face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الاثنين، 21 سبتمبر 2020

زواج المثليين من رسائل الطبيعة للواهمين!





لا يتردد الإسلاميون في القول إن الإنسان (كل إنسان) يولد على الفطرة، وأن أبويه هما اللذان يُهوِّدانه أو يُنصِّرانه؛ (الفطرة عندهم = الإسلام)! يُرددون هذه المقولة على مسامع الصغار والبُسطاء من المسلمين، لكي تُصبح جزءًا من عقيدتهم، فيزداد بُغضهم لغير المسلمين - خاصة اليهود والنصارى - على أساس أنهم المسئولون عن انحراف فطرة أبنائهم..، بمعنى أن العالم بأسره مُهيأ ليصبح مسلمًا بين عشية وضحاها، لولا أن كل البشر منحرفون ومتآمرون ضد الفطرة! كيف لأمرٍ أن يُوصف بأنه فطرة بشرية، ثم يُتهم كل البشر بالتآمر عليها أو بالانحراف عنها؟ اليوم تُعيد الطبيعة طرح رسالة قديمة بصيغة جديدة، لعلها أوضح هذه المرة: ماذا عن المثلية الجنسية والخنوثة، وتشريع وانتشار زواج المثليين؟ أليست هذه ظواهر طبيعية، وتتعارض مع الفطرة - إذا كانت الفطرة هي الإسلام؟ فهل يولد الإنسان على الفطرة، وأبواه هما اللذان يُخنِّثانه أو يُمثِّلانه؟ وهل يسمح الإسلاميون للإنسان عندهم بالتعبير عن ميوله الجنسية وممارستها، لكي يرى العالم كيف يكون الإنسان الطبيعي ذو الفطرة السليمة؟ وهل هذه الملايين من البشر العاديين والبرلمانيين والحكومات والرؤساء، والذين هم ليسوا مثليين جنسيًا، لكنهم لم يُعارضوا زواج المثليين..، هل هذه الملايين من مختلف المستويات العلمية والثقافية، كلهم منحرفون فطريًا، وكلهم وُلِدوا مسلمين، لولا أن أهلهم هوَّدوهم أو نصَّروهم أو جعلوهم يتقبلون زواج المثليين؟؟ أم أن الفطرة شيء آخر غير الدين والمعتقد؟ وأن الفطرة هي المُوجِّه الطبيعي الذاتي اللا إرادي لسلوك وقناعات وميول ورغبات الإنسان؛ وأن الفطرة لا تعتد بالثقافات والأعراف والعادات والتقاليد، ولا يمكن فرضها على الإنسان ولا انتزاعها منه، ولا يُمكن تصديرها ولا استيرادها، ولا يمكن إخفاؤها! وأن المعتقد الديني هو الذي يُلقَّن للإنسان قبل البلوغ، أو يُفرض عليه بالتهديد والوعيد بعد البلوغ، بواسطة أبويه أو سواهم، وأنه أمر خارجي غير الفطرة الطبيعية، وأن ربط المعتقد بالفطرة ما هو إلا محاولة لتسويق الدين واستغفال الناس! لعل الربط بين مفهوم الفطرة والمعتقد الديني، لا يقتصر على المسلمين، فأصحاب كل معتقد، لا يخامرهم شك في أن معتقدهم هو الأصل، وهو الذي تقوم عليه وبه ولأجله الطبيعة والحياة والوجود! والحقيقة أن التعصب للمعتقدات الدينية يُعمي البصيرة لدى المسلمين وغير المسلمين، فلا ينتبه المتعصبون لرسائل الطبيعة ولا لأصوات الحقيقة، ولذلك هم أعجز وأظلم من أن يكونوا منصفين ويعترفوا بأن هذه الثقافات والمجتمعات المتسامحة، التي سمحت للإنسان بالإفصاح عن ميوله الجنسية وممارستها رغم غرابتها، لا يمكن لعاقل أن يتهمها بأنها تحول بين الإنسان وبين فطرته التي يولد عليها؟ وأن الثقافات والمجتمعات الدينية - خاصة الإسلامية - التي تحكم على الإنسان بالقتل إذا اختار الخروج عن معتقداتها القسرية، هي التي لا تعرف الفطرة ولا تحترمها؟ ما يمكن فهمه من ترديد الإسلاميين لتلك المقولة، هو أنها محاولة فاشلة لأسلمة الفطرة، لكي تبدو معتقداتهم صحيحة؟ ثم، ماذا عن الفطرة عند الإنسان الذي يولد في مجتمع مسلم، ولأبوين مسلمين، لماذا يُهدد بالقتل إذا ترك الإسلام؟ من الذي هوَّده أو نصَّره أو لحَّده؟ أليس هذا اختبارًا طبيعيًا وشرعيًا للفطرة؟ لماذا يرفض المسلمون حرية العقيدة إذن؟ إن كل ما يمكن أن يُقال سلبًا عن المثلية الجنسية وزواج المثليين، لا ينبغي أن يدفعنا إلى تجاهل حقيقة أن تشريع زواج المثليين وانتشاره في مجتمعات بشرية عديدة وعريقة ومتقدمة في كل المجالات، قد كشف عمق المأساة الإنسانية ومدى التخلف في مجتمعات أخرى، حتى بدا المشهد في تلك المجتمعات المتخلفة وكأن الهدف في الأساس هو حِرمان الإنسان من المتعة الجنسية- في نطاق التضييق العام على الإنسان ودفعه للتحايل أو الانتحار-، وأن سماح القائمين على تلك المجتمعات بالزواج التقليدي إنما كان خضوعًا لقوانين الطبيعة التي ربطت التكاثر بالمتعة الجنسية، فلو أمكنهم التكاثر دون ممارسة الجنس، لمنعوا وحرَّموا الزواج التقليدي وغير التقليدي..، وبالطبع لن يشمل المنع أو التحريم أولي الأمر أو أولي القوة، فهم مصدر التشريع والتنفيذ! زواج المثليين سلط الضوء على مناطق معتمة حول الحريات الشخصية بشكل عام، وفي الحياة الجنسية بصورة خاصة..، مناطق ما كان لها أن تكون معتمة أصلاً، وما كان ينبغي انتظار زواج المثليين ليكشف افتعال الحظر والتعتيم وهشاشة التابوات وبدائيتها! حيث يتم تحريم ممارسة الجنس بين الذكر والأنثى البالغين، واعتبارها عارًا أو جريمة توجب القتل بأبشع أساليب القتل؛ وفي ذات الوقت يتم تشريع ذات الأمر وبين ذات الشخصين، والاحتفاء به وبهما، إذا جاء عبر بروتوكولات وطقوس بشرية شكلية صورية، لا معنى ولا تفسير لها سوى التشهير بالإنسان، والمساس بإنسانيته، وانتهاك حُرمته، والإشراف على حياته الجنسية، وتدخل سافر للغرباء في خصوصيته بحُجَّة تحليلها، واستغلال غريزة طبيعية لممارسة الوصاية وتحجيم وزن وقيمة الفرد لصالح الجماعة، وجعله يشعر بفضل الآخرين عليه - إذ سمحوا له بإشباع غريزته، حيث كان بإمكانهم حرمانه من ذلك..، كل ذلك لكي يظل الإنسان طوال حياته في دائرة العبودية المقنعة وتحت الشرعية المزورة! فإذا كان المحافظون أو التقليديون يرفضون ويستهجنون زواج المثليين، ويعتبرونه عارًا على البشرية، فعليهم الاستعداد للاعتراف بفضل هذا الزواج غير الطبيعي لتصحيح آليات ومسار الزواج الطبيعي! زواج المثليين ليس مُصنَّفًا على قائمة الواهمين ضمن المحظورات والمحرمات، وذلك على افتراض أنه مستحيل ومحظور طبيعيًا وأخلاقيًا وواقعيًا! لكن الطبيعة فاجأت الواهمين وأحفاد المُصنِّفين، بإباحتها لزواج المثليين وتحقيقه على أرض الواقع، فأُسقِط في أيدي الواهمين، ولم ينبسوا ببنت شفة..، حيث إنهم كانوا يُصنفونه ضمن الممارسات التي ينبغي أن تمنعها الطبيعة - كما يتصورون هم الطبيعة! وبالنتيجة، سواء حصل زواج المثليين بإرادة الطبيعة أو بتطور الإنسان أو بإرادة إله.. فلا فرق..، والأهم أنه لا مجال لإيقافه بعد أن أصبح المثليون واقعًا، وأصبحت هذه الثقافة تلقى تفهمًا فطريًا متزايدًا بين الأفراد والمجتمعات البشرية! وبغض النظر عن آرائنا الخاصة في زواج المثليين واختلافنا معهم وحولهم، فما يهمنا هنا هو رسالة الطبيعة التي يحملها زواج المثليين للواهمين من البشر..، ولعل محتوى الرسالة: أن حجم الوجود البشري بأسره - من بدايته المجهولة إلى نهايته المجهولة-، لا يكاد يُذكر في الوجود العام، فما بالكم بسلوك وممارسات بعضكم! ولعل ظهور حقيقة زواج المثليين بغرابتها وصدمتها، أن توصل الرسالة التي عجزت الفلسفة والعلم والفكر عن إيصالها لأولئك الواهمين الذين لا يزالون يرفضون حق الإنسان في حرية العقيدة-وليس في زواج المثليين! فماذا يُمثِّل وماذا يعني للطبيعة أو للإله، السعي لفرض عقيدة أو شريعة معينة، على مجموعة محدودة من البؤساء التعساء، في بقعة فقيرة متخلفة مظلمة، على كوكب صغير، سابح في فضاء لا نهائي - طالما أن جُل البشر قد تجاوزوا مرحلة حرية العقيدة وبلغوا مرحلة الزواج للجميع - ولم ترفض الطبيعة ولم يغضب الإله كما كان يتوهم الواهمون!

0 تعليق:

إرسال تعليق

تذكّر : : كلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضَحُ