face like

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الاثنين، 3 مارس 2025

مقومات الذات البشرية وعقدة القيمة الممتنعة!

0 تعليق



معظم البشر يحملون عُقدة القيمة الممتنعة، وهي اعتقادهم بقيمة طبيعية استثنائية لأنفسهم، لا صدى لها في الواقع!

وانعكست هذه العُقدة على سلوك البشر، حيث أصبح همهم تحقيق تلك القيمة المفترضة، بدل التحقق منها!

المعرفة والفكر، والجهالة والجهل، من الصفات التي لا يُمتدح ولا يُذمُّ بها إلا العاقل!
ومن المفارقة أن يكون الجهل نقيضاً للعقل، وألا يوصف بالجهل إلا كل ذي عقل!
ذلك أن الجهل هو تجاهل العاقل لبديهيات العقل، حيث يُلام العاقل حين يأتي من الأخطاء ما يخالف أعراف العقل!
أما نقص المعرفة فهو جهالة وليس جهلاً، وليست الجهالة كالجهل!
ففي حين أن الجهالة هي داء كل موجود، فإن الجهل هو اعتقاد أو ممارسة ما لا يبرر من القول والفعل!
ولما كان الجهل هو خطأ العاقل اللا مبرر، فقد كانت الجهالة هي نقص المعرفة – مبررة كانت أو غير مبررة!
ولو عُدَّ نقص المعرفة جهلاً، لعُدَّ علماء البشر وعوامهم جهلاء – سواء بسواء!
إنما الواقع أن اتصاف البشر بالمعرفة يختلف كماً وكيفاً، وبذلك يتكاملون؛ فلكلٍ منهم نصيب من المعرفة هو بالغه؛ فلا تنعدم المعرفة ما وُجِدَ العقل، ولا تجتمع المعارف كلها يوماً لذي عقل!

الإنسان..

الإنسان كائن يرى نفسه ذاتاً واعيةً، وسيداً عاقلاً لا منازع له على سيادة الأرض!
الإنسان هو نفسه ذلك الكائن الذي ما انفك يبحث لذاته عن رسالة تبرر وجوده قبل أن تثبت سيادته وتؤكد زعامته المفترضة للكائنات.
فهو يرفض الوقوف عند حدود قيمته النسبية – عملياً، في الوقت الذي يقر بأن قيمته تنعدم تماماً أمام القيمة المطلقة لسيده المُوجِد!
ويدرك بأنه نسبي القيمة قياساً إلى غيره من الكائنات!
فهو متساوٍ مع غيره من حيث العيوب باطناً وظاهراً!
وفي مقابل كل الموجودات- كبيرها وصغيرها حيها وجمادها- هو كائن منتصر ومهزوم، وعابث ومعبوث به..، أي إنه ليس بوسع العاقل سوى الإقرار بأن قيمته الحقيقية لا تؤهله لهذا الإفراط في تحقير غيره، وتكريم ذاته!
ولا يوجد مرجع ثالث مستقل تقاس به قيمة الإنسان التي يظنها من حقه..، فهو نسبي القيمة، أو عديمها! وهذا ما يتجاهله العاقل، وذاك ما يجعله يتفرد بصفة الجهل إلى جانب العقل..، حتى إن الإنسان في غمرة بحثه عن ذاته، ودفاعه عن قيمته المفترضة، لا يتردد في تجاوز مقتضيات الإيمان الديني الذي يأمره صراحة بالوقوف عند حاجز المساواة بين البشر أمام الإله؛ حيث يدعى أتباع كل دين بأن رسولهم مقرب عند الإله، وأن أتباعه يستمدون من ذلك قيمة رفيعة ومكانة خاصة، تجيز لهم أو تستوجب منهم ممارسة الوصاية الفكرية والتشريعية على غيرهم – بما في ذلك قتلهم واحتقارهم باسم الإله!
وهم بذلك إنما يحاولون تبرير السلوك البشري الواهم المسيطر عليهم، والطامح عادة إلى الخصوصية، والساعي دائماً لنفي وإنكار حقيقة تزعجهم، وهي أن قيمة البشر الثمينة التي يتظاهرون بها، ما هي إلا قيمة افتراضية أسطورية من نسج الخيال، لا أساس لها، إنما ابتدعها الإنسان ليجعل لوجوده معنى آخر، بعد أن عجز عن فهم أو أداء رسالته وحمل أمانته، وليبرر إخفاقاته وأنانيته أمام المنطق والعقل، وليصرف النظر عن عيوبه التي لو توقف عندها وتمعَن بها لعاد إلى رشده وحجمه الحقيقي المتواضع، ولحد من أوهامه وغروره!
فأتباع كل دين يتجاهلون إيمانهم بأن الناس سواسية أمام الله، وأن طاعة كل الناس أو عصيانهم له لا يزيد في ملكه ولا ينقص منه شيئاً!
