاً خرافياً، فمثل هذا التصرف لا يصدر إلا عن جاهل أحمق غبي أو معتوه، لعله ورث مالاً لا يستحقه، وقلَّد غيره بمظهره الأجوف!
ومن يقول بغير ذلك فهو أجهل وأحمق منه وأكثر غباءً وعتهاً!
كذلك هو الحال مع الذين ادَّعوا أنهم رُسُل سلام وخير، فرسمنا لهم صورًا جميلة في مخيلتنا وحجزوا لدينا مكانة رفيعة، ثم تبين أنهم مصدر للفتنة والشر..؛
فإن صورتهم الجميلة السابقة، لا ينبغي أن تُعمينا عن حقيقتهم الجاهلة الواهمة الدامية، التي حوَّلت الضعفاء والمساكين إلى أشرار ومجرمين، وحولت حياتنا إلى عداوات وبغضاء وعنف وإرهاب!
وكذلك الحال مع الذين ندعوهم بالضعفاء والمساكين، فلا ينبغي أن تحول إنسانيتهم الظاهرة دون تجريمهم على نتائج ممارساتهم وسلوكياتهم القبيحة، حيث إنهم يعرضون خدماتهم، ويوفرون البيئة المناسبة للتطرف، والأرضية الصالحة لكل تجربة، فيمتطون كل ظاهرة، جاعلين من مبدعها بطلاً خرافياً!
عودة إلى السؤال: لماذا ومن المسئول!
إن الحقيقة التي يستطيع كل منصفٍ باحثٍ عنها، قراءتها في واقعنا البشري- ماضياً وحاضراً، هي أن أولئك الذين يُسمّون بالضعفاء والمساكين، هم المسئولون في الحالتين!
وأعتقد أن الداء والخطأ يكمن في تسميتنا لهم بالضعفاء والمساكين!
فهم في الحقيقة ضعفاء زمن، ومسكنتهم ظاهرية ومفتعلة!
ويبدو أن الطبيعة وضعتهم حيث يجب أن يكونوا!
وربما كانوا بشراً من غير جنس الإنسان المعهود له بحمل الأمانة، وما وجودهم في الحياة سوى اختبار للإنسان، وقد انخدع بهم، وعجز عن تمييزهم، ففشل في امتحانه!
هم في الحقيقة خلايا إرهابية دهرية معطلة مرحلياً، وجاهزة بانتظار العصور المناسبة والفرص السانحة، للانقضاض على الإنسانية التي يتظاهرون بها ويتسترون باسمها، ويختفون خلفها!
هم مجرمون جاهزون دائماً في كل عصر وفي كل مكان، للعبث بالحياة وسفك الدماء باسم الإله، ولأجل الرُسُل، وبأمر الملوك..، ثأراً لكرامة لا يحملونها ولا يعرفون لها معنى، واحتلالاً لأوطانٍ، ودفاعاً عن أخرى لا ينتمون لها ولا يريدون لها أمنا، ونشراً لشعاراتٍ لا تهمهم ولا يملكون لها فهما، وطلباً لحقوقٍ هم ليسوا لها أهلاً، وبناءً لحضاراتٍ من خشب وحجارة ومن عظام البشر، وأمجادٍ فردية على حساب كرامة الإنسان ومبادئ الإنسانية!
هم مجرمون تنقصهم الضحايا الضعيفة لإظهار شجاعتهم وخبثهم ولا إنسانيتهم وبطشهم وتعطشهم للدماء!
هم غزاة سفاحون ينقصهم السلاح! هم سيّافون ينتظرون الأوامر والفتاوى لفصل رؤوس الضحايا عن أجسادهم، دون حاجة لمعرفة السبب، ناهيك عن القناعة به!
هم ليسوا سوى مواد خام لتفريخ المجرمين وصناعة الإجرام!
هم ليسوا سوى أوبئة بشرية، وأجسادٍ تحمل أرواحاً شريرة!
ماذا فعل الفراعنة والرُسُل المزوَرون، سوى أنهم طلبوا من الضعفاء طاعتهم دون مقابل فلبوا، وأمروا المساكين بالاقتتال فاقتتلوا، وأمروا الجميع بالتباغض فتباغضوا!
لم يأتوهم بجندٍ من عالمٍ آخر، ليُجبروهم على طاعتهم!
لم يأمروهم بقتال جنس غريب، لنقل إنهم يُدافعون عن جنسهم!
ولا يمكن بالضعف والمسكنة تبرير همجية العقلاء!
ولا يمكن بملذات حياة مؤقتة، مهيأة للفناء في أي لحظة، تبرير الظلم والتزوير لكائن عاقل!
ولا يمكن بحجة بناء حضاراتٍ زائلة، وأمجادٍ كاذبة، تبرير عبادة البشر للبشر!
ما السبيل إلى التخلص من مخازن الإجرام هذه، والخروج من دروب الألغام تلك!
ربما كان السبيل الأقرب للحقيقة والأيسر للتحقق، هو الإقرار بأن المجتمع البشري، هو أكبر مجتمعات الأرض تخلفاً، وأبعدها عما يدّعي!
وبالتالي فإنه ينبغي فضح الوهم المحيط بالقداسة والقيمة والمركزية التي يدعيها الإنسان على غيره من الكائنات، ثم بات يدّعيها البشر فيما بينهم!
وبذلك تزول الأسباب التي يتقاتل ويتباغض من أجلها البُلهاء!
وربما كان السبيل الآخر، هو إعادة تعريف المجتمع البشري على أساس فردي، وانتماء إنساني عام، وكشف التزوير الذي جعل من الجنس البشري الواحد، أجناساً مختلفة متنافسة، ومجتمعاتٍ متعددة، يتوهم بعضها الفضل والرفعة والشرف، ويتقرب إلى الإله، حاملاً لواء الأخلاق.. على حساب البعض الآخر!
وربما كان السبيل غير ذلك! وربما لا سبيل!

