face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأربعاء، 7 مارس 2018

ما لا يمكن تخيله لا يمكن تصديقه!

0 تعليق


من الثّوابت الكونيّة الضّابطة للمنطق والفطرة البشرية: أن كل ما لا يمكن تخيله لا يمكن حصول التصديق به، وكل ما لا يحصل تصديقه لا يحصل الالتزام بمقتضياته!.
 لماذا توجد مراقبة ومحاسبة وعقوبات للمؤمنين، في الحياة الدنيا؟ لأن المؤمنين عادةً لا يلتزمون بمقتضيات ما آمنوا به، فيصبح إيمانهم مجرد ستار يُخفي حقيقتهم! ولماذا لا يلتزم المؤمنون بمقتضيات الإيمان؟ لأن الإيمان بأي أمر لا يعني التصديق به، وكل علاقة دون التصديق، فهي لا تُحقق التزامًا ذاتيًا لدى الإنسان! بينما كل ما يُصدِّق به الإنسان، يلتزم بمقتضياته فطريًا دون الحاجة لرقيب أو حسيب .. لماذا لا يجرؤ البشر على تجرع السم عمدًا؟ لأنهم لا يؤمنون بأنه قاتل، بل يُصدِّقون بأنه قاتل! وإذا قرر الإنسان تجرع السم، فلا تردعه مراقبة ولا تهديدات ولا عقوبات، لأنه يكون مُدرِكًا لما يفعل! كل ما يعتنقه الإنسان من وراء المنطق والفطرة، يظل افتراضيًا في ذاكرته، فلا يجد صعوبة في تجاهله وتجاوزه لأتفه الدوافع والأسباب! المعتقدات الدينية تستعمل مفهوم الإيمان بالله لا مفهوم التصديق بالله، لأن الإله لا يمكن تخيله ..، ولذا عادة ما يكون التركيز على ذكر وتعظيم وتقديس الرُسُل أكثر من التركيز على الإله ذاته، باعتبار أن الرُسُل يمكن تخيلهم، وبالتالي يمكن التصديق بوجودهم، ومن خلال التصديق بالرسل يأمل رجال الأديان في حصول عملية التصديق بالله لدى البشر – وليس فقط الإيمان به ..، لكن التصديق بالرُسُل لا يسد حاجة البشر الفطرية لتخيل الإله ذاته، لكي يحصل التصديق بوجوده! فالتصديق بأي أمر مرتبط شرطيًا بالقدرة على تخيله هو مباشرة لا من خلال غيره ..، وهذا الشرط غير قابل للتحقق في حال الإله العقائدي، ولذلك يتم الاكتفاء بالإيمان، فلا يحصل الالتزام، وتلك نتيجة حتمية لعدم التصديق!.
المؤمنون بالأديان وغير المؤمنين بها، الكل يُسلِّم بوجود سر خفي خلف هذا الوجود الظاهر .. والجميع متفقون تلقائيًا على وجوب أزلية هذا السر .. لكن السؤال والاختلاف يدوران حول ماهية ذلك السر، ومكان تواجده، وهل له غاية محددة، أم هو مجرد قوة ذكية عمياء؟ المعتقدات الدينية المتعددة المتجددة، جميعها عبارة عن نُسخ مختلفة لنظرية فلسفية واحدة، وُضِعت أساسًا لتفسير ظاهرة الوجود والحياة، لكنها أخفقت في ذلك، كما أخفقت كل النظريات العلمية حتى الآن .. المعتقدات الدينية عجزت عن إجابة سؤال الإنسان حول سر الوجود، فتركت الوجود والتفتت إلى الإنسان، وتركت السؤال وتوجهت إلى السائل ..، فحمَّلت الإنسان المسئولية عن ضعفه الطبيعي وجهله اللا إرادي بأسرار الوجود، ووجدت أن أسهل جواب للسؤال هو قمع السائل ومنعه من طرح السؤال .. تحولت المعتقدات بذلك من نظريات فلسفية قابلة للنقاش حولها، إلى ضوابط أخلاقية تفرض نفسها على البشر بحجة القداسة، وتعدهم بحياة أفضل قبل الموت وبعده .. واعتنقها جُل البشر طمعًا في وعودها، ورهبةً من غموضها ..، لكنها أخفقت هنا أيضًا، فلم تحقق ما قبل الموت ولم تبرهن على ما بعده ..، بل وأصبحت سببًا للعداوات والمآسي، وأكثر من ذلك أصبحت وسيلة بيد الحذاق للسيطرة على البُسطاء وتجنيدهم لمواجهة خصوم الفكر والسياسة والاقتصاد والعِرق! القواسم المشتركة بين المعتقدات كثيرة، منها أن كل قوم يسخرون من معتقدات غيرهم ويرونها ساذجة! المعتقدات تقوم على وضع قراءات ضبابية مراوغة لكل شيء، لتستوعب بذلك كل جديد تكتشفه المعرفة البشرية عبر تطورها الطبيعي، وتنسبه لها! المعتقدات تقوم على تقديس أشخاص، والتعصب لهم في كل ما يقولونه دون إعمال للفكر .. ولهذا انحرفت كل المعتقدات دون استثناء، وتشرذم وتصادم أتباعها بمجرد موت شخص الرسول! ولا زال القائمون على كل المعتقدات يحرصون كل الحرص على منع أتباعهم من إعمال الفكر .. هل الخلل في البشر أم في المعتقدات؟ معلوم أنه لو لم يكن هناك خلل طبيعي في حياة البشر ووجودهم، لما كانت هناك حاجة للمعتقدات .. ولو لم يكن هناك خلل طبيعي في حياة الشعوب، لما كانت هناك حاجة لوجود سلطة تشريعية وتنفيذية لمعالجته، فإذا كان 80% من الشعب ملتزمين بالقانون، و20% مجرمين مخربين خارجين عن القانون .. فمن الذي من وظيفته وواجبه وبمقدوره حماية البلاد من هؤلاء الـ 20% ؟ وما حاجة كل الدول بالشرطة والأجهزة الأمنية، لو كان بإمكان الشعوب تأمين نفسها من الخارجين عن القانون- من الداخل والخارج؟ فرجال الأديان يُحمِّلون البشر المسئولية عن عدم نجاح الأديان، وفي ذات الوقت يُحرِّمون عليهم تفسير الكتب الدينية بأنفسهم !.
 كيف أخفقت المعتقدات في تفسير ظاهرة الوجود؟ أخفقت من حيث أنها لم تستطع برهنة وإثبات الفكرة التي تقوم عليها ..، فلم تُقنع بحُجتها المفكرين، ولم تحل بها مشاكل الآخرين الذين اعتنقوها دون تفكير! النظريات العقائدية، لكي يكون تفسيرها لظاهرة الوجود تفسيرًا منطقيًا مقنعًا، ربما كان يتوجب عليها أن تفترض أحد أمرين، وهو ما لم تفعله .. كان عليها أن تفترض:
 - أن الإله غير كلي القدرة، فهذه فرضية يمكن أن تفسر الوجود عقائديًا إلى حد كبير، لكنها تنزع عن الإله صفة الإلوهية المطلقة .. - أو أن تفترض أن الإله قد أوجد الوجود، وضَمَّنه قوانين منطقية صارمة، ثم انفصل عنه بالكامل، بحيث أن الإله لا يعلم الآن ما الذي يجري في هذا الوجود ..، أو أن الإله لم يخلق هذا الوجود بنفسه، إنما كان قد كلَّف غيره بخلق هذا الوجود، وأن الإله لا يريد أن يعلم شيئًا عما يجري الآن، وسيرى النتائج لاحقًا .. هذه الفرضية تسد الكثير من الفراغات المنطقية في النظريات العقائدية .. فبذلك يكون هناك معنى للحياة وغاية من الوجود ..، لكن لا معنى للقول بأن الإله ينتظر اكتمال أحداث الوجود، بينما كل الأحداث والنتائج معروفة لديه مسبقًا! كما تجيب هذه الفرضية منطقيًا عن سؤال المظالم والمآسي والآلام والأخطاء التي تحدث في الوجود! كذلك تُفسِّر هذه الفرضية عدم استجابة الدعاء! أيضًا هذه الفرضية ستفرض على البشر الالتزام بما يؤمنون به، حيث لن يكون هناك من يدَّعي القدرة على التكهن بالنتيجة – طالما أن الإله ذاته لا يعلمها الآن .. وبذلك يوضع الناس أمام مسئولياتهم وضمائرهم، لا خلف فتاوى وتفاسير فقهائهم - كما هو حاصل الآن .. وتتوقف بذلك ممارسة الوصاية على البشر باسم الله والدين، حيث لا أحد يمكنه ادعاء قبول إيمانه هو، ليكون قدوة أو مرجعية لغيره

