face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الاثنين، 6 نوفمبر 2023

قضية فلسطين.. جملة عربية في كتاب البشرية!





إنَّ إدارة الفلسطينيين لقضيتهم، تُمثّل نموذجاً

مُصغّـراً، أو جملة عربية في كتابِ ” إدارة 

عموم البشر لعلاقتهم بالطبيعة والوجود “!


فالفلسطينيون يُدركون واقع العرب والمسلمين، 

وينتظرون منهم موقفاً صادقاً موحداً جاداً حازماً 

تجاه قضية فلسطين، باعتبارها قضيتهم المركزية-

أو هكذا يقولون..،


وبغض النظر عن حجم وحقيقة الأمل الفلسطيني 

المعقود على الموقف العربي والإسلامي المنتظر 

من قضيتهم، فإن ما لا ينبغي الشك فيه هو أن 

موقفاً بهذه المواصفات المثالية وما يتطلبه من 

مصداقية وشفافية – مفقودة حتى بين أفراد 

المجتمع الواحد..، هو أمرٌ غير واقعي وطلب 

غير موضوعي – حتى لو كان عرب اليوم 

والمسلمين في حال غير الذي هم فيه!


ويمكن تشبيه ذلك بما يطلبه كل فرد من البشر 

وينتظره من كل البشر، عند كل مأساة تطال 

الثوابت الإنسانية العامة، المُسمّاة مركزية أو 

مصيرية عند عموم المجتمع البشري .. 

كالأخلاق العامة، وكرامة الإنسان، والبيئة، 

وقبول الآخر، ..الخ.


فالمَطالب ذات الحجم الكبير والخطاب العمومي 

والنتيجة المصيرية – من هذا القبيل، هي في 

العادة تخلو من المعارضة العلنية لها، مما يُغرر 

بأصحابها فيظنون أن كل الأصوات معهم وبالتالي 

النتيجة لصالحهم، بينما الواقع أن مثل هذه المطالب 

لا تحظى بمناصرة عملية قادرة على فعل شيء، 

وبالتالي فهي ليست مطالبة أصحاب حق بحقهم 

وانتظار نتيجة محتملة، بقدر ما هي أقرب إلى دعاء 

اليائسين، الذي ليس له من نصرة بين الناس سوى 

الحد الأدنى من التعاطف ممثلاً بكلمة ” آمين ”، 

والتي ربما تكون صادقة – ولكن من المؤكد أنها 

ليست فاعلة على أرض الواقع!


إذ إنه لم يسبق لمثل هذه الدعوات أو الخطابات 

الحماسية أن حققت نتيجة ثابتة على الأرض على 

مر العصور، سوى التغرير بالمندفعين من البُسطاء، 

الذين يبذلون أرواحهم في سبيل قضايا لا يُدركون 

أسرارها، ولا يعلمون تأويل نتائج تضحياتهم تجاهها، 

متوهمين أنها قضايا عادلة ومصيرية وأن الوجود 

متوقف عليها..،


بينما الحقيقة المؤكدة هي أن كل القضايا البشرية هي 

عبارة عن خلافات زمنية لا ثوابت لها، حيث تتغير 

معادلاتها ومبادئها بتغير قادتها ومنظريها وبيئتها بعد 

موت المناضلين من أجلها، الذين تحمسوا فتوهموا 

أنهم يُحددون مستقبل الكون بتضحياتهم الفردية العبثية، 

وتوهموا أن تضحياتهم هي ما يريده الإله من البشر، 

وأنهم وحدهم الذين لبوا أمر الإله، وأن العالم بأسره 

يقف من خلفهم ويراقبهم، ويدعمهم ويُسجّل أسماءهم 

بأحرفٍ من نورٍ في ذاكرته قرين بطولاتهم..!


وقد جرت العادة أن لا ينتبه الغافلون والمندفعون إلى 

أن ما يُريده الإله من الناس لا يعلم حقيقته سواه!

وأن الفتاوى بشأن الجهاد وقداسة الأرض ونُصرة الأخ 

ظالماً أو مظلوماً، هي ليست أمراً مُقدسًا، بل هي 

اجتهادات بشر يُصيبون ويُخطئون، ولا يوجد إجماع بين 

أتباع الدين الواحد – ولا حتى على فتوى واحدة!


وأن البشر يجهلون الإله ذاته، فكيف لهم أن يعرفوا ما 

يريده الإله!

وأن ما يريده الإله من البشر، هو ما يُلهمه لكل فرد 

منهم مباشرة، وليست أنباءً منقولة عبر البشر 

وألغازًا تحتاج إلى قواميس ومفسرين- لا عصمة 

لهم ولا دليل على صحة ما يقولون! 

بل إن اختلافهم دليل على أنهم جميعًا مخطئون!


أما العالم فهو مجموع أفرادٍ منشغلين بهمومهم، لا 

يهتمون لتضحيات أولئك المغرر بهم، إلا كخبر عاجل 

عابر لا يتجاوز بقاؤه في الذاكرة لحظات سماعه! 

وحتى من احتفظ بأسمائهم وتضحياتهم فهو لن يُفيدهم 

بشيء، وسيحتفظ بذكراهم في ذات الذاكرة التي يحتفظ 

فيها بذكريات كل المغامرين الذين تغيرت من بعدهم 

المعادلات وأضحت تضحياتهم مغامرات تاريخية يشوبها 

الشك والتزوير، حتى تتحول مع الزمن إلى أساطير 

خرافية يُسجلها التاريخ بين الحقيقة والخيال!


إن الحكمة تستوجب وضع مثل هذه المطالبات 

والخطابات الجوفاء المُغَرِّرة، في قائمة تسالي 

الحُذاق بسذاجة الساذجين، وأحلام العجزة التي 

لم ولن تتحقق يوماً!


لماذا لا تتحقق؟

لأنها في الحقيقة لا تعدو أن تكون كلاماً إنشائياً 

من قبيل الترويح عن النفس، وتكرارًا لمحاولات 

فاشلة، تهدف إلى بث الروح في أملٍ لا أساس له، 

فهو خطاب حماسي لا يمت للموضوعية بِصلة!


إذ إن الدقة المُتصوَرة والنتيجة المُنتظَرة في مثل هذه 

المواقف، قد تُطلب وتكون موضوعية وقد تتحقق على 

مستوى العلاقات والمواقف الفردية المحدودة التي تكون 

تضحياتها نابعة من قناعات ومبادئ شخصية أكيدة 

وأصيلة، وليست ناجمة عن إيحاءات خارجية وحماس 

لحظي!

وحتى في هذه الحال فهي تتطلب علاقة أو صداقة 

خالصة صادقة بين الأفراد – نادرة الحدوث!


أما أن تُطلب أو تُنتظر هذه المواقف من ملايين أو حتى 

من ألوف البشر..، فذلك ضرب من الأحلام، ونوع من 

عقد الآمال على مسارح الخيال!


فإذا كانت فلسطين- أو ينبغي أن تكون -هي قضية 

العرب والمسلمين رقم 1 ، فهذا يعني وبالضرورة أنها 

قضية الفلسطينيين رقم 0 .

وإذا كان الأفراد محدودو العدد في المنطقة 0 ، 

المشتركون بالضرورة ومباشرة في العدو والهدف، .. 

مختلفين متفرقين متباغضين متصارعين متخاونين !


فكيف يُنتظر موقفٌ موحدٌ تجاه ذات القضية، من المئات 

في المنطقة 1، وهم البعيدون عن مركز الحدث؛ 

والمعزولون عنه بمآسيهم الخاصة المُلِحَّة، إضافة إلى 

اهتزاز صورة القضية وتداخل ألوانها بسبب الغبار 

المتصاعد من المنطقة 0 ، جراء الصراعات 

والانقسامات والخلافات المستمرة بين أصحاب القضية 

المباشرين!
…………………………..

* البشر في مقابل الطبيعة..


لا يُدرك البشر أمراً كإدراكهم لحقيقة الموت! ومع ذلك 

فهم يتجاهلون حقيقة أنهم حدثٌ عابر وليسوا أزل قائم!


فيتصورون أنهم مأمورون ومؤهلون لاكتشاف أسرار 

الطبيعة والتحكم في عناصر معادلتها، ليبنوا ويُحددوا 

علاقتهم الأبدية بالوجود!


وتحت راية هذا الحلم، ارتفعت سقوف الأهداف والآمال، 

وتعددت وتمددت طموحات البشر، فتعاموا عن حقيقة 

حاضرهم، وبرروا هدر كرامة جُلهم، في سبيل تحقيق 

الوهم المُسمّى سعادة إنسان المستقبل؛ وهو ذات السبيل 

الذي هلك على دروبه الأسلاف منذ أن كان الإنسان، 

دونما نتيجة ودونما عِبر!


وذات الأمر أجده ماثلاً في مأساة الشعب الفلسطيني!


فالسيطرة الإسلامية على أرض فلسطين هي حدث 


وليست أزلًا، والحدث لا يحمل روح الديمومة.


فقد أصبحت فلسطين إسلامية بعد أن لم تكن! 

ثم ذهبت مُلكيتها لغيرهم، ثم عادت لهم وذهبت عنهم 

مرة أخرى، وقد تعود لهم يوماً، وقد تذهب لغيرهم 

يوماً آخر!


فلم يكن احتلال الأراضي نهاية مطافٍ في عصر من 

العصور حتى يُبرر هدر كرامة الإنسان، ولم يكن تحرير 

الأوطان يوماً نهاية أحداثٍ ولا ضماناً لكرامة أهلها!


فالأمة إنسان وليست أوطاناً! 

والتضحية بكرامة الإنسان من أجل الأرض لا يُبرره 

منطق ولا يقول به عقل ولا يأمر به دين!


فأن تكون كرامة الإنسان واقعاً عملياً معاشاً على جزء 

من أرضه، أو على أرض غيره، لهو أحق وأصوب من 

أن يحيا الملايين مشردين محاصرين مطاردين مهانين،

بانتظار تحرير كامل التراب الذي لا ضمان لاستمرار 

تحرره، ولا كفيل لحياة كريمة عليه إذا تحرر، لاسيما 

إذا كانت الخلافات والتحالفات وطعون الإخوة في 

مصداقية بعضهم قائمة قبل التحرر!

* للطبيعة في قواميس البشر تعريفان متناقضان!

حيث إن الطبيعة في أقوال البشر هي سر الوجود الذي 

ينبغي تقديسه، بينما في أفعالهم هي الخصم والعدو الذي 

ينبغي مراوغته والحذر منه إلى أن تتاح الفرصة 

لإخضاعه وإذلاله واستغلاله دونما شفقة، وبما يُخالف 

كل المبادئ والتعهدات والشعارات المرفوعة!


وكذلك الحال في فلسطين..، فالمسلمون والفلسطينيون 

يعتقدون بأن فلسطين أرض باركتها السماء، وفي ذات 

الوقت – وعليها وباسمها – تسيل دماء الأخوة بأيدي 

بعضهم، ولأجلها تمتلئ قلوبهم أحقاداً وتخويناً لبعضهم 

البعض!


وأيضاً هم يؤمنون بأن فلسطين مُقدّسة ينبغي احترامها، 

وفي ذات الوقت لا يترددون في تلويث ترابها بدماء 

المدنيين من الخصم – دونما تمييز – بمن فيهم دعاة 

السلام والمحايدين، وبكل السُبُل المتاحة بما في ذلك 

الغدر والخيانة! 

فالتخفي بين المدنيين واستغلال وسائل المواصلات 

والأماكن العامة من أجل تفجيرها وقتل أكبر عدد ممكن 

من البشر، بغض النظر عن مواقفهم..، من أجل الضغط 

على الحكومات ..، هي أفعال خيانة وغدر لا يمكن 

تبريرها، خاصة لمن يدّعي بأنه يُناضل باسم الله من أجل 

حقٍّ مُقدّسٍ وعلى أرضٍ مباركة!

* البشر في مقابل الطبيعة..


يتحدثون باسم مصلحة ورفاهية الإنسان وضمان مستقبله! 

بينما الموجود على أرض الواقع هم بشر يتنافسون من 

أجل إخضاع أكبر عدد ممكن من الإنسان، مستغلين 

حاجته وضعفه وحبه – غير المبرر- للحياة..، لتجنيده 

في صراعهم من أجل السيطرة على الطبيعة!


حيث يتخذون من العواطف الملازمة للإنسانية، شعاراً 

لتحقيق أهدافهم، حتى أصبح الإنسان في حياة البشر 

مفهوماً أو مصطلحاً لُغوياً- وربما كان شبحاً أو وهماً 

مصطنعاً – لا وجود ولا حقوق له، إذ لا يوجد بين البشر 

من يُمثّله عملياً – رغم إسقاطه نظرياً على كل البشر! 

فالإنسان هو العامل الكادح طوال حياته من أجل الحد 

الأدنى من لقمة العيش، وهو المتسول الذليل العاطل 

عن العمل، وهو الممنوع من حرية الفكر والاعتقاد 

والتعبير، وهو الجندي القاتل والمقتول – إثباتاً لصحة 

هذه النظرية أو تلك، وهو المتضرر من الحصار 

وانعدام الخدمات، وهو الممنوع من السفر بحُجّة 

الحرب والطوارئ – في وقتٍ يُسافر فيه القادة 

بالتنسيق مع الأعداء في أحلك الظروف..، ولا نهاية 

لألم الإنسان باسم حقوقه ورفاهيته، وباسم تحرير 

وحماية تراب الأوطان!


وذات الأمر ينطبق على علاقة المواطن الفلسطيني 

بالقيادات الفلسطينية! 

فشعار النضال الفلسطيني واحد موحد، وهو استعادة 

حقوق وكرامة المواطن الفلسطيني وأرضه..


ولكن في الواقع، وتحت الشعار الواحد، توجد العديد 

من الحركات والقيادات المختلفة والمتصارعة، التي 

لا تتردد في استعمال السلاح والحصار والسجن 

والتعذيب ضد بعضها، وضد المدنيين من شعبها 

بسبب انتماءاتهم الحزبية أو الحركية!


حيث فشلت الحركات الفلسطينية في توحيد قيادتها 

وموقفها وخطابها تجاه فلسطين وتجاه العدو.. رغم 

أحادية الهدف والعدو..، وهي التي ترفع شعار 

توحيد الشعب والتراب كله؛ والنتيجة أن الإنسان 

عمومًا دفع ويدفع ثمن تجارب البشر، .. تماماً كما 

يدفع الإنسان الفلسطيني ثمن مفاوضات فتح 

وصواريخ حماس وغموض الجهاد وفلسفة الشعبية

… وغيرها!

مُتْ كريماً وأنت الغريب، ولا تَعِش صاحب الدار الذليل!

0 تعليق:

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