face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأربعاء، 3 يناير 2024

الذكاء الذري من الجماد إلى الإنسان!


كل الكائنات الموجودة، من الجماد إلى الإنسان، تتمتع بالذكاء الذاتي، والذي مقره الخلايا والذرات..

(الذكاء الذاتي = الذكاء الذري)!

الذكاء الذري هو سر ومصدر قوة الطبيعة العمياء!

هو ذكاء، لأنه يعمل بمعادلات منطقية!

لكنه ذكاء أعمى، لأن نتائجه عبثية، أي ليست موجهة طبيعيًا لبلوغ هدف منطقي مُبرَّر!

هذا الذكاء الذري أو الذاتي هو منشأ الغرائز، والغرائز هي قوانين الطبيعة بصورة من الصور!

قوانين الطبيعة منطقية، لكنها عبثية – إذما قيست بمقياس الوعي والإدراك الإنساني!

الفرق بين الجماد والإنسان، هو الفرق بين الانصياع التام للذكاء الذري (عند الجماد)، وبين التحكم شبه التام في الذكاء الذري (لدى الإنسان)!

التحكم شبه التام في الذكاء الذري، يتمثل في قدرة الإنسان على توجيه الذكاء الذري لإنتاج أشياء ومنع أخرى!

وحيث إن البشر يقع بين الجماد والإنسان (من وجهة نظري)، لذلك فإن البشر يتحكم جزئيًا في الذكاء الذري (الغرائز)!

التحكم التام في الذكاء الذري، ممكن بالوعي والإدراك، لكن لا يتحقق إلا بوصل الذكاء الخاص بالذكاء العام (وصل الذكاء الذري بالذكاء الكوني)، وهذا ما تسعى له الذرات على مستوى الذكاء الذري الأعمى (سعي الذرات للاستقرار)..، وهو ذاته ما يسعى له الإنسان على مستوى الإدراك الواعي (السعي للكمال)..،

هذه حقيقة ماثلة، فإذا تعذر على بعضنا رؤيتها أو تصورها، فلعل ذلك يكون بسبب عدم تفعيل الإدراك!

عدم تفعيل الإدراك قد يكون طبيعيًا بسبب محدودية الوعي والخيال، وقد يكون مفتعلاً بسبب الإفراط في التركيز على ممارسة الحياة اليومية، وإهمالنا لممارسة الوجود العام، أو لعدم توفر البيئة المناسبة لممارسته!

إن انعدام الوعي والإدراك لدى النبات والحيوان – مع قابليتها للتكاثر والنمو، جعلها مادة مناسبة لعبث الذكاء الذري، فأنتج منها أصنافًا وأشكالاً عديدة، لا منطقية ولا مبرر لإنتاجها!

العبث يتمثل في وجود أصناف كثيرة من النباتات والحشرات والحيوانات التي لا مبرر لوجودها، والتي تبدو مشوهة أو معاقة خلقيًا، ما يجعل الكثير منها يموت بسبب عدم قدرته على التأقلم مع البيئة أو لعدم قدرته على المنافسة للحصول على أساسيات الحياة!

وجود الوعي والإدراك لدى البشر والإنسان، حَدَّ من تأثير الذكاء الذري عليهم، فأصبحت الاختلافات بينهم لا تكاد تُرى، وأصبح وجودهم يبدو مبررًا!

ظهر التأثير العبثي للذكاء الذري عند البشر والإنسان، بشكل واضح في أكثر من حالة، فأنتج منهم كائنات عشوائية لا مبرر لإنتاجها..؛

مثلاً: عندما كُنا نجهل تأثير تشابه فصائل دم الآباء على الأبناء، كُنا خاضعين للذكاء الذري، فتم إنجاب الكثير من البشر المشوهين خلقيًا!

انتهى تأثير الذكاء الذري على البشر ماديًا أو يوشك – بفضل وعي الإنسان، لكن لا يزال البشر خاضعًا بشكل شبه كامل للذكاء الذري – من حيث محدودية الوعي وانعدام الإدراك الذاتي!

وهذا يعني أن البشر مُسيَّرون ذريًا، فلا سلطة لهم على الكثير من سلوكهم، ولا وعي لديهم بالكثير من قناعتهم..، ولهذا ظهرت الحاجة للقوانين والعقوبات التي تُخاطب البشر غريزيًا – وليس عقليًا ومنطقيًا، وذلك بمخاطبة غريزة الخوف والطمع فيهم – بأسلوب الترغيب والترهيب، ونجحت في توجيه البشر..، وهو الأمر الذي يرفضه الإنسان قطعًا (الإنسان هو البشر الواعي المُدرِك (المنطقي)، الذي يُمارس الوجود ولا يكتفي بيوميات الحياة)!

الإنسان يعمل تلقائيًا على مقاومة تأثير الذكاء الذري فيه، وكأنها وظيفته الأساسية في الحياة!

ولذلك تكاد تتوحد المعايير والأفهام بين الإنسان والإنسان، دون الحاجة لحوار أو اتفاق، فالتوافق بينهم قائم بديهيًا على كل شيء تقريبًا!

الذكاء الذري فاعل ومؤثر دون مقاومة عند الجماد والنبات والحيوان، ودون مقاومة تُذكر عند البشر، لذلك فإن كل صنف من هذه الكائنات، يشهد اختلافات كبيرة وصراعات دائمة بين بني جنسه..، ذلك لأن طبيعة الذكاء الذري أنه يُنتج كائنات مختلفة داخل الجنس الواحد!

قد يتمكن الإنسان يومًا، من السيطرة على تأثير الذكاء الذري عند البشر، فيتوقف التشوه المعنوي ويكتمل الوعي والإدراك لدى البشر، فينعدم وجوده، ويُصبح كل الموجودين إنسانًا..، وتنعدم حينها كل أسباب الخلافات والصراعات التي نراها اليوم..، ويمكن اعتبار ذلك كمالًا أرضيًا أو نسبيًا – قياسًا إلى المفارقات القائمة الآن!

البشر هو الذي يجتنب المنطق ويخشى الإدراك، فيكتفي بما تجود به العشوائيات وما يمنحه التعاطي السطحي مع الأمور!

يمكننا تصور الإدراك والمنطق كالثروة، يمتلكها الإنسان والبشر، فيستمتع بها الإنسان، ويكتنزها البشر خوفًا من نفادها!

إن إدراك الوجود يتمثل في: حضور الرغبة، وامتلاك القدرة على السعي للكمال ورفض النقص، والإحساس بإمكانية الوصول!

الوجود بهذا المعنى، ليس هو القالب المناسب لتشكيل السعادة البشرية التقليدية!

الإحساس بالوجود يتمثل في امتلاك شعور طبيعي، يدفع إلى الإحساس بوجود قلق كوني أزلي!

وممارسة الوجود، تتمثل في إنتاج قلق ذاتي، يدفع باستمرار وإلحاح إلى الاتصال والاندماج بالقلق الكوني!

إن صعوبة استخلاص سعادة حقيقية من لهيب القلق الوجودي، يدفع بالبشر إلى تعويضها بجمع أكبر قدر ممكن من مجسمات السعادة المقلدة التي توفرها الحياة اليومية مجانًا – دون الحاجة للتفكير!

وظيفة الإدراك لدى الإنسان هي السعي الواعي باتجاه الكمال، وليس بالضرورة إدراك الكمال في حالة وعي!

من هنا أقول نحن مختلفون، بعضنا يفهم الوجود بهذا المعنى، وبعضنا يختزل الوجود في حياة محدودة، بوظائف روتينية، وتفسيرات تقليدية، وقوى عاطفية – إرادية ولا إرادية، وقناعات وهمية، ونظريات فلسفتها تقوم على إجابة السؤال قبل طرحه – بالحيلولة دون طرحه!

الإنسان والبشر سيبلغان ذات النتيجة، الفرق بينهما أن الإنسان يبلغها وهو يسعى لها، بينما يبلغها البشر وهو يخشى حصولها!

فكأن النتيجة تعني لأحدهما الكمال، وتعني للآخر الزوال!



الإنسان يسير فطريًا باتجاه الكمال، وسيبلغه مُدرِكًا أو غير مُدرِك، لأن الكمال قد يعني انعدام الوجود أو انعدام الوعي، مثلما أن كمال المتعة يكون بحصول النشوة، وحصول النشوة يعني انتهاء وجود المتعة!

0 تعليق:

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