 

الأحد، 12 نوفمبر 2023

أحلام العُقلاء واقع مجانين!

0 تعليق



لا يحتاج الإنسان إلى مهاراتٍ خاصة لتحديد ورؤية
 مأساة الفكر في حياة البشر! لكنه يحتاج إلى جهدٍ صادقٍ وأمين لسماع صوت العقل وتمييز أنغام المنطق في عصر صخب الثقافات! 
إنها غاية لا تفارق خيال الإنسان، فبحثه عنها دءوب وسعيه للاقتراب منها حثيث، وهي التي يهلك دونها كل عاقل في الحياة الدنيا، تلك هي غايته في بلوغ السعادة الكاملة والحرية المطلقة!
 وهي الغاية التي يعيشها كل المجانين واقعاً لا خيالاً، ودون أدنى جهد! 
وكأن عقل الإنسان نقيض طموحاته! فالعاقل يُدرك أن تلك الغاية التي ينشدها ويسعى لبلوغها بشقيها، هي أمرٌ ليس محدداً، وليس مُطلقاً، هذا بالمعنى الهزلي أو البدائي والبسيط للسعادة والحرية.
 أما بالمعنى الجاد والحقيقي للسعادة والحرية، فإن تلك غاية تقع خارج نطاق الزمان والمكان والقدرة والمتاح بالنسبة لإنسان الدنيا.
 فإذا كان عاقلاً، فلن يكون جاداً، ذلك الذي يدّعى أو يطلب سعادة حقيقية في مرحلة مؤقتة، تسير باتجاه شيخوخة مؤكدة، ونهاية محققة! إذاً، فغاية العاقل تلك، هي أمرٌ نسبي من حيث الوصف والقيمة وإمكانية بلوغها! وتلك حقيقة يُدركها ويرفضها العقـلاء، ذلك أن غياب العقل يُحقق تلك الغاية اليوم؛ كما أنه يُساهم في تحقيقها في الآخرة حيث إنه يعفي من المسئولية في الدنيا؛ ولكن الإنسان يرفض الجنون، كما يرفض النهاية المؤكدة، ويتشبث بالعقل كما يتشبث بالحياة العابرة. 
فالمؤمنون مثلاً، متناقضون بهذا المعنى، حيث يمتدحون العقل، ويرفضون ما يقوله العقل. ويُدينون قتل النفس، ويستنكرون حب الحياة! ويدّعون امتلاك الحكمة ويتجاهلون غياب الحقيقة! 
إنه يمكن لكل من أراد خِداع نفسه، أن يفعل أو يقول ما يشاء؛ ولكن لا ينبغي ولا يليق بالعاقل أن يُعوّل على سذاجة الآخرين، فليس كل الآخرين كما يظن! 
فالحقيقة هي أنه لا حياة مستقرة للعقل السليم في الواقع السقيم. 
إذا آمن العاقل، بأن لا فضل له فيما يمتلك وما يفعل من خير، ولا فخر له فيما ينال من شرف، فإنه سيعيش مأساة قاتلة لا يفهم أسبابها إذا عوقب يوماً بأي ذنب يقترف! لعله يمكننا تشبيه الإنسان في الدنيا بالمسئول المعروف الكبير، الذي يضع توقيعه على ما يُنجزه الموظف المجهول الصغير، ليفتخر بما ليس من إنجازه، غافلاً أو متجاهلاً أنه بتوقيعه إنما يتعهد بحمل كل ما يترتب على إنجاز غيره من وزر!
 وربما كان أعقـلُ الناس، مَنْ إن سألته عن حياته! أجابك بأنها لا تعدو أن تكون شاشةً - تعرض أحداثاً- تبدو للآخرين أنها من صنعه، بينما يُدرك هو أن تلك الأحداث ليست خارجة عن إرادته- فحسب، بل هي التي تـُسيّره ولا تستشيره. وأجهلهم هو من اعتقد بأن هذا الأمر ممكنٌ وذاك مستحيل، دون معرفة دقيقة منه أو حساب لعوامل الزمان والمكان وحقيقة الوجود وكُنْـه الإنسان! وبهذا المعنى فإن أفعال الجميع وردود أفعالهم، إنجازاتهم وإخفاقاتهم، كل ذلك تقرّره حواسيبهم المبرمجة سلفاً، وتظهر النتائج لتكون هي أحداث حياتهم. حيث يحمل الإنسان لواء النجاح أو راية الفشل، زيفاً لا حقيقة!
 إن القصور الفكري – لدى البعض- في تحليل بعض الأحداث يجعلهم يبتكرون مصطلحات ومفاهيم يرفضها المنطق وتعوزها الحُجّة، ليُبرروا بها عجزهم عن فهم ما يدور حولهم، وقد ينالون بها من شرف الغائبين، كابتكارهم لمصطلح ثقافة الانهزام – الذي يُقال ظلماً في حق المنتحرين! فالقائلون بذلك، إنما يتجاهلون أو يجهلون أن الإنسان من حيث المسئولية عن سلوكه وممارساته.. صنفان :

 إنسانٌ عاقلٌ بالوراثة- صادقٌ بالفطرة – واقعي بالطبيعة ومنطقيٌ بالضرورة ولذلك فهو يحيا مكبلاً بأدبيات الأخلاق أو استحقاقات الإيمان؛ فيمنعه العقل من استعمال المتاح عند تعـذر المباح. فإذا خاصمته الأقدار- كأن تضعه في المجتمع أو المكان أو الزمان الخطأ – فإنه سيلجأ إلى فعل ما يستطيعه وما يفهمه هو لا ما يريده الآخرون، ويُبررون هم عجزهم عن فهمه بتجريمهم لفعله! 

