face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأحد، 7 يناير 2024

الإنسان .. واهمٌ لا يؤمن بالوهم!



افتعال قضايا ومعالجتها، خير من حياة بلا قضية، هكذا يرى قادة الوجود البشري ومن يسوسون الحياة! هدف جل البشر في الحياة هو ألا يصبحوا أهدافًا، رغم إدراكهم أنهم أهداف في الواقع، وأنه تم تحقيقها بالفعل! 
عموم البشر لا يسعون إلى تحقيق شيء في الحياة، لأنه لاشيء يمكن تحقيقه فيها، والقادرون منهم على ممارسة الحياة دونما هدف، وحدهم المؤهلون للحياة!
 بعد مستوى معين من الوعي، يدرك الإنسان بأن الحياة عبءٌ ثقيل، لا يمكن تحملها دون هدف خارجها يبررها، أي أنه لا يستطيع اعتبار يوميات الحياة وضروراتها هدفًا لوجوده! وبعد مستوى معين من الإدراك، لا يستطيع الإنسان قبول الحياة حتى بوجود هدف خارجها، ما لم يكن هدفًا يتعلق بالوجود ككل، وقابل  للتحقق حسب إمكاناته!

 س- لماذا يحصل الإرهابيون على متطوعين بسهولة، بينما تضطر الحكومات إلى التجنيد الإجباري؟
 ج- بسبب ضعف مغريات الحكومات أمام مغريات الإرهابيين! كلاهما يقدم مبررات وهمية وحجج واهية لتجنيد البشر، لكن حُجَّة الحكومات مثل حُجَّة الوالدين، هما من الضعف والوهن بما لا يبرر الحياة ذاتها- ناهيك عن تبرير العمل فيها وبذل الجُهد لأجلها ..
 معتقدات الإرهابيين تبدو أهدافًا وجودية، تستحق الحياة وتُبرر الانتحار- حتى لو كان ما يفعلونه انحرافًا صريحًا وما يعتقدونه وهمًا مكشوفًا، لكنه يحمل مبررًا لممارسة الحياة وللعمل فيها ولو بنسبة ضئيلة، وهو المبرر الذي تفتقده الحياة تمامًا ويفتقده الوجود وكل نشاط بشري في الحقيقة!
 وكل أمرٍ يمنح الحياة مبررًا، فهو أمر يخاطب النفس البشرية بما ينقصها، فيغازلها ويذلل أمامها الصعاب، ولذلك يحصل الإرهابيون على المتطوعين بسهولة كبيرة وبأعداد كبيرة- خاصة من المراهقين والأميين وكل ضعاف الوعي والثقافة ومعدومي الإدراك!

 ما يُربك البشر هو أن الحياة أخذت طابع اللهو الجاد ، فالذين يقودون الوجود البشري، بمقدورهم وقف العنف والإرهاب وكل الصراعات، وتوحيد نظرة البشر للحياة، وذلك بمجرد البوح بحقيقة الحياة والوجود ..، لكنهم يخشون النتيجة، وهي أن تفقد الحياة قيمتها ويفقد الوجود هيبته في نفوس البشر، وبالتالي يفقدون هم مكاسبهم وقيمتهم المفتعلة، وقد تعم الفوضى، ولذلك هم يرون أن معالجة قضايا مفتعلة، خير من لا قضية! 
 كل ما يمكن أن يفعله ضعفاء البشر خلال حياتهم، هي محاولات لا تتوقف لتفادي الشر، أو لتخفيف ألمه عن أنفسهم ودفعه باتجاه رفاقهم ..، بانتظار موتهم جميعًا!
 المنتحرون مباشرة – دون وهم ودون لف ودوران، هم أناسٌ مبدعون، جاءوا في غير زمانهم أو في غير مكانهم وغير بيئتهم المناسبة، وكان لا بد أن ينتحروا، وليس في الأمر غرابة، فالعبث طبيعة الحياة، ومظاهر العبث في الوجود أكثر من أن تحصى، وليس الإنسان استثناءً!
 ربما تصلح المتعة المطلقة أن تكون هدفًا أو مبررًا للوجود، لكن مثل هذه المتعة ليست متاحة للكل، وليست متاحة كل الوقت، والمستمتعون بالحياة من البشر يمكن اعتبارهم شواذ القاعدة ..، كما أن المتعة التي يمكن أن توفرها الحياة لا تبرر دائمًا تحمل ما يصاحبها من عيوب ونقائص، ولا تبرر دفع كل الضرائب التي تستوجبها الحياة!
 فما مبررات الحياة إذن؟ مبررات الحياة مجرد أوهام، والأوهام لا تعجب ولا تقنع غير الواهمين! الحقيقة التي تأخر البشر في بلوغها، هي أنه لا معنى للحياة سوى إضاعة الوقت في تحسس الألم، وإهدار الجهد في صراعات متواصلة من أجل لاشيء!
 سؤال الوجود، وحده يمكن اعتباره مبررًا للحياة، ولعله لم يعد قائمًا اليوم، إلا في مخيلة الواهمين والغافلين! 
المعتقدات الدينية لم تجب منطقيًا ولا واقعيًا عن سؤال الوجود – قبل الموت ولا بعده، ولم تبرر الحياة .. المعتقدات اعتبرت الحياة نعمة واجبة الشكر، وفي ذات الوقت اعتبرتها مفروضة على الإنسان، ليس له حق رفضها، ولعل محاولة استيعاب هذه المفارقة بحد ذاتها، تصلح هدفًا للحياة لمن يؤمن بها، أو لعلها كذلك بالفعل! 
مبرر الحياة لدى الدينيين هو أن الحياة مفروضة، وأنه ليس من حق الإنسان التصرف في حياته ..، هذا هو السبب الوحيد الذي يقدمونه عادةً لرفض الانتحار ..؛ وهذا يعني أنه إذا ثبت لديهم أن الحياة ليست مفروضة، فسيكون الانتحار هو خيار الكثيرين منهم ..، وهذا يعني أنهم من حيث المبدأ ليسوا ضد الانتحار كفكرة وكفعل، وليس لديهم ما يبرر الحياة لذاتها! 
ومبرر الحياة لدى اللا دينيين هو الاستمتاع خلالها .. وهذا يعني أنه إذا لم تتوفر معطيات الاستمتاع، فإن الانتحار خيار قائم لديهم ..، ما يعني أنهم من حيث المبدأ لا يرفضون الانتحار كفكرة وكفعل، ولا يبررون الحياة لذاتها! إذن لا أحد يُبرر الحياة لذاتها، ولا أحد يرفض الانتحار كفكرة وكفعل من حيث المبدأ! 

