face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الثلاثاء، 4 يناير 2022

المزاج الفاعل وآلية صُنع الوجود !




فلسفة وفيـزياء .. لماذا ينعدم المنطق عند المستوى الكمومي؟ معلوم أن ما يُعرف بالمستوى الكمومي، هو المستوى تحت الذري! وسُميَّ بالمستوى الكمومي لأن سلوك المكوِّن الواحد من مكونات هذا المستوى من إلكترونات ونيوترونات وغيرها، هو سلوك كمية واحدة وليس سلوك جسيم واحد – ! ولعل التسمية الأنسب والأدق لسلوك مكونات هذا العالم تحت الذري، هي: السلوك المزاجي! الذرة كوحدة واحدة، يمكن حساب نتائج سلوكها مسبقًا، لكن لا يمكن التنبؤ بسلوك أي من مكوناتها منفردًا .. وهذا عُدَّ أحد أوجه اللا منطق في المستوى الكمومي! المستوى الكمومي بمعنى من المعاني هو المستوى الفردي! وفي الواقع ليس فقط الذرة ومكوناتها، بل إن المنطق الذي يحكم سلوك أي كيان مركب، لا يمكن أن يحكم سلوك أي من مكوناته منفردًا، سواء كان هذا الكيان ذرة أو مجتمع بشري ..، علماء الفيزياء يؤكدون حقيقة ويرفضون فكرتها .. وهي أن سلوك الذرة منطقي، بينما سلوك مكوناتها غير منطقي ..، سلوك الإلكترون مثلاً! والحقيقة تبدو وكأنما العلماء يرفضون أمرًا لا يصح رفضه، لأنه هو ما ينبغي أن يكون، فسلوك مكونات الذرة يجب أن يكون مزاجيًا لا منطقيًا، لأن ذلك شرط لتكوُّن الذرة، وشرط لاختلاف خصائص المواد، إذ لو كان سلوك مكونات الذرة منطقيًا لاستحال وجودها – استحال تكونها – استحال نشوء الذرة من الأساس، واستحال اختلاف وتنوع المواد والأحياء؛ وحتى لو تكونت ذرات، فإنها ستكون معدومة الذاتية - الدينامية - ما لم يكن سلوك مكوناتها مزاجيًا! انعدام الدينامية في الأشياء، يعني انعدام قدرة الأشياء على الفعل، وهو ما يعني انعدام صفة الوجودية .. وهنا نؤكد على أمر نراه هامًا جدًا، وهو أن الذرة ليست أصغر شيء في الكون، لكنها أصغر شيء في الوجود! وهذا يعني أن الذرة هي أصغر شيء يحمل صفة الوجودية! صفة الوجودية تعني أن الشيء حدث وليس أصلاً .. وتعني صفة الوجودية أن الشيء يتكون أو يتألف من مكونات مختلفة، قابلة وآيلة للتفكك ..، والذرة هي أصغر شيء تتحقق فيه هذه المواصفات .. بينما كل مكون من مكونات الذرة لا ينبغي له، أي لا يمكنه أن يحمل صفة الوجودية، بل لا بد أن يحمل صفة الكونية .. أي صفة الأزلية والديمومة .. أي الكينونة! والمنطق رهن بالوجودية لا بالكونية ..، الكون أمرٌ منسوبٌ إلى المطلق، أما الوجود فهو شيء منسوب لنا .. منسوب لمعرفتنا وفهمنا وإدراكنا! السلوك المنطقي يفرضه اتحاد بين أشياء لا منطقية! فاتحاد أمزجة مختلفة ينتج عنه سلوك منطقي بالضرورة! لا منطق ولا حاجة للمنطق بدون اتحاد، ولا اتحاد إلا بين أمزجة مختلفة .. إذا اتحدت أمزجة متشابهة، فإن اتحادها يُسمَّى نموًّا وليس اتحادًا! بالنظر من الزاوية الكونية، فإن المنطق ليس سلوكًا طبيعيًا أبدًا، بل هو سلوك ظرفي يُعبِّر عن حدث ..، هذا الحدث هو انعدام الحرية في حيِّز ما من الكون ..، مما يعني أن هذا الحيِّز أصبح مشغولاً بشيء موجود مؤقتًا! المنطق ليس شرطًا لتكون الأشياء ونشوء الجماعات، بل هو نتيجة لتكون الأشياء ونشوء الجماعات ..، بل إن غياب المنطق عند لحظة النشوء والتكون، هو سبب وشرط لحصول النشوء والتكون .. لكن غياب المنطق عند لحظة النشوء، لا يعني عدم قدرتنا على تصور وفهم كيفية حدوث النشوء .. المنطق = مزاج محدود ، والمزاج = منطق لا محدود! المزاج أصل كوني، والمنطق استثناء وجودي .. المزاج نقيض المنطق، وهو الذي يُنتج المنطق .. المزاج يعني الحرية المطلقة لفعل كل ما هو ممكن دون قيود منطقية، وهذه صفة إطلاق، أي صفة كونية! بينما المنطق يعني الالتزام، وهي صفة المحدودية، أي صفة وجودية .. لا يمكن لشيء أن يحمل صفة الوجود (التشكل)، إلا بحصول توازن بين مكوناته المختلفة ..، وحصول توازن يعني بالضرورة نشوء معادلة منطقية تحكم سلوك المجموعة المتشكلة كي تظل متماسكة .. وهذا يعني أن المنطق هو نتيجة وشرط للوجود، وليس سلوكًا طبيعيًا للموجودات .. وبذلك، فإنه لا معنى للبحث عن المنطق في سلوك إلكترون أو فوتون منفردًا! 