ويتجاهلون أن الحقيقة التي يثبتها إيمانهم، هي عدم حاجة الخالق إلى علاقات خاصة مع بعض مخلوقاته، ونفي كل أساس ونسف كل حجة أو سبب لوجود مكانة وقيمة وعلاقة خاصة لمخلوق دون غيره مع الخالق!
ولكن ليس بين المخلوقات من يهتم أو يدرك هذه الحقيقة– حقيقة ضآلة قيمة الإنسان- سوى الإنسان!
ولذلك كان وما يزال هم الإنسان وجهده منصباً على انتزاع الاعتراف بقيمته الافتراضية من أخيه الإنسان، وتحقيقها على حسابه!
وذلك هو مبعث الخصومات الفردية والصراعات الجماعية؛ وهو مكمن الإشكالية الفكرية الأزلية لدى البشر!
إن قيمة الإنسان لا تكون إلا على حساب إنسان مثله، وذلك ما يرفضه الطرفان، فيحتكمان إلى القوة المادية، وتنشأ العداوات والحروب!
فتسليم الطرفين بتعادلهما من حيث القيمة، يبدو لهما بمثابة انتفاء لقيمة الاثنين معاً، لأن كلاً منهما يقاس بالنسبة إلى الآخر!
أما حالة التعادل القيمي، التي تلغي الأثر السلبي لقيمة الآخر على الأنا، فإنها لا تنشأ إلا بين الأصدقاء الحقيقيين الذين يفتخر كل منهم بقيمة الآخر، وهم الذين قلّما وُجدوا!
فحالة التوازن الممتنعة تلك، لا تتأتى إلا باتفاق كل البشر على الاعتراف لبعضهم بالقيمة التي تلبي حاجة الذات البشرية التي يدركونها جميعاً، وهو الأمر الذي يحاربه دعاة العقائد الدينية بالدرجة الأولى – مع الأسف، فهو الأمر الذي لو تحقق لتحقق السلام والاستقرار الذي تنعم به أمم الحيوان والنبات والجماد، والذي يدعي العقلاء أنه هدفهم وحلمهم، بينما هم ألد أعدائه بمحاربتهم العملية لمبدأ المساواة!
إذاً .. لا وجود لقيمة معتبرةٍ للذات البشرية، إلا بقياسها إلى ذاتها، وذلك ينفيها في واقع الحال!
وإذا كانت للإنسان الفرد قيمة ذاتية، فهي تكمن في العقل أو تنبع من الكرامة..، باعتبارهما مصدر فخر الإنسان وشعار تميزه..؛
غير أن وجود استفهام كبير حول قيمة العقل وحقيقة الكرامة، يصيب هذا المصدر بالشلل..، إذ ما القيمة التي يوفرها العقل للإنسان، إذا كان العقل عاجزاً عن قراءة الذات وتحديد مصيرها وتوفير السعادة لها!
وما مظاهر كرامة الإنسان، وهو العاجز المهزوم فقراً ومرضاً وضعفاً وخوفاً وموتاً! فهو الذي يقضي حياته استعباداً واستلطافاً واستعطافاً واستجداءً وبكاءً…
لعل الإنسان – وبسبب خمول ما حوله – قد افترض لنفسه قيمة خيالية وهمية، وصدق نفسه، فأخذ يسعى لتحقيق ما افترض وجوده، بينما قيمته الحقيقية لا تزيد عن قيمة أيٍ من مخلوقات الأرض الأخرى!
ولعل التفسير هو أننا مؤقتاً، نشهد عصر سيادة الإنسان على الأرض، وأنه كان أو سيأتي زمن تكون فيه السيادة لغير الإنسان، ويأخذ الإنسان آنذاك دوراً ثانوياً لا قيمة له على الأرض كما غيره اليوم!
بهذا المعنى تكون قيمة الإنسان ضئيلة ومؤقتة ونسبية، تقاس نسبة إلى غيره من المخلوقات الضعيفة المسيرة التي يسودها الإنسان اليوم، بحكم تبادل طبيعي للأدوار بين المخلوقات في السيادة على الأرض؛ وأن سيطرته المؤقتة ربما تكون قد أوجدت لديه وهماً بأن له قيمة مطلقة لا حدود لها، والحقيقة أنه لا وجود لها؛ وما بحثه عن ذاته، وصراعه مع نفسه ومع الطبيعة طوال أجله، إلا ليجعل من وهمه حقيقة، حتى بات يتظاهر بقيمة لا يحملها، ويدافع عن كرامة لا يمتلكها!


بصمات في الذاكرة …

1- الإله.. هو قدرة مطلقة عادلة، يطمئن لها البريء، ويستجيرها الضعيف، ويخشاها الظالم!
الإله.. هو أمل يسع كل شيء رحمة وعلما!
