face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الاثنين، 3 يناير 2022

عداوتنا للموت وصداقتنا للحياة .. لماذا؟




لا يمكننا بأي حال أن نتجاهل حقيقة مُرَّة، هي أن حب الحياة مرتبط ارتباطًا وثيقًا بسطحية التفكير، وبقدرة الإنسان على تحمل الإهانة وقبول العبث .. فالحياة تقوم على المزج بين التبرير والعبث، والكذب والصدق، والجد والهزل، والكرامة والمهانة .. ولذلك فإن الذي يجد لديه رفضًا حقيقيًا للمهانة والعبث، يجد لديه بالضرورة رفضًا مستمرًا ومتزايدًا للحياة! المتدينون المتطرفون في تدينهم، هم بشرٌ حسموا أمرهم في موضوع غير محسوم .. ومثلهم المتمسكون بالحياة تحت كل الظروف، الرافضون للموت كخيار وبديل طبيعي لها .. هم كلهم مجرد ضحايا ثقافات – لا مدركو حقائق .. سواء كانوا مثقفين أو غير مثقفين! صفة مثقف ليست مدحًا للإنسان بالضرورة .. فلا يخلو مثقف من تعصب أعمى لثقافة دون غيرها! ما يمكن اعتباره مدحًا للإنسان هو صفة التحرر الفكري، تلك التي تعني عدم الجزم بصواب الأمور قبل اكتمالها – على غرار عدم الجزم بحقيقة الإنسان قبل موته ..، حيث أنه قابل للتغير ما دام حيًا!
 لماذا نتشبث بحياةٍ تطردنا، ونرفض موتًا يحتضننا؟ عداوتنا للموت عبارة عن تعصب ثقافي، مثلها كمثل حبنا للحياة .. لا يمكن تبرير أي منهما! الانتقال من طلب الحياة إلى رفضها، ومن رفض الموت إلى طلبه، هو كالانتقال من معتقدٍ إلى آخر، لا يحتاج سوى إلى تفعيل الفكر لكشف خدعة المعتقد الموروث! لو كانت الحياة جميلة وحبها فطريًا، لما احتاجت لطلاء عقائدي وتزيين ثقافي متواصل طوال الوقت .. ولو كان الموت أمرًا كريهًا بالفطرة، لما احتاج لحملات تشويه مستمرة، وقوانين تمنع الترويج له إعلاميًا! ولو كان الانتحار أمرًا يدل على هشاشة الذات – كما يتبجح بذلك البعض بكل وقاحة وقلة حياء .. لما اشتهر به الفلاسفة والمتميزون! إن مما لا شك فيه، أنه لو شُنَّت حملة إعلامية لصالح الموت، معاكسة للحملة التقليدية الداعية دون مبرر لحب الحياة ..، لرأينا الناس يقبلون على كرامة الموت أفواجًا، بدل إقبالهم الآن على ذل الحياة أفواجًا! إن ما يجعل أعداد البشر تتزايد ليس هو جمال أو صواب الحياة، بل هو تزايد أعداد المواليد الذين تُقرَّر حياتهم نيابة عنهم ويُورَّطون في الحياة دون استشارتهم! وقلة أعداد المنتحرين سببها اضطرارهم للانتحار فرادى وخلسة، بسبب الحرب الشرسة ضد ثقافة الانتحار لصالح ثقافة الحياة .. فلو أن المجال الإعلامي والثقافي والتعليمي مفتوح أمام الدعوة للموت كما هو مفتوح أمام الدعوة للحياة، لتغيرت المعادلة لصالح الموت وبالنتيجة لصالح كرامة الإنسان! إن الحث المستمر على حب الحياة، والمحاربة المستمرة لثقافة الانتحار، فيه ما يدل ويؤكد بوضوح كبير أن الأمر ليس طبيعيًا أبدًا .. إن الأمر أشبه باعتناق المعتقدات من