face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

السبت، 19 فبراير 2022

الرابحون على مقياس التنافس العكسي!

مقياس التنافس العكسي، هو مقياس تحديد الفائز في تنافس البؤساء من أجل البقاء! وهو مقياس الواقع المُعاش، الذي يُبيِّن مقدرة البؤساء على التنازل عن حقوقهم الإنسانية للإبقاء على حياتهم الحيوانية! وقد حقق البشر نجاحات باهرة على هذا المقياس؛ حيث لم يعد البؤساء يتمسكون بشرط سوى شرط الحياة ذاتها- في سبيل الحصول على عمل أو سكن من أجل الحياة! فإذا أصبح الموت شرطًا أساسيًا للحصول على سكن أو عمل، فلا يمكننا الجزم بأن أحدًا سيقبل بذاك العرض- حتى الآن على الأقل! لكن طالما ظل الموت المباشر خارج الشروط، فإن لكل عرض زبائنه، بل إن صاحب العرض يحتاج إلى مقياس عكسي لتحديد الفائز بالعرض من بين المتقدمين- البؤساء المتنافسين تنازليًا؛ حتى أصبح البؤساء الفقراء أنفسهم مادةً ومجالاً لتنافس الشركات الكبرى، حيث تنقل مصانعها من دولة إلى أُخرى طلبًا للبؤساء الفقراء الذين يعملون ويعيشون على دولار واحد في اليوم- مثلاً..، وذلك في مشهد يُشبه تنقل البدو الرُحل بحيواناتهم وخيامهم من مكان إلى آخر طلبًا للماء والمراعي! وكما أنه يوجد من الأعشاب ما يتجاهلها البدو وترفضها حيواناتهم، فإنه كذلك يوجد بعض الأجناس من البؤساء الذين تتجاهلهم الشركات لأنهم يفتقدون للمهارة المطلوبة، فالقبول بالعمل مقابل دولار واحد في اليوم، ليس هو الشرط الوحيد للفوز على مقياس التنافس العكسي! وهنا أقول، ربما كانت الفطرة أو الغريزة، هي التي تقود البؤساء من البشر، إلى إلقاء المسئولية عن بؤسهم وفقرهم على عاتق الحكومات والدول! فالواقع أن البؤساء من البشر، قد تم تلقينهم بواسطة رجال المعتقدات، بأن عليهم أن يُنجبوا من الأبناء ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا- بمعزل عن أي حسابات للظروف والواقع والمعطيات! ولقَّنوهم أن يعتقدوا بأنهم إنما يُنجبون الأنباء بأمر الإله ولخدمته وطاعته وعبادته، وأنه يتكفل برزقهم! وبذلك تم تعطيل المنطق لديهم، فانقطعت العلاقة المنطقية الطبيعية بين عدد الأبناء والإمكانات المادية المطلوبة لتوفير حياة حقوقية إنسانية لهم! والمنطق هنا يقول، بأن تساؤل ولوم وعتب البُسطاء، كان ينبغي أن يتم توجيهه إلى المفتي لا إلى الوزير! فالمفتي هو الذي أمر بالإنجاب وتعهد بالرزق! إلا أن بساطة البُسطاء تظهر جلية هنا، حيث أنهم يتصرفون برؤى وفتاوى رجال المذاهب والمعتقدات، بينما يُحملون المسئولية عن نتائج تصرفاتهم للدول والحكومات! لكن صوت الفطرة يعلو هنا – لصالح البُسطاء، ليقول بأن مسئولية الدول والحكومات قائمة – وإن لم تكن مباشرة، عن فقر وبؤس هؤلاء الضعفاء! فمسئولية الدول والحكومات تأتي من سماحها لرجال المعتقدات بتعطيل المنطق لدى البُسطاء! إلا أن المراوغة والتنصل من المسئولية، تبقى أيسر من حملها! فالدول والحكومات والتشريعات، تعترف بوجود المشكلة، وتعلم أسبابها الحقيقية، لكنها تتعاطى معها كما تتعاطى مع البراكين والزلازل، وكأنها مُعطى طبيعي لا مناص من التعايش معه- وليست خطأً بشريًا يمكن تفاديه! ولا يوجد تفسير للسماح بحدوث هذه المأساة، إلا أن يكون البؤساء ضحية لتآمر الحكومات والفقهاء! فكانت النتيجة هي ما نراه اليوم في معظم بقاع الأرض، حيث نشاهد أعدادًا هائلة من البشر لديهم استعداد تام للتنازل عن كامل حقوقهم الإنسانية، في سبيل المحافظة على حقهم الحيواني- وهو حقهم في البقاء على قيد الحياة طيلة المدة الزمنية التي تُحددها الطبيعة..، تحت أي ظروف وبأي شروط! فمهما تكن ظروف السكن والعيش وشروط العمل مجحفة ومهينة، فإنه يوجد بين البشر من يُزاحم عليها- ما دام الموت المباشر والآني ليس من بين شروطها! وذلك بسبب الفيض العددي للبشر، الذي أنهك الموارد وأربك الشروط المطلوبة للحياة الحقوقية، الأمر الذي أدى إلى ظهور ما أدعوه هنا بالتنافس السلبي أو التنافس العكسي، وهو تنافس البشر في التنازل عن الحقوق – من أجل البقاء على قيد الحياة! فتكاثر البشر غير المقنن وغير المحسوب، أدى إلى تحولهم من أفراد إلى كُتل بشرية، وبذلك انعدمت الحقوق الفردية..، مما أدى إلى التعامل مع الضعفاء والبُسطاء كقطعان بشرية متساوية- لا كأفراد مختلفين! وبالمقابل، أدى ذلك بعموم البشر إلى اللامبالاة بالمسئولية الفردية..؛ حتى وصل البشر إلى ما هم عليه اليوم، وهو تحولهم إلى أبناء قُصَّر لدى ولي الأمر الثاني- الدولة والحكومة-، حيث إن ولي الأمر الأول هم رجال المذاهب والطوائف..، فأصبح البشر يُلقون بالمسئولية على الحكومات والقوانين، عن التقصير والفشل في كل كبيرة وصغيرة! ومن الطبيعي أنه عندما تتعامل الدولة- بالتشريعات والقوانين- مع الشعب بصفة عامة، كأبناء قُصَّر لديها، حتمًا سينظرون هم لها كولي أمر ظالم ومسئول عن كل شيء! والواقع أن هذه نتيجة لتلك، فالتنازل عن الحقوق، سببه التكاثر غير المحسوب! والتكاثر غير المحسوب، سببه الطاعة العمياء لرجال الأديان والمعتقدات! حيث أصبح الفقهاء بمثابة موظفين إعلاميين لدى الحكومات والأقوياء، وظيفتهم تحريض الفقراء والضعفاء على إنجاب المزيد من البؤساء! وأصبح الآباء بمثابة معامل ومختبرات لدى المذاهب والفقهاء، وظيفتها إنجاب بشر فقراء ضعفاء بؤساء، لتستعملهم الحكومات كجنود ويستعملهم الأقوياء والأغنياء كعبيد أو كأدوات للتنظيف وآلات لحراسة الممتلكات وأسلحة للحروب! فسيطرة رجال الأديان على البُسطاء، سببه خلل في القوانين والتشريعات، مسئولة عنه الدول والحكومات!

0 تعليق:

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