face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأربعاء، 18 ديسمبر 2019

الكون الازلي والوجود و حقيقة فرضيّة واجب الوجود !




هل الصياغة الصحيحة للسؤال حول مفهوم الكون والوجود، هي: 1- كيف ظهر الكون إلى الوجود؟ أم 2- كيف ظهر الوجود في الكون؟
 مقدمة.. معلوم أن وجود مكونات الشيء، لا يعني وجود الشيء ذاته! وأن غياب الشيء ذاته، لا يعني عدم وجود مكوناته! حيث يختفي الشيء من الوجود، لكن مكوناته لا تفنى! لعل هذه الحقيقة البديهية، تختصر العلاقة بين مفهوم الوجود ومفهوم الكون – كما أتصورهما! والمعنى، أن هنالك مكونات وجود، وهنالك عوامل وجود، لا يُغني أحدها عن الآخر، ولا بد من التقائها ليَحدث الوجود! نقول: ظهرت أمريكا إلى الوجود كأمة وكقوة عظمى – على الرغم من أن كل مكوناتها كانت موجودة أصلاً قبل ظهورها، لكنها لم تكن كافية لوجود أميركا كحدث-؛ وهنا: الحدث= الوجود = التقاء عوامل بمكونات! فالوجود لا يعني نشوء المكونات ولا يسبقها، إنما يأتي في مرحلة تالية لها، ليعكس كيفية وطبيعة وصورة اتحادها وتشكلها! نقول: اختفى الاتحاد السوفيتي من الوجود – على الرغم من أن كل مكوناته ما تزال موجودة! ونقول: لا يوجد سلام في العالم، على الرُغم من أن كل مكوناته ودوافعه موجودة!

 السؤال حول مفهوم الكون والوجود بالصيغة الأولى: كيف ظهر الكون إلى الوجود؟ يقوم هذا السؤال على إحدى فرضيتين بالضرورة: وفي الحالتين يكون مفهوم الوجود بمعنى نقيض الغياب وليس نقيض العدم! فمفهوم الوجود هنا، لا يُشير إلى شيء قائم بذاته اسمه الوجود يختلف عن الكون، إنما المقصود بالوجود هنا هو مجرد منح صفة الحضور لشيء اسمه الكون! الفرضيتان اللتان يقوم عليهما السؤال: أ- أن الكون لم يكن معدومًا، إنما كان غير موجود، أي أن مكوناته كانت موجودة لكنها لم تكن متحدة مع عوامل وجوده، ثم " اتحدت" ، فبرز وتشكل وظهر الكون إلى حيز الوجود! وفي هذه الحال، يكون القصد من السؤال، هو كيفية اتحاد عوامل ومكونات الكون! والسؤال بهذا المعنى، يُعتبر ما تطرحه نظرية الانفجار الكبير جوابًا له.
ب- أن الكون قد انبثق عن العدم، فكان بعد أن لم يكن! وبحسب هذه الفرضية، تكون الصياغة الصريحة للسؤال، هي: كيف انبثق الكون من العدم؟ والحديث هنا عن العدم المطلق، وليس عن اللاشيء! ومعلوم أن المقصود بالشيء، هو كل ما يمكن رصده أو قياسه أو إدراكه بالحواس- مباشرة أو غير مباشر! وبذلك يكون الشيء الذي نعجز عن رصده يعادل اللاشيء ويساوي انعدام الوجود الحِسِّي، لكنه لا يعادل ولا يساوي الانعدام المطلق! فالانعدام المطلق، هو الانعدام التام للكينونة والوجودية! ولكي يتم البناء على فرضية العدم هذه، ينبغي أولاً القبول باحتمال الانبثاق عن العدم المطلق، والحال أن هذا الاحتمال غير وارد وغير مقبول منطقيًا ولا واقعيًا، ولا يمكن تصوره، والأهم أنه لا معنى لافتراضه بعد أن ظهر الكون إلى الوجود! فالقول بأن ما قبل ظهور الكون كان عَدَمًا، يعني بالضرورة استحالة نشوء الكون؛ وظهور وتواجد الكون يعني بُطلان فرضية العدمية المسبقة! والقول بوجود قوة