 الأمزجة الفاعلة هي مكونات الكون الحرة .. المزاج الفاعل يكشف أسرار الوجود .. فما هو المزاج الفاعل؟ المزاج الفاعل = وحدة كونية، وليس شيئًا وجوديًا! الشيء الوجودي أو الشيء الموجود لا يكون إلا مركبًا، ويتألف من مكونات مختلفة الخصائص! الإلكترون، البروتون، النيوترون، الكوارك، الفوتون، .. .. الخ ..، هي وحدات كونية، أي أنها أمزجة فاعلة، أي أنها أصول، وليست مركبات مؤلفة من مكونات مختلفة الخصائص! المزاج الفاعل هو الذي يصنع قوانين الطبيعة المنطقية، وبذلك فهو لا يخضع للمنطق، لأن الخضوع للمنطق هو صفة وجودية وليس صفة كونية! من أين جاء المزاج الفاعل؟ الأمزجة الفاعلة هي وحدات كونية أزلية .. كينونة وأزلية المزاج الفاعل، ضرورة لنشوء الوجود ولحصول الدينامية في الموجودات بعد نشوئها ..، وكينونة وأزلية المزاج الفاعل ليست فرضية، بل هي حقيقة وجدناها متجسدة في مكونات العالم تحت الذري! المزاج الكوني تمثله الحرية في حياة البشر، ولذلك لا توجد دينامية – لا يحدث نشاط – لا يحصل إبداع حيثما غابت الحرية في المجتمعات البشرية .. 

 الذرة تحتوي الإلكترون، والذرة لا تتواجد في أكثر من مكان في ذات اللحظة، وبذلك فهي خاضعة للمنطق .. بينما الإلكترون سواء كان داخل الذرة أو خارجها، فإنه يبدو قادرًا على التواجد في أكثر من مكان في ذات اللحظة ..، وهذا خروج عن المنطق .. والأمر ذاته يحصل في أي مجتمع بشري، حيث لا يمكن لأي مجتمع أن يرفض الكذب ويقبله في الوقت ذاته، وهذا خضوع للمنطق .. لكن كل فرد من أفراد ذات المجتمع، قادر على حمل صفات رفض وممارسة ونبذ وقبول الكذب في الوقت ذاته ..، وهذا خروج عن المنطق!

 الإلكترون يتواجد في أكثر من موضع في ذات اللحظة .. كيف يكون ذلك صحيحًا، ولماذا لا يمكننا تصوره؟ الجواب .. أولاً: هذه النتيجة ليست نتيجة قياسات منطقية، لأن المنطق لا يستطيع قياس مثل هذه النتيجة .. فهذه النتيجة هي نتيجة مشاهدات وملاحظات اشتركت فيها عدة عناصر ليس بينها عنصر واحد مثالي .. بالإضافة إلى أن الإلكترون يتأثر بعمليات القياس والملاحظة، وبالتالي لا يمكن اعتماد هذه النتيجة كنتيجة علمية ونهائية لسلوك الإلكترون! ثانيًا: لعله ليس صحيحًا أبدًا افتراض إمكانية وجود أو إمكانية إحداث فراغ في أي مكان في الكون، من أجل دراسة السلوك الحقيقي للإلكترون والفوتون وغيرهما من مكونات ما يعرف بالمستوى الكمومي .. وعدم وجود فراغ، يعني أن الإلكترون والفوتون يعملان في وسط ما ، وليس ثمة مانع منطقي من أن يكون ذلك الوسط يعمل عمل المرايا، فيكون ظهور الإلكترون في في أكثر من مكان في الوقت ذاته، أمر طبيعي ومنطقي؛ وكذلك فإنه لا مانع أبدًا من أن يكون ذلك الوسط يعمل عمل الموصل بالنسبة لفوتون الضوء، وبالتالي يكون انتشار الضوء في كل الاتجاهات بذات السرعة، وسرعته الخيالية وكل ما يتعلق بالضوء، كلها عمليات منطقية وقابلة للفهم والتصور ببساطة كبيرة! ثالثًا: من المنطقي والمقبول جدًا أن نخرج بنتيجة لا منطقية لسلوك الإلكترون، لأننا نقيس سلوك الإلكترون بالمعيار الوجودي وليس بالمعيار الكوني ..، بينما الإلكترون وحدة كونية، وليس شيئًا وجوديًا! المعيار الوجودي هو المعيار المنطقي المحدود .. والمعيار الكوني هو المعيار المزاجي اللا محدود .. السلوك المنطقي يعني الخضوع لقوانين الطبيعة .. السلوك المزاجي يعني صُنع قوانين الطبيعة .. 

