face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الثلاثاء، 12 أبريل 2022

فقه الطوائف.. وعبث الكبار ببراءة الصغار!

 


لماذا تتعدد الطوائف ويزداد أتباعها وأنصارها، رغم فساد عقائدها بشهادة بعضها على بعضها الآخر؟

وأين الفطرة السوية التي فطر الله الناس عليها، والتي لا تبديل لها – بحسب كل الطوائف والأديان!

إن السر أو الداء يكمن في سياسة القائمين على الفقه الطائفي، وإيمانهم بأن الغاية تبرر الوسيلة، وإن لم يُعلنوا ذلك أو يعترفوا به صراحةً!

فليس بين الطوائف القائمة اليوم، من يستطيع أن يجزم بأن فقه طائفته يتوافق مع الفطرة البشرية!

ولذلك فإن كل الطوائف دون استثناء، يقوم فقهها وسر بقائها بالدرجة الأولى على الطعن في مصداقية بعضها البعض.. رُغم أنها تدَّعي ذات الهدف وتسلك ذات السبيل!

وبدرجة ثانية – وربما أهم – تقوم الطوائف على نظرية تلقين التراث وفرض الأفكار ودس الثقافات في نفوس الأطفال قبل أن يكون لهم الحق والقدرة على السؤال! وهو الأمر الذي لم يفعله الرُسُل؟

نتساءل: هل خاطب الرُسُل الأطفال بدعوتهم! أم إنهم كانوا يخاطبون أجيالهم واندادهم من الرجال البالغين المكلفين الذين يملكون حق الموافقة والقدرة على الرفض! وهم الذين لم يسمعوا في طفولتهم بالدين الذي يُدعَون له، وهم الذين أصبحوا رموزًا وقادةً للأديان فيما بعد!

وتلك القصة الشهيرة عن ذلك الطفل الذي لم يكترث لمرور الأمير أو الخليفة من الشارع ..، حيث كان يلعب الطفل!

هل كان ذلك الطفل سيتصرف بتلك العفوية كما أرشدته فطرته، لو كان قد تم المساس بفطرته وتلويث براءته بتهديده بالنار وإغرائه بالجنة وشحنه بضرورة تقديسس الكبار – قبل أن يبلغ سناً يُحسب له فيها الأجر أو الإثم.

وهل كان سيتصرف الطفل بعفوية فطرته، لو كان قد لُقِّن بأنه لا يُساوي التراب الذي يمشي عليه الخليفة، .. كما يقول الخطباء والفقهاء على المنابر اليوم، وكما يُدرّس ذلك للأطفال والتلاميذ في مدارسهم الابتدائية!

إن كل الرُسُل تقريباً بُعثوا عند أو بعد سن الأربعين سنة، من أعمارهم! وكلهم كانوا قد ترعرعوا وشبوا وتربوا في أحضان ثقافات وأعراف اجتماعية وعقائدية تُناقض وتُخالف رسالاتهم وتعاليمهم التي اعتنقوها ودعوا لها فيما بعد!

أي أن الرُسُل لم يُلقنوا تعاليم الدين والإيمان في طفولتهم، وإنما أخذوها بالوحي بعد بلوغهم، وبعد أن أمضوا بداية حياتهم بصورة طبيعية ضمن أعراف وسلوكيات مجتمعاتهم المنحرفة.

ولم تقف ثقافة مجتمعاتهم الجاهلية عائقاً في سبيل رُشدهم بعد بلوغهم!

يحلو للبعض القول بأن رسولهم، قد لُقِّن الإيمان والدين الصحيح في طفولته بواسطة الملائكة!

ولكن بالطبع، ليس لمثل هذا القول من أساس ولا سبب سوى الهروب من سؤال الحقيقة، أو محاولة الحيلولة دون طرحه!

لأنه وببساطة، إذا كان الرُسُل قد حظوا بتربية ورعاية سماوية إلهية مباشرة، أو خضعوا لعمليات جراحية لإزالة الأحقاد والضغائن من صدورهم منذ طفولتهم، إذن فما ذنب البشر العاديين الذين زُرعت فيهم الأحقاد والضغائن بدل أن تُنتزع، والذين لم يحظوا بهذه الرعاية الربانية!

ثم أليس في مثل هذه الرواية أو الدعاية تطاول على العدل الإلهي، ومساس بحرمة وقدسية الأمانة التي ينبغي أن يتساوى البشر في حملها لكي يكونوا متساوين في الحساب عنها!

ثم، أين فضل الرسُل – كبشر- في مقاومة شرور النفس البشرية، حتى نمتدحهم بحسن الخُلق ومقاومة الهوى، طالما أنهم لا يحملونها أصلاً!

