face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الخميس، 16 نوفمبر 2023

العدم هنا، يُحدث الما لانهاية هناك!




في ضوء ما نعرفه عن مفهوم وحقيقة الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يحدث من وقتٍ لآخر في هذا البلد أو ذاك؛
نعرف بأن الرقم واحد (1) من عُملةٍ ما، يمكن أن يحمل قيمة خيالية من عُملةٍ أخرى، كقيمة شرائية عملية – لا كقيمة عددية اسمية! 
فقيمة الأشياء تقاس إلى بعضها – لا إلى المطلق.
فإذا هبطت قيمة أشياء، فهي تتجه نحو العدم!
وبالمقابل تتجه قيمة مثيلاتها ومنافساتها نحو الما لانهاية! 
وبالمقارنة المنطقية والموضوعية، نلاحظ أن الأمر ذاته يتحقق في ساحة الآدميين!
فالذين ادَّعوا الألوهية والربوبية – رغم يقينهم بأن ادعاءاتهم ما هي إلا زيف مفضوح؛
وكذلك الذين ادعوا النبوة والاتصال بالغيب، ولم يأتوا بدليل، لأنهم في الحقيقة ليسوا أنبياء مرسلين، إنما هُم كاذبون وفي أحسن الأحوال هُم واهمون..،
كل هؤلاء إنما فعلوا ما فعلوا، لأنهم أحسّوا واستشعروا في أنفسهم قيمة لانهائية، قياساً إلى الخواء الفكري أو شبه العدمية أو السطحية المطلقة، التي لاحظوها ولمسوها في محيطهم البشري؛
وأرادوا التحقق من حدسهم، فكان لهم ما ظنوا وما أرادوا، بل وأكثر وأعمق مما كانوا يتصورون! 
لقد كانوا كالعاقل المبصر، الذي يرى الهشيم الأصفر اليابس هشيماً، فيغالطه السطحيون ممن حوله، ويتغنون بالهشيم البالي، ويصفونه بالجنان الخضراء الغَنَّاء الطرية!
ولكي يُثبت لهم جهلهم، يطلب إليهم إشعال النار في ركنٍ من جنانهم الخضراء، فإذا بالنار تأتي على كامل هشيمهم، بسطحيتهم وبأيديهم الآثمة!
والذين ادعوا الألوهية، والذين ادعوا النبوة، والفراعنة والفاشيين والمستبدين…الخ؛
لم يفعلوا شيئاً سوى أنهم أمروا العبيد باستعباد بعضهم ففعلوا، وأقنعوهم بإنجاب المزيد من العبيد والمساكين والضعفاء ففعلوا!
إنهم بشرٌ مغامرون، وجدوا بيئة مناسبة للمغامرة، فاستثمروها، حيث وجدوا مَنْ يتبنى ربوبيتهم أو يمتطي نبوءاتهم ورسالتهم المزعومة المكشوفة المفضوحة، ليُحقق من خلالها ذاته المختفية، وليُعلن عن جوهره اللئيم أو الجاهل، وليُفصح عن حقيقته الكامنة..؛
وبالنتيجة هم بشر مغامرون، حققوا ما يفوق الأحلام، مستنيرين ومستمدين أفكارهم وقوتهم من سذاجة الآخرين أو من شرورهم الكامنة.. ليس إلا!
السؤال: لماذا ومَنْ المسئول، عن انهيار عُملة ما، حتى تبلغ عملة أخرى في مقابلها قيمة خيالية!
وبالمثل، لماذا ومن المسئول، عن وجود الضعفاء والمساكين، الذين جعلوا من البشر العاديين، آلهةً معبودة، ورُسلاً مقدسين، وفراعنة مُطاعين!
إننا فطرياً ودون اتفاق مسبق ودون الحاجة لتفكير، متى عَلِمنا أو رأينا رجلاً ثرياً، حَسن المظهر، وتبدو عليه علامات الثقافة والأدب والسلوك المتحضّر..، احترمناه وقدرناه، وبوّأناه من أنفسنا مكاناً علياً!