والصنف الآخر، هو إنسانٌ سطحيٌ عبثيٌ همجيٌ فوضوي، يحيا طليقاً، يخلو قاموسه من الممنوعات، فينشأ عابثاً بالمبادئ والقيم – متى وكيفما شاء؛ فيتجرأ على المحظورات دونما ضرورات، فتتكوّن له بذلك مبررات في أذهان الناس، ويحجز لسلوكه المنحرف موقعاً مقبولاً في عرف المجتمع، وكأن العبث قد أضحى رخصةً للعابثين . 

الحديث كان عن حيثيات حياة البشر كما يراها المحايد بعين العصر، ويلمسها المنصف بمجسات الفكـر، ويقرأها الباحث بمنطق الواقع في ثقافة المجتمع! إن كل النظريات الفكرية والفلسفية التي تحاول كشف أسرار الإنسان، كأسباب عجزه وتخلفه، وأسرار مهاراته وابتكاراته، ومصادر قوته وتقدمه، ودوافع صراعاته، وتضارب أفكاره، وبحثه عن المنطق والاستقرار تارة وقتله لهما تارة أخرى، إنما تستند هذه النظريات– لدى المؤمنين – إلى حقيقة ثابتة، هي الوجود المطلق للقدرة والعدالة الإلهية، حيث إنهم لو افترضوا غير ذلك لانقلبت الموازين وتغيرت المفاهيم .
 وبهذا المعنى، فإن العدالة الإلهية المتفق على وجودها، هي التي شاءت وجوداً مستقلاً مؤقتاً– لكائنٍ عاقلٍ – قادرٍ نسبياً- يُـدعى الإنسان، فوجود الإنسان أو حياته – بمفهومها الابتدائي العفوي هي نقيض الموت؛ ورغم تحفـّظ العقل والمنطق – على هذا التبسيط والتسطيح لمفهوم الحياة الرحب؛ إلا أنه يمكننا القول إن الحياة بهذا المعنى هي الهدف الأساس لمعظم الناس؛ ومن ثم يأتي هدفهم الثاني – اللا محدود في أجلهم المحدود؛ وهو تطوير إمكاناتهم وقدراتهم وزيادة ممتلكاتهم من أجل تلميع حياتهم، وذلك بقصد الاستمتاع بها من وجهة نظر البعض، وبقصد تبرير استمرارها لدى البعض الآخر، وهو الأكثر واقعية وموضوعية! وكلا الطرفين في واقع الأمر يُحاول اجتناب التوقف عند هذه المحطات، ولا يُفضّـل الخوض في فلسفة الحياة لكي لا يصطدم بحقيقة أنّ وجوده مؤقتٌ وخارج عن سيطرته وعن إرادته، وأن وجوداً بهذا المعنى هو وجودٌ لا معنى له! 
فلم يَخترْ هذا الشاب الطموح أن يكون ابناً لذاك الأب الغني البخيل. ولم تختر تلك المرأة المغرورة المتباهية بنفسها أن تكون أُمّـاً لتلك الفتاة القبيحة التي لا نصيب لها في الزواج!
 والمرأة المُهيأة لدور الأم والمُعَـدّة سلفاً بمواصفات الأمومة لا تصلح لدور الزوجة إلا تجاوزاً، حيث إنه إذا ارتبط رجلٌ – من الصنف الباحث عن زوجة- بامرأة من صنف الأمهات .. فإن الأم ستسعد بأمومتها، وربما يسعد الأبناء بأمّهم، ولكن من المؤكد أن الأب سيكون تعيساً بزواجه وبأبوّته!
 وهكذا الحال مع كل اختلاف بين بقية الأصناف؛ حيث لا يُحقق الزواج أهداف طرفيه وينال رضاهما، إلا أن تشاء الأقدار بزواج رجل وامرأة من ذات الصنف! ولا الرئيس ولا المرؤوس ولا السائل ولا الأبله ولا الغني ولا 
الفيلسوف، كان لأحدهم الفضل أو الذنب فيما كان !