الخالق أكمل من أن يتخذ من مخلوقاته خصوماً له وأنصارا !
الحق أعدل من أن يؤاخذ مذنباً بمقتضيات حقيقة لا يدركها!
إن لله آياته التي تدل عليه، وهي حجته على خلقه.
فالله أغنى من أن يجعل حجته بأيدي البشر الذين وصفهم بالضعف والجهل والظلم والبخل والطمع والهوى…؛ والمخلوق أقل من أن يغضب خالقه أو يرضيه!
ولا أحد من البشر يحمل آية من الله تلزم الآخرين باتباعه!
وما أمر الله للعقلاء المخيّرين من خلقه بالأمانة في سلوكهم وممارساتهم كمؤتمنين، إلا منعاً للعبث بمملكته التي استخلفهم بها، ولعل ذلك ما يحقق للإنسان قيمة فيما لو تحقق!
إن العقل البديهي الذي يتساوى فيه العقلاء من الناس مهما اختلفت وتنوعت مستويات معارفهم..، ذلك العقل هو شاهد الإله وحجته عليهم!
فمن تجاهل عقله الذي وهبه الله له، واتبع معارف وقناعات غيره من البشر.. فليس له حجة أمام الله إن أخطأ وانحرف بسبب تجاهله لعقله!
إن قابلية جل البشر لاتباع واعتناق عقائد خاطئة دون قصد ودون مقدرة منهم على التمييز..، هي حقيقة واقعية لا تفسير لها سوى أن كل العقائد خاطئة ومخالفة للعقل!
أو أن البشر ليسوا مؤهلين للتكليف والحساب!
وكل فلسفة تصف علاقة المخلوق بخالقه والإنسان بالأمانة خلافاً لهذه الثوابت الفطرية البديهية، لا تعدو أن تكون أيديولوجية أرضية قاصرة بالضرورة، وتصورات بشرية حسية تنال من نزاهة الحقيقة المرسومة في ذاكرة العقول!
فهي ليست سوى محاولات يائسة لإضفاء موضوعية غير مستحقة على أوهامِ الأناني العابث الحقود الحسود.. الذي يجهل ذاته ويدعي معرفة خالقه!
2- الإنسانية.. هي صورة مثالية مشرقة مفترضة، لواقع بشري تعيس.
هي صورة غاية في الجمال كما هي في الخيال!
صورة تظهر وتبدو أكثر جمالاً وأبلغ أثراً في النفوس كلما تراءت في سماء الأحزان وآهات المآسي!
الإنسانية.. الأنس والعاطفة التي تجعل من ذوات البشر ذاتاً واحدة وإن تعددت واختلفت صورهم؛ تلك الإنسانية هي لوحة حب صادق، أنبل من أن يجسّدها البشر بثقافة الأنا الصائب المأجور والآخر المذنب المعاقَب!
فالإنسان هو بشر خال من عيوب البشر، ليس للخبث والطمع والنفاق في خلقه نصيب!
يحمل الإنسان عاطفة البشر بعفويته لا بتكلفهم وريائهم.
ذلك هو الإنسان، الذي يفتقده واقع البشر، فيستبشرون أملاً بكل قادمٍ لدنياهم عله يكون الإنسان الذي يجعل أحلامهم حقيقة!
ومع فراق كل راحلٍ أحسن لهم يوماً، أو أساءوا له، يفيضون حزناً غائراً .. فزعاً من مواجهة حقيقة قادمة، وخشية أن يكون الراحل هو من كان بالأمس مُنتظَراً!
الحقيقة التي يعيشها البشر ويأبون قراءتها، هي أن كل الموجودين بشر، وحيواتهم ملآ بالعيوب تؤكد بشريتهم وتحول دون إنسانيتهم!
وأن الإنسان محبوب الجميع، هو وهم من نسج خيالهم، مصدره عظمة زائفة استوطنت أنفسهم، فصدّقوها وشرعوا في إثباتها لأنفسهم!
لكن عيوبهم الأكيدة التي لا استثناء منها لأحد، قد أحرجٍتهم وخدشت كبرياء عظمتهم الزائفة!
فلجأ المكابرون منهم إلى مصحات الخيال أملاً في علاج نقائصهم، وهرباً من الاعتراف بحقيقة يراها كل منهم في الآخر وينفيها عن نفسه، وبحثاً عن كمال هلكت دونه أجيال وانقضت آجال.. وهيهات أن يبلغه من كان النقص جزءاً من حياته!
فالإنسان كمال جريح وجمال تعيس!
الإنسان رحلة حزن في غمرة شوق!
الإنسان مأساة تتبدى في علاقة حبٍ صادق بين مخادع ومجهول!
الإنسان جواب لا يريد السائل سماعه!
وتظل الإنسانية عاطفة غامرة عابرة تظهر عند كل لحظة فراق ومأساة لتثبت عجز البشر!