 لماذا تتم محاربة الانتحار، مع عدم الرغبة أو عدم القدرة على ضمان حياة كريمة للإنسان؟ لماذا يُحارِب المؤمنون الحرية في الدنيا، مع عدم ضمان الجنة للإنسان في الآخرة؟ لأن التشريعات والقوانين وُضِعت لتمديد أو تمطيط وتبرير الحياة لا لتحسينها!
 حياة جل البشر ليس لها ما يبررها سوى غفلتهم!
 لا توجد أخلاق لأجل الأخلاق .. الأخلاق مجرد خوف وطمع! ما يبغضه المؤمنون وما يَدَّعون الاشمئزاز منه اليوم، هو ذاته ما يحلمون ويطمعون به غدًا! 
عندما يُدرِك البشر حقيقة أن الصواب هو، ما يمكن الاتفاق حوله – لا ما ينبغي الاتفاق حوله .. حينها فقط يدركون معنى الصواب، أو حينها فقط يكون هناك شيء اسمه الصواب! 

. هذه المرأة عاهرة، إذن الكل مأمور بنبذها، لكن لا أحد مأمور بتوفير سكن ومال وزواج لها، لكي لا تكون عاهرة! ولا أحد يحق له أن يتساءل ما الفرق بين الزنا وبين الزواج الشرعي .. لماذا يُمنع التساؤل؟ 
لأن الجواب هو: لا فرق حقيقي بينهما، فالفرق مفتعل وشكلي، كان قد فصَّله المشرعون على مقاس التشريعات الموضوعة فقط لتبرير وتمديد الحياة لا لتحسينها! 
عدد الزيجات غير محدد للمرأة في الحياة .. ومدة الزواج غير محددة .. وعِدة الطلاق كان مبررها هو التأكد من عدم حصول حمل، وهو الأمر الذي أصبح ممكنًا خلال دقائق، بل أصبح التأكد من عدمه ممكنًا مسبقًا – قبل الجِماع! إذن الفرق بين ما يعرف بالزواج الشرعي وما يُسمَّى بالزنا هو اختلاف عصور، اختلاف زمني، اختلاف سرعة فقط : ذاك زواج تقليدي بتكاليف وعقد مكتوب ..، وهذا زواج عصري بعقد شفوي! ذاك زواج وطلاق خلال أيام ..، وهذا زواج وطلاق خلال ساعات! والرجل ملزم بالإنفاق على المرأة في الحالتين! ماذا يعني الزنا إذن؟ الزنا هو الاغتصاب، وليس هذا الزواج العصري! 

البشر يؤدون أدوارًا تمثيلية في مسرحية الحياة .. مسرحية الضحية والمجرم والشرطي .. كثيرًا ما يؤدي كل فرد الأدوار الثلاثة في اليوم الواحد ..

0 تعليق:

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