الأربعاء، 3 يناير 2018

اللّف و الدّوران في تخريج مؤّلف القرآن !

1 تعليق




إنّ كل مسلمٍ مسكين صادق الايمان يشكّ في نفسهِ و لا يشكّ في القرآن , و كيف لا و هو مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ , ولذلك اخترع المفسّرون ( المرّقعون ) فلسفة اسلاميّة , و علوم شرعيّة , و علم البلاغة و البيان و علم حديث يُسمى " اللّف و الدّوران " , و السفسطة و السخافة و الهذيان و غيرها بل اخترعوا اشياء لا تنطبق إلا على القرآن , ولسان حال مؤّلف القرآن :: عليّ أن أقول و عليكم التّخريج . 

إن لعبة التخريج و التّفسير و التّّرقيع يُمكن تطبيقها على أي كتاب ليًصبح من لدن حكيم عليم , فالقرآن مليء بالأخطاء العلميّة و اللغويّة و التّاريخيّة و التناقض و الخرافة و الأساطير بل و الغموض و الهراء ! لنأخذ مثالاً على ذلك "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم " النحل/106 
إن هذا المقطع القرآني لا معنى له , غامض , لا يوجد بهِ بلاغة و لا بيان و لا هم يحزنون ! إنّه لشيء واضح وبسيط و غير عسير و يتضّح لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد , ولكن ؛ أين مفتاح اللعبة وحلّ اللغز ؟ الأمر يكمن في الإيمان و اضفاء هالة مقدّسة حول القرآن فينشأ المسلم على ذلك و من شَبَّ على شيءٍ شابَ عليه , فالقرآن معجز ! و لا شيء آخر , حتّى لو جئت له بمقاطع قرآنيّة سخيفة و محض هراء وكأنّهم صم بكم عمي فهم لا يعقلون ! لنأخذ مثالاً يُثبت بما لا يدع مجالاً للشّك أنّ التّفسير ما هو إلا تهريج و البحث عن محرج لكلّ ما يقع فيه مؤلّف القرآن , و هذا الأمر يستخدمه المسلم في تعاملهِ و نقاشهِ فهو لا يُفكّر في الأمر بل يطلق عليها " شبهة " و يذهب مباشرةً ليبحث عن تأويل و تخريج و تفسير و لفّ ودوران ثمّ ينسخه و يلصقه كما هو ! ولنأخذ مثالاً على تناقض القرآن الواضح وضوح الشّمس متبوعاً بتخريج و تأويل و تفسير حتّى نريحهم من مشقّة النّسخ و اللّصق المصدر هنــــا :: 

السؤال

ورد عن سيدنا يونس عليه السلام في سورة القلم الآية (49) قوله تعالى: {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ}
وفي سورة الصافات (143-145): {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ}.
والسؤال: يرجى حل التناقض بنفي نبذه عليه السلام بالعراء بالآية الأولى وإثباته بكلمة (فنبذناه بالعراء وهو سقيم) بالآية الثانية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس بين الآيتين الكريمتين تناقض، ففي تفسير القرطبي: (قال في هذه السورة: فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وقال في نون والقلم: لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ { القلم : 49 } والجواب: أن الله عز وجل أخبر هاهنا أنه نبذه بالعراء وهو غير مذموم، ولولا رحمة الله عز وجل لنبذ بالعراء وهو مذموم، قاله النحاس). ومثل هذا الكلام عند البغوي وغيره.
والخلاصة أن النفي في سورة القلم ينصب على الحالة التي لم تذكر في سورة الصافات، وهي كونه مذموما مبعدا من كل خير. فظهر منها أن النبذ بالعراء واقع، وأن الذم لم يقع بفضل الله تعالى ومنته.
وأخيرا ننبه السائل أن القرآن الكريم ليس فيه تعارض ولا تناقض، فهو كلام حكيم عليم، وإنما قد نتوهم نحن لضيق صدورنا وعجزنا عن ذلك.
والله أعلم.