رفضها .. فالدعوة للمعتقدات تحمل طابع حب مصلحة الإنسان، لكن الإصرار على فرضها يُثبت وجود خديعة بالأمر، ويُشرعن وصاية عاقل على عاقل كأقبح ما تكون الوصاية! إن أسوأ ما يمكن أن يترتب على الموت هو الفناء، وهو أفضل من الحياة بالنسبة لجُل البشر وفي كل العصور .. وإذا أخذنا باحتمال صحة نظرية الوجود متعدد الأبعاد والعوالم، فإن الموت لا يعني الفناء، إنما يعني الانتقال إلى الحياة في مستوى آخر هو أكثر أبعادًا وأعلى من مستوى وجودنا ثلاثي الأبعاد أو ذي الأبعاد الأربعة! لماذا إذن حب البشر للحياة ونفورهم من الموت؟ لا يوجد مبرر منطقي ولا سبب واقعي لذلك إطلاقًا .. هو الوهم والخديعة الثقافية، ولا شيء آخر .. هنالك أمران متلازمان في حياة الإنسان، لا يوجدان لدى غيره من الكائنات الحية .. هما: الإحساس بألم الذل، والقدرة على الانتحار !!! قوانين الطبيعة منعكسة في الأعراف البشرية، تقول بأن حياة الإنسان الذليل هي حياة غير طبيعية! لماذا يقبل الإنسان بحياة ذليلة – غير طبيعية؟ لأنه الكائن الوحيد القابل للإصابة بالوهم ..، والوهم داء من جنس الإدراك، فلا يصيب غير الإنسان .. لذلك وعلى الرغم من إحساسه بالحاجة الوجودية للكرامة، إلا أنه يمارس حياة الذل والمهانة طواعية! الوهم يتمثل في حب الحياة، والنفور من الموت! لماذا يعتبر ذلك وهمًا، وكيف ينشأ هذا الوهم؟ هو وهمٌ لأنه حُبٌّ لفكرة الحياة – وليس للحياة ذاتها؛ وخوفٌ مفتعل من فكرة الموت – لا من الموت ذاته! كيف ذلك؟ معلوم أن جُل البشر موزعين بين حياة الجهل والكد والشقاء المتواصل، والفقر والبطالة والروتين الممل والخوف من فقدان الوظيفة، والذل والتملق لرب العمل والتشرد والعوز والتسول واليأس والسجون وتهريب الممنوعات، والتجنيد الإلزامي - الرسمي والقذر، والعبودية المُقنَّعة والهجرة غير الشرعية، .. الخ .. فلو كان حب البشر للحياة حبًا طبيعيًا، ولو كان حبًا للحياة ذاتها، لما وجد أي من هؤلاء في قلبه ذرة حب لحياةٍ بهذه الصورة البشعة البغيضة المؤلمة ..؛ لكن الأمر مجرد وهم بحب فكرة الحياة – لا حب حقيقي للحياة ذاتها ! ومعلوم كذلك أن خيارات الإنسان في الحقيقة هي ليست بين الحياة والموت، بل هي دائمًا بين الموت في هذه اللحظة، وبين الموت في أي لحظة قادمة .. وأكثر من ذلك، فإن خيارات الإنسان هي بين الموت في هذه اللحظة بالطريقة والوسيلة التي يختارها لنفسه، وبين الموت في أي لحظة قادمة قد تكون بطريقة بشعة وبوسيلة مؤلمة .. وأكثر من ذلك، فإن خيارات الإنسان هي بين الموت في هذه اللحظة بالطريقة والوسيلة التي يختارها، وبين احتمال إعاقته في أي لحظة قادمة، بحيث لا يعود قادرًا على ممارسة الحياة ولا على الانتحار، ليمضي بقية أيامه متألمًا مستجديًا الآخرين تطبيق قانون الموت الرحيم بحقه، وقد يسمع ويرى بأم عينه الملل منه باديًا على وجوه