أو إرادة، هي التي أوجدت الكون من العدم، هو بحد ذاته إلغاء لفرضية العدم! فمجرد وجود شيء غير العدم، سابق للكون، وله علاقة بظهور الكون، يجعل فرضية العدم غير قائمة! لأن ذلك يعني ببساطة أن الكون قد انبثق عن شيء وليس عن عدم، بغض النظر عن الكيفية والآلية والمادة المستعملة! إن الإقرار بأنه لا مناص من افتراض وجود شيء أزلي، ينبثق عنه الكون، هو إقرار بأزلية الكون – بصورة أو أخرى! والكون ليس مخلوقًا من عدم حتى بالمفهوم الديني للخلق! فالقول بأن الله قد خلق الكون من عدم، هو قول غير صحيح منطقيًا وواقعيًا، وأظنه غير جائز عقائديًا! فإذا كان الكون قد ظهر إلى الوجود بأمر إلهي – صوت وكلام بصيغة (كُنْ)، إذن لا يصح ولا يجوز القول بأنه خُلِق من عدم، لأنه هنا يكون قد خُلِق من كلام وصوت إلهي، ولا يصح اعتبار الكلام والصوت الإلهي عدمًا! وحتى لو قال أحدهم لعل الإله قد خلق الكون بأمر باطني (نِيَّة أو إرادة) بدون كلام ولا صوت مسموع، فالأمر سيان، إذ لا يصح اعتبار نِيَّة أو أمر أو إرادة الإله عدمًا! والمؤمنون بالإله لا يعرفون مواصفاته، لذلك هم يقولون بأن الإله ليس كمثله شيء، وهذا يعني أنه لا يحق لهم منطقيًا أن يعتبروا كلامه أو صوته أو أمره أو نيته أو إرادته، كمثيلاتها عند البشر، ليقولوا بأنه خلق الكون من عدم! فلا أحد من البشر يعرف ماهية وطبيعة ومادة الكلام أو الصوت أو الأمر أو النية أو الإرادة لدى الإله، والتي خُلِق منها أو بواسطتها الكون! وبالتالي لا يحق لأحد القول بأن الكون قد خُلِق من عدم- استنادًا إلى معتقد ديني! مفهوم الوجود - بحسب الفرضيتين "أ ، ب" – يُشير إلى صفة التمظهر التي صار عليها الكون كله..، وهذا الفهم لمعنى الوجود (أن الوجود = الكون كله) يتطلب الإلمام بشكل وحدود الكون- لكي يكون السؤال واقعيًا-، وهذا الإلمام غير متحقق لنا، مما يعني وجود خلل في بُنية السؤال من الأساس! فلا معنى لسؤالنا عن كيفية تشكل شيء نحن لا نرى شكله ولا نحيط بحدوده! وبهذا المعنى أعتقد أنه يتوجب الفصل بين دلالتي مفهوم الكون ومفهوم الوجود، وأن يتم الفصل بين السؤال عن الوجود المرصود، وبين السؤال عن الكون الكلي اللا متخيل والواجب الوجود! وفي هذه الحال يكون تعريفنا للوجود، بأنه إفراز كوني! الوجود هو فقط هذا الجزء المضطرب المتحول من الكون، والذي يمكننا رصده، وإدراك حدوده وماهية وكمية محتوياته! ويكون تعريفنا للكون بأنه هو هذا الوجود المرصود لدينا، مضافًا إليه كل ما يمكن أن يكون موجودًا وغير مرصود لدينا! ونفترض أن الكون الطبيعي، هو الكون الخالي من الوجود، وهو عبارة عن محيط لا نهائي من الوحدات البنائية للمادة، محصورة في حيز هو أكبر من أن تحده حدود مادية من تلك التي نعرفها أو التي يمكننا تخيلها! وعلى هذا الأساس، تكون الصياغة الصحيحة للسؤال حول علاقة الكون بالوجود، هي الصياغة الثانية: 2- كيف ظهر الوجود في الكون؟ وهنا نقول إن الفلسفة التي تعتبر مفهوم الكون مرادفًا لمفهوم الوجود، أو التي تعتبر الوجود صِفة للكون، قد اضطرت إلى استحداث مفهوم الفضاء الكوني، للتعبير عن حيِّز يحتوي الكون! والمنطق يقول، إنه لا حاجة لاختلاق مفهوم الفضاء الكوني المفصول عن مفهوم الكون، فالكون هو كل شيء وكل لاشيء وحسب! إنه لا يستقيم أن نقول: نحن موجودون في الوجود..، ذلك لأننا جزء من الوجود! لكن يستقيم أن نقول: نحن موجودون في الكون، فالوجود هو كل ما هو موجود ومرصود في الكون! وباعتبار أزلية الكون ولا نهائيته، يكون المقصود بالوجود ليس الكون كله، إنما فقط هو هذا التشوه الطارئ الظاهر الطافي من الكون الكلي! بهذا المعنى يكون كل ما هو موجود اليوم بالنسبة لنا، هو ربما عبارة عن وجود واحد من أكثر من وجود، قد تكون انبثقت عن الكون، ونحن جزء من الوجود الآني – المعلوم نسبيًا لنا، وقد نكون جزءًا من وجود قادم، وقد لا نكون..، لكننا دائمًا جزء من الكون! وفق هذه الفلسفة يمكن وصف الكون بأنه مزرعة أزلية أبدية لإنتاج احتمالات متعددة من أنواع الوجود المؤقت – مثل وجودنا! فالوجود لا يكون إلا إفرازًا ناتجًا عن شيء سابق له!

لعله يمكننا الآن، أو يتوجب علينا، إعادة صياغة سؤال الكون والوجود، كالتالي: ما المقصود بالوجود؟ وما هو الكون؟ وما العلاقة بينهما؟ وحينها تكون الإجابة – من وجهة نظري: أن الكون هو ما يتراءى للوعي، بعين المنطق، فيما بعد أُفق الخيال! وأن الوجود هو مجموع ما يتبدى للوعي والإحساس، فيما دون أُفق الخيال! وبالمقارنة يمكننا القول: إن الوجود بالنسبة للكون، هو كالواقع بالنسبة للوجود! وإن الكون بالنسبة للوجود، هو كالمكان بالنسبة للواقع! ما هو الواقع؟ كل نظرية أو رؤية أو تصور أو فرضية، هي مجرد خيال، إلى أن تتحقق عمليًا، ويتم إثباتها في المكان الذي يوجد فيه الإنسان (الأرض مثلاً)، وحينها تُصبح واقعًا! وحيث إن الواقع لا يتحقق إلا في مكان (في الأرض مثلاً)، وحيث إن الوجود واقع متحقق في الكون، لذلك قلنا إن الكون بالنسبة للوجود، هو كالمكان (كالأرض) بالنسبة للواقع! الوجود هو بعضٌ من الكون، والفرضية تُصبح بعضًا من الوجود عندما تُصبح واقعًا! كل موجود هو حدث بالنسبة للوجود، والوجود بجملته حدث بالنسبة للكون! عندما نقول الكون فنحن نتحدث عن المطلق واقعيًا، المحدود منطقيًا! وعندما نقول الوجود فنحن نتحدث عن النسبي منطقيًا، اللا محدود واقعيًا! الوجود هو شيء قابل للرصد، لكنه مرصود جزئيًا، بسبب محدودية قدرة الإنسان على الرصد! رصد الوجود، يعني الإدراك والإلمام الواعي بكل ما هو موجود! الكون المحصور حجمًا والمحدود كَمّاً، هو شيء غير ممكن الوجود – عِلميًا، لكنه واجب الوجود- نظريًا وفلسفيًا – ولو على أطراف الخيال، وذلك إثباتًا وتثبيتًا للوعي، الذي لا يمكنه التسليم بوجود شيء (هو الكون) إلى جانب الإقرار ببقائه خارج نطاق الفهم والتصور، لذلك ظل وسيظل مفهوم الكون مادة خصبة ومفضلة للخيال – تعويضًا عن عجز الوعي وقصور الإدراك! لا يمكننا تصور الكون إلا بأنه الحاضن للوجود – ليس الحاضن المكاني فقط بل الحاضن الحامل والمُنتج للوجود! إن الذات لذاتها كون، ولغيرها وجود! لا تُدرِك الذات وجودها إلا بوجود غيرها – ماديًا وقيميًا! عندما تتصور الذات الواعية، وجودها