كما يتّضح أن هذا الأمر لا يعدو كونهِ مجرّد تهريج و تخريج ليس إلا , وما يفعله هؤلاء هو مجرد لعبة سخفية يُمكن تطبيقها على كلام أي شخص ليُصبح صديقنا حكيم عليم خبير ولكن ؛ من أحسن من الله قيلا ؟ , إن التّناقض في هذه الآيات أمر لا مفرّ منه , فالإشكاليّة هي : هل نبذ يونس في العراء أم لا ! لكن كما نلاحظ مقطع قرآني يًثبت و آخر ينفي ولا تأويل هنا , لكن من قال أنّه لا يُمكن إيجاد مخرج لها ؟! كيف وهو من لدن حكيم عليم خبير ، فيلجأ المرقّعون إلى نقل الإشكاليّة من النّبذ إلى حالة يونس وكونهِ مذموماً أم لا ! ها هم قد أخترعوا فناًّ جديداً وهو فن التبجّح ! الذي لا يقبله أي عاقل مهما كانت قدرتهِ العقلية , إنّ السّجع هو ما دفع مؤلّف القرآن لتغيير اللّفظ  بين " سقيم " و " مزموم " وليس شيء آخر ، فكما نلاحظ قافية مقطع الإثبات :: 
فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ

امّا المقطع الذي ينفي لك هو : 

فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ

لَوْلا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ 

إنّه السجع لا شيء آخر فاعتبروا يا أولي الألباب !! . فنٌ آخر و هو لعبة التّحدي و نظريّة استخراج كلّ ماهو جديد ومثير وإن تطلّب الأمر التّدليس فهو في سبيل الله و حور الجنّة العين ! , ولنأخذ مثالاً على ذلك :: يقول مؤلّف القرآن مهاتراً أبا لهب " تبت يدا أبي لهب و تب ...... سيصلى نارا ذات لهب " المسد , فالتحدي واضح و المقطع القرآنيّ صريح في تحديد مصير أبي لهب، ويقولون أنّ جبريل نزل بها في بدايات الدّعوة، وأنّ أبو لهب كان بإمكانهِ الإيمان بمحمّد ويخرج للنّاس ليقول " إني آمنتُ بالله " حتّى ولو كذباً ! 
ولكنه لم يحدث، لماذا؟ لإنه علمُ الغيب فلا يظهر على غيبه احدا !! لكن مهلاً !! هل حقاً لو آمن أبو لهب لكان ذلك دليلاً على كذب و ادعاء مؤلّف القرآن ؟ الجواب هو : كلا ! الأمر بسيط يمكن أن تنضم إلى مقاطع تمّ نسخها أو أكلها الدّاجن أو حرقها عثمان أو أنساها الشيطان حفظة القرآن ! فهذا اللغو و اللغط لا لشيء إلا لكونها لعبة سخيفة مطاطيّة لا سقف لها , لا قانون ولا عقل و لا مكان ولا زمان يحدّها ! وهذا بالضبط ما يحدث فخذ مثلاً هذا المقطع القرآنيّ المشابهِ :: " إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم " النحل 104 , إنّ هذا المقطع القرآنيّ أو التحدّي أو الاعجاز في علم الغيب سمّ ما شئت ، ما هو إلا تعميم سخيف و باطل و عجز ليس إعجاز لانّ هناك من تاب و آمن و سيدخل الجنّة و ليس له عذاب أليم بل حور مقصوراتِ في الخيام ! والسؤال الآن :: من الذي هداهم إن كان الله نفسه تبرأ منهم و أقسم بالنّمل على نفسه بعدم هدايتهم ؟ مؤلف القرآن و مرقّعوه لا يعرفون لأنّ هذا الهُراء ليس من عند الله و أطفال الإعجاز و نظريّاتهم العاجزة الباطلة و تحدياتهم لا تعدو كونها مجرّد هُراء ! هذا التحد مثله مثل " نظريّة الصَّرْفة" وتحدي القرآن في الأتيان بمثلهِ , فإن قلنا أنّه يُمكن الإتيان بمثل هذا القرآن و أفضل منه يذهبون بالأمر إلى بعد آخر و سخف لا يضاهيهِ شيء , ويقولون : أنّ الله ذو البلاغة و البيان و الفصاحة صَرْف دواعي وهمم سادة قريش و من بعدهم عن القيام بذلك ! إنّ من يصدق و يؤمن بهذا الدين وتلك اللعبة الهزليّة المضحكة لا يحترم عقلهِ وادعوه لقراءة القرآن قراءة نقدية محايدة وسيجد العجب العجاب .

الخميس، 22 يونيو 2017

المكوّن المعرفي - هل هناك وعي وراء التطوّر ؟

0 تعليق





المُستخدم العاديّ للإنترنت و خاصةَ مُحرّك البحث " جوجل - Google " قد يُلاحظْ وجود قِسمين في صفحة عرض النّتائج عند قيامهِ بالبحثِ عن أيّ شيء , القُسم ُالأوّل وهو للإعلاناتِ المدفوعة , أمّا القِسمُ الآخر فهو مجّاني يَعرِض محتوي المواقع الموجودة علي " الشّبكة - Web " , ولكي يُعرَضْ إعلانك في القِسمِ الأوّل المَدفوع يجب عليكَ التّسجيل في "جوجل ادوردز-Google AdWords" -  وهو أهمّ مُنتجات جوجل الإعلانيّة , فهو مصمّم لإشهار و جذب الزّبائن للمواقع الإلكترونيّة , ولا تقوم بالدّفع إلا عند ضغط المستخدمين علي إعلانك أو ما يُعرف بـ " الدّفع مقابل النّقرة - Pay Per Click " ,  قد يسأل سائل و ما علاقة تلك المقدمة بأيّ شيء ؟ فقط تابعي .
إنّ مبدأ عمل "جوجل ادوردز " هو أن يَقوم المُعلنِ بإختيار بعض الكلِمات المُفتاحيّة وهي الكلمات الّتي يبحثون عنها المُستخدمون في محرّك البحث جوجل ومن ثمّ يحصلون علي النّتائجِ , يعتمد المُعلِن إعلانه بعدها , فيُظهر مُحرّك البحث هذا الإعلان للمستخدمين الذين يبحثون عن نفس الكلماتِ المُفتاحيّة التي سبق وحدّدها المُعلن , دور المُعلن هو مراقبة الإعلان, تختفي مُعظم الإعلانات للأبد بعد أن قام مُحرّك البحث بعرضها لبضعة آلاف مُستخدم , فالأمر ليس بالهيّن , فنسبة بسيطةِ جداً من المُعلنين يحصولون علي نصيب الأسد في ظهور إعلاناتهم , فيجب علي المُعلنِ اختيار الكلماتِ المفتاحيّة بدّقة وعناية , فمثلاً إذا كان نشاط المُعلن متجر زهور , واستخدم كلمات مُفتاحيّة مثل " زهور للبيعِ " فلن يصمد إعلانهِ مقابل مُعلنِ آخر يَستخدم " شراء زهور " .
ما قد لا تدركه هو أنّ آليّة عمل ادوردز هي مُحاكاة للتطوّر , فالمُعلن يعيد صياغة الكلماتِ المُفتاحيّة , و يقوم محرّك البحث بعرضها في النّتائج , المُستخدم ينتقي بعض الإعلانات , الإعلان الفائز يتحرّك إلى أعلى و يتمّ إهمال الإعلان الخاسر , وهكذا يَعيد المُعلن صياغة نصّ الإعلان عن طريقِ عملائهِ , فإذا كانت الصّياغة جيّدة تبقى في الجزء العلويّ من الذّاكرة المؤقّتة للنّتائج  . 