الآخرين الذين أصبح وجوده عالة عليهم، ولا يملك لنفسه شيئًا .. هذه الصورة المنطقية الواقعية للحياة ولخيارات الإنسان الحقيقية، هي التي يتم إخفاؤها ليظهر المشهد المزيف، والفكرة الخبيثة، فيبدو الأمر وكأنه مفاضلة بين حياة جميلة وبين موت بغيض .. إن حبنا الزائف للحياة، ونفورنا الزائف من الموت، هي اليد الكاذبة التي تؤلمنا، وهي التي يمسكنا منها العدو والمجرم والإرهابي والدكتاتور ورب العمل … الخ ..، فنطيعهم ونتبعهم حيث يريدون .. المأساة تكمن في الخديعة، فهذه اليد الجريحة ليست حقيقية وليست عالقة بنا، .. هي مجرد وهم ثقافي .. إنها يد مزيفة، أوهمونا بأنها لنا وبأنها مؤلمة، ومسكونا منها، فتبعناهم حيثما قادونا ! من أين لهذه الحياة أن تحظى بحب 100% من البشر، وهي التي يستمتع بها 10% منهم، على أكتاف ودموع وآلام ودماء ومذلة الـ 90% الباقين .. منذ أن قامت؟ ومن أين للموت أن يكون ذلك الشبح المخيف الذي نخشى رؤيته، فنحتمي منه بحياة الذل والألم، وهو الماثل أمامنا في كل خطوة نخطوها؟ إن صانعي الثقافات والمعتقدات البشرية، من واهمين ومستفيدين مرحليًا من الحياة، هم من افترضوا للحياة جمالاً وقيمةً وقدسيةً هي لا تمتلكها، فنزعوا بذلك القيمة والقدسية عن الموت دون مبرر، وصبغوه ببشاعة لا يمتلكون برهانها ..، ولقنوا هذه الأفكار والأوهام للصغار والبُلهاء .. فانطلقت المأساة المسماة حب الحياة .. هذه الصورة الفكرية الموروثة، التي تُجمِّل الحياة وتُقبِّح الموت في أذهاننا دون برهان، هي بالضرورة تقيِّد تفكيرنا، وتقود خيالنا دائمًا باتجاه برهنة نتيجة يريدها ويفترضها مسبقًا المستفيدون من تلك الصورة، وتعمينا عن أي نتائج أخرى محتملة، يمكن أن نبلغها فيما لو كان بحثنا عن الحقيقة متحررًا من عقدة رفض الموت وعقدة حب الحياة!
 .. علاقتي بالحياة .. كعلاقة زوج بزوجته القبيحة المريضة البَلهاء .. أو علاقة زوجة بزوجها القبيح المريض الأبله .. حصل الزواج في حين غفلة .. قبل أن يستيقظ الضحية .. استيقظ فجأة ليجد نفسه في صميم المأساة .. عجزت زوجته عن إغرائه .. لم تستطع إثارته يومًا .. تعوزها كل مقومات الإغراء .. عالجها فلم تشفَ .. ألبسها فما اختفى عن ناظريه قبحها .. ثقفها فما ازدادت إلا بلاهةً وحمقًا .. لم يعد يريد منها غير الخلاص منها .. وليس لذلك من سبيل غير الطلاق .. كذلك هي علاقتي بالحياة .. لم تستطع يومًا إغرائي بالبقاء .. لا أجد أنها تستحق المشي خطوة واحدة لأجلها .. ليس بها ما يستحق تصفيف الشعر لأجله سوى لقاء الأصدقاء الحقيقيين الذين تكاد تخلو منهم .. أمارسها كمسئولية وقعتُ بها .. لذلك قررتُ طلاقها .. وأصبحت علاقتي بها علاقة انتظار الفرصة المناسبة للطلاق

1 تعليق:

غير معرف يقول...

ما الذي يمنعك من الطلاق حاليا؟

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