 السؤال إذاً، ما كُنه الإنسان! وأين حقيقته! بين
 الحاسوب البشري الأزلي المُبرمج داخله، وبين صورته الآدمية التي يراها الآخرون حرة طليقة، بينما هي تتشكل تبعاً لأوامر ذلك الحاسوب؛ وبين القدر المسئول عن إخراج هذه المنظومة إلى حيّز الوجود، ثم إخراجها من الوجود لاحقاً! ماذا يعلم عن نفسه وعن غيره! وهل وجوده كان مكافأة له على حسنة فعلها قبل أن يكون! ولذلك فهو لا يدري اليوم ما هي حسنته! وإذا كان وجـوده عقـوبة، فما ذنبه، ومتى اقترف ذلك الذنب الذي كان سبباً في وجوده! إن قدراً كبيراً من أفكار وسلوكيات الإنسان – كفـرد -هو انعكاس طبيعي وحتمي للعوامل الوراثية التي تتملكه وتُكـوّن كمّاًً فاعلاً من رموز ودلالات شخصيته، وهي التي لا سيطرة له على نتائج تفاعلاتها مع البيئة. أما ما تبقـّى من محددات أفعال وردود أفعال الإنسان فمسئولة عنه إمكاناته وبيئته التي يجدها أمامه- وهي التي أوجدها أو حددها من سبقوه من قيادات المجتمع. في محطاتٍ كثيرة من حياتنا – نحن العرب المسلمين – نجد أن إسلامنا الجَمَاعي – بمفهومه الحديث القديم – يفرض علينا مخالفة المنطق وتجميد الفكر والتنازل عن جزء كبير من الكيان .. في مقابل أن نكون المسلمين في نظر الآخرين! والبدائل المنطقية لهذا الواقع المرفوض، مُغيَّبة، فهي إما مرفوضة لدى أعداء المنطق، أو ممنوعة من قبل أولياء الأمر، أو محاربة في ساحة الثقافة، أو مُـحرّمة دينياً، أو مُحـرّفة فكرياً، وذلك بحُجّة أن كل ما يجب أو ما يمكن أن يُقال بشأن كُنه الإنسان ورسالته قد قيل! فلم يُترك أمام الفكر سوى طرق باب المستحيلات لرؤية ما وراءه من ممكنات! فالعقل يقول إن العدالة الإلهية لا يمكن أن تتعارض مع المنطق! والمنطق يقول إنه لا يمكن أن يكون التفكير في القدرة والمشيئة الإلهيتين، محرماً على العقل أو أنه ليس من وظائفه!
 إذ إن العقل هو المكلف بالسؤال وهو المسئول عن الإجابة في حياة الإنسان وحول مصيره! وعليه فإن الفكر الذي لا يستند إلى هذه الحقائق، لا يكون سوياً؛ لأنه سيعتمد العشوائية وطمس الآخر من أجل إثبات صوابه في محطات عجزه! لقد أدى سوء استغلال المنطق الديني عند غيرنا في سابق الأزمان إلى طمس منطق العقل، وتكميم الأفواه وقطع الأعناق بقصد شل التفكير، فثار الإنسان بفعل المنطق على ذلك الوضع، وكانت النتيجة هي ميلاد حرية الفكر، وانطلاق الثورة العلمية وإثبات حقوق الإنسان الفـرد! 
لكن، كأنما المنطق فكرٌ أجنبي غريب، ترفضه الشهامة العربية باسم الإسلام البريء! فَجُلُّ العرب والمسلمين – من كتاب وشعراء، قادة ومفكرين، فقهاء ومثقفين ومهتمين- نراهم يستمتعون بالسير على جثة المنطق، ويـدّعون أن الفهم الصحيح يكمن في اللا فهم؛ فاعتادوا محاربة العقل، واحترفوا مغالطة الواقع، وتلذذوا بتجاهل الحقيقة،.. حقيقة عدم وجود الإنسان العربي المسلم – الفرد- الذي يسعون للنهوض به كما يزعمون ويُسوّقون! فكأنهم يستنهضون هِمّـة العدم، ويئنون بحمل اللا شيء، وكأنهم دخلوا ثقباً فلكياً أَسْوَدَا .. 

حيث توقف بهم الزمن، وانعدمت لديهم مبررات التساؤل، واستحال عليهم التواصل مع العالم، وعجزوا عن التراجع، وفقدوا رؤية المصير .. بينما يظنون أنهم قد أدوا أدوارهم لمجرد سماعهم لصدى خطاباتهم وكتاباتهم الخاوية، وهي تدوي في صحاري أوطانهم الخالية من الإنسان والمنطق والفكر، والمليئة بالنفط والجهل والفقر، وكأن الموضوعية قد واعدتهم وأخلّت بوعدها، فهم ينتظرون يوماً يُصبح فيه الفقر غنًى من تلقاء نفسه، ويصير الجهل عِلْماً بمعجزة خاطفة، ويُمسي التخلف تخلفاً ويصبح وقد صار تقدماً دون مقدمات. وينتظرون بزوغ فجر اليوم الذي تتفق فيه الخلائق على أن العبودية هي قمة الحرية، وأن التعاسة هي ذروة سنام السعادة. ليصبحُ الأعرابي البدوي– بقبليّته وفقره وعدم واقعيته وعدائه الأزلي للمنطق، رمزاً للإنسان العصري والمسلم التقي، ومن لا يرى رؤاهم، فهو في نظرهم عدو للوطن والعروبة والإسلام .

الاثنين، 6 نوفمبر 2023

قضية فلسطين.. جملة عربية في كتاب البشرية!

0 تعليق




إنَّ إدارة الفلسطينيين لقضيتهم، تُمثّل نموذجاً

مُصغّـراً، أو جملة عربية في كتابِ ” إدارة 

عموم البشر لعلاقتهم بالطبيعة والوجود “!


فالفلسطينيون يُدركون واقع العرب والمسلمين، 

وينتظرون منهم موقفاً صادقاً موحداً جاداً حازماً 

تجاه قضية فلسطين، باعتبارها قضيتهم المركزية-

أو هكذا يقولون..،


وبغض النظر عن حجم وحقيقة الأمل الفلسطيني 

المعقود على الموقف العربي والإسلامي المنتظر 

من قضيتهم، فإن ما لا ينبغي الشك فيه هو أن 

موقفاً بهذه المواصفات المثالية وما يتطلبه من 

مصداقية وشفافية – مفقودة حتى بين أفراد 

المجتمع الواحد..، هو أمرٌ غير واقعي وطلب 

غير موضوعي – حتى لو كان عرب اليوم 

والمسلمين في حال غير الذي هم فيه!