فما يحدث هو أنّ السّوق يقوم بالتّصويت لصالح أو ضد إعلانك وبناءَ على ذلك تقوم بإعادة صياغة الإعلان . ولكن في نهاية الأمر السّوق لا يضيف شيء , هو فقط يقتل الخاسرين , وقياساً على ذلك فإنّ؛  مُحرّك البحث هو الطبيعة , والإعلانات هى الكائنات الحيّة , و المُعلنِ هو الإنتخاب الطبيعيّ , ولو استوعبتَ تلك المُقدّمة جيّداً لألحّ عليكَ هنا سؤالاً يُعدّ صُلب الموضوع , من أين يأتي الإدخال الإبداعيّ -أي الصّيغة الجيّدة -؟ في إعلانات جوجل تأتي من المُعلنِ بناءَ علي تفاعل السوق. لكنّ عند النّظر إلي الكائنات ماهو الذي يحّل مكانهِ  أو بصيغة أخرى كيف يحدث ذلك دون تدّخل واعِ أو ادراك  , للإجابة علي هذا السّؤال يجب أن نعرف ماهو التطوّر وماهي آليّات عمله .




ماهو التطوّر ؟ 

التطوّر البيولوجيّ، ببساطة، هو نسبُ-إنحدار- مع تعديل . فهو العمليّة البيولوجيّة التي من خلالها تحدث التغيّرات الجينيّة من جيلِ إلى جيل , و ظهور الأنواع المُختلفة من سلفِ مشترك على مدي أجيال عديدة ,فهو ليس مجرّد مسألة تغييرِ مع مرور الوقت. الكثير من الأشياء تتغير مع مرور الوقت,  فالأشجار تفقد أوراقها ، لكنّه ليس مثالاًعلى التطور البيولوجيّ لأنّه لا ينطوي علي النّسب من خلالِ الميراث الجينيّ, والفكرة المركزيّة للتطوّر البيولوجيّ هي أن كل الحياة على الأرض تشترك في سلفِ مشتركِ، تماماً كما تشترك أنتَ وأبناء عمومتكَ مع جدّك المُشترك, من خلالِ عمليّة النّسب مع التّعديل، الجّد المشترك للحياةِ على الأرض أدى إلى التّنوع الرّائع الذي نراه موثّقاً في السّجل الأحفوريّ, فالتطور يعني أنّنا جميعا أبناء عموم بعيدين,البّشر وأشجار البلوط والحيتان .. إلخ.

آليّات التّغيير .


"التّباين الوراثّي - Genetic Variation " وهو من الأمور الأساسيّة التي يُمكن أن يحدثُ من خلالهِا العمليّة الانتقائيّة لكي يعمل التطوّر, وآليّات عمل التطوّر الرئيسيّة هي : 


  • طفره -Mutation تغيير في تسلسل الحمض النوويّ , ويحدث بسبب أخطاء في نسخهِ أو اصلاحهِ , تعرّض الكائن الحيّ للإشعاع , الطّفرات هي مصدر التّباين الوراثيّ , 
  • الانسياب الجيني - gene flow ويُسمى أيضا "الهجرة -Migration"  أي تحرك من الأفراد ينتج عنه تبادل الجينات الذي يتم من خلال التجمّعات الأحيائيّة أو الأنواع  .
  • الانحراف الوراثي - genetic drift  تغيّر فى نسبة تكرار الأليلات نتيجة توريث عيّنات من الأليل دون غيرها .
  • الإنتخاب الطبيعيّ - Natural selection عمليّة تحديد أي من السّمات تصلح أو لا تصلح للبقاء وفق معيار النّظام البيئيّ " الطبيعة " .