والآن .. هل صحيح أن الوجود غامض إلى الدرجة التي ليس بمقدورنا معها وضع تصور لفكرة نشوئه وآلية عمله، إلا بافتراض بداية غير منطقية بحيث لا يمكننا تخيلها مثل الانفجار العظيم، أو بافتراض أصل مقدَّس بحيث لا يمكننا ولا ينبغي لنا تخيله – مثل الإله؟ لعل الأمر يعتمد على مدى قدرتنا على التحرر من خلفياتنا الثقافية والعقائدية التي صنعت تصوراتنا التقليدية للوجود .. فإذا افترضنا الوجود أعقد من أن نفهمه، بدا لنا كذلك .. وإذا افترضناه أسهل من أن نجهله، بدا لنا كذلك .. 

 كل النظريات التي حاولت تفسير الوجود، انطلقت من استبعاد فكرتي الأزلية الزمنية واللا نهائية المكانية للوجود المادي المرصود، ثم عُمِّم الاستبعاد على كل شيء – مرصود وغير مرصود -، فاصطدمت كل النظريات باستحالة البداية التي ليس قبلها شيء! بالنتيجة لم تستطع أي نظرية استبعاد هاتين الفكرتين، فحاولت كل نظرية بلورة مفهوم الأزلية واللا نهائية، في صور مختلفة شكليًا عن غيرها من النظريات، لكن روح الفكرتين ظلت قائمة

 الحديث دائمًا، عن الوجود من وجهة نظر أحد عناصره والذي هو الإنسان .. كل النظريات بدون استثناء، اتفقت تلقائيًا على أن الوجود المادي المتشكل المرصود (مادة، طاقة، حياة) هو حدث وليس أزلاً، .. أي أن الوجود ظاهرة طارئة وليس أصلاً ..، وذلك باعتبار أن الموجود أو المتشكل، هو مركب، وكل مركب هو بالضرورة في حالة تفكك مستمرة .. أي أن مفهوم الوجود يعني مرحلة من مراحل تفكك الموجود! وحيث إنه لا مناص من أزلية البداية ولا نهائية المكان، فإنه لا معنى ولا حاجة لافتراض تصورات سحرية لنشوء الوجود وآلية عمله .. ليس جديدًا القول بأن الوجود المتشكل، هو عبارة عن تجمعات مادية، منتشرة في وعاء كوني أزلي لا نهائي، تملأه مادة فضائية .. السؤال هو: ما سر تشكل هذه التجمعات المادية – الحية وغير الحية؟ وهنا نقول بأن السر هو المزاج الفاعل! الوسط الذي يملأ الوعاء الكوني، يعج بوحدات كونية، وكل وحدة من هذه الوحدات الكونية، هي عبارة عن مزاج فاعل .. مشهد الوجود المادي المتشكل في الوعاء الكوني، بحسب هذا التصور يبدو كأسماك في مياه محيط! فإذا تصورنا وجود خلايا حية سابحة تملأ مياه المحيط، منها ما هو متجمع على هيئة أسماك، ومنها ما هو غير منظور – سابح على هيئته الخلوية .. فإنه وبذات الخيال يمكننا تصور وحدات كونية أزلية، تملأ الفضاء الكوني الأزلي اللانهائي ..، منها ما تجمع على هيئة كواكب ونجوم، ومنها ما ظل على هيئته الأولية البنائية – وحدات كونية – أمزجة فاعلة! 

 كل ما كان أصلًا بذاته، فهو مزاج كوني فاعل! الوجودية هي تجميع وتوحيد أمزجة مختلفة بالقوة .. القوة التي توحِّد الوحدات الكونية وتُنتِج الوجود، هي قوة ناتجة عن اختلاف خصائص الوحدات الكونية – تجاذب وتنافر مثلاً! صفة الوجودية تعني جهد مبذول ..، أي استهلاك متواصل لطاقة التوحيد حتى استنفادها، وصولاً للتحرر من ظاهرة الوجود المادي، والعودة إلى حالة الكينونة - التي أساسها انفصال الوحدات الكونية عن بعضها .. استهلاك الطاقة أثناء ظاهرة الوجود المادي، يعني خروج الطاقة من المادة، وانتشارها في الوسط الذي يملأ الوعاء الكوني .. وتحرر الوحدات الكونية بعد استنفاد طاقة التوحيد، يعني عودة الوحدات الكونية للتشبع بالطاقة من جديد! ما أسميناه هنا بالوحدة الكونية أو المزاج الفاعل، هو ذكاء محض .. إلكترون، كوارك، فوتون، .. الخ . يمكننا القول بأن الذرة الواحدة عبارة عن طاقة .. والطاقة هي كل شيء مرصود وغير ذي كتلة! الصوت = طاقة مسموعة! .. التفكير = طاقة مُدركة! الفوتون = طاقة منظورة! المجال المغناطيسي = طاقة معلومة! اتحاد عدد معين من الذرات يمنحها كتلة محسوسة، وحينها نسميها "مادة"!

0 تعليق:

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