فإذا وجدناه يتقدم لخطبة امرأة أُميّة، وجاهلة وفوضوية السلوك، قبيحة الخِلقة وسيئة الخُلق، واضعاً ثروته وسمعته وقيمته الاجتماعية تحت تصرفها..،
فإننا لا نلوم تلك المرأة، ولا ننتظر منها أن ترفض هذا العرض الأسطوري، الذي قدمه لها صاحبنا ذو الشأن الرفيع!
لكن الأهم، هو أنه لا ينبغي لنا أن نبحث عن أعذار لغباء ذلك الرجل وجهله الفاحش بعد أن ظهر للعيان، ولا لغبائنا وتسرُّعنا وجهلنا نحن بحقيقته!
والأبعد عن الصواب في مثل هذه الحال، هو أن نغالط الواقع، ونتخذ من هذه الحادثة معياراً جديداً للصواب، منطلقين ومندفعين من الصورة الوهمية المسيطرة مسبقاً والمرسومة لذلك الرجل في أذهاننا!
فحقيقته هي تلك التي عبَّر عنها بزواجه الخاطئ غير المبرر – بالنسبة لنا – من تلك المرأة، وليست حقيقته هي تلك الصورة الجميلة والمكانة الرفيعة التي رسمناها له في مخيلتنا قبل زواجه!
وإذا كان من حقه أن يفعل بنفسه وماله ما يشاء وبما يحقق له ذاته أو سعادته أو أوهامه..، فإن صورته الجميلة ومكانته الرفيعة السابقة، لا تجعل سلوكه مرجعية ولا تجعل الخطأ صوابًا!
فلا ينبغي لنا أن نشكك في فطرتنا وبديهيات عقولنا، فنجعل من الغبي بطلاً أسطورياً، ومخترعاً خرافياً، فمثل هذا التصرف لا يصدر إلا عن جاهل أحمق غبي أو معتوه، لعله ورث مالاً لا يستحقه، وقلَّد غيره بمظهره الأجوف!
ومن يقول بغير ذلك فهو أجهل وأحمق منه وأكثر غباءً وعتهاً!
كذلك هو الحال مع الذين ادَّعوا أنهم رُسُل سلام وخير، فرسمنا لهم صورًا جميلة في مخيلتنا وحجزوا لدينا مكانة رفيعة، ثم تبين أنهم مصدر للفتنة والشر..؛
فإن صورتهم الجميلة السابقة، لا ينبغي أن تُعمينا عن حقيقتهم الجاهلة الواهمة الدامية، التي حوَّلت الضعفاء والمساكين إلى أشرار ومجرمين، وحولت حياتنا إلى عداوات وبغضاء وعنف وإرهاب!
وكذلك الحال مع الذين ندعوهم بالضعفاء والمساكين، فلا ينبغي أن تحول إنسانيتهم الظاهرة دون تجريمهم على نتائج ممارساتهم وسلوكياتهم القبيحة، حيث إنهم يعرضون خدماتهم، ويوفرون البيئة المناسبة للتطرف، والأرضية الصالحة لكل تجربة، فيمتطون كل ظاهرة، جاعلين من مبدعها بطلاً خرافياً!
عودة إلى السؤال: لماذا ومن المسئول!
إن الحقيقة التي يستطيع كل منصفٍ باحثٍ عنها، قراءتها في واقعنا البشري- ماضياً وحاضراً، هي أن أولئك الذين يُسمّون بالضعفاء والمساكين، هم المسئولون في الحالتين!
وأعتقد أن الداء والخطأ يكمن في تسميتنا لهم بالضعفاء والمساكين!
فهم في الحقيقة ضعفاء زمن، ومسكنتهم ظاهرية ومفتعلة!
ويبدو أن الطبيعة وضعتهم حيث يجب أن يكونوا!
