face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأربعاء، 20 يناير 2021

إله الحاجة وإله الحقيقة!






غايتنا ، رؤية الوعي البشري متحررًا من السجن الثقافي والتوجيه الفكري!
 مفهوم الإله = مفهوم الحقيقة! الإيمان = الحاجة للاطمئنان! آمن بالإله = أقرَّ بحاجته للاطمئنان! توحيد الإله = توحيد الحقيقة! في أحاديثنا وحواراتنا وكتاباتنا، تعودنا وربما كنا مضطرين لاستعمال لفظة "الإله"، بينما نحن نقصد "الحقيقة"! ثقافيًا، لفظة "إله" أصبحت تعني مجموع الحقائق أو خلاصة الحقائق أو مصدر الحقائق! في الواقع ما يهمنا هو أن ننقل للآخر صورة طبق الأصل عن الفكرة التي لدينا، ولذلك كثيرًا ما نستعمل المفردات الأقدر على إيصال الفكرة ثقافيًا، وليس بالضرورة المفردات الأنسب لغويًا لطرح الفكرة! استعمال لفظة "حقيقة" هو الأنسب لغويًا هنا، لكنه عادةً يذهب بوعي المُخاطَبين وتفكيرهم إلى اتجاهات مختلفة، الأمر الذي يحول دون وصول فكرة موحدة للكل، لذلك نضطر لاستعمال لفظة "الإله" لتركيز الوعي وتوحيد اتجاه التفكير ..، لكن في الواقع نحن لا نتحدث عن إله محدد نعرفه ونستطيع تصوره، إنما نقصد ذلك الموضوع الكامل – افتراضًا، أو تلك الفكرة الناقصة – واقعيًا، والذي أو التي تحوز على اهتمام كل البشر فطريًا، والتي هي الحقيقة المطلقة التي يطمئن لها كل الضعفاء ..، والضعف قرين الوعي! الإله بهذا المعنى، لا شك أنه ليس بحاجة للمتاجرة بكرامة وآلام البؤساء، ليحصل على ولاء الأقوياء والأغنياء والواعظين - كما تصوره المعتقدات! فمفهوم الإله لا بد أن يكون أبعد ما يكون عن هذه المسرحية الهزيلة - مضمونًا وإخراجًا، والتي تصور الإله وهو يمنح المال والقوة والمعرفة لبعض البشر، لكي يتقربوا بها إليه، من خلال مآسي وجهل وحيرة وآلام البعض الآخر، والذين جعلهم ذات الإله فقراء وضعفاء وجهلاء، لا لذنب اقترفوه، إنما فقط لكي يكونوا مادة للتجربة أو جسرًا للعبور بين الإله وبين الأقوياء والأغنياء والوعاظ ..؛ والحقيقة أن الإله ليس بحاجة لاختبار البشر أصلاً، وليس البشر في مستوى اختبار إلهي – بالمعنى المطلق للإله! إن هذا الطرح السطحي وهذا التفسير البشري البدائي للوجود وللغاية من الحياة، يدعونا إلى السؤال عن تعريف الإله، فهذا يُثبت أننا لسنا متفقين على مفهوم الإله! وفق هذه النظريات، يبدو تعريف الإله، بأنه عبارة عن كائن بشري أسطوري متسلط، على هيئة رجل خارق للمواصفات البشرية المعتادة – لا أكثر! وأنه ليس هو الحقيقة المطلقة، ولا يريد الحقيقة، إنما يريد انتزاع إقرار البشر واعترافهم بقوته وجبروته، ويريد تحقيق ذلك بصورة مُذلة مهينة للبشر بما يُشبع غروره، وكأنه غير واثق من قوته، فجعل من العبث بالوعي البشري مادة أو موضوعًا له للتسلية، واتخذ من مآسي وآلام البشر وتملقهم وخضوعهم اللا منطقي له، سببًا للوجود البشري! فإذا كان الأمر كذلك، إذن لا بد من وجود إله آخر حقيقي، مواصفاته مطلقة، يتساوى أمامه البشر وغير البشر، وذلك هو الذي يجهله الجميع معرفيًا، ويؤمنون به فطريًا! في الأصل لا بُد أن يكون كل البشر مؤمنين فطريًا، ومؤمنين بإله واحد! لكن، هذا الإيمان الفطري بإله واحد، ليس مصدره وحيًا ولا رسولاً ولا معرفةً ولا إدراكًا، إنما هو نتيجة حتمية لشعور لاإرادي يتملك الإنسان، يُشعره بالحاجة لإيجاد وسيلة لمواجهة الهواجس والمخاوف من المجهول، والتي هي مصاحبة للوعي بالضرورة! معلوم أنه لولا الوعي، لما كانت الهواجس ولا المخاوف، ولما كانت هناك حاجة ولا معنى لمفهوم الاطمئنان لدى الإنسان! ومعلوم أن الوعي مصدر اطمئنان بقدر ما يعلم ويأمن، وهو مصدر مخاوف وهواجس بقدر ما يجهل ويخشى! لذلك فإنه وبغض النظر عن ماهية ومُسمَّى مصدر الاطمئنان – أكان إلهًا أو سواه-، فالأساس هو أن الكائن الواعي محتاج فطريًا ومنطقيًا للبحث عن الاطمئنان..؛ والاطمئنان لا يتحقق في وجود الوعي إلا بانتفاء الضعف والمجهول – عمليًا، أو بوجود قوة مطلقة تحمي الكائن الواعي، أو تُنجده كلما دعاها! وريثما يتمكن الوعي من تجاوز الضعف وكشف المجهول واقعيًا، كان بحاجة عاجلة لوجود تلك القوة - ولو نظريًا – للمحافظة على توازنه، فإن لم توجد وجب افتراضها- بغض النظر عن حقيقة وجودها من عدمه- وهذا ما كان ..؛ تلك القوة هي التي اتفق البشر لاحقًا عبر الأجيال على تسميتها بالإله! الإيمان هنا يكون بإله الحاجة البشرية وليس بإله الحقيقة الكونية ..، وهذا بالطبع لا ينفي ولا يُثبت وجود الإله الحقيقة! الفطرة البشرية الطبيعية لم تعد موجودة اليوم، أو لم تعد تعمل منذ ظهور الأديان وانتشارها، وذلك بسبب التلقين العقائدي المُبكِّر والممنهج، الذي تمارسه المؤسسات الدينية المختلفة على البشر، الأمر الذي يؤدي إلى توجيه الفطرة فلا تعود معيارًا طبيعيًا! من المستحيل اليوم، إيجاد فطرة بشرية طبيعية يمكن اختبارها في موضوع الإيمان بالإله الحقيقة! موضوع الإله اليوم، يصعب الخوض فيه بحيادية، إذ لا بد من الوقوع تحت تأثير خلفية عقائدية وتصور معين مسبق للإله ومبتغاه! المشكلة الكبرى في علاقة البشر بمفهوم الإله، ظهرت مع تعدد الأديان والتقائها في الزمان والمكان، وما صاحبه من ظهور مؤسسات بشرية ذات طابع ديني، استثمرت مفهوم الدين للسيطرة على البشر، ما أدى إلى التنافس بينها على استقطاب الأتباع، الأمر الذي استوجب طعنها في مصداقية بعضها البعض ..، مما أدى تلقائيًا إلى بروز تساؤلات تتراوح بين إمكانية تعدد الآلهة واحتمالية ضعف الفكرة من أساسها ..؛ وحيث إنه لا دين يخلو من العيوب، فقد أدى انتقاد الأديان لبعضها إلى ظاهرة انتقال البشر بينها، الأمر الذي أدى إلى استعمال مفهوم الإله لتخويف البشر وتحذيرهم من ترك الدين – سواء بالانتقال إلى دين آخر أو بتركها جميعًا-، ومن هنا تغيرت المعادلة في علاقة البشر بالإله، فلم يعد مفهوم الإله مصدر اطمئنان للإنسان كما كان في الأصل وكما ينبغي أن يكون دائمًا، بل أصبح مصدر خوف يستعمله رجال الدين للسيطرة على البُسطاء ..؛ والواقع أنه مهما تكن حقيقة مفهوم الإله، فالأصل هو أنه لا مجال لمقارنته بالبشر- حتى يتم تصويره كخصم لهم وتخويفهم به! لكن، ولأن استعمال مفهوم الإله لتخويف البشر هو أمر غير منطقي وغير واقعي، لذلك لم يستجب معظم البشر للتخويف والتحذير باسم الإله! ولأن الإله الذي تم استعماله لتخويف البشر هو إله الحاجة وليس الإله الحقيقة، لذلك لم يستجب هو الآخر لتصورات البشر الذين استعملوه لتخويف غيرهم! ولكي لا يظهر رجال الدين بمظهر الواهم أو الكاذب، اضطروا لتطوير تصوراتهم وعلاقتهم الخاصة المفترضة بالإله، فادعوا أن الإله قد كلفهم بتنفيذ مشيئته في تخويف البشر وتأديبهم، فأصبحوا يُهددون ويبطشون ويقتلون باسم الإله أو نيابة عنه! وهنا أصبح مفهوم الإله عالة على الوعي، حيث أصبح الإله عبارة عن سلاح وتشريع وصلاحيات مطلقة بيد بعض البشر، يستعملونه لإرهاب واستعباد بقية البشر، ففقد مفهوم الإله صورته الجميلة كمصدر للاطمئنان، وأصبح وجوده مصدرًا للهواجس والمخاوف، بل أصبح وجوده مصدرًا للآلام والمآسي الآنية ..؛ بذلك أصبحت الهواجس والمخاوف الطبيعية المصاحبة للوعي، والتي استوجبت وجود الإله أصلاً، أصبحت أقل عبئًا على الإنسان من الإله، الأمر الذي أفقد مفهوم الإله مبرر وجوده لدى المتضررين منه، بل أصبحت الحاجة ماسة لإثبات عدم وجوده – وذلك كسبيل وحيد لدحض التكليف الإلهي المفترض، الذي يستعمله البعض لإرهاب واستعباد البعض الآخر .. من هنا نشأت فكرة الإلحاد والكُفر بالإله الحقيقة – رغم عدم معرفة الملحدين به! إن بحث الكائن الواعي كان دائمًا عن الاطمئنان، وقد وجده بادئ الأمر في مفهوم الإله، لكن عندما تحول مفهوم الإله إلى مصدر للفزع والرُعب بحسب أيديولوجيا بعض الأديان وجهل القائمين عليها، اضطر الوعي البشري للبحث عن بديل للإله يوفر له الاطمئنان ويحميه من استغلال رجال الدين لمفهوم الإله! ولأن مفهوم الإله قد تعددت صوره وأهدافه بعدد الأديان، فلم يعد من المقبول ولا من المقنع افتراض إله آخر أو إله جديد يُعيد للإنسان الاطمئنان بمفهوم الإله كما كان قبل تعدد الأديان ..، لذلك كان البديل هو محاولة إلغاء فكرة الإله، واستبدالها بفكرة العدم ..، حيث أصبح خيار المساواة السلبية يبدو أفضل من خيار التنافس غير المتكافئ! فرجال الأديان احتكروا أسرار العلاقة بالإله، وبالغوا في التضييق على البشر حتى كادوا يجعلوهم آليين لا ذوات لهم! ففضَّل الكثيرون من البشر خيار الفوز الآن مع احتمال الخسارة غدًا، على خيار الخسارة الآن مع احتمال الفوز غدًا! بالنسبة للبشر، إثبات وجود الإله لا يختلف عن إثبات عدم وجوده، فكلاهما محاولات فلسفية واستقرائية واستنباطية لا يمكن برهنتها! لذلك وجد الملحدون الاطمئنان في افتراض العدمية، كبديل لاستعباد رجال الدين لهم باسم الإله! وفي الواقع لا أحد يعرف الإله الحقيقة – لا الملحدون ولا المؤمنون! والإله الذي أنكره الملحدون هو إله الحاجة الذي تم تصويره واستغلاله على أنه إله الحقيقة، فبدا الملحدون وكأنهم يُنكرون وجود الإله الحقيقة الذي يجهله الجميع، وهذا غير صحيح، فالملحدون من خطابهم يتضح أنهم يُنكرون وجود الإله الظالم العابث الذي يسمح لبعض البشر بالسيطرة على بعضهم الآخر، ولا يُنكرون وجود إله يجهله الجميع

1 تعليق:

غير معرف يقول...

👍🙏

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