وتبقى البشرية واقعاً مرفوضاً، وممثلاً زائفاً لإنسانية غائبة، عابثاً بجمال الحقيقة وصدق الجمال!
3- الجهل هو خروج العاقل – طوعاً – عن بديهيات العقل والمعرفة!
فالجاهل هو ذلك العاقل الذي تتعارض قناعاته مع بديهيات عقله، فيبرر لنفسه من السلوك والممارسات ما لا يقبله عقله من سواه!
فالجاهل يتجاهل اختلاف واقعه العملي مع قناعاته النظرية وما يدعو له!
للجهل سبيلين أساسيين يدخل ويسيطر من خلالهما على فطرة العاقل، هما.. وَهْمُ الخصوصية والعَظَمَـة الزائفة التي لا يُقرّها الواقع والعقل، ثم الطمع في تملّك ما يفوق الخيال – حُباً في الاستعلاء على الآخرين، وملئاً لنقص يجده في نفسه!
ومن السخرية والعبث بالفطرة أن يُعرّف البعض الجاهل الذي تتوعده الأديان بسوء العاقبة.. بأنه ذلك الإنسان الذي لا يُدرك معنى الكفر، ولا معنى ومقتضيات الإيمان بوجود الله!
أو أنه ذلك الأمّي، أو المسكين الذي لا دراية ولا طاقة له بما يدور حوله..، ولو كان الجهل كذلك، لكان الجهل حُجَّةَ للإنسان لا عليه – شأنه شأن المرض والفقر!
بل الجاهل هو كل عاقل تجاهل عقله وواقعه وفطرته، واتبع خياله، سعياً وراء أوهامٍ ترفضها فطرته ومنطق البديهة الذي لا يختلف حوله عاقلان!
4- الآدمية ليست صفة للبشر، بقدر ما هي رواية وردت في كتب بعض الأديان، تُرْجِعُ أصل الجنس البشري إلى نقطة بداية واحدة، بدءاً بفرد واحد خُلِقَ من طين، هو آدم!
وتُعتبر صحة الرواية من المسلمات لدى أتباع تلك الأديان.. كمُعطى عقائدي وتاريخي. ولكن ذلك المُعطى ليس من مسلمات كل البشر!
5- البشرية هي الوصف الطبيعي الذي يُجسّد صورنا وسلوكنا مقارنة بغيرنا من الكائنات الحية من حولنا!
فنحن نشترك مع الحيوانات في كل عيوبها، ولأننا بشر نفتقر إلى بعض المزايا في حياة الحيوانات، ولأننا بشر كذلك، فإننا نمتلك ما لا تمتلكه الحيوانات.. من العقل والقدرة على التطور المعرفي والاستفادة من أخطاء الماضي!
6- البراءة هي نقيض الخبث.
لكن اعتاد البشر استخدام كلمة براءة نقيضاً للعقل!
حيث لا يذكرون البراءة إلا قرين الأطفال والحيوانات.
بهذا المعنى أضحت البراءة حيث لا يكون العقل!
براءة أبناء البشر مؤقتة – تزول ببلوغهم سن العقل -؛ وبراءة الحيوانات دائمة!
وفي ذلك قدح وذمٌ للعقل، وربط له بالخبث، واعتراف من البشر بتقدم الحيوانات عليهم في ساحة البراءة .. طالما أن البراءة صفة حميدة وهي مطلقة ودائمة لدى غير العقلاء، بينما لا تذكر البراءة قرين العاقل إلا مع الجريمة والإدانة!
7- الأمّة هي مجموع الأفراد من أي صنفٍ من أصناف الكائنات الحيّة، المختلفين عن غيرهم سلوكاً وممارسة، والمتفقين بينهم فطرياً.. من حيث مبادئ الحياة وطريقة العيش والنظر إلى الآخر؛ والمتكاملين طبيعياً وطواعية لتحقيق مصالحهم.. بغض النظر عن تأثير سلوكهم وممارساتهم على مصالح الآخرين!
وفي حال الإنسان فإن أفراد أمته الحقيقيين هم أولئك البشر الذين يتفق معهم طواعية فكراً وسلوكاً وممارسة، وليس أولئك الذين أجبرته الحياة على العيش معهم ومسايرتهم من أجل تحقيق مصالحه والبقاء حياً!
8- في عالمنا العربي الإسلامي، يقول البعض إن كل دولة أصبحت مزرعة للحاكم وأولاده وأتباعه!
وهذه عبارة صِيغت بصورةٍ مُغرضةٍ، وإن حملت شيئاً من الحقيقة في إيحائها!
موضع الطعن فيها تحمل لواءه كلمة "أصبحت"!
فالحقيقة هي أن الدولة العربية الإسلامية "ما تزال" على حالها منذ قيامها – مزرعة للحُكام وأبنائهم وأعوانهم.
