عندما نتأمل قصة الخلق في القرآن ، نجد أن الله قرر أن يخلق آدم حيث قال
" وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" هنا أخذ الله قراره بالخلق ، حتي يكون آدم وزريّته خلفاء في الارض ، سواء كانوا خلفاء الله أو من قبلهم من المخلوقات ! ، ثم منّ الله علي آدم وعلمة كل شيئ "وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا" وهنا لم يكن أدم يعرف للشر أو الخير معني ، انه كائن مثالي . ثم قرر أن يخلق له زوجة من ضلعة حتّي يشعر بها وتكون كجزء منه مترابط لا ينفصل عنه (الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) كل هذا والله يعطف علي آدم ويحسن إليه لدرجة جعلته يطلب من الملائكة السجود له (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا)ولا يزال الله يعطف ويحسن الي آدم ، فخلق له جنّة هو وحواء (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ) من هنا تبدأ قصة الشر ، لان ادم المسكين الذي لا يعرف الشر ! لا يعرف أن هناك شخصاً ما يحقد عليه ويكرهه ونسي كيف رفض هذا الشخص الحقود أن يسجد له حين أُمر بالسجود( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)
من هنا أصبح لادام المسكين عدواً ذكيّاً ليس في مقدور آدم الطيّب مجاراته في الشر ، وكيف لا خاصة أن الشيطان وصل لدرجة من الشر أوقعت الله نفسه ( قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ . قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) يا لك من وغد أيها المخلوق الغريب ؟ ويالك من ضحية ايها الاله الطيب !،
من هنا أصبح الله ضحية لعبة قذرة لعبها وخطط لها ابليس اللعين ، و وقع فيها الله من حيث لا يدري ، وظن انه أحسن خلق آدم لدرجة يستطيع الدفاع عن نفسه ، ويستطيع محاربة هذا اللعين ! لكن الله وتهوره المقدس نسي أن آدم الطيّب الضعيف الذي لا يعرف الشر لا قوة له بهذا الجبّار ، ونسي انه منح هذا اللعين صلاحيّات يصعب معها التغلب عليه ؟
وكيف لا وهو الذي تسلل إلي جنّة الله من حيث لا يدري رب الجنّة ولا حارسها ثم أغوي آدم المسكين (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشّيْطان قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى) ، وما كان من آدم إلا أن أكل من الشجرة حيث انه غير قادر علي التفرقة بين الحق والباطل ، ولا يعرف هذا الملعون-ابليس- الرحمة ! فأكل ادم من الشجرة (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ) حدث هذا لان الله الطيّب يفي بوعدة مع ابليس بترك حريّة التصرف !
يالك من مسكين ياالله ، أدرك ما تشعر به وابليس يفسد خليقتك الجديدة ! ويثير غيظك !
ها أصبح آدم يعرف الشر والخير بعد أن أغواه الشيطان ، وها هو الله المسكين أيضاً
يضطر إلي طرد آدم وزوجته المسكينة خارج الجنّة ! (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى.) كم هو قاسٍ أن تضع أبنك الضعيف وسط المومسات والعاهرات ، وتسمح لهن بالتفنن في كيفية إغواء ذلك المسكين ،( إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) ثم بعدها تعاقبة لانه لم يرفض هذا الاغواء ؟ هل من المنطقي ياالله ؟ أنا أصدق انه لم يخطر ببالك أن هذا سيحدث ! كنت تثق بقدره آدم !
هذا لانك طيّب مسكين أنت ضحيّة هذا الملعون وانا أدرك ، واشعر بكل كلمة تقولها في قرآنك ، أدرك هذا من كل حرف تتفوه به ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) أدرك انك تتمسك بكلمتك فأنت اله طيبّ كريم يحفظ وعدة ! لكن كما يقولون (ما باليد حيلة )
مايكفي سُبحانك هذا الشعور الطيّب ، لم تمنحنا القوة الكافيّة لمحاربة هذا الوغد ، أدرك انك تتحسر عليّنا وتشعر بنا { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ، وَأَنِ ٱعْبُدُونِي هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } ، لكن لا يُجدي هذا مقابل صلاحيات ابليس ! أنت ضحيّة فعلة هذا الملعون تماماً مثلنا ، ومايمنعك من التدخل إلا تلك الكلمة السابقه (وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى ) هذه الكلمات إنصافاً لك أيها الإله الطيّب ! (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا )
أنت حقاً ضحيّة ، وأكبر دليل علي هذا وقوع الكوارث الطبيعيّه التي ليس لك دخل فيها ، وهذا نعرفه جيداً ، كلها اشياء ماديّة لا دخل لك فيها البتة ! كلها اشياء تحدث بفعل المادة العمْياء ، تلك المادة التي متي توافرت لها شروط التفاعل تفاعلت دون رغبات أو أهواء ، لكن الظالمون القساة ينسبونها لك ، سُبحانك ربيّ !
نعرف جيّداً أن الفقر والغني والمجاعات والقتل والظلم إنما هي بفعل الإنسان ، ! وما شأنك انت بفقر هذا ومرض ذاك ؟ ( وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ) نعم إن الامراض والكوارث بسبب عوامل البيئة ، تشوّة الجنين مسئوليّة الوالدين إنها أسباب لها مُسببات ، سُبحانك ربيّ وهل توجد علة بدون معلول ؟
نعم وسيأتي يوماً تنتقم فيه (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ )
أعرف جيداً انه من حقك الانتقام ياالله فأنت ضحية ويحق لك التفنّن في كيفية الحرق والخسف والنسف والتقل (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ) ، نعم لك كل الحق في فعل ما تشاء ، ليست ساديّة ، سبحانك ألا يكفي ما عانيته وانت تشاهد الفساد دون أن تفعل شيئ ؟
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً )
نعم القصاص سُبحانك ، ولابد للمظلوم أن يسترد حقة ، ولا بد للضحية أن ينتقم