ويمكن تشبيه ذلك بما يطلبه كل فرد من البشر 

وينتظره من كل البشر، عند كل مأساة تطال 

الثوابت الإنسانية العامة، المُسمّاة مركزية أو 

مصيرية عند عموم المجتمع البشري .. 

كالأخلاق العامة، وكرامة الإنسان، والبيئة، 

وقبول الآخر، ..الخ.


فالمَطالب ذات الحجم الكبير والخطاب العمومي 

والنتيجة المصيرية – من هذا القبيل، هي في 

العادة تخلو من المعارضة العلنية لها، مما يُغرر 

بأصحابها فيظنون أن كل الأصوات معهم وبالتالي 

النتيجة لصالحهم، بينما الواقع أن مثل هذه المطالب 

لا تحظى بمناصرة عملية قادرة على فعل شيء، 

وبالتالي فهي ليست مطالبة أصحاب حق بحقهم 

وانتظار نتيجة محتملة، بقدر ما هي أقرب إلى دعاء 

اليائسين، الذي ليس له من نصرة بين الناس سوى 

الحد الأدنى من التعاطف ممثلاً بكلمة ” آمين ”، 

والتي ربما تكون صادقة – ولكن من المؤكد أنها 

ليست فاعلة على أرض الواقع!


إذ إنه لم يسبق لمثل هذه الدعوات أو الخطابات 

الحماسية أن حققت نتيجة ثابتة على الأرض على 

مر العصور، سوى التغرير بالمندفعين من البُسطاء، 

الذين يبذلون أرواحهم في سبيل قضايا لا يُدركون 

أسرارها، ولا يعلمون تأويل نتائج تضحياتهم تجاهها، 

متوهمين أنها قضايا عادلة ومصيرية وأن الوجود 

متوقف عليها..،


بينما الحقيقة المؤكدة هي أن كل القضايا البشرية هي 

عبارة عن خلافات زمنية لا ثوابت لها، حيث تتغير 

معادلاتها ومبادئها بتغير قادتها ومنظريها وبيئتها بعد 

موت المناضلين من أجلها، الذين تحمسوا فتوهموا 

أنهم يُحددون مستقبل الكون بتضحياتهم الفردية العبثية، 

وتوهموا أن تضحياتهم هي ما يريده الإله من البشر، 

وأنهم وحدهم الذين لبوا أمر الإله، وأن العالم بأسره 

يقف من خلفهم ويراقبهم، ويدعمهم ويُسجّل أسماءهم 

بأحرفٍ من نورٍ في ذاكرته قرين بطولاتهم..!


وقد جرت العادة أن لا ينتبه الغافلون والمندفعون إلى 

أن ما يُريده الإله من الناس لا يعلم حقيقته سواه!

وأن الفتاوى بشأن الجهاد وقداسة الأرض ونُصرة الأخ 

ظالماً أو مظلوماً، هي ليست أمراً مُقدسًا، بل هي 

اجتهادات بشر يُصيبون ويُخطئون، ولا يوجد إجماع بين 

أتباع الدين الواحد – ولا حتى على فتوى واحدة!


وأن البشر يجهلون الإله ذاته، فكيف لهم أن يعرفوا ما 

يريده الإله!

وأن ما يريده الإله من البشر، هو ما يُلهمه لكل فرد 

منهم مباشرة، وليست أنباءً منقولة عبر البشر 

وألغازًا تحتاج إلى قواميس ومفسرين- لا عصمة 

لهم ولا دليل على صحة ما يقولون! 

بل إن اختلافهم دليل على أنهم جميعًا مخطئون!


أما العالم فهو مجموع أفرادٍ منشغلين بهمومهم، لا 

يهتمون لتضحيات أولئك المغرر بهم، إلا كخبر عاجل 

عابر لا يتجاوز بقاؤه في الذاكرة لحظات سماعه! 

وحتى من احتفظ بأسمائهم وتضحياتهم فهو لن يُفيدهم 

بشيء، وسيحتفظ بذكراهم في ذات الذاكرة التي يحتفظ 

فيها بذكريات كل المغامرين الذين تغيرت من بعدهم 

المعادلات وأضحت تضحياتهم مغامرات تاريخية يشوبها 

الشك والتزوير، حتى تتحول مع الزمن إلى أساطير 

خرافية يُسجلها التاريخ بين الحقيقة والخيال!


إن الحكمة تستوجب وضع مثل هذه المطالبات 

والخطابات الجوفاء المُغَرِّرة، في قائمة تسالي 

الحُذاق بسذاجة الساذجين، وأحلام العجزة التي 

لم ولن تتحقق يوماً!


لماذا لا تتحقق؟

لأنها في الحقيقة لا تعدو أن تكون كلاماً إنشائياً 

من قبيل الترويح عن النفس، وتكرارًا لمحاولات 

فاشلة، تهدف إلى بث الروح في أملٍ لا أساس له، 

فهو خطاب حماسي لا يمت للموضوعية بِصلة!


إذ إن الدقة المُتصوَرة والنتيجة المُنتظَرة في مثل هذه 

المواقف، قد تُطلب وتكون موضوعية وقد تتحقق على 

مستوى العلاقات والمواقف الفردية المحدودة التي تكون 

تضحياتها نابعة من قناعات ومبادئ شخصية أكيدة 

وأصيلة، وليست ناجمة عن إيحاءات خارجية وحماس 

لحظي!

وحتى في هذه الحال فهي تتطلب علاقة أو صداقة 

خالصة صادقة بين الأفراد – نادرة الحدوث!


أما أن تُطلب أو تُنتظر هذه المواقف من ملايين أو حتى 

من ألوف البشر..، فذلك ضرب من الأحلام، ونوع من 

عقد الآمال على مسارح الخيال!


فإذا كانت فلسطين- أو ينبغي أن تكون -هي قضية 

العرب والمسلمين رقم 1 ، فهذا يعني وبالضرورة أنها 

قضية الفلسطينيين رقم 0 .

وإذا كان الأفراد محدودو العدد في المنطقة 0 ، 

المشتركون بالضرورة ومباشرة في العدو والهدف، .. 

مختلفين متفرقين متباغضين متصارعين متخاونين !


فكيف يُنتظر موقفٌ موحدٌ تجاه ذات القضية، من المئات 

في المنطقة 1، وهم البعيدون عن مركز الحدث؛ 

والمعزولون عنه بمآسيهم الخاصة المُلِحَّة، إضافة إلى 

اهتزاز صورة القضية وتداخل ألوانها بسبب الغبار 

المتصاعد من المنطقة 0 ، جراء الصراعات 

والانقسامات والخلافات المستمرة بين أصحاب القضية 

المباشرين!
…………………………..

* البشر في مقابل الطبيعة..


لا يُدرك البشر أمراً كإدراكهم لحقيقة الموت! ومع ذلك 

فهم يتجاهلون حقيقة أنهم حدثٌ عابر وليسوا أزل قائم!


فيتصورون أنهم مأمورون ومؤهلون لاكتشاف أسرار 

الطبيعة والتحكم في عناصر معادلتها، ليبنوا ويُحددوا 

علاقتهم الأبدية بالوجود!


وتحت راية هذا الحلم، ارتفعت سقوف الأهداف والآمال، 

وتعددت وتمددت طموحات البشر، فتعاموا عن حقيقة 

حاضرهم، وبرروا هدر كرامة جُلهم، في سبيل تحقيق 

الوهم المُسمّى سعادة إنسان المستقبل؛ وهو ذات السبيل 

الذي هلك على دروبه الأسلاف منذ أن كان الإنسان، 

دونما نتيجة ودونما عِبر!


وذات الأمر أجده ماثلاً في مأساة الشعب الفلسطيني!


فالسيطرة الإسلامية على أرض فلسطين هي حدث 


وليست أزلًا، والحدث لا يحمل روح الديمومة.


فقد أصبحت فلسطين إسلامية بعد أن لم تكن! 

ثم ذهبت مُلكيتها لغيرهم، ثم عادت لهم وذهبت عنهم 

مرة أخرى، وقد تعود لهم يوماً، وقد تذهب لغيرهم 

يوماً آخر!


فلم يكن احتلال الأراضي نهاية مطافٍ في عصر من 

العصور حتى يُبرر هدر كرامة الإنسان، ولم يكن تحرير 

الأوطان يوماً نهاية أحداثٍ ولا ضماناً لكرامة أهلها!


فالأمة إنسان وليست أوطاناً! 

والتضحية بكرامة الإنسان من أجل الأرض لا يُبرره 

منطق ولا يقول به عقل ولا يأمر به دين!


فأن تكون كرامة الإنسان واقعاً عملياً معاشاً على جزء 

من أرضه، أو على أرض غيره، لهو أحق وأصوب من 

أن يحيا الملايين مشردين محاصرين مطاردين مهانين،

بانتظار تحرير كامل التراب الذي لا ضمان لاستمرار 

تحرره، ولا كفيل لحياة كريمة عليه إذا تحرر، لاسيما 

إذا كانت الخلافات والتحالفات وطعون الإخوة في 

مصداقية بعضهم قائمة قبل التحرر!

* للطبيعة في قواميس البشر تعريفان متناقضان!

حيث إن الطبيعة في أقوال البشر هي سر الوجود الذي 

ينبغي تقديسه، بينما في أفعالهم هي الخصم والعدو الذي 

ينبغي مراوغته والحذر منه إلى أن تتاح الفرصة 

لإخضاعه وإذلاله واستغلاله دونما شفقة، وبما يُخالف 

كل المبادئ والتعهدات والشعارات المرفوعة!


وكذلك الحال في فلسطين..، فالمسلمون والفلسطينيون 

يعتقدون بأن فلسطين أرض باركتها السماء، وفي ذات 

الوقت – وعليها وباسمها – تسيل دماء الأخوة بأيدي 

بعضهم، ولأجلها تمتلئ قلوبهم أحقاداً وتخويناً لبعضهم 

البعض!


وأيضاً هم يؤمنون بأن فلسطين مُقدّسة ينبغي احترامها، 

وفي ذات الوقت لا يترددون في تلويث ترابها بدماء 

المدنيين من الخصم – دونما تمييز – بمن فيهم دعاة 

السلام والمحايدين، وبكل السُبُل المتاحة بما في ذلك 

الغدر والخيانة! 

فالتخفي بين المدنيين واستغلال وسائل المواصلات 

والأماكن العامة من أجل تفجيرها وقتل أكبر عدد ممكن 

من البشر، بغض النظر عن مواقفهم..، من أجل الضغط 

على الحكومات ..، هي أفعال خيانة وغدر لا يمكن 

تبريرها، خاصة لمن يدّعي بأنه يُناضل باسم الله من أجل 

حقٍّ مُقدّسٍ وعلى أرضٍ مباركة!

* البشر في مقابل الطبيعة..


يتحدثون باسم مصلحة ورفاهية الإنسان وضمان مستقبله! 

بينما الموجود على أرض الواقع هم بشر يتنافسون من 

أجل إخضاع أكبر عدد ممكن من الإنسان، مستغلين 

حاجته وضعفه وحبه – غير المبرر- للحياة..، لتجنيده 

في صراعهم من أجل السيطرة على الطبيعة!


حيث يتخذون من العواطف الملازمة للإنسانية، شعاراً 

لتحقيق أهدافهم، حتى أصبح الإنسان في حياة البشر 

مفهوماً أو مصطلحاً لُغوياً- وربما كان شبحاً أو وهماً 

مصطنعاً – لا وجود ولا حقوق له، إذ لا يوجد بين البشر 

من يُمثّله عملياً – رغم إسقاطه نظرياً على كل البشر! 

فالإنسان هو العامل الكادح طوال حياته من أجل الحد 

الأدنى من لقمة العيش، وهو المتسول الذليل العاطل 

عن العمل، وهو الممنوع من حرية الفكر والاعتقاد 

والتعبير، وهو الجندي القاتل والمقتول – إثباتاً لصحة 

هذه النظرية أو تلك، وهو المتضرر من الحصار 

وانعدام الخدمات، وهو الممنوع من السفر بحُجّة 

الحرب والطوارئ – في وقتٍ يُسافر فيه القادة 

بالتنسيق مع الأعداء في أحلك الظروف..، ولا نهاية 

لألم الإنسان باسم حقوقه ورفاهيته، وباسم تحرير 

وحماية تراب الأوطان!


وذات الأمر ينطبق على علاقة المواطن الفلسطيني 

بالقيادات الفلسطينية! 

فشعار النضال الفلسطيني واحد موحد، وهو استعادة 

حقوق وكرامة المواطن الفلسطيني وأرضه..


ولكن في الواقع، وتحت الشعار الواحد، توجد العديد 

من الحركات والقيادات المختلفة والمتصارعة، التي 

لا تتردد في استعمال السلاح والحصار والسجن 

والتعذيب ضد بعضها، وضد المدنيين من شعبها 

بسبب انتماءاتهم الحزبية أو الحركية!


حيث فشلت الحركات الفلسطينية في توحيد قيادتها 

وموقفها وخطابها تجاه فلسطين وتجاه العدو.. رغم 

أحادية الهدف والعدو..، وهي التي ترفع شعار 

توحيد الشعب والتراب كله؛ والنتيجة أن الإنسان 

عمومًا دفع ويدفع ثمن تجارب البشر، .. تماماً كما 

يدفع الإنسان الفلسطيني ثمن مفاوضات فتح 

وصواريخ حماس وغموض الجهاد وفلسفة الشعبية

… وغيرها!

مُتْ كريماً وأنت الغريب، ولا تَعِش صاحب الدار الذليل!

الأربعاء، 1 نوفمبر 2023

ما نراه شيء وما نعرفه شيء آخر!

0 تعليق




- كل ما يفعله الإنسان خلال حياته، هو أنه يحاول بلوغ المستحيل!

- أنت هنا، لأن هناك من وضعك على الطريق الموصل إلى هنا!

- من محاسن الجهل، أنه يُجنِّب صاحبه متاعب الاستعداد للكارثة!

- القيمة الحقيقية لحياة البشر، تتحقق عندما يخلو وجودهم من الكذب، لكن هذا يتطلب منهم رفض الأكاذيب الجميلة، كي يتوقف إنتاجها، وهذا ليس بالأمر السهل!

- ما يبدو في الواقع أنه قدرة لدينا على رؤية السراب،
هو في الحقيقة قدرة لدى السراب على خداعنا!

- المرأة التي يتمناها كل الرجال، هي كالرجل الذي تتمناه كل النساء، لا وجود لهما في الواقع، هما مجرد معيار افتراضي!

- تصديق الأكاذيب الجميلة مثل شراء المواد المُقلَّدة الرخيصة، تشتريها وأنت تعلم أن ما تفعله ليس صوابًا، لكنك تفعله بسبب فقرك أو بخلك .. أي بسبب عجزك عن فعل الصواب، ثم تنتظر تدخل الصُدفة لتجعل ما فعلته صوابًا، وهو ما لن يحصل أبدًا!

- ما من مأساة إلا وخلفها اعتقاد خاطئ!

- المسئولية.. إذا تجزأت سقطت عن الجميع!

- إذا كُنتَ مُخيَّرًا بدرجة 99% ، ومُسيَّرًا بدرجة 1% ، فأنت مسئول بدرجة 1% كحد أقصى!

- الشهادات التي تمنحها الطبيعة، لا يمكن تزويرها، ولا يمكن شراؤها!

- إذا حدثتك نفسك يومًا، بأنك قد فهمت الآخرين وفهموك كما ينبغي، فتجاهل الأمر، لأنه مجرد يأس في صورة حلم!

- دائمًا كانت المآسي في الحاضر والأسباب في الماضي والمبررات في المستقبل!

- البشر يحثون بعضهم على التضحية بالحياة من أجل المبادئ والأوطان، لكن لا أحد يحث نفسه أولاً!

- لو كانت التضحية بالحياة تشريفًا للحياة،

لكانت التضحية بالكرامة تشريفًا للكرامة!

- إسقاط المسئولية أهم من معرفة الحقيقة!

- صانعو الثقافات، فاتهم أن يُضيفوا العطش إلى قائمة المعتقدات والشرف والبطولات البشرية، لو فعلوا لتَحاثَّ السُذَّج وتنافسوا وتفاخروا بالموت عطشًا على شواطئ الأنهار!

- الإنسان لا يستطيع أداء دور الفأر في الوجود!

- الاحتفال بأعياد الميلاد، مجرد تمويه للبشر، كي لا يسألوا عن سبب الميلاد!

- لو كان واضعو الأساطير، يعلمون مدى سذاجة غيرهم، لادعوا أنهم آلهة، دون لف ودوران!

- أستطيع أن أفهم ببساطة معنى أنني ساهمت في انطلاقة مأساة غير محسوبة الضحايا والنهاية، هي إنجاب أبناء؛ لكنني لا أفهم مطلقًا كيف يكون لأبي وأمي فضل علي!

- السعادة هي أن لا تعرف كيف تكون التعاسة!

- كلهم لا يحترمون عقولنا، الذين نزعوا القيمة عن كل شيء والذين أعطوا قيمة لكل شيء، هم محقون فقط لأن الخيار الثالث هو احتمالات لا حصر لها بين هذين الاحتمالين!

- بسبب اعتقاد البشر الخاطئ قديمًا، بمسئولية الإنسان عن تكوين ذاته، اعتبروا عاهة الغباء عارًا، وأصبحوا يسخرون من الأغبياء، وكان من الطبيعي أن يحاول الأغبياء إخفاء عاهتهم ومن الطبيعي أن يفشلوا، فأصبح فشلهم مبرِّرًا جديدًا لسخرية البشر منهم، وهكذا وصلنا إلى الثقافة التي نحن عليها الآن، وهي اختفاء جهل البشر خلف فشل الأغبياء!

- مَنْ ليس رسَّامًا لا يستطيع اكتساب لقب رسَّام، لأن البُسطاء يمكنهم اختباره وإثبات زيف ادعائه؛ لكن يمكن لمن شاء ادعاء ما يشاء مما لا يمكن اختباره، لاكتساب لقب لا يمكن إثباته، كل ما يحتاجه هو استعداد جيد للكذب وعدد كبير من السُذَّج!

- انسب هُراءك إلى ما وراء الطبيعة، وستجد من البشر مَنْ يختطفه منك ويدَّعي أنه حقيقة!

- بعض البشر عبارة عن أخطاء مطبعية في كتاب الطبيعة، لا حاجة للتوقف عندهم، يمكن فهمهم من السياق العام للوجود!

- الفَناء عبارة عن نوم متواصل بلا كوابيس مزعجة ولا أحلام خادعة!

- الخلود هو الحماقة الوحيدة التي لم ترتكبها الطبيعة في حقنا!

- لولا أنني أستطيع أن أموت متى شئت، لاعتبرتُ الحياة لعنة، أحتاج للبحث عن أسبابها!

- إذا راودك خوف من النهاية، فتذكر أنك لم تصنع البداية وأنك تكيفت معها رغم ذلك!

- لولا وجود الصادقين، لما استطاع الكاذبون خِداعنا!

- الذين يتبجحون بذم الفشل، ويحثون غيرهم على صُنع النجاح من لاشيء، هم الذين يتجاهلون حقيقة أن القفزة الأولى التي وضعتهم على سُلَّم النجاح، لم تكن مِن صُنعهم!

- ما يُسمُّونه السير على طريق المستقبل، هو عبارة عن مراوحة في المكان!

- الخلل الذي يصعب إصلاحه في الإنسان، هو الخلل القديم، الذي يكون قد حدث منذ البداية، لأنه سيكون قد انتقل إلى كل شيء في الإنسان، حتى أصبح الإنسان خللاً!

- عندما تُحاور إنسانًا مُصابًا بالاعتقاد، فلن تخرج بنتيجة، لأنك حينها تكون تُحاور الوهم وتنتظر منه أن يُصبح حقيقة، أنت بذلك تُخاطب المرض وتطلب منه أن يموت!

- بحسب المعتقدات، الإنسان عبارة عن فخ طبيعي، يستعمله رجال الدين لاصطياد خطايا معينة في ظروف معينة!

- حَذَارِ من مجالسة الدراويش، لأن الإكثار منها يُخفي عنك قُبح الدروشة!

- المؤسسات الدينية عبارة عن بنوك نظرية، تفرض على البشر فتح حسابات جامدة لديها، يودعون فيها عقولهم ومصالحهم ومصائرهم وأبصارهم وبصائرهم!

- القيمة الكونية والنبيلة للبشر، هي في الأصل حُلم، ولا فائدة من ادعائها اليوم سوى دفع معظم البشر للكذب والخِداع، لتمثيل الدور الكوني والنبيل الذي فُرِض عليهم!

- إذا أدرك أنها لن تنال منه، تجرأ الكاذب على قول الحقيقة!

- الصِدق هو أن تقول ما تعرفه، والأمانة هي أن تصمت عما تجهله!

- العلاقات الاجتماعية متاهة، إذا اطلعت على أسرارها، انتهى دورك فيها!

- إذا خاطبتَ المختلفين بذات الخطاب، فأنت لا تريد منهم ذات النتيجة!

- إذا كان لا بد لك من ارتكاب خطأ الزواج التقليدي، فاجمع تكاليف التصحيح الطبيعي (الطلاق) أولاً!

- الزواج التقليدي تجربة، نتيجتها إما طلاق تقليدي أو طلاق غير تقليدي!

- الطلاق غير التقليدي هو استمرار الحياة الزوجية لأسباب أُخرى!

- علاقة الزوج بالزوجة التقليدية، كعلاقة الفرد بالجماعة الدينية، هو يبحث عنها طلبًا للسعادة، وهي تنتظر قدومه ليموت من أجلها!

- فضيلة بمقابل، أقبح من رذيلة مجانية!