face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

السبت، 19 يونيو 2021

الذكاء وتقديس الحياة .. تناسب عكسي!



واقعيًا، لا تحمل الحياة قيمةً بذاتها، بل هي مجرد وسيلة للمتعة أو سبيل لتحقيق هدف .. فإذا انعدمت المتعة واستحال الهدف، فقدت الحياة مبررات استمرارها .. وباختلاف البشر تختلف طبيعة وسقف المطالب .. فمتعة السطحيين وأهدافهم لا تتجاوز سطحيتهم .. ومتعة المدركين وأهدافهم لا تقل عمقًا عن إدراكهم .. الأهداف كالمتعة لا تكون إلا دنيوية، وبذلك لا تكون إلا مختلفة، حيث استحال الاتفاق على هدف ديني موحد! منطقيًا، لا يمكن أن تكون الغاية من وجود البشر واحدة، بينما هم مختلفون من حيث السطحية والعمق المعرفي، إلى هذا الحد الذي نراه ونعرفه! لا يكون ذكاء الإنسان إلا على حساب قيمة الحياة! كلما زاد وعي الإنسان بحقيقة ما حوله، كلما هبطت قيمة الحياة في نظره! إدراك حقيقة الوجود ككل، يولد الملل التام من الحياة! الذين يحدث لديهم الملل من الحياة، تصبح مواصلتهم لها بشكل تقليدي ضربٌ من المستحيل! الإقبال على الحياة بعد حدوث الملل، يتطلب توفر ظروف خاصة تحجب أو تُبدد الملل! إدراك حقيقة الوجود لا يعني بلوغ كل الحقائق حِسِّيًا، بل يتمثل في ذهنية خاصة لدى الإنسان، قادرة على استيعاب المشهد الواقعي الحسي وإكماله بتصور ذهني منطقي متكامل للوجود ككل! تقديس الحياة هو أمر لا أساس علمي أو منطقي له! تقديس الحياة جاء كإحدى فرضيات وتصورات الخيال والإدراك البشري، أثناء اصطدامه المبكر بمأزق الوجود! تقديس الحياة يتناسب عكسيًا مع قوة الإدراك والخيال! تقديس الحياة مجرد فرضية تحولت إلى اعتقاد ثم حلم ثم صار هدفًا، حتى آل اليوم إلى مشروع وجود بيد القلة الحاذقة من البشر، مادته الخام هي الغالبية السطحية التائهة الواهمة الحالمة من البشر! لا شيء على أرض الواقع يعكس أو يبرر تقديس الحياة، سوى ظاهره الشكلي المحمي بالقوة والخداع لا بالمنطق والبرهان، والذي يعج بالثغرات والمضاعفات السلبية التي تفوق إيجابياته! جل البشر يتم خداعهم أو إرغامهم على تقديس الحياة، فيُمنع بعضهم من قتل أنفسهم، ويُمنع آخرون من قتل بعضهم، ويُدفع آخرون لقتل غيرهم ..، وكل هذا العبث والتناقض وغيره كثير، يتم تحت عنوان قدسية الحياة! - من السذاجة - مثلاً، الاعتقاد بأن البشر عاجزون عن وقف الموت الناجم عن الإرهاب والحروب، فعمليًا الأمر ممكن ببساطة، بمجرد وقف بيع الأسلحة للأغبياء والواهمين والمتخلفين ..، صُنَّاع الأسلحة ليسوا هم الإرهابيين وليسوا هم المتحاربين عادةً ..، والإرهابيون والمتحاربون ليسوا هم الذين يرسمون المشهد وليسوا هم من يقود مركب البشرية …. لماذا تقديس الحياة والسماح بقتلها في الآن ذاته؟ لماذا محاربة الانتحار من جهة، ومساعدة البشر على قتل بعضهم من جهة أخرى؟ السبب هو أن حياة جُل البشر ليست لصالحهم وليست مبررة بالأساس، لكنها مطلوبة وضرورية لغيرهم، ولأسباب غير نبيلة ليس أقلها الأنانية! ولكي تقبل هذه الأغلبية بالحياة كمواد بشرية، كان لا بد من إظهار الحياة بصورة مقدسة في نظرهم .. ولكي تبدو الحياة جميلة كان لا بد من ذم الموت .. ولكي تبدو لهم الحياة مبررة وممكنة، كان لا بد من إلهائهم وإيهامهم بأهداف تستحق الحياة والجهد، ولا يكون ذلك إلا بدوران عجلة الاقتصاد، وبذلك تشكل المشهد كما أراده الحُذاق المسيطرون، وكان منه تقديس الحياة نظريًا والسماح بقتلها عمليًا! الحياة عبارة عن نتيجة بديهية حتمية لقانون طبيعي- شأنها شأن الصدأ والمغنطة والتجمد والتبخر، .. الخ! صناعة الحياة بالأساس ليست ناجمة عن إدراك وإرادة، بل هي مجرد انصياع أعمى لغريزة ذاتية، ثم تم تأطير وتسويق هذه الصناعة بشريًا – بفضل الإدراك والخيال، على أنها عملية إرادية منطقية، لإشباع شهوة جنسية ولتلبية حاجة اجتماعية، ثم تم استغلال صناعة الحياة لإشباع الشهوة العقائدية، ثم تم توجيهها لإشباع الشهوات السياسية والاقتصادية والفلسفية، .. الخ! ليس هناك حد أدنى للإدراك والخيال، مطلوب لصناعة الحياة وممارستها والاستمرار فيها ..، حيث يمكن اعتبار الخيال والإدراك معدومين لدى النبات والحيوان، ومع ذلك توجد لديهما الرغبة والقدرة على صنع الحياة وممارستها والاستمرار فيها حتى الرمق الأخير .. لكن .. هنالك حد أعلى من الإدراك والخيال، لا ينبغي تجاوزه، لكي تكون صناعة الحياة وممارستها والاستمرار فيها أمورًا ممكنة .. حيث إنه وبعد حد معين من الإدراك والخيال، يحدث الملل، فلا تعود الحياة التقليدية ممكنة .. صناعة ولا ممارسة .. ومن ذلك نلاحظ أن جُل الفلاسفة لا يتزوجون زواجًا تقليديًا، ولا يُنجبون أبناءً، ولا يُكملون حياتهم بشكل تقليدي .. حيث تنتهي حياتهم غالبًا بانتحار أو جنون أو إعدام .. من الواضح أنه بحسب القانون الطبيعي الذي يحكم علاقة الحياة بالإدراك والخيال، الصحيح هو أن يتأخر أو يتزامن نضوج الإدراك والخيال لدى الإنسان مع اكتمال تجربته في الحياة وخبرته في الوجود – أي مع انتهاء عمره الافتراضي، بحيث لا يحدث الملل من الحياة إلا مع توقف الحياة طبيعيًا .. لكن ورضوخًا للقانون الطبيعي العام، الذي مفاده أن لكل قاعدة شواذ – بسبب تعدد الاحتمالات في كل شيء، فإنه يحصل أن ينضج الإدراك والخيال لدى بعض البشر مبكرًا، فيسأمون الحياة قبل الأوان الافتراضي، وهؤلاء هم المنتحرون بدافع أو بسبب الملل من الحياة .. الانتحار بدافع الملل من الحياة، هو الانتحار الإرادي المادي (قتل النفس)! الانتحار بسبب الملل من الحياة، هو الانتحار اللا إرادي المعنوي (الجنون)! كذلك يحصل أن يكتمل العمر الافتراضي لبعض البشر قبل أن ينضج لديهم الإدراك والخيال، فلا يحدث لديهم الملل من الحياة، ولذلك يتمسكون بها حتى آخر رمق - شأنهم شأن غيرهم من الكائنات التي تفتقد الإدراك والخيال!

0 تعليق:

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