بمعزل عما حولها، فهي إنما تتصور ذاتها كجزء من الكون لا من الوجود، وهذا أمر ممكن نظريًا وفلسفيًا، لكنه غير واقعي بالنسبة لمفهوم الوجود! تحتاج الذات إلى وجود غيرها، لتنتزع منه الإقرار بوجودها، فتقييم الوجود والإقرار بوجود الموجود، يكون من خارجه لا من داخله، إذ لا يكون وجود الشيء قائمًا إلا وهو منسوب لوجود شيء آخر مُدرِك له، ولا شيء موجود لذاته إلا الكون – كوحدة واحدة أزلية أبدية لا محدودة! الموجودات هي مكونات الوجود، والوجود هو ذلك البعض الظاهر المتغير المتحول من الكون! في حدود ساحة الوجود تعتبر الأشياء والذوات الواعية، مستقلة عن بعضها البعض، لكنها ليست كذلك في ساحة الكون! بمفهوم الكون، كل شيء هو جزء من كل شيء! مفهوم الوجود بشكل عام، يُشير إلى الأشياء الموجودة خارج الذوات، والممكن إدراكها ماديًا أو إدراك تأثيرها! ليس فقط الكائنات الحية، بل كل الموجودات، لا بد لها من امتلاك هوية تُمكِّنها من التعبير عن وجودها، وتُثبت إدراكها لوجود غيرها– لكي تكون موجودة! الشكل الظاهر والأثر المحسوس للمادة والطاقة، هي عناصر الهوية العامة للموجودات! ردة الفعل الطبيعية المختلفة من معدن لآخر ومن مادة لأخرى، تجاه الحرارة والكهرباء والتصادم، هي بعض وسائل التعبير عن الهوية وإثبات الوجود لدى تلك الموجودات! الوجود بالنسبة للإنسان، ليس هو ذات الوجود بالنسبة لغيره من الكائنات الحية والأشياء! سمك القرش والنحل ورحيق الأزهار البرية، كلها أشياء موجودة على قائمة الوجود بالنسبة للإنسان! والرحيق شيء موجود على قائمة الوجود بالنسبة للنحل! لكن النحل والرحيق، أشياء غير موجودة على قائمة الوجود بالنسبة لسمك القرش! بافتراض أن سمك القرش والنحل لا يعلمان بوجود بعضهما، ولن يُدركا بعضهما حتى ينعدم وجودهما من الوجود القائم الآن، في هذه الحال يكون كل منهما جزء من الكون بالنسبة للآخر، ومعنى ذلك أنهما جزآن من ذات واحدة! تحت سقف الكون كل شيء محتمل، وتحت سقف الوجود لا شيء إلا المُدرَك المرصود! الوجود بالنسبة للإنسان، هو الجزء المعلوم له من الكون! والكون بالنسبة للإنسان ولغير الإنسان، هو الوجود مضافًا إليه المجهول! كل شيء باقٍ على حاله الآن، لا يتغير، فهو جزء من الكون وليس جزءًا من هذا الوجود الآني المرحلي! فالتغيُّر والتحول والحضور والغياب، صفات أساسية في الوجود! كل شيء حادث، وخاضع لقوانين الطبيعة، هو جزء من الوجود! والتفاعل مع المحيط، تأثيرًا أو تأثرًا، هي من أهم معالم الوجود وصفات الموجود! ولذلك يمكن نزع صفة الوجود عن الموجود- نظريًا، لكن لا يمكن نزع صفة الكينونة عن أي شيء – موجود أو غير موجود! نقول: كأنه غير موجود، أو وجوده كعدمه! ما نقوله هنا، هو تعبير عن معنى نجده متحققًا في كل ما ومَنْ لا يتأثر ولا يتفاعل مع أحداث تجري من حوله! الكون سابق للوجود بالضرورة، فالكون هو أرضية الوجود! يمكن تشبيه الكون بالمكان بالنسبة للوجود، لكن طبيعة الكون ووظيفته وعلاقته بالوجود، تجعله أكبر من أن يكون مجرد مكان! أعشاب طبيعية، تنمو على أرض مزرعة، هي جزء من الوجود طيلة