إذاً كيف يعمل هذاالنّظام دون تدّخل واعِ ؟ حسناً التغيّرات البيئيّة تضيف ضغطاً علي الأنواع متمثلاً في صراع على البقاء , سواء كان شُحّ الموارد الغذائيّة أو افتراس الأنواع لبعضها , هذه العوامل تؤثّرعلي بعضها البعض , وتتفاعل بدون وعي أو أدراك , لأنّه بنهاية الأمر ليس هناك " شكل معيّن أو نموذج محدّد يسعى التطوّر إلى تصميمه , الطّفرات الّتي تحدث عشوائيّاً جنباً إلى جنب مع بقيّة الآليّات  توفّر المواد الخام من أجل التغييروقياساً على اعلانات جوجل , فتلك المواد الخام تكون بمثابة إعادة صياغة الكلمات المُفتاحيّة , إعادة الصّياغة تلك تزيد من خلالها تكاثر الكائن الأكثر تكيّفاًُ مع بيئتهِ  والأكثر استفادةَ من التغييرات العشوائيّة التي قدّمتها الآليّات هى ما يُسمّي الإنتخاب الطبيعي , فالحقيقة أنّ الطبيعة غير واعية ولا تمتلك فكراً ولا تصوراً ولا نموذجاً لم سيكون عليه الكائن , بل يتصوّر البعض أنّ هناك من يختار بوعي و إدارك من يبقى , ولكنّ ما يحدث ليس أكثر من لعبةِ احتماليّة ليس فيها تفضيلِ لأشكالِ معينّة، ولا وجود لقانوناً ينصّ على أنّ التطور يجب أن يَتحرك نحو مزيد من التّعقيدِ ، ولكنّه يتحرّك دائماً نحو المزيد من النّجاح التّناسلي، باستثناء المجموعات الصّغيرة الّتي يكون فيها الإنجراف الوراثيّ العشوائيّ إحتماليّاً وليتّضح الأمر أكثر لنأخذ هذا المثال :
قم بتصميم متاهة معقّدة ثمّ ضع فيها مجموعة من الفئرانِ ضع لهم المزيد من التّحديّات كوجود حيواناتِ مفترسة لهم  , على أن يوجد بنهاية المتاهة طعامهم , الفئران التّي تخرج من المتاهة تعيش لتتكاثر ثمّ  يتمّ  تمرير جيناتهم من جيلِ إلى جيل ,على أنْ يظلّ اختبار المتاهة قائماً  ,بعد ألف جيلِ , و إذا ما وجدتَ- بنهاية الأمر- فئراناً أكثر ذكاءً قادرةَ على التّنقل في المتاهةِ بسهولة  وتمّ تغيير هيكليّ لهم وظهرت سمات جديدة , فهل المتاهة تنتقي الفئران ؟  هل تعرف المتاهة ما الذي تختاره ؟ 
حسناً لنأخذ مثال آخر أكثر واقعيّة , لنفترض أنّ هناك مجموعة من العث - Moth ذو اللون البنيّ في غابة مُظلمةِ , و من خلالِ الطّفرات العشوائيّة وبقيّة الآليّات السّابقة ، شَحب اللّون البنيّ لنصف هذه المجموعة  , أصبح لدينا الآن نصف العث لونه بنيّ داكن , والنصف الآخر بنيُّ شاحب , (للبساطة، نفترض أن هذه هي الطّفرة الوحيدة في هذا المثال ولا يحدث طفرات جسديّة أخرى),  وإذا كانت الأشجار في الغابة لونها بنيّ داكن  ,  فمن الطبيعيّ أنّه سيسهل على الحيوانات المفترسة رؤية العث الشّاحب لونه على شجرةِ مظلمةِ. و يُصبح هدفاً سهلاً  , في حين أنّ الأكثر قتامةً سيواصل تمرير جيناتهِ ويعيش دونَ تهديدِ , بنهاية الأمر يختفي العث شاحب اللون , وسيبقى -فقط- العث الأكثر قتامةَ ,هل هذا الأمر يحتاج إلى تدّخل قوّة واعية لـ "تعرف" ما هى السّمة الأكثر ملاءمةَ ؟ 
التّصوّر الخاطئ جنباً إلى جنبِ مع اللغة البشريّة يشكلان مفهوم خاطئ , الإنتخاب الطبيعي لا يعي ما الذي يختاره أو يُفضّله , التطوّر ليس عمليّة واعية , ولا يتدّخل فيها الوعي . 
 عندما نلاحظ سلوكيّات الحيوانات نجد نوعين مختلفين من السلوكيّات, النّوع الأول وهو أنّ كل نوع معيّن من الأنواع يكون قادراً على أداء سلوكِ معيّن دون الحاجة إلى تجربة أو أداءها من قبل كـ "نسيج العنكبوت" سلوك غريزيّ , النّوع الآخر من السلوك يتأثّر بالتّجارب الخاصّة بالحيوان ونجد اختلافاتِ مُذهلة بين الأفراد من نفس النّوع ما تفعله "حيوانات السّرك " سلوك مُكتسب , إنّ السلوك الغريزيّ  وبقدر ما هو سلوكُ محدّد وراثيّا أو يعتمد على الجينات، إلا أنّه يخضع لآليّات التطوّرو الإنتخاب الطبيعيّ , فسلوك الكائنات الغريزي  بإختلاف أنواعها يُمكن تلخيصها في الاغتذاء, بناء المسكن
الهروب من الأعداء, العدوان على الآخرين, التزاوج,الرّعاية, ومقاومة التغيرات البيئيّة.
من خلال هذه السلوكيّات يمكننا أن نرى كيف يعزّز السّلوك البقاء على قيد الحياة , فصغار الطّيور يقومون بفتح أفواههم للغذاء عندما تعود الأم إلى العشّ , وراثة هذا السّلوك يؤدّي إلى الحصول على تغذية أكثر و بالتّالي البقاء أطول , ذكور"عصفور الزيبرا- Zebra finch " يتعلّم الغناء بعد ولادتهِم , ويستخدمونها للحصول على شريكة , أكثر من الذين لم يتعلّموا و بالتّالي الإنتخاب الطبيعي يمكن أن يعمل حتى عندما لا يتمّ توريث السّلوك نفسه  , فالعصفور لا يرث أغنيّتة , بل يجب عليه أن يتعلّم  , ولكن قدرته و الميل إلى التعلّم يتمّ تحديدها وراثيّاً بحيث أنّها تكون عرضة للإنتخاب الطبيعي.




إنّ السلوكيّات الغريزيّة تنشأ من خلال تفاعل جينات الحيوان مع الظروف البيئيّة وأنّ أي تغيير في الجّينات أو الظروف البيئيّة يمكن أن يؤدّي إلى تغيير في هذا السّلوك الغريزيّ , اختبار الفئران حول إحتماليّة تغيير سلوكها الغريزيّ أمر يسهل تطبيقه , عادة ما تقوم الأم ببناء عشّ قبل أن تلد , ثمّ تنظيف فراء مولودها ,ولكنّ التجارب تُثبت أنّ الأم الحامل لن تقم ببناء عشّ رغم توافر مواد التعشيش , في حالة ما إذا تمّ تربيتها في قفص خالي , أيضاً لن تقم بتنظيف فرو مولودها إذا تمّ تربيتها و وجود طوق يمنعها من لعق نفسها .  وبالإضافة إلى ذلك، بسبب طول الفترة الزمنيّة للتطوّر من أجل تشكيل السلوكيّات الغريزيّة ,  مثلاً العث , الذي كان يستخدم ضوء القمر و النّجوم كمصدر وحيد للضوء  خلال تنقلاتهم سابقاً , لا يزال يتكيّف مع مصادر الضوء الجديدة " المصابيح الكهربائيّة "  فظهور مصادر لا تعد ولا تحصى للإضاءة الاصطناعيّة في المناطق التي يسكنها البشريقوم العث بقضاء اللّيل يُحلق في دوائرحول المصابيح الكهربائية.




الخُلاصة ؛ إنّ التّطوّر منحَ الكائنات واجهة وهميّة عبر حيلِ بسيطة ,تُخفي الواقع و تقود تصرفها المُتكيّف إلى البقاء ليس إلا , ولنأخذ مثالاً الخنفساء اللمّاعة الاسترالية - the Australian jewel beetle , لمّاعة مُبطّطة لونها بنيّ يسّر النّاظرين , الأنثى لا تطير , الذّكر يطير باحثاً عن أنثى جاهزة وعندما يجد واحدة يهبط و يتزاوجان , إنّه سلوك غريزيّ , نجح من خلالهِ الذكور في إيجاد الإناث لآلاف أو ربما لملايين السنين , ولكنّ ماحدث هو وجود قنانيّ بيرة لمّاعة و مبطّطة , ولونها بني يحرك عواطف هذا النوع من الخنافس فتهجم جموع الذكور على القناني تحاول التزاوج فاقدة الإهتمام بالأناثِ الحقيقيّة, لقد فضّل القنّينة على الأنثى, التطور منحهم تلميحاً بأنّ الأنثى مُبططة و لمّاعة و بنّية اللون , وكلما كانت أكبر كانت افضل , وعندما كان يزحف على الزجاجة لم يكتشف الفرق , لأنّ اختلاف البيئة أثّر على سلوكهِ . 


