face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الخميس، 7 يناير 2021

يستنسخون أفكارهم ويتوقعون نتائج مختلفة!



البشر يُعيدون إنتاج ذواتهم بصور مشوَّهة، ويُعيقون التطور الطبيعي للوعي البشري، عبر الأكدمة! الأكدمة – من الأكاديمية، ويُقال إن كلمة أكاديمية أصلها يوناني، ومنسوبة للمكان الذي كان يُلقي فيه أفلاطون محاضراته أو دروسه الفلسفية على تلامذته، ثم استمر تلامذته من بعده وتوارثوا استعمال ذات المكان لذات الغرض لعدة قرون من الزمن (يُقال 9 قرون)، وأن ذلك المكان هو عبارة عن حديقة أو بُستان يُسمَّى أكاديموس، يقع بإحدى ضواحي أثينا القديمة، وأكاديموس هو اسم أحد الآلهة قديمًا؛ معلوم أن مفهوم أكاديميات في عصرنا الحاضر، يعني مؤسسات التعليم العالي! والأكدمة في مجال العلوم الطبيعية التطبيقية (كيمياء، هندسة، طب، ..الخ)، تعني إخضاع الأشياء والأفكار لبروتوكولات علمية (مستويات تعليمية، بحوث ودراسات متخصصة، تجارب ونتائج محددة ومؤكدة، وفق معايير معينة، تؤهل للحصول على شهادات جامعية)! العلوم الإنسانية = الفلسفة، الأدب، التاريخ، اللغات، العلوم السياسية، علم الاجتماع، علم النفس، ..الخ! التاريخ البشري، مجهول التفاصيل ومشكوك المعلومات وشحيح البيانات؛ والمستقبل، مجهول الأحداث والنتائج؛ والحاضر، متغير في كل لحظة! اللغة متجددة، واتفاق الأطراف على مدلولات ألفاظها أهم من أصول مدلولات ألفاظها! السياسة متجددة، ولا يمكن جمع خيوطها ولا التحكم والتنبؤ بمعطياتها، وما يُكشف منها لا يتكرر لكي تسمَّى عِلمًا! وبهذا المعنى تكون الأكدمة في مجال الإنسانيات (العلوم الإنسانية)، تعني إخضاع المجهول المتجدد، لمعايير معروفة وثابتة، أو تجارب سابقة لها ظروفها ومعطياتها الخاصة! المجهول المتجدد هنا هي ماهية الإنسان! ولأن الأكدمة تعني التعليم، والتعليم يعني التوجيه والتقليد، لذلك أقول إن الأكدمة تعني استنساخ الأفكار أو توجيه الوعي؛ وهذا يعني إنتاج قيادات بشرية مشوَّهة – مُقلَّدة نسبيًا، .. أي غير طبيعية أو غير طليقة التفكير! إن سلوك الإنسان خاضع لمزاجه، وليس العكس! ومزاج الإنسان خاضع لمعطيات وظروف لا إرادية! إنه ليس الآخرون وحدهم عاجزين عن تقييم الإنسان، بل إن الإنسان ذاته لا يمكنه تقييم ذاته إلا وهو في صميم المواقف! ولعل الأهم والأوضح من ذلك، هو أنه إذا كان الإنسان الفرد لا يتكرر، فإنه لا معنى ولا قيمة لوجود أكاديميات تمنح شهادات (علمية) في المجال المعروف مجازًا بـ"العلوم الإنسانية"! ولا يمكن تبرير وجود هذه الأكاديميات، إلا لاستنساخ الفكر البشري، بُغية الحد من التطور الطبيعي للوعي البشري، والهدف هنا يكون هو السيطرة على الإنسان، بخلق وجود بشري حسب رغبة ورؤية القادرين والقائمين على هذه الأكاديميات أو من يقف خلف الفكرة! وفي الواقع، يمكن تسميتها بأكاديميات حصر الأنماط أو السلوك أو التجارب البشرية السابقة، أو أكاديميات الاحتمالات، أو غيرها، لكن ليس أكاديميات علوم إنسانية، لأن هذه التسمية لا يمكن إلا اتهامها بعدم الأمانة العلمية! إذا كان المفكر أو الفيلسوف، لا يُقبل منه إلا ما هو جديد وغير مكرر، وغير معروف مسبقًا لغيره ولا له هو ذاته، إذن من الذي يكون مؤهلًا لمنحه شهادة مفكر أو فيلسوف، سوى الواقع! .. وكذلك هو الحال مع الأديب والشاعر وكل موهوب، وكل إنسان طبيعي غير مكرر، والواقع أن كل البشر الطبيعيين هم غير مكررين بالضرورة! والأهم مما سبق، هو أن منح شهادة أكاديمية لشخص ما في هذا المجال، معناه نزعها عن الآخرين، وهذا أمر غير واقعي وتعوزه الأمانة والإنصاف..، فلا شك أنه يوجد بين عامة البشر من هم أقدر وأبلغ وأكبر موهبة من هذا الأكاديمي – المحظوظ أو المغشوش أو المدسوس أو المُجنَّد – بعلمه أو بدون علمه! لكن، ربما الأهم من كل ما سبق، هو أن نُدرك ونعترف، بأن الأكاديمي هو إنسان غير حر التفكير، أي أنه غير طبيعي، لأنه خضع لتوجيه فكري – كتحصيل حاصل للبروتوكولات والمناهج التعليمية الأكاديمية، وهو بذلك لا يستحق أكثر من لقب مُقلِّد، فإن كان ماهرًا استحق لقب مُقلِّد بارع، لكن لا شيء أكثر من ذلك! إنه علينا أولاً تصحيح المغالطة المسماة: "علوم إنسانية"، لأنه لا وجود للعِلم هنا، ولتصبح: "تاريخ بشري" أو "أخلاق بشرية" أو "سلوك بشري" أو "صور إنسانية" أو "نماذج بشرية" أو "أمثلة إنسانية" أو "وقائع إنسانية"، أو ما شابه (على افتراض أن إنسان = بشر، أو أن البشر متساوون، وهذا غير دقيق)، لكن المهم أن يعكس الاسم المُسمَّى كما هو في الواقع، لا كما في مخيلة من يُطلقون التسميات ومن يُرددونها دون اعتبار لعدم واقعيتها، ومن يَدرسونها ومن يُدرِّسونها أو من يعتاشون عليها، أو من يقف خلفها! إننا بحاجة فقط للتوقف عن تشويه وعي الإنسان، وحينها لن نكون بحاجة لإهدار الوقت في محاولات غير مجدية لفهم سلوكه، من أجل محاولات لا نهائية لتفسير الظاهرة الإنسانية! يؤخذ على المعتقدات الدينية بصفة عامة، أنها تمنع التفكير وتحد من الحرية ومن التواصل البشري، لكي تبقى هي، حيث لا مكان لها لدى الإنسان، إلا أن تحل محل التفكير والحرية والمعلومة؛ وبذلك كانت المعتقدات سببًا في إحداث اختلافات ثقافية وإعاقات فكرية، حالت دون التجانس البشري من حيث المعتقدات والعادات والأعراف والوعي والإدراك! لكن في الواقع، المعتقدات الدينية عبارة عن جزء من هذا الكل المعروف بالأكدمة! إن وضع قواعد جامدة للغة، وتحديد بحور وضوابط للشِعر، وضوابط لكتابة القصة والرواية، وضوابط للاجتهاد الفقهي، …الخ، هذه كلها أكدمة لا معنى ولا أساس منطقي أو طبيعي لها..، إلا إذا كانت هذه الضوابط والقواعد اللغوية قد وُجِدت كمُعطيات طبيعية كونية ثابتة، سابقة للبشر أو مستقلة عنهم، وليست صناعة بشرية! والواقع، أنها صناعة بشرية – كان يمكن ألا توجد وكان يمكن أن يوجد غيرها -، وقد أوجدتها التلقائية البشرية الحُرة في عصور خلت، وخلت من الأكدمة..، وما هذا سوى مثال بسيط على الهُراء الأكاديمي، وقتله للإبداع وإيقافه لحركة التطور الطبيعي للوعي البشري! مفهوم العلوم الإنسانية، هو من المغالطات الأكاديمية الشائعة، حيث لا يوجد شيء في الواقع والطبيعة اسمه علوم إنسانية، إنما توجد معطيات وظروف وأحداث إنسانية لا تتكرر، ووعي بشري متطور باستمرار، يُنتج تفكيرًا متجددًا، يختلف من فرد لآخر، من مكان لآخر، من زمان لآخر، ومن ظرف لآخر! الأكدمة في مجال الوعي البشري (العلوم الإنسانية)، معناها توجيه وتصنيع الفكر البشري، وليس معناها تعليم البشر! الوجود البشري الطبيعي، يمكن تحقيقه بالاكتفاء بتعلم القراءة والكتابة، ليستعملها الوعي كحاسة إضافية يتميز بها البشر عن غيرهم، وحسب! التعليم الأكاديمي معناه عرقلة الوعي وتوجيه التفكير وتلويث العقول الجديدة بمنتجات قديمة مستهلكة! عربيًا، التركيز على حَرفيَّة اللغة، بما يؤدي إلى تخطئة ونقد الكُتَّاب والناطقين – لغويًا – رغم وضوح المعنى واكتمال الصورة فيما يقولون وما يكتبون..، أدى بهم إلى هجر اللغة، وإنتاج لغات بديلة موازية، وإلى السخرية من قواعد اللغة الأم التي مُنِعوا من تطويرها، ولم تستطع هي منعهم من التطور وتجاوزها بدافع التخلص من عُقدة الأكدمة التي تريد إجبارهم على التوقف، وإضاعة الأعمار المحدودة، في إتقان ما أُنتج في عصور سابقة، بدل التقدم إلى الأمام، وإنتاج ما يواكب العصر، بحيث يكون الأساس هو حصول التواصل والتفاهم والتكامل، وليس التقليد والتنافس والتفاضل! اتفاق غالبية البشر على رفض الأكدمة اللغوية، باستحداث لهجات محلية، هو دليل قاطع على عدم صواب وعدم تلقائية الأكدمة! اللغة هنا مجرد مثال بسيط، فالإنسان لم يهجر اللغة فحسب، بل هو بطبيعته مستعد لهجر أقرب الناس له أو حتى قتلهم، إن هم أعاقوا تطوره الطبيعي، بل هو مستعد لقتل الحياة في جسده، إن هي منعته من التطور وأجبرته على التوقف! إن كل ما هو غير طبيعي، لا يمكنه التواجد بشكل طبيعي، لأن من مسلمات قوة الطبيعة القاهرة أنها ترفض وتقاوم ثم تُدمِّر كل وجود ينحرف عن قوانينها..؛ وجُل البشر الفاعلين اليوم هم صناعة بشرية أكاديمية (رجال دين، سياسيين، مسئولين، مثقفين، إداريين، محللين، مفكرين)، ..أي أنهم غير طبيعيين، ولذلك بات الوجود البشري مُهدَّدًا ومُحارَبًا طبيعيًا، وسيظل مضطربًا فاقدًا للاستقرار، إلى أن يتناغم مع قوانين الطبيعة أو تُدمِّره الطبيعة! هناك فرق كبير جدًا، بين أن تموت وأنت مقتنع بالموت، وبين أن تموت وأنت رافض للموت خائف منه! إن أكدمة الوعي البشري، هي عبث ترفضه الطبيعة، لأن الأكدمة عبارة عن إعاقة للتطور الطبيعي! ولأن التطور الطبيعي أمر حتمي، لذلك فإن منع الوعي البشري من التطور الطبيعي مرحليًا، يؤدي به إلى القفز الفجائي في مراحل لاحقة، لتعويض المراحل الفائتة – التي كان ينبغي أن يقطعها تدريجيًا عبر التطور الطبيعي! ما نشاهده من ظواهر تبدو لنا غريبة، ونعتبرها غير طبيعية، كزواج المثليين، وما يُعرف بالتوحُّد – مثلاً، هي تطور طبيعي عبر القفز الفجائي، وهي كذلك تعبير عن رفض ومحاربة الطبيعة للوجود البشري الأكاديمي – غير الطبيعي، ولعلها بداية لتدميره بواسطة الطبيعة، لأنه حاد عن القواعد الطبيعية للوجود، وذلك بمنعه للتطور الطبيعي التدريجي السلس! إن المبالغة في التعامل مع أي شيء، تدفعه لإظهار وجهه الآخر! المبالغة في تنظيف الطلاء، تؤدي إلى ظهور ما خلفه من خشب أو معدن أو صخر، ما يعني تشويه المشهد بشكل جذري، بما هو أكثر من مجرد الغبار الطبيعي! أزعم أن المبالغة في التواصل والترابط والتعارف الاجتماعي، أدت إلى ظهور التوحد، كوجه آخر للسلوك البشري، وكردة فعل تصحيحية أو تدميرية من الطبيعة! وأجزم بأن المبالغة في المدح النظري الزائف للأخلاق الحميدة والتقديس الافتراضي للحُرمة البشرية، أدت إلى التعري واغتصاب الأطفال والمحارم، كوجه آخر للسلوك البشري، وكردة فعل تصحيحية أو تدميرية من الطبيعة! المبالغة في قولبة الأسرة، وتحميلها مسئولية غير واقعية، وتقديس وتعظيم وتقييد الزواج التقليدي، أدت إلى ظهور زواج المثليين، كوجه آخر للسلوك البشري، وكردة فعل تصحيحية أو تدميرية من الطبيعة! الزواج التقليدي حسب العقيدة المسيحية التي تمنع الطلاق، هو عبارة عن مخالفة صريحة لقوانين الطبيعة في الإنسان، وذلك بإكراهه على التنازل عن العقل والوعي والمنطق، كمهر للزواج (المقدَّس)! الزواج التقليدي حسب العقيدة الإسلامية، هو عبارة عن مخالفة صريحة لقوانين الطبيعة في الإنسان، وذلك بإكراهه على القبول بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، كمقابل للزواج! إن كل ما يُقال وما يُكتب (محاضرات، مؤتمرات، برامج، كتب، مقالات)، في مجال الإنسانيات (العلوم الإنسانية)، هو عبث وتشويه متعمد للفطرة والطبيعة البشرية، أو هو جهل بخصوصية الكائن البشري، ما لم يكن عنوانه يُشير بوضوح إلى أنه مجرد حديث عن معطيات ووقائع بشرية سابقة، لا عن علوم إنسانية!

0 تعليق:

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