وربما كانوا بشراً من غير جنس الإنسان المعهود له بحمل الأمانة، وما وجودهم في الحياة سوى اختبار للإنسان، وقد انخدع بهم، وعجز عن تمييزهم، ففشل في امتحانه!
هم في الحقيقة خلايا إرهابية دهرية معطلة مرحلياً، وجاهزة بانتظار العصور المناسبة والفرص السانحة، للانقضاض على الإنسانية التي يتظاهرون بها ويتسترون باسمها، ويختفون خلفها!
هم مجرمون جاهزون دائماً في كل عصر وفي كل مكان، للعبث بالحياة وسفك الدماء باسم الإله، ولأجل الرُسُل، وبأمر الملوك..، ثأراً لكرامة لا يحملونها ولا يعرفون لها معنى، واحتلالاً لأوطانٍ، ودفاعاً عن أخرى لا ينتمون لها ولا يريدون لها أمنا، ونشراً لشعاراتٍ لا تهمهم ولا يملكون لها فهما، وطلباً لحقوقٍ هم ليسوا لها أهلاً، وبناءً لحضاراتٍ من خشب وحجارة ومن عظام البشر، وأمجادٍ فردية على حساب كرامة الإنسان ومبادئ الإنسانية!
هم مجرمون تنقصهم الضحايا الضعيفة لإظهار شجاعتهم وخبثهم ولا إنسانيتهم وبطشهم وتعطشهم للدماء!
هم غزاة سفاحون ينقصهم السلاح! هم سيّافون ينتظرون الأوامر والفتاوى لفصل رؤوس الضحايا عن أجسادهم، دون حاجة لمعرفة السبب، ناهيك عن القناعة به!
هم ليسوا سوى مواد خام لتفريخ المجرمين وصناعة الإجرام!
هم ليسوا سوى أوبئة بشرية، وأجسادٍ تحمل أرواحاً شريرة!
ماذا فعل الفراعنة والرُسُل المزوَرون، سوى أنهم طلبوا من الضعفاء طاعتهم دون مقابل فلبوا، وأمروا المساكين بالاقتتال فاقتتلوا، وأمروا الجميع بالتباغض فتباغضوا!
لم يأتوهم بجندٍ من عالمٍ آخر، ليُجبروهم على طاعتهم!
لم يأمروهم بقتال جنس غريب، لنقل إنهم يُدافعون عن جنسهم!
ولا يمكن بالضعف والمسكنة تبرير همجية العقلاء!
ولا يمكن بملذات حياة مؤقتة، مهيأة للفناء في أي لحظة، تبرير الظلم والتزوير لكائن عاقل!
ولا يمكن بحجة بناء حضاراتٍ زائلة، وأمجادٍ كاذبة، تبرير عبادة البشر للبشر!
ما السبيل إلى التخلص من مخازن الإجرام هذه، والخروج من دروب الألغام تلك!
ربما كان السبيل الأقرب للحقيقة والأيسر للتحقق، هو الإقرار بأن المجتمع البشري، هو أكبر مجتمعات الأرض تخلفاً، وأبعدها عما يدّعي!
وبالتالي فإنه ينبغي فضح الوهم المحيط بالقداسة والقيمة والمركزية التي يدعيها الإنسان على غيره من الكائنات، ثم بات يدّعيها البشر فيما بينهم!
وبذلك تزول الأسباب التي يتقاتل ويتباغض من أجلها البُلهاء!
وربما كان السبيل الآخر، هو إعادة تعريف المجتمع البشري على أساس فردي، وانتماء إنساني عام، وكشف التزوير الذي جعل من الجنس البشري الواحد، أجناساً مختلفة متنافسة، ومجتمعاتٍ متعددة، يتوهم بعضها الفضل والرفعة والشرف، ويتقرب إلى الإله، حاملاً لواء الأخلاق.. على حساب البعض الآخر!
وربما كان السبيل غير ذلك! وربما لا سبيل!

 

0 تعليق:

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