______________________________
هوامش 
evolution
http://rstb.royalsocietypublishing.org/content/364/1520/1169.short
http://people.cst.cmich.edu/swans1bj/Crews1986.pdf

the processes of evolution

 https://www.boundless.com/biology/textbooks/boundless-biology-textbook/evolution-and-the-origin-of-species-18/understanding-evolution-124/processes-and-patterns-of-evolution-497-11723/

The Evolution of Animal Behavior:
http://faculty.education.illinois.edu/g-cziko/twd/pdf/twd07.pdf
Australian jewel beetle
https://www.sciencedaily.com/releases/2011/09/110929235201.htm

الأربعاء، 29 مارس 2017

الحاجه الماسّة والدائمة للمستقبل .

1 تعليق




It's that the world is basically a forced labor camp from which the workers—perfectly innocent—are led forth by lottery, a few each day, to be executed " -  The Sunset Limited (film) by Cormac McCarthy

“ذلك أن العالم - في جوهره - ليس إلا معسكرًا للعمل الإجباري (السخرة)، حيث يُساق العمال - الأبرياء تمامًا - عشوائيًا، كل يوم، ليُعدَموا.”-فيلم The Sunset Limited



لا شك أن التطوّر منحنا وعيًا يجعلنا نفكّر ونتأمّل ما يدور من حولنا. قد يرى البعض في هذا الوعي هديةً من نوع فريد، وهي كذلك فعلًا، ولكنها - في الوقت نفسه - ليست من النوع الجيّد بأي حال. بالنسبة لي، أراها بشكلٍ مختلف تمامًا، بخلاف الصورة التي كوّنتها أنت في ذهنك.


دعنا نتأمل هذه الصورة: إنسان بريء، ما إن أدرك وجوده في الحياة، حتى راح يحلم ويتخيّل ما عساه أن يكون؟! ابتسامة مشرقة أمامه، حياة رغيدة، وسعادة! تبا! لقد وجد ضالّته. ربما يندم على ما فاته في رحم أمه! ها هو يخطو خطواته الأولى نحو العالم الحقيقي، نحو رؤية أكثر واقعيّة. شيئًا فشيئًا، تتقلص الأحلام، ثم تختفي، إلى أن يجد نفسه شخصًا آخر تمامًا. فبعدما كان يعيش ليحلم ويحقق أحلامه، أصبح يحلم فقط ليعيش!


هذا الإنسان البريء يتلوث يومًا بعد يوم في بحر الحياة الملطخ بالأنانية وحب الذات، ولا تمر فترة طويلة حتى يتحوّل إلى “كائن بشريّ” بعدما كان إنسانًا.


هذه الصورة المختصرة، المجرّدة من أي تفاصيل، هي قصة كلّ واحد منّا - على الأقل في العالم العربيّ - بعد أن نُفرغها من التفاصيل الاعتباطية والأحداث السخيفة العشوائية التي نمر بها. نحن جئنا إلى هذه الحياة رغماً عنّا، دون أن نمتلك خيارًا. مجموعة من القوانين الحمقاء نسير عليها!

هل تعتقد أن الوعي الإنساني قد ميّزنا عن باقي الكائنات بأي حال من الأحوال؟

بكل تأكيد، لقد منحنا ميزة واحدة: أن نختار الخروج من الحياة.

نحن نسير في دوائر مفرغة، نتبع قوانين فُرضت علينا، في وجودٍ مفروضٍ علينا، ونحن مجرد أشخاص أطاعوا ما فُرض عليهم دون أدنى تفكير، أو معرفة، أو حتى امتلاك فكرة عمّا يفعلونه في هذا الوجود اللعين!


Consider the possibility that many of the things you hear and say are utter nonsense and meaningless repetitions of noise Bryant McGill

“يجب أخذ احتمال أن العديد من الأشياء التي تسمعها وتقولها ليست إلا محض هراء، وتكرارًا لا معنى له من الضجيج.”براينت ماكغيل



عندما يُنجب الأبوَان طفلًا لم تتشكّل ملامحه بعد، مجرد وعاء يحتوي مواد عضويّة، لا يتكلّم، لا يفهم، لا يعرف شيئًا، ثم يخبراك أنهما يحبّانه، هنا يجب أن أسأل: ما معنى هذا الحب؟ وما الذي يدفع الإنسان لتكوين هذا الوعاء العضويّ؟

هذه “الأشياء البشرية” لا أفهمها، ولا أجد لها تفسيرًا منطقيًّا.


إنه نفس الأمر حين يأتي هذا الطفل البائس، ويفرض الأبوان سلطتهما عليه، فيقومان بتعليمه وتدريبه على تلك الطريقة الاجتماعية، التي لا تختلف كثيرًا بين الحضارات. لا يمنحانه حقّه في اختيار الطريقة التي يرغب بها ليكون إنسانًا، بل يجبِرانه على السير على خطاهما.

تلك الخطى التي، في أصلها، ليست سوى خدعة حمقاء، منظومة ضخمة من الإعداد الدائم والمتجدّد الذي لا ينتهي بالوصول إلى شيء.


يبدأ كل شيء من لحظة دخوله إلى أفشل المنظومات: التعليم القائم على الدرجات، وتحويل الكائن الإنسانيّ إلى كتاب!

سنوات من الإعداد والتحضير من أجل لا شيء!

يذهب الطفل إلى الحضانة، تمهيدًا لرياض الأطفال، ومن ثم الابتدائية، فالإعدادية التي تعدّه للثانوية، وبدورها تؤهله للجامعة، ثم الدراسات العليا.

يتخرّج، ويندمج مع “العالم”!

يظنّ أنه حصل على شيء: “العمل”!

لكنّه يعود ويدور في نفس الدوائر المغلقة. إعداد من أجل شيء لا يمكنه الحصول عليه.

إنه بحاجة ماسّة – دائمًا – إلى المستقبل، يتمّ إعداده كل مرّة ليتدرّج في المناصب.

ها هي الخامسة والأربعون! ربما أصبح نائب مدير!

فالهدف النهائي من تلك المنظومة هو: الإعداد لمرحلة الشيخوخة!

ليجد نفسه فاقدًا للذاكرة، عاجزًا جنسيًّا،منهكًا بدنيًّا!أوه! فجأة!يدرك أنه كان يشارك في نظام عمل غريب!

إنه النمط الأحمق الذي رُسم لك. إنها الحياة الخالية من أي غرض أو معنى.



"Death gives meaning to our lives. It gives importance and value to time. Time would become meaningless if      there were too  much of it" -Raymond "Ray" Kurzweil


“الموت يعطي لحياتنا معنى، ويُعطي أهميّة وقيمة للوقت. إنّ الوقت يُصبح بلا معنى إذا كان هناك الكثير منه.”-ريموند كرزويل



هناك أشخاص وُجدوا في الحياة من أجل التبرير، من أجل العبودية، لا يعرفون شيئًا سوى تمتمات لا معنى لها، لا قيمة لها.

أغبياء.

أمثال هؤلاء كُثر.

يبرّرون سخافة الأديان، يبرّرون غباء فكرة وجود إله، في كلّ قضية تجدهم حاضرين.

ربما موتهم سيكون شيئًا جيدًا.

إبادتهم قد تكون أمرًا حسنًا لهم، وربما يكون ذلك المعنى الوحيد لحياتهم.

سيقول أحدهم: هؤلاء لا ذنب لهم.

لكن الحقيقة أن الجُهّال من العامّة، الذين يتبعون الدجّالين والمشعوذين، هم مصدر قوة الخرافات، وسبب دمار وفساد هذا العالم.

نعم، هم أنفسهم أولئك الذين يُقتلون ويموتون يوميًا بسبب تقديسهم للخرافة، بسبب عبادتهم للأنظمة الفاشية، بسبب خوفهم من فقدان حياتهم.

لكنهم في النهاية يخسرونها، لأنهم لا يدركون أننا جميعًا سنخسرها في نهاية الأمر.

السؤال هو: أيّ حياة تريد أن تحياها؟


الحياة لا تُقاس بطول الفترة الزمنية التي تبقى فيها كمساهم في الفوضى (الانتروبية في الكون تميل إلى نهاية عظمى - القانون الثاني للديناميكا الحرارية)، لكنها تُقاس بجودة الحياة التي تحياها.


العامّة، تعتبرهم الحكومات مجرد أعراض جانبية. لا قيمة لهم، وهم كذلك، وسيظلون كذلك. لكنهم، بشكل أو بآخر، يؤثرون في حياتنا أيضًا، فقط لأنهم أرقام كثيرة، بلا عقل، بلا وعي.

لدرجة أنهم يقتلون بعضهم البعض أثناء سيرهم، كما يحدث فيما يُسمّى بـ “الحج”!

وهل نتوقّع أكثر من هذا من هذا العالم؟!


إن المشكلة التي يعاني منها العالم - الآن - والتي ستنتهي بانقراض الجنس البشريّ، هي الخروج عن الطبيعة، عن التوازن الطبيعي.

كلّما حاول ما يُطلق عليهم “المسؤولون” إيجاد حلول، تتفاقم المشاكل.

ثم يعدونك بحلول مستقبلية، لأن الجنس البشريّ يجب أن يتخلى عن الوهم، عن الإحساس الزائف بما يُسمّى “الشخصيّة” أو “الأنا”، لأن هذه المفاهيم لا تملك أي قوة، ولا يمكن لشيء غير موجود أن يصنع شيئًا.


لا يمكن لجميع الكتابات على المواقع الافتراضية أن تغيّر شيئًا.

كل هذه الأعداد البشرية لا قيمة لها، لأنها مجرّد أرقام، بلا وجود حقيقيّ أو تأثير.


الكتابات الافتراضية بلا وجود، ومع الإحساس الزائف بـ”الأنا”، أصبح الأمر لا يُطاق في هذا العالم الافتراضي.

لقد بدأ الناس يختلقون “أنا افتراضية” أيضًا!

هناك “أنا” يتوهمها الشخص داخليًا، ثم “أنا” أخرى يتظاهر بها في العالم الرقميّ.

تطلب منه أن يفعل شيئًا بسيطًا مثل إعادة نشر تفاهة؟ يسارع.

لكن حين يتعلّق الأمر بشيء حقيقيّ؟ لا يفعل.

لا يمكن للإنسان أن يتخلى عن أنانيته، بالدرجة نفسها التي لا يمكنه بها إيجاد حلول لمشكلاته.

لأنه، ببساطة، هو المشكلة.




الثلاثاء، 5 أبريل 2016

كون بإله أو بدون , ما الفارق ؟!

19 تعليق


"That's all we expect of man, this side the grave: his good is - knowing he is bad."ـــــRobert Browning 
"هذا كل ما نتوقّعه من الإنسان في هذا العالم ، الفضيلة لديه هي معرفة أنه قادر علي الشرــــ روبرت براوننغ                                                                    



ما حدث وما يحدث وما سيحدث طيلة الفترات السّابقة في هذا العالم يسير بشكل طبيعيّ بحيث أنّه لا يوجد ما يشير إلي ثمّة تلاعب من قبل أيّة كائنات غير بشريّة سواء كانت آلهة , شياطين , ملائكة أو حتّي كائنات فضائيّة حلزونيّة , جميعنا نري الكوارث الطبيعيّة والأوبئة  والحروب والأمراض بل وصل الأمر لقطع الرؤوس واللعب بها في الطرقات ,  فوضي هنا وهناك , ظلم وقهر وفقر , شتّي المآسي ليس هناك من يتحكّم أو يخطّط لأيّ غرض أو هدف من هذا كلّه , هناك تبريرات , هناك تفسيرات , وهناك أيضاً من يظّن أن هذا القول ما هو إلا حالة عاطفيّة وجدانيّة تتحكّم فيه المشاعر عوضاً عن المنطق السليم , لكن حقيقة الأمر العبثيّ الفوضويّ أمامنا لا علاقة له بالعواطف .
فوجود كائن خارق مطلق الصفات من شأنه أن يجعل هذا الكون مكاناً مختلفاً , وجود كائنات أخري كفيلة بحدوث تأثيرات خارجيّة وانتهاكات للمبادئ العلميّة , كالجاذبيّة , حفظ الكتلة والطاقة , لكن ليس ثمّة تأثير أو دليل علي وجود كل هذه الادعاءات  ,  فنحن جميعنا دينيّون وملحدون ولا دينيّون نتّفق علي أنّ الإله -في حالة ما إذا كان موجوداً- لا يفعل شيئاً لإثبات وجوده ناهيك عن احداث فارق فيما يحدث , في الحقيقة يمكننا القول بأنّه ترك الكون يبدو كما لو انّه غير موجود , وهذا يخلق مشكلة لاهوتيّة، وتركنا مع ثلاث احتمالات : الإله غير قادر علي اثبات وجوده , الإله يختبر إيماننا مع تعمّد البقاء بمعزلِ , الإله غير موجود . تلك الاحتمالات جميعها واحد لا فرق بينهم , فالإله لا يتدخّل , لا يحدث تغييراً أو تأثيراً , لكنّ عقل الدينيّ لا يستوعب الأمر فتجده يشير إلي ما يسمّي الكتب السماويّة  كدليل علي وجود الإله , جميعهم يرجعون إلي كتابهم المقدّس , علي اعتباره انّه المصدر  الإلهيّ والنموذج المثالي للأخلاق , بل وقد يذهب بعضهم إلي كونه كتاب يحتوي علي معجزات علميّة واكتشافات واختراعات لم تحدث بعد !
إذا ما قرأت أيّ كتاب دينيّ ينسب إلي الإله بعقل حياديّ ستجده عبارة عن كتاب يشجّع علي العبوديّة , كره النّساء , الإبادة الجماعيّة , القتل والقمع , الظلم , والتعذيب و الاغتصاب تعدّد الزوجات و القسوة الحيوانيّة والهمجيّة وعدم المساواة بين الجنسين، وعدم التسامح مع الديانات الأخرى , هذا كلّ ما يدور حوله أي كتاب دينيّ مقدّس !
أهذا ما يمكن للإله أن يقدّمه ليثبت به أنّه موجود !؟ يقولون لكَ الإله لا يسمح بحدوث تلك المعاناة إلا إذا كان  ورائها حكمة حلزونيّة .  وإن سألتهم ما هي الحكمة وراء كل هذه
الحالات التي لا حصر لها من المعاناة  , وما ذنب هؤلاء الّناس الذين هم  بلا مأوى في الشوارع والذين يعانون من الحرب والمرض والمجاعة والتجويع , فلن تسمع منهم سوي تمتمات يجب عليك تعلّم لغة النّمل حتّي تستطيع سماعهم ! .