بقائها قائمة، وهنا يمكن اعتبار أرض المزرعة بمثابة الكون والمكان بالنسبة للأعشاب! لكن أرض المزرعة ليست كون، بل هي مجرد مكان بالنسبة لمبنى يقام عليها! يمكن للكون أن يقوم دون وجود، لكن لا يمكن للوجود أن يقوم إلا على الكون! الكون هو نقيض العدم المطلق؛ والوجود هو نقيض العدم الزمني! الكون الخالي من الوجود، هو وجود خالي من الفناء! الكون هو مجموع الأشياء في صورها الأولية – وحداتها البنائية! الكون يتألف من دقائق مختلفة مستقلة منفصلة؛ فإذا اتحدت أو تفاعلت دقائق معينة، تحت ظروف معينة، فإنها تُنتج وجودًا أو ينتج عنها وجود حتمًا! لكن الطبيعة الأزلية للدقائق البنائية – أي طبيعة البقاء والديمومة لدى الوحدات البنائية للتكوين، تستوجب بقاءها حُرة، واتحادها الذي به تبلور الوجود يُفقدها تلك الحرية، أي أنه يُفقدها القدرة على الكينونة الدائمة..، ولذلك هي تعمل باستمرار وبشكل تلقائي على استعادة تحررها، أي أنها تعمل باستمرار على العودة إلى حالتها الأولية، أي إلى صيغتها الكونية؛ ويتحقق ذلك بانفصالها عن بعضها، وذلك يعني بالضرورة الغياب الظاهري للشيء الذي وُجِد باتحادها! وهذا يجعل من معنى الموت والفناء مرادفًا لمعنى الديمومة والبقاء..، بمعنى أن الموت والفناء ينحصر في الوجود الظاهري لا في البقاء الكوني! أي أن موت الإنسان لا يعني موت مكوناته، إنما يعني تحولها من صورة إلى أخرى، أو من حالة إلى أخرى! فغياب الإنسان عن الحياة، يعني عودته من الوجود إلى الكون..، وبهذا المعنى يكون موت الإنسان هو غياب نظري لكيان افتراضي! إن غياب كيان الإنسان عن الوجود، هو أشبه بغياب كيان سياسي فيدرالي، بعد أن تنفصل أقاليمه عن بعضها..، حيث إن الكيان التاريخي المرحلي المألوف لتلك الدولة يختفي من الوجود، لكن مكونات الدولة تظل قائمة! وهذا الانفصال أو التفكك الظاهري لكيان الدولة، يكون سببه شعور الأقاليم بعدم القدرة على الاستمرار الاتحادي..، فيأتي حِرص المكونات على البقاء الذاتي – على حساب بقاء الكيان الاتحادي! وفي هذه الحال، نقول إن الوجود التقليدي المعروف لدينا لتلك الدولة لم يعد قائمًا، لكننا لا نقول ولا نستطيع أن نقول بأن شيئًا من تلك الدولة قد اندثر! إن كل موجود، لا بد له من أن يحتوي على قارئ طبيعي (حاسب آلي)، يحسب له الحد الأقصى الممكن لوجوده.. أي الحد الأقصى لقدرة مكوناته على البقاء متحدة- أي البقاء على غير صيغتها الكونية! الحد الأقصى لوجود الأشياء نسبي، يعتمد على العلاقة بين مكوناتها، والعلاقة تعتمد على طبيعة المكونات وظروف الوجود، ومدى قدرتها على البقاء في حالة استثنائية، وهي حالة الوجود! يمكننا تعريف الوجود، بأنه بروز أو تبلور الأشياء في الكون، بأحجام وصور محددة، وبقاءها إلى أن تفقد قدرتها على الوجود الاستثنائي، فتعود إلى حالتها الكونية – البنائية! ويمكن تعريف الكون بأنه ذلك النسيج الكلي، الذي يتألف من مجموع مكونات الأشياء في صورها الأولية! الكون باختصار هو الوجود المطلق لمكونات الوجود المرحلي

0 تعليق:

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