فالحَجْر على الفكر، وتوريث الحكم، ومنع الحريات، وتهميش ومحاربة دور الفرد، وممارسة الوصاية الفكرية والعقائدية، والحكم العشائري القبلي،…الخ،
هذه هي سمات الدولة العربية الإسلامية منذ قيامها!
فحكام العرب المسلمين اليوم وإن أخطأوا، إلا أنه لا ينبغي تحميلهم المسئولية كاملة وكأنهم قد ابتدعوا نظام التوريث أو التمسّك بالسلطة مدى الحياة، فهم لم يأتوا ببدعة سياسية ولا بخطأ ثقافي أو فكري جديد!
وخطورة مثل هذا الطرح تكمن في خداع عقول البسطاء بإيهامهم أن العرب المسلمين قد ورثوا الحرية والديمقراطية والرفاهية عن أسلافهم، وأن حكامهم اليوم هم من حرمهم من ذلك النعيم، مما يجعل الشعوب العربية الإسلامية تحن إلى الماضي وتقدس رموزه، وتحقد على الحاضر وأهله.. مع أنهما نسخة وأصل.
فالحقيقة هي أن العقلية القبلية والعشائرية والعرقية، وثقافة تقديس الماضي وعبادة رموزه، والتستر على أخطائه الفادحة وما صاحب مكاسبه المادية من جرائم فكرية وإنسانية لا نزال ندفع أثمانها… هذه المعطيات هي أسباب مأساتنا وواقعنا المرير، وليست الحكومات والحكام!
فلو أن حاكماً تنازل عن منصبه، فإن حزباً دينياً أو فرداً من طائفة أو من قبيلة أخرى سيحل محله ويُعظّم عشيرته أو يقدس مذهبه وطائفته، وهي بدورها تخلده وتجد لأخطائه الأعذار، ولن يتغير حال المجتمع والفرد، وستذهب أوهامهم أدراج الرياح!
إن المجتمعات التي حظيت بالحرية والتقدم، كانت قد أصبحت أهلاً لذلك فنالت ما تستحقه، ولم تُهد لها مصالحها وهي تعمل ضدها!
9- أتباع الأديان – الموحدة – إلهاً ورسولاً وكتاباً – – جميعهم اختلفوا وتفرقوا واقتتلوا بعد إيمانهم، لأن إيمان جلهم كان من وراء العقل ودون موافقة المنطق!
كان إيمانهم شعاراً خادعاً لهم قبل غيرهم ..؛ إذ أظهروا الإيمان خوفاً وطمعاً، وظلت عقولهم وقلوبهم تتساءل، تطلب حجـةً وبرهاناً تطمئن به؛ ولكن لم يعبئوا بالتساؤلات داخلهم حتى اصطدموا بها من خارجهم تحاكي ما بداخلهم؛ فاختلف ظاهرهم عن باطنهم، فاختلت آلية المنطق لديهم واهتزت معاييره!
فمعتنقي النظريات الدينية، المتمثلة في الطوائف المختلفة والمذاهب المتعددة جلهم يخدعون أنفسهم قبل غيرهم، بتبنيهم الظاهر لمبدأ حرية الفكر والعقيدة، ثم اشتراطهم ضرورة الخروج بنتائج محسوبة لديهم مسبقاً على من أراد ممارسة حقه في التفكير!
قد رحل الرسل، واختلف وتشتت وتنوع الأتباع، وواجه الجميع سؤال العقل والمنطق والفطرة الذي يوحد كل البشر!
فما كان من أتباع الطوائف إلا ترهيب المتسائل، وترغيب المجامل، وتكفير المخالف لهم وإعلان العداء أو إضماره له، وتحريم السؤال عن تفاصيل وجذور المذاهب!
10- لا حرج على المؤمن أن يقرّ ولا مناص للعاقل من أن يدرك بأن الله ينبغي أن يكون أعظم وأعلم وأعدل وأرحم وأرحب وأكبر .. من معرفة مَنْ عرفه وجهلِ من جهله، ومن طاعة من أطاعه ومعصية من عصاه!
وأنّ المخلوق الذي يمثل البشر صنفاً منه، هو أقل وأصغر وأدنى وأضعف وأظلم مما يقول عن نفسه وما يراه وما يظنه وما يعرفه عنه الآخرون!
الله أعظـم من أن يعاقب ضعيفاً!
والإنسان أقل من يغضب الله أو يرضيه!
الخالق أكبر من أن يتحدى مخلوقه الجهول الضعيف المهزوم طمعاً وعجزاً وحاجةً ومرضـاً وخوفاً وموتاً!
11- الشيطان في التفاصيل، والعبرة بالنتائج..، فلاسفة فقهاء مفكرون مثقفون رؤساء وزراء مُدراء إعلاميون …الخ.
منهم من يمتطي صهوة الإنسانية، ومنهم من يرفع شعار الإيمان..، يسعون لتحقيق نظرياتهم وتصوراتهم لما ينبغي أن تكون عليه حياة الإنسان وعلاقته بخالقه!
كلٌّ منهم يرى من زاويته خللاً يحول دون سعادة الإنسان وإدراك الحقيقة!
كلهم يقدمون أنفسهم بوصفهم منقذين حكماء رحماء يتحاورون نيابة عن جاهلٍ أبكم!
كلهم حاضرون يمثلون عدماً غائباً!
كلهم شرفاء أبرياء أقوياء يهاجمون مذنباً مجهولاً!
الهـدف المعلن للكل هو تحقيق مصلحة الإنسان وسعادته!
ولم يسألوا أنفسهم من هو الإنسان المستهدف، وما موقعه في المعادلة!
كيف يحظى بكل هذا الاهتمام وهو الذي لم ولن يستشار في أمر يخصه دون سواه!
ومن المسئول عن غياب الحقيقة والسعادة.. طالما كان الإنسان هو الفاعل والمتضرر وهو العالم والجاهل!
كان عليهم أن يقولوا إنهم يسعون لتطبيق نظرياتهم على المجتمع البشري لتحقيق أحلامهم وتصوراتهم، وأنهم اتخذوا من الأديان والإنسانية شعاراً ومن البشر مادة لتجاربهم!
لا أن يقولوا إنهم يسعون لإسعاد الإنسان!
فمن خولهم بالتفكير نيابة عنه!
ولماذا لا يؤخذ رأي التعيس في مواصفات سعادته الموعودة!
هل يمكن تشخيص المرض دون محاورة المريض!
أم أنه ينبغي على الإنسان أن يكون سعيداً حسب أفكار سادته من البشر، وأنه على الأمّي المأموم أن يكون سعيداً وفق رؤية إمامه الفقيه.. ولا حاجة للعاقل بعقله!
إنهم افترضوا أن غيرهم الجاهل وأنهم الحكماء!
إن الإنسان هو الأنا والآخر، وهو الهدف والعائق!
والكل يعتقد جازماً – مخدوعاً أو خادعاً – بأنه الأكثر دراية وأمانة وحرصاً ومقدرة على تحقيق الهدف!
والهدف – المعلن- هو مصلحة الإنسان؛ وكل عناصر المعادلة وأطراف المعركة .. هو الإنسان!
تجارب أولئك الخبراء المصلحين لم تُثبت سوى أن الجنس البشري هو أنسب المواد لإجراء تجاربهم اللانهائية!
النتائج أثبتت أن الإنسان هو الخاسر الوحيد من تجارب البشـر، وربما كان الساقط الأكيد من حساباتهم.
الواقع أثبت أن نظرياتهم لا تنطبق على الإنسان المتوفر!
وتفسيرهم للأمر هو أن العيب في الإنسان وليس في نظرياتهم.. وكأن النظريات قد سبقت الإنسان!
وحلولهم المطروحة تنظّر إلى ضرورة إصلاح الإنسان لتتحقق التنبؤات والنظريات .. بدلاً من تصحيح النظريات لتتوافق مع طبيعة وفطرة الإنسان المتوفر!
فكان البحث ولا يزال عن إنسان يحمل مواصفاتٍ تحقق نظريات السادة البشر .. كأن الهدف هو تكوين مجتمع آلي!
الطعن في مواصفات الإنسان أمر ممكن جداً، لكن الطعن في نظريات المفكرين وتنبؤات المنظّرين هو أمر غير ممكن!
بعض النظريات .. كالنظريات الدينية مثلاً – تبيح التصفية الجسدية للإنسان الذي لا يحمل مواصفاتها، ولا ترى حق الحياة مكفولاً إلا لمن تتحقق بهم النظرية!
فكل من امتلك وسيلة ووجد سبيلاً فإنه سيحاول تغيير مواصفات الإنسان لتحقيق نظريته!
الكل يغض بصره تجاهلاً أو جهلاً عن حقيقة ثابتة، وهي أنه لا وجود للإنسان بالمعنى المادي الحسي!
فمفهوم الإنسان هو فكرة سامية وليس مادة محسوسة!
المادة الآدمية الموجودة هي بشر وليست إنساناً.
الإنسانية هي حلم البشرية وليست معنى من معانيها!
ولو أن نظريات البشرِ استهدفت بشراً لكان لها أثـراً!
لكنها استهدفت الإنسان الخيال الذي لا وجود له في واقع الحال!
ولذلك ستبقى نظريات البشر حول الإنسانية أموراً نظرية، وسيبقى البشر واقعاً عملياً يخالف التنبؤات النظرية.. ذلك لأن البشر كائن متغير القيمة، ذاتي القرار والأفكار، أبعد ما يكون عن الإنسان المثال السابح في الخيال!
12- من المفارقات أن يكون الناطقون باسم الإله هم أكثر الناس استعداداً نفسياً لاحتقار غيرهم، وسوء الظن بهم؛ وهم الأكثر قبولاً وممارسة للكراهية والعداء؛ وهم الأكثر جرأة على إزهاق الأرواح البشرية!
ورغم أنه لا يوجد على الأرض بشرٌ إلا الذين أراد الله وجودهم!
إلا أن جُلّ أتباع الأديان يكرهون ويقتلون البشر تقرّباً بدمائهم لخالقهم، أو تنفيذاً لأمرٍ صريحٍ منه كما يزعمون!
فكأنهم يقولون إن الله قد سمح بوجود بشرٍ من درجةٍ دنيا، ثم هيأ بشراً من درجة أعلى، وجعل سنام عبادته في قتل البشر من الدرجة الدنيا!
لا ينبغي للعاقل أن يتجاهل تساؤلات عقله!
الإنسان مكلفٌ ومسئول لأنه عاقل؛
إذن، العقل هو شاهد الله على الإنسان.
والجاهل من تجاهل عقله وتعصب لهوى النفس ورغبات الذات.
الله لا يعاقب الجاهل لأنه لم يطعه ولم يعبده.. فالعبادة وسيلة للمخلوق لا غاية للخالق، .. العبادة أساسها الخوف من العقاب والطمع في الثواب!
فلو شاء الله لتساوى خلقه في عبادته!
الله يعاقب الجاهل لإفساده في الأرض بخروجه عن الفطرة التي يتساوى فيها البشر وتسير وفقها الحياة.
13- المؤمن لا يختلف عن غير المؤمن إلا ظاهراً!
المؤمن لا يمتلك دليلاً على صحة إيمانه، ولا يمكنه الجزم بقبول عمله عند الله؛ ولا ضامن لنجاته وهلاك من سواه.. ومع ذلك فهو يدعو غيره ويعاديهم ويحاربهم من أجل أن يقتدوا به ويؤمنوا مثله!
المؤمنون بشر صدّقوا بشـراً مثلهم، وآمنوا بما قيل لهم؛ ولم ير ولم يطلب كل واحدٍ منهم برهاناً بمفرده !
وما دعوتهم لغيرهم إلا ليطمئنوا هم لصحة إيمانهم، وما معاداتهم لسواهم إلا لأنهم جاهروا بتكذيبهم وليس لأنهم لم يؤمنوا حقيقةً.
الإيمان مقره القلب، واللسان ناطق به، وهو قادر على التزوير فيدعي أن بالقلب ما ليس فيه.. وهذا أقصى ما يمكن أن يحصل عليه دعاة الإيمان من غيرهم عند إجبارهم على الإيمان!
14- لم يخلق الله البشر ليقتتلوا من أجله! تلك أفعال البشر وأوهامهم.
لو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة مؤمنة!
الله أمر الناس أن يتدبروا آياته في الكون، ولم يجعل بعضهم وصيّاً على آخر!
غضب المؤمنين وعداؤهم لغيرهم هو بسبب البرهان الذي يطلبه غير المؤمنين ولا يمتلكه المؤمنون!
مأساة غير المؤمن هي أنه إنسان منبوذ محتقر في نظر المؤمنين دون أن يعرف ذنبه!
ربما كان ذنبه أنه إنسان واقعي، احترم عقله وتمسك بقناعاته وحريته في الاعتقاد، وطلب حجة يفهمها عقله ويطمئن لها قلبه!
القول بأن الملحدين أو الكافرين يعرفون وجود الله، ويدركون حقيقة البعث والحساب، ويعلمون بأن المؤمنين على حق، ولكنهم يكابرون ويتجاهلون الحقيقة عمداً، فيعادون الله ولا يخافونه.. هو عبث فكري وسخف ثقافي وتفاهة لغوية، وقول لا عقلاني لا أرضية له.. تعوزه أبسط مقومات الموضوعية والحكمة والمنطق والواقعية!
لأن وصفَ الإنسان بأنه يدرك ما ينبغي عليه فعله لينال السعادة وينجو من العقاب.. ولا يفعله؛ هو وصف لذلك الإنسان بأنه مجنون.. غير عاقل .
ومن كان كذلك فلا تجب دعوته ولا تجوز معاقبته ولا تصح معاداته فضلاً عن محاربته!
15- المؤسسات الدينية أساءت إلى الدين وإلى العقل دفعة واحدة، عندما ظن رجالاتها بأن التفكير في الإيمان مفسدة!
فمنهم من منع ومنهم من كفر وحرم كل سؤال لا يمتلك هو جوابه، كأن عقولهم ومعارفهم هي نهاية المطاف!
المؤسسات الدينية هي أفكار ونظريات بشرية وليست أشخاصاً بعينهم وليست هي رسالات الله لخلقه.
هي نظريات قامت على افتراض أن الناس ينقسمون إلى أربعة أصناف.. حكام، وحكماء، وكفار، وجهلاء؛ ومن ليس من أولئك فهـو من هؤلاء!
لم تترك تلك النظريات مجالاً لصنفٍ خامسٍ من البشر!
ومن أجل تحقيق النظرية وتطبيق أفكارها، اضطر صِنفا الحكام والحكماء – المفترضين – إلى تحالف غير معلن، لمحاربة الكفار وقيادة الجهلاء .. المفترضين!
الكفار هم الأحرار من البشر الذين لم يعترفوا بأنهم جهلاء، فلم يقدّسوا الحكماء ولم يقدّموا للحكام مقتضيات الطاعة وواجبات الولاء.
والجهلاء هم أولئك الأغلبية الغافلون الذين يشكلون خطراً على أسرار النظرية.. إذا امتلكوا الحرية!
نظرية المؤسسة الدينية تقوم على أساس كسر إرادة الإنسان وإخضاعه ظاهرياً!
فهي لا تشترط قناعة الإنسان بما يفعل وما يقول، بل تكتفي بأن ينطق الإنسان بما يملى عليه!
فالمؤسسة الدينية لا تمتلك الآلية ولا القدرة للتحقق من سلوك وممارسات الإنسان المحسوب عليها.. شأنها في ذلك شأن المؤسسات العسكرية في العالم الثالث!
فكلتاهما تهتم بأعداد الأتباع وخضوعهم الظاهري لها.. لا بحقيقة ولائهم.
كلتاهما تستعمل ذات المدخل وذات نقطة الضعف لدى جل البشر.. حب الحياة ووهم السعادة!
فتهديده بالموت أو ترهيبه بالتعذيب كفيل بمنع الإنسان من التفكير بصـوتٍ مسموع!
الممارسون للوصاية الفكرية باسم المؤسسات الدينية يزعمون الاعتقاد بأن الله قد كرم كل بني آدم دون استثناء، وفضلهم على كثير من خلقه.
ويشاهدون ذل الفقر والضعف يفتك بالناس.. ولا يحركون ساكناً، ولا يجدون لذل المكرمين تفسيراً!
بل هم أول من يحتقر المخالفين لهم في الرأي.. دون اعتبارٍ لكرامة الإنسان التي يزعمون الإيمان بها!
16- لو أن المؤسسات الدينية قامت من أجل توعية الناس إكمالاً لرسالات الرسل، إذاً لاقتدت بالرسل ولاكتفت بإنذار الناس بعذاب الله وتركت عقاب المخلوق للخالق كما فعل الرسل، وكما أمر الله في كتبه!
لكن المؤسسات الدينية نشأت واعتمدت في بقائها على واقع جهل افتراضي لدى الناس، وعلى افتراض أن رجالاتها حكماء وموكلون بقيادة الجهلاء.
فخلقت بذلك في نفوس الناس هوة مرعبة بينهم وبين خالقهم وأمور دينهم!
ففي حين تتضارب الفتاوى وروايات الأحاديث والتراث بما يطرح تساؤلات لا يخطئها إلا جاهل أو متجاهل، .. نجد المؤسسات الدينية تتوعد الناس بالويل والثبور وعظائم الأمور إن هم صدّقوا هذه الرواية البشرية أو كذّبوا تلك الرواية البشرية!
فأضحوا يمارسون الوصاية الفكرية على غيرهم كما لو كانوا كباراً بالغين وغيرهم صغاراً قاصرين!
ويتجاهلون أن الرسل قبل أن يصبحوا رسلاً كانوا قد عاشوا حيناً من الزمن بين أقوامهم .. لا يتبعهم ولا يقتدي بهم ولا يقلدهم الناس، ولم يطلبوا هم ذلك حينها!
رغم علمهم وحسن سلوكهم وحكمتهم ودرايتهم بما سبق من الرسالات!
لقد انتظروا حتى تم تكليفه مباشرة وبشكل شخصي، بنقل رسالة كما هي!
فهم نفذوا أمرًا ونقلوا خبرًا، ولم يتطوعوا من تلقاء أنفسهم لدعوة الناس إلى ما يظنون أنه الحق!
إن الخالق أكبر من أن يعاقب ضعيفاً . والمخلوق أقل من أن يغضب خالقه أو يرضيه !
فإذا كان أتباع كل رسول يعتقدون بأن رسولهم يمتلك حق الشفاعة، وأنه سيشفع لهم عند ربهم، وينقذهم من عذاب مستحق!
فإنّ كل الناس هم عبيد الله وخلقه الضعفاء وإن ضلوا وإن أساءوا، ولهم أن يطمعوا في رحمته التي وسعت كل شيء.