إن الحقيقة – واستناداً إلى الكتب المقدسة وتراث الأديان -، هي أنه من الرُسُل من قتل نفساً متعمداً – تعصباً لقومه -، ومن غير تشريع ولا تفويض إلهي، وذلك قبل أن يُصبح رسولاً.

مما يدلل على أن ذلك الرسول كان إنساناً عادياً، بل ربما كان في قومه من الرجال والنساء من هم أعدل وأحكم وأتقى منه في حينها!

ومن الرُسُل من تزوّج قبل أن يُصبح رسولاً، بطقوس ومباركة رجال دين من الديانات التي لم يكن يؤمن بها، بل وأكد على انحرافها وضلال أتباعها، وحرّم طقوسها التي تزوج وفقها..، بعد أن أصبح رسولاً!

فهل من مجال أو من حُجّة لقائل يقول بأن هذا الرسول أو ذاك كان مؤمناً ومحصناً منذ طفولته!

البعض لا يقبل الحديث عن الرُسُل بهذه الصراحة. ولمثل هؤلاء نقول ماذا عن أتباع الرُسُل الذين آمنوا بهم، وأصبحوا رموزاً في تاريخ هذا الدين أو ذاك! هل منعتهم البداية الجاهلية ( ) لحياتهم من الإيمان وإتباع الرُسُل؟ كلا لم تمنعهم، بل آمنوا بعد بلوغهم في أحضان ثقافة مغايرة للدين الجديد!

والذين نراهم اليوم، ينتقلون من دين إلى دين؛ هل تلقوا في طفولتهم تعاليم الدين الذي انتقلوا له! أم إن الحرية التي وفرتها لهم مجتمعاتهم كانت كفيلة بممارسة حقوقهم في الاختيار!

فهل سيمر على الإنسانية يوم، تُترك فيه فطرة الإنسان دون مساس، وتحترم فيه براءة الأطفال!

ويُترك للإنسان بعد رُشده، الحق في اختيار عقيدته ودينه، أو حتى طائفته إذا كان للطائفة ضرورة في الإيمان!

وهل نتوقع من فقهاء الطوائف الذين يؤكدون بأن فقه طائفتهم هو الفقه الذي يُرضي الله، وأن طائفتهم منسجمة تماماً مع الفطرة السوية للبشر ..، هل نتوقع منهم أن يُبادروا بالإفتاء وبدعوة كل الطوائف إلى ضرورة ترك الأطفال يعيشون طفولتهم دون تدخل طائفي وتأثير فقهي على براءتهم وفطرتهم!

وأنه لا يجوز الدعوة إلى دين أو طائفة لغير البالغين!

للأسف، لا نتوقع ذلك في المدى المنظور! لأن القائمين على الطوائف يُدركون عيوب فقههم وطوائفهم، ويعلمون أن جزءاً كبيراً وأساسياً من فقههم واجتهاداتهم لا يقبلها الفكر السليم الحر، ولا يمكن غرسها في الإنسان إذا تجاوز مرحلة الطفولة.

ولذلك فإن كل الطوائف تجنّد وتجيّش الأطفال، وتزرع الخوف والشك في نفوسهم البريئة الضعيفة، وتضع فقهها بمثابة المنقذ والملجأ الوحيد لهم.

ثم يكتمل مشهد المؤامرة بمنعهم من استعمال العقل عند بلوغهم، ليُصبحوا أجهزة مبرمجة بفقه الطائفة، تفجرهم أنى وأين تشاء!

وإن ما يُثير الاستغراب حقًا هو تفاخر الطوائف بأعداد أتباعها، وتجاهلها للطريقة والوسيلة اللا حضارية التي تكاثر بها هؤلاء الأتباع، حتى صاروا أرقاماً حسابية، يصح أن يُشار بها إلى عدد العبيد والأتباع. ولكن الحيلة لا تنطلي إلا على المبرمجين الممنوعين من التفكير باسم الدين!

يبقى الأمل معقوداً على هيئة الأمم، بأن تضع حداً لتجنيد الأطفال، والتلاعب ببراءتهم!

وذلك بأن تفرض منهجاً دراسياً موحداً لكل أطفال العالم حتى سن الرُشد!

لكي تظهر أجيالٍ طبيعية تنظر إلى الحياة من ذات الزاوية وبذات المعايير!

حتى يختفي هذا العار من على جبين الإنسانية..، والمتمثل في اختلاف العقلاء على بديهيات العقل الواحد!


0 تعليق:

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