ما الذي تريده من الحياة ؟!



أنت كشخص عاديّ قد يكون أملك في الحياة أن تصبح أحد أولئك الذين سيخلدهم التاريخ ،ليظل أسمهم باقيا علي مر العصور ، أو قد تحلم بأن تكون أحد أولئك الذين شاركوا في تصميم fuck me silly , او حتي أحد المؤلفين العظماء الذين شاركوا في كتابة baby للأسطورة جاستن ، لكن هذا الوجود اللعين بما فيه الحياة، يفتقر الي المعني ، إذا نظرت الي لفظة معني وأنت تستمع إلي wrecking ball ستجده عبارة عن تأثير النتيجة النهائية علي وجودك ، جميع أعمالك العظيمة التي قمت بها بما في ذلك قضاء حاجتك في الحمام لها تأثير بطريقة ما لتمنحك معناً لوجودك ، على الرّغم من أن هذا قد يبدو لك سبباً منطقياً حلزونياَ لمعنى الحياة إلا انه ليس كذلك . فعدم وجود هدف أكبر في الحياة مقارنة بإتقانك ال twerking , قد يكون أمر مقلق إذا تأملت فيه اثناء نومك ، لكن الغالبية العظمي من الناس يعتقدون ويؤمنون بوجود كائن فضائي قد خلق لهم هدف ومعني نهائي لحياتهم ، وان هذه الحياة مجرد اختبار بنهايته سيخلد في حياة أبدية ! ويتناسون أن السؤال لايزال قائما ، وما الغرض من الخلود الابدي ؟! مثل هذه المحاولة البائسة هي تبرير عقيم ، لا يقل عقماً عن شخص لاديني أو ملحد يؤمن بشيء يسمي الإنسانيّة ، وأن هدفه النهائي هو التعايش السلمي بين البشر ،حقا ؟ هناك 150 فصيلة من الخنافس في كل فصيلة 40000 نوع مختلف يتعايشون في سلام ، هل هذا يمنح حياتهم معنا ؟ هناك فئة أخري لا تقل غباء تدعي أنها تؤمن بالعلم ! وهل يمنحك ماتطلق عليه العلم معنا لحياتك ؟! وماهي ياتري انجازاتك العلمية التي تؤمن بها ؟! أنتظر لقد أنتج لنا العلم بطيخا بدون بذر ! ياللهول لقد حطم العلم هدفي في الحياة و هو تناول البطيخ مع إحصاء عدد البذور ، إن مثل هذه الافكار السّخيفة والمعتقدات العقيمة الدينية واللادينية والالحادية تصيبني بالغثيان .

 
و الآن ماذا ؟!! 

السؤال الفلسفي الوحيد الذي يستحق العناء والذي يجب ان تدور حوله الفلسفة ؛ هل يجب علينا ان ننتحر ام لا !؟ بالنسبة لي انا شخص اتقبل الحقيقة مهما كانت ، اما بالنسبة للبقية فيفضلوا ان يتخرعوا أبا لهم ، أب كبير خارق ، مما يجعلهم يتوهموا انه هناك في مكان ما يعتني بهم ، يراقبهم ، خلق لهم هدف ومعني وغرض ، لكن في نفس الوقت حين ننظر الي الحياة نجدها قاسية ، ظالمة ، غير عادلة ، سيقولون : انها افعالنا وتصرفاتنا واهوائنا البشريّة ، لكن ماذا عن تلك التي تنسبونها للاب الأكبر ! زلازل وبراكين وفيضانات ، شخصيا اتقبل حقيقة اننا مجرد نتاج فعل تطوري عشوائي بنهاية الأمر . اتقبل حقيقة اننا مجرد الات تفكر ، سيقولون : الروح ، العاطفة ، المشاعر ، كلها نتاج إحساس زائف ، مفهوم متوهم مختلق زائف ، أي شيء في الحياة يمكن ان يعبر عنه بنمط ، انماط تصف كل شيء ، اي شيء تتخيله سواء فيزيائي او ميتافيزيقي يحدث عبر عملية من احداث يمكن تتبعها وتكوين نمط محدد منها يمكن التلاعب به ، لافرق بين ماهو مادي وغير مادي سوي اننا لم نتوصل للنمط بعد ، سيقولون : الموت ، الحياة بعد الموت ، الاب الكبير سيحرقنا للابد ، سيقولون سخافة ويبررونها بتفاهة ، ثم يحاولون منطقة السخافة والتفاهة لينتج لنا شيء ليس هناك كلمات تصفه بعد ، سيقولون ثم يقولون ثم بنهاية الامر يتحدثون عن الانتحار ! الانتحار ! لم لا تلخد الي النوم ولا تستيقظ ياصديقي ، جرب ان تفكر في الامر احيانا ، او حتي اثناء وقت فراغك وانت تخرج فضلاتك . حاول ان تتعلم